منتخب المسائل الاسلامیه

اشارة

سرشناسه : شیرازی، صادق، - 1314

عنوان و نام پديدآور : منتخب المسائل الاسلامیه/ مطابق فتاوی صادق الحسینی الشیرازی

مشخصات نشر : قم: مکتب آیه الله العظمی الشیرازی، 1422ق. = 1380.

مشخصات ظاهری : ص 359

شابک : 964-6439-52-7

يادداشت : عربی

يادداشت : فهرستنویسی براساس اطلاعات فیپا.

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/ش 84م 84 1380

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : م 80-26017

[المقدمة]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين، و لعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين

العمل بهذه الرسالة «منتخب المسائل الإسلامية» جائز و مبرئ للذمة إنشاء الله تعالى. محمد الشيرازي

المقدمة

أصول الدين و المذهب

اشارة

أصول الدين و المذهب خمسة:

1- التوحيد.

2- العدل.

3- النبوة.

4- الإمامة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 2

5- المعاد.

1- التوحيد

هو أن يعرف الإنسان أن للكون إلهاً خلقه، و أوجده من العدم، و بيده كل شي ءٍ ... فالخلق و الرزق، و الإعطاء و المنع، و الإماتة و الإحياء، و الصحة و المرض .. كلها تحت إرادته إِنَّمٰا أَمْرُهُ إِذٰا أَرٰادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

و الدليل على وجود الله تعالى: ما نرى من السماء و ما فيها من الشمس المضيئة و القمر المنير و النجوم الزواهر، و السحاب و الرياح، و المطر ..

و من الأرض و ما فيها من البحار و الأنهار و الثمار و الأشجار و المعادن المختلفة الثمينة كالذهب و الفضة و الزمرد ... و من أصناف الحيوانات الطائرة في الفضاء و السابحة في الماء و الماشية على وجه الأرض بأشكال، و أصوات متباينة، و حجوم متشابهة و غير متشابهة ...

و الإنسان العجيب المشتمل على الحواس المختلفة من العين و الأذن و اللسان و الصحة و السقم و الفرح و الغضب و الحزن و غيرها.

كل ذلك دليل على إله حكيم عليم، نعتقد به، و نعبده، و نستمد منه العون و نتوكل عليه.

و الله سبحانه له صفات كثيرة:

كالعلم: فهو يعلم كل شي ء، كبيراً كان أو صغيراً، و يعلم ما في القلوب.

و القدرة: فهو يقدر على كل شي ء، على الخلق و الرزق و الإماتة و الإحياء و غيرها.

و الحياة: فهو حي لا يموت.

و الإرادة: فهو يريد الشي ءَ الذي فيه المصلحة، و لا يريد ما فيه المفسدة.

و الإدراك: فهو يبصر كل شي ء، و يسمع كل صوت، و لو كان همساً في الآذان.

و القدم: فهو كان قبل كل شي ء، ثمّ خلق

الأشياء و يبقى بعدها إلى الأبد.

و التكلم: فهو يكلم من يشاء من عباده المخلصين، و أنبيائه، و ملائكته و ذلك بخلق الصوت.

و الصدق: فهو صادق فيما يقول، و لا يخلف وعده.

كما أنه تعالى: خالق، رازق، محيي، معطي، مانع، رحيم، غفور، عزيز، شريف، كريم ...

و الله تعالى منزه عن النقائص:

فليس جسماً كأجسامنا.

و ليس مركباً من الأجزاء المختلفة.

و لا يمكن رؤية الله لا في الدنيا و لا في الآخرة.

و ليس محلًا للعوارض، فلا يمرض، و لا يجوع، و لا يهزم.

و لا شريك له، بل هو واحد أحد.

و صفاته عين ذاته فهو عالم قادر ... منذ الأزل، لا كمثلنا حيث كنا جاهلين ثمّ نعلم، و كنا عاجزين ثمّ نقدر.

و غني، فلا يحتاج إلى مشورة، أو معاون، أو وزير، أو جند، أو نحو ذلك.

2- العدل

و معناه: ان الله عادل لا يظلم أحداً، و لا يفعل ما ينافي الحكمة، فكل خلق أو رزق أو إعطاء أو منع، صدر عنه هو لمصالح و إن لم نعلم بها، كما أن الطبيب إذا داوى أحداً بدواء علمنا أن فيه الصلاح، و إن لم نكن نعرف وجه الصلاح في ذلك الدواء.

فإذا رأينا أن الله تعالى أغنى أحداً، و أفقر آخر، أو جعل شخصاً شريفاً، و لم يجعل الآخر، أو أمرض أحداً دون الآخر ... أو أمثال ذلك فاللازم أن تعتقد أن جميع ذلك على وجه الصلاح و الحكمة، و إن لم نكن نعرف حكمة ذلك و لا يخفى ان كثيراً من الفقر و المرض و ما أشبه لسوء اختيار الإنسان.

و في الحديث: (إن موسى طلب من الله تعالى أن يعرفه بعض عدله- مما يشكل ظاهره- فأمره الله بأن يذهب إلى عين ماء في الصحراء،

لينظر ما يجري هناك، فلما خرج موسى رأى فارساً نزل على العين و قضى حاجته فسقط منه كيس نقوده و لم يشعر و ذهب إلى

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 3

حال سبيله ثمّ جاء بعده طفل و أخذ الكيس و انصرف، فجاء أعمى ليتوضأ على العين فإذا بالفارس قد رجع و اتهم الأعمى بأخذ الكيس و آل الأمر إلى أن قتل الفارس الأعمى باتهام السرقة و لما ذهب الفارس، أوحى الله إلى موسى أن الفارس سرق مال أب الطفل، فرددنا المال إلى الوارث و هو الطفل، و الأعمى كان قاتلًا لأب الفارس فأقتص الوارث منه).

و هكذا يكون حكم الله تعالى و عدله، و إن كان في الظاهر بعيداً عن القواعد.

3- النبوة

اشارة

النبي هو الشخص الذي يوحي إليه الله تعالى.

و الأنبياء على قسمين:

1- النبي المرسل:

و هو المبعوث لإنقاذ الناس من الظلمات إلى النور و من الباطل إلى الحق، و من الخرافة إلى الحقيقة و من الجهل إلى العلم.

2- النبي غير المرسل:

و هو الذي يوحى إليه لنفسه، و لم يؤمر بتبليغ الأحكام إلى الناس.

و عدد الأنبياء مائة و أربعة و عشرون ألف نبي «124000» و المرسلون منهم قليلون.

و أول الأنبياء «آدم»، و آخرهم «محمد».

و الأنبياء المرسلون على قسمين:

الأول: أولو العزم، و هم الذين بعثهم الله تعالى إلى شرق الأرض و غربها و هم خمسة:

1- إبراهيم.

2- نوح.

3- موسى.

4- عيسى.

5- محمد.

و اليهود من أتباع موسى.

و النصارى من أتباع عيسى.

لكن الإسلام نسخ الأديان السابقة فلا يجوز البقاء عليها بل يلزم على الكل أن يتبعوا تعاليم الإسلام، كما قال الله تعالى:

وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلٰامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ، وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخٰاسِرِينَ.

و الإسلام يبقى شريعة الله إلى يوم القيامة فلا ينسخ أبداً.

الرسول الأعظم (ص)
اشارة

قد عرفت أن محمداً آخر الأنبياء و أن دينه- و هو الإسلام- ناسخ للأديان، و أن شريعته باقية إلى يوم القيامة.

أما بعض أحواله الكريمة

فهو محمد بن عبد الله و أمه آمنة بنت وهب.

ولد يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول بعد طلوع الفجر، عام الفيل، بمكة المعظمة في زمن الملك العادل [كسرى] و بعث بالرسالة في السابع و العشرين من شهر رجب، بعد ما مضى من عمره الشريف أربعون سنة إذ نزل عليه جبرئيل و هو ملك عظيم، و كان حينذاك في [حراء] و هو جبل بمكة، فأنزل عليه سورة من القرآن و هي:

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ .. خَلَقَ الْإِنْسٰانَ مِنْ عَلَقٍ.

فقام بتبليغ رسالات ربه، و أخذ يدور في الشوارع و الأزقة، و هو يقول:

(أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا).

و حيث أن أهل مكة كانوا مشركين جعلوا يستهزءون به، و يضحكون منه و يؤذونه، إلى أن قال:

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 4

(ما أوذي نبي مثل ما أوذيت).

و لم يؤمن به إلا نفر قليل أولهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ثمّ زوجته خديجة، ثمّ جمع آخر.

و لما كثر اضطهاد المشركين له هاجر إلى «المدينة» و هذه الهجرة هي بدء تاريخ المسلمين. و هناك كثر المسلمون و شرعت الدولة الإسلامية تعتز بالعدة و العدد، حتى فاقت حضارات العالم، و الأديان، سماويها، و غير سماويها.

و حدثت للنبي أثناء كونه في المدينة المنورة حروب و غزوات و كلها كانت بسبب اعتداءات المشركين و اليهود، على المسلمين و كان النبي في جميعها يأخذ جانب السلم و الرحمة و الفضيلة، و لذا لم يكن قتلى الطرفين (المسلمين و غيرهم) في جميع حروبه التي

بلغت نيفاً و ثمانين، أكثر من ألف و أربعمائة كما حفظها التاريخ.

و منذ أن بعث محمد بالرسالة إلى أن توفي كان القرآن الحكيم، ينزل عليه من جانب الله تعالى شيئاً فشيئاً و في مناسبات، حتى اكتمل هذا الكتاب العظيم في ظرف ثلاث و عشرين سنة و قد جمع النبي القرآن في حياته كما هو عليه الآن، بلا زيادة و لا نقصان.

فكان النبي ينظم دين المسلمين و دنياهم، و يعلمهم الكتاب و الحكمة، و يشرع لهم قوانين العبادة، و المعاملة و المعاشرة و السياسة ... و ما إليها.

و بعد ما كمل الدين و نصب علياً خليفةً من بعده بأمر من الله عز و جل و نزل قوله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلٰامَ دِيناً.

مرض النبي مرضاً طفيفاً، لكنه اشتد حتى لحق بالرفيق الأعلى في اليوم الثامن و العشرين من شهر صفر، و قام بغسله و كفنه و الصلاة عليه و دفنه الإمام أمير المؤمنين، و دفن بالمدينة المنورة- حيث قبره-.

و قد كان في جميع حالاته مثالًا أعلى للأمانة و الإخلاص و الصدق و حسن الخلق و العلم و الحلم، و السماح و العفو، و الكرم و الشجاعة و الورع، و التقوى، و الزهد، و الفضيلة، و العصمة، و العدل، و التواضع و الجهاد.

و كان جسمه الشريف كأحسن ما يكون في الاعتدال و التناسب، وجهه أزهر كالبدر ليلة التمام.

و بالجملة فقد كان مجمع الفضائل، و معقد الشرف و الكرامة، و موطن العلم و العدل و الفضيلة، و مدار الدين و الدنيا، لم يأت مثله فيما مضى، و لا يأتي إلى الأبد.

هذا هو نبي المسلمين، و هذا هو شرع الإسلام: دينه خير

الأديان، كتابه خير الكتب، لا يأتيه الباطل من بين يديه، و لا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد.

4- الإمامة

اشارة

إن الله تعالى كما كان يعيّن الأنبياء، كذلك كان يعيّن أوصياء الأنبياء و خلفائهم.

و قد عين الله تعالى لنبينا محمد اثني عشر وصياً و خليفة و اماماً من بعده، و هؤلاء هم الاثني عشر المشهورون لدى المسلمين كافة و هم:

1- الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ابن عم النبي و زوج ابنته فاطمة.

2- الإمام الحسن بن علي و أمه فاطمة بنت محمد.

3- الإمام الشهيد: الحسين بن علي و أمه فاطمة بنت محمد.

4- الإمام زين العابدين: علي بن الحسين.

5- الإمام الباقر: محمد بن علي.

6- الإمام الصادق: جعفر بن محمد.

7- الإمام الكاظم: موسى بن جعفر.

8- الإمام الرضا: علي بن موسى.

9- الإمام الجواد: محمد بن علي.

10- الإمام الهادي: علي بن محمد.

11- الإمام العسكري: الحسن بن علي.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 5

12- الإمام المهدي: محمد بن الحسن القائم المنتظر.

و هؤلاءِ الأئمة حجج الله على الخلق، و كانوا كلهم من ذرية رسول الله فكانوا كالنبي في العلم و الحلم و الفضيلة و العدل و العصمة و حسن الخلق و سائر الصفات كيف لا؟ و هم خلفاءه و أوصياؤه و أئمة الخلق وقادة الأنام و حجج الله على البشر كافة من بعده.

و لنذكر مختصراً من أحوال كل واحد منهم و أحوال بنت النبي زوج الوصي أمهم فاطمة.

بِنْتُ النَّبِيِّ

هي الصديقة فاطمة الزهراء، أبوها رسول الله محمد بن عبد الله، و أمها السيدة العظيمة (خديجة) أم المؤمنين، و زوجها سيد الأوصياء علي أمير المؤمنين و أولادها و أحفادها الأئمة الطاهرون.

ولدت يوم العشرين من جمادي الآخرة سنة خمس و أربعين من مولد النبي و

توفيت مظلومة شهيدة يوم الثلاثاء ثالث جمادي الآخرة سنة إحدى عشرة من الهجرة، و عمرها ثماني عشرة سنة، قام بتجهيزها أمير المؤمنين و دفنها في المدينة و أخفى قبرها حسب وصيتها.

و كانت كأبيها في العبادة و الزهد و الفضيلة و أنزلت فيها آيات من القرآن الحكيم.

و كان رسول الله لقبها: «سيدة نساء العالمين» و كان يحبها حباً جماً حتى أنها كانت إذا دخلت على رسول الله رحب بها و قام لها و أجلسها في مكانه و ربما قبل يديها و كان يقول: (إن الله يرضى لرضا فاطمة، و يغضب لغضبها).

و ولدت لأمير المؤمنين: الإمام الحسن، و الإمام الحسين، و المحسن لكنه سقط لما أصابها من الأذى، و السيدة زينب، و السيدة أم كلثوم.

الإمام الأوّل:

هو علي بن أبي طالب، و أمه فاطمة بنت أسد، ابن عم رسول الله و زوج ابنته و الخليفة على الناس من بعده، أمير المؤمنين، و والد الأئمة المعصومين.

ولد في الكعبة المعظمة بمكة يوم الجمعة ليلة الثالث عشر من رجب بعد ثلاثين سنة من ولادة رسول الله و استشهد ليلة الجمعة في مسجد الكوفة في المحراب، بسيف ابن ملجم (لعنه الله)، ليلة التاسع عشر من شهر رمضان المبارك و لحق بالرفيق الأعلى بعد ثلاثة أيام من ضربه، و عمره الشريف ثلاث و ستون سنة، قام بتجهيزه الإمامان الحسن و الحسين و دفن في النجف الأشرف حيث مرقده الآن.

و له من الفضائل و المناقب ما لا يحصى، فقد كان أول من آمن برسول الله و لم يسجد لصنم قط، و كان النصر معقوداً برايته في جميع الحروب، لم يفر قط، و قد بلغ من حسن قضائه، أنه قال رسول الله فيه: «اقضاكم علي»

و من كثرة علمه قال فيه: «أنا مدينة العلم و علي بابها» و من ملازمته للحق قال فيه: (علي مع الحق و الحق مع علي).

و كان عادلًا في الرعية، قاسماً بالسوية، زاهداً في حطام الدنيا، فكان يأتي إلى بيت المال، و ينظر إلى الذهب و الفضة، و يقول: «يا صفراء و يا بيضاء غري غيري» ثمّ يفرقها على الناس، يرحم المسكين و يجالس الفقراء، و يقضي الحوائج، و يتكلم بالحق و يقضي بالعدل ...

و بالجملة: هو كالنبي في جميع الصفات، حتى جعله الله تعالى- في آية المباهلة-: نفس النبي.

الإمام الثاني:

هو الحسن بن علي بن أبي طالب، و أمه فاطمة الزهراء بنت محمد و هو سبط رسول الله و ثاني خلفائه و الإمام على الناس بعد أبيه أمير المؤمنين.

ولد في المدينة المنورة يوم الثلاثاءِ، منتصف شهر رمضان في السنة الثانية أو الثالثة من الهجرة، و توفي شهيداً بالسم يوم الخميس السابع من صفر سنة تسع و أربعين، قام بتجهيزه أخوه الإمام الحسين، و دفن في البقيع في المدينة المنورة، حيث مضجعه الآن.

و كان أعبد الناس في زمانه، و أعلمهم، و أفضلهم و كان أشبه الناس بالنبي، و كان أكرم أهل البيت في زمانه، و أحلم الناس.

و كان من كرمه: أنْ قدمت له جارية من جواريه طاقة ريحان، فقال لها: أنت حرة لوجه الله، ثمّ قال: هكذا أدبنا الله تعالى: وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهٰا أَوْ رُدُّوهٰا.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 6

و من حلمه: أن شامياً رآه راكباً، فجعل يلعنه، و الحسن لا يرد عليه، فلما فرغ أقبل الحسن، فسلم عليه و تبسم فقال: أيها الشيخ اظنك غريباً و لعلك شبهت، فلو استعتبتنا اعتبناك، و

لو سألتنا أعطيناك، و لو استرشدتنا أرشدناك، و لو استحملتنا أحملناك، و إن كنت جائعاً أشبعناك، و إن كنت عرياناً كسوناك، و إن كنت محتاجاً أغنيناك و إن كنت طريداً آويناك، و إن كان لك حاجة قضيناها لك.

فلما سمع الرجل كلامه بكى و قال:

- أشهد أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته.

الإمام الثالث:

هو الحسين بن علي بن أبي طالب و أمه فاطمة بنت محمد و هو سبط رسول الله و ثالث خلفائه و أبو الأئمة التسعة من بعده، و الإمام على الناس بعد أخيه الحسن.

ولد بالمدينة المنورة ثالث شهر شعبان في السنة الثالثة أو الرابعة من الهجرة و قتل ظلماً بالسيف ظامياً في واقعة عاشوراء المشهورة يوم السبت العاشر من محرم الحرام، سنة إحدى و ستين من الهجرة، قام بأموره بعد ثلاثة أيام ولده زين العابدين و واراه حيث قبره الآن في كربلاء المقدسة.

و فضله أكثر من أن يذكر، فهو ريحانة رسول الله، قال: «حسين مني و أنا من حسين».

و قال فيه و في أخيه الحسن: «هما ريحانتاي من الدنيا».

و قال: «الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة».

و قال: «الحسن و الحسين إمامان إن قاما و إن قعدا».

و كان أعلم الناس و أعبدهم، فقد كان يصلي كل ليلة ألف ركعة كأبيه أمير المؤمنين، و كان يحمل في كثير من الليالي جراباً من الطعام إلى الفقراء حتى شوهد أثره بعد قتله على ظهره، و كان كريماً، عظيماً، حليماً، و إذا عُصى الله تعالى شديداً، و من كرمه: أن أعرابياً قصده مستعطياً، و أنشد فيه:

لم يخب الآن من رجاك و من حرك من دون بابك الحلقة أنت جواد و أنت معتمد أبوك قد كان

قاتل الفسقة لو لا الذي كان من أوائلكم كانت عليا الجحيم منطبقة فأعطاه الحسين أربعة آلاف دينار، و اعتذر قائلًا:

خذها فإني إليك معتذر و اعلم بأني عليك ذو شفقة لو كان في سيرنا الغداة عصى أمست سمانا عليك مندفقة لكن ريب الزمان ذو غير و الكف مني قليلة النفقة و قد أحيا بنهضته الجبارة- التي لم يسبق لها مثيل في العالم- شريعة الإسلام، و دين جده الرسول بل و أحيى العالم كله إلى يوم القيامة، فهو سيد الشهداء و أفضل الناس بعد أخيه.

الإمام الرابع:

هو الإمام علي بن الحسين و أمه (شاه زنان بنت الملك يزدجرد) ولد بالمدينة المنورة يوم النصف من جمادي الأولى سنة ثمان و ثلاثين من الهجرة، و مات مسموماً يوم السبت الخامس و العشرين من شهر محرم سنة خمس و تسعين، و عمره الشريف سبع و خمسون سنة و دفن في المدينة المنورة بالبقيع.

و كان في العلم، و العبادة، و الفضيلة، و الورع و إغاثة الملهوفين ... أوحد زمانه، و قد روى عنه الفقهاء ما لا يحصى كثرة و حفظ عنه من المواعظ، و الأدعية، و الكرامات و غيرها ... الشي ء الكثير.

و كان يخرج في الليلة الظلماءِ فيحمل الجراب على ظهره و فيه الصرر من الدنانير و الدراهم، و ربما حمل على ظهره الطعام أو الحطب حتى يأتي باباً باباً فيقرعه ثمّ يناوله من يخرج إليه، و كان يغطي وجهه لئلا يعرفه الفقير فلما مات عرفه أهل المدينة و أنه كان صاحب الجراب، و كان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى و الزمن و المساكين.

و كان من حسن أخلاقه: أنه كان يدعو في كل شهر خدمه و يقول:

من أرادت منكن التزويج زوجتها أو البيع

بعتها أو العتق أعتقتها.

و كان إذا أتاه السائل يقول:

مرحباً بمن يحمل زادي إلى الآخرة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 7

و كان من شدة ورعه يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و إذا حضرت الصلاة اقشعر جلده، و اصفر لونه، و ارتعد كالسعفة، و من ألقابه ذو الثفنات، لأثر السجود في جبهته و كفيه و ركبتيه.

و شتمه رجل و أسمعه ما لا يحب، و هو ساكت لا يتكلم و بعد مدة مضى الإمام إليه فظن الحاضرون أنه يريد أن يقابله بالمثل، فقرأ:

وَ الْكٰاظِمِينَ الْغَيْظَ، وَ الْعٰافِينَ عَنِ النّٰاسِ، وَ اللّٰهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

ثمّ وقف على ذلك الرجل و قال: يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفاً و قلت ما قلت.

فإن كنت قد قلت ما في، فأنا أستغفر الله، و إن كنت قد قلت ما ليس في، فغفر الله لك.

الإمام الخامس:

هو الإمام محمد بن علي الباقر و أمه فاطمة بنت الإمام الحسن، ولد يوم الاثنين ثالث شهر صفر، و يقال: أول رجب، و كان ذلك عام سبع و خمسين. و هو أول علوي بين علويين، و مات مسموماً يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة مائة و أربعة عشرة و له سبع و خمسون سنة و دفن بالبقيع في المدينة المنورة.

و كان ذا فضل عظيم و سؤدد و ديانة، و علم غزير، و حلم واسع، و أخلاق حسنة، و عبادة و تواضع، وجود و سماحة.

و بلغ من حسن أخلاقه، أن قال له نصراني:

أنت بقر!.

قال: أنا باقر.

قال: أنت ابن الطباخة.

قال: ذاك حرفتها.

قال: أنت ابن السوداء الزنجية البذية.

قال: إن كنت صدقت غفر الله لها و إن كنت كذبت غفر الله لك، فأسلم النصراني.

و كان في العلم كالبحر المواج، يجيب على

كل مسألة يسأل عنها بدون توقف. و قد قال ابن عطا المكي: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند الباقر، و قد رأيت الحكم بن عتيبة- مع جلالته في القوم- بين يديه كأنه صبي بين يدي معلمه، و قال محمد بن مسلم: ما خطر بخاطري شي ء إلا سألته من محمد بن علي، حتى سألته عن ثلاثين ألف حديث.

و كان دائم الذكر، حتى قال الصادق: «كان أبي كثير الذكر، لقد كنت أمشي معه و أنه ليذكر الله، و لقد كان يحدث القوم و ما يشغله ذلك عن ذكر الله» و كان كثير التهجد و العبادة، غزير الدمع.

الإمام السادس:

هو جعفر بن محمد الصادق و أمه فاطمة الملقبة «بأم فروة» ولد بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول يوم ميلاد النبي، و كان ذلك سنة ثلاث و ثمانين، و مات مسموماً يوم الخامس و العشرين من شوال سنة مائة و ثمان و أربعين، و عمره إذ ذاك خمس و ستون سنة.

له من العلم و الفضل، و الحكمة و الفقه، و الزهد و الورع، و الصدق و العدل، و النبل و السؤدد، و الكرم و الشجاعة .. و سائر الفضائل، ما لا يحصيه العادون، و لقد قال المفيد (ره): و لم ينقل من أحد من أهل بيته العلماء ما نقلوا عنه و لا لقى أحد من أهل الآثار و نقلة الأخبار، مثل جعفر بن محمد الصادق، و قد جمعوا أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات، فكانوا أربعة آلاف رجل .. إلخ، و أبو حنيفة إمام الحنفية كان من تلامذته.

و من زهده كان يأكل الخل و الزيت و يلبس قميصاً غليظاً خشناً

و ربما لبس المرقع، و كان يعمل بنفسه في بستانه، و من عبادته أنه كان يصلي كثيراً و ربما غشي عليه في الصلاة، و استدعاه المنصور في ليلة، قال الخادم: فصرت إلى بابه فوجدته في دار خلوته معفراً خديه، مبتهلًا بظهر يديه، قد أثر التراب في وجهه و خديه.

و كان كثير العطاء، حسن الخلق، لين الكلام، طيب المجالسة، ظريف المعاشرة.

الإمام السابع:

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 8

هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم و أمه حميدة المصفاة، ولد ب-- «الأبواء» و هو منزل بين مكة و المدينة، يوم الأحد سابع شهر صفر سنة مائة و ثمان و عشرين، و توفي مسموماً في حبس هارون، بعد ما طال سجنه أربعة عشر سنة ظلماً و اعتداءً، و كان ذلك في الخامس و العشرين من رجب سنة مائة و ثلاث و ثمانين، و تولى تجهيزه ولده الرضا، و دفن حيث مرقده الشريف الآن في الكاظمية.

و كان، أعلم أهل زمانه و أفضلهم، و أسخاهم و أشجعهم، حسن الأخلاق لطيف الشمائل، ظاهر الفضل و العلم، كبير القدر، عظيم الشأن، كثير العبادة، طويل السجدة، و لكثرة ما كظم الغيظ سمي ب-- (الكاظم)، و لعظم صلاحه كان يلقب ب-- (العبد الصالح).

و قد ظهر من علمه بمختلف العلوم ما بهر الناس، و من ذلك حديث (بريهة) كبير النصارى المشهور و لما أفحمه الإمام أسلم و حسن إسلامه.

و من جوده أنه سأله فقير مائة درهم، فسأله الإمام عن مسألة اختباراً لمقدار معرفته، فلما أجاب أعطاه ألفي درهم.

و كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن، و أكثر الناس عبادة و تلاوة و أطولهم سجوداً، و أغزرهم دموعاً و قد توفي في حال السجدة مسموماً.

الإمام الثامن:

هو الإمام علي بن موسى الرضا و أمه السيدة نجمة، ولد يوم الحادي عشر من ذي القعدة، يوم الجمعة، سنة مائة و ثمان و أربعين بالمدينة المنورة، و توفي مسموماً يوم آخر صفر، سنة مائتين و ثلاث، و تولى تجهيزه ولده الجواد، و دفن في خراسان حيث مرقده الآن.

و علمه، و فضله، و نبله، و سخائه، و حسن خلقه، و تواضعه، و عبادته، أشهر من

أن يذكر.

و قد طلب المأمون منه أن يتولى أمور الخلافة الإسلامية- مكانه- لكنه زهد في الدنيا و لم يقبل، حيث علم ما في ذلك كما أن جده أمير المؤمنين لم يقبل الخلافة- في الشورى- حيث كان ذلك رهن كذب واحد هو أن يقول: أقبل بيعتكم على أن أعمل بكتاب الله و سنة رسوله (و سيرة الشيخين) و هذه هي الكلمة التي لم يقلها أمير المؤمنين و قالها عثمان.

و لما لم يقبل الإمام الخلافة، أجبره المأمون، على قبول «ولاية العهد» لكنه شرط بأن لا يتدخل في أي شي ء من شئون الدولة و قبل ولاية العهد على هذا الشرط.

و قد ظهر من علومه الكثار بالنسبة إلى الأديان و المذاهب و المبادي- في مجلس المناظرة الذي هيأه المأمون- ما صار حديث الركبان.

و من عبادته: أنه كان يحيي أكثر الليالي، و يختم القرآن في ثلاثة أيام، و كثيراً ما كان يصلي في اليوم و الليلة ألف ركعة، و كثيراً ما كان يسجد سجدات طويلة تستغرق ساعات و كان كثير الصيام.

و كان كثير المعروف كثير العطاء و أكثر صدقاته في السر خصوصاً في الليالي المظلمة.

و من آدابه أنه ما جفا أحداً بكلام قط و ما أغلظ في القول و لا اتكأ بين يدي جليس، و لم يقهقه أبداً، و لم يبصق أمام أحد قط، و إذا نصب المائدة أحضر جميع أهله و حتى خدمه و أكل معهم.

الإمام التاسع:

هو الإمام محمد بن علي الجواد و أمه السيدة سبيكة، ولد يوم العاشر من شهر رجب سنة مائة و خمس و تسعين في المدينة المنورة، و توفي مسموماً في بغداد، في آخر ذي القعدة سنة مائتين و عشرين، و دفن عند ظهر جده

موسى بن جعفر في الكاظمية حيث مرقده الآن.

و كان أعلم أهل زمانه و أفضلهم و أسخاهم كفاً و أطيبهم مجلساً و أحسنهم خلقاً و أفصحهم لساناً، و كان إذا ركب يحمل ذهباً و فضة، فلا يسأله أحد إلا و أعطاه، و كان من يسأله من عمومته لا يعطيه أقل من خمسين ديناراً و من سألته من عماته لا يعطيها أقل من خمس و عشرين ديناراً.

و من علمه الكثير الذي ظهر للناس: إن ثمانين من علماء الأمصار اجتمعوا عليه بعد منصرفهم من الحج سألوه عن مسائل مختلفة فأجابهم عنها جميعاً، و من غريب ما يحكى عنه أن جماعة كثيرة اجتمعوا عنده و سألوه عن ثلاثين ألف مسألة- في مجلس علمي- و أجابهم عنها غير ممتنع و لا غالط و كان عمره إذ ذاك تسع سنين، لكن أمثال هذا ليس غريباً عن أهل بيت الوحي و التنزيل.

و زوجه الخليفة ابنته، بعد ما سأل عنه مسائل مهمة، و أجاب عن الجميع- في قصة مشهورة-.

الإمام العاشر:

هو الإمام علي بن محمد الهادي و أمه السيدة سمانة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 9

ولد بالمدينة المنورة خامس عشر ذي الحجة أو ثاني رجب سنة مائتين و اثنتي عشرة، و توفي مسموماً بسامراء في يوم الاثنين ثالث شهر رجب، سنة مائتين و أربع و خمسين، و دفن هناك، حيث مضجعه الآن.

و كان أفضل أهل زمانه و أعلمهم و أجمعهم للفضائل و أكرمهم كفاً و ألينهم لساناً و أعبدهم لله، و أطيبهم سريرة و أحسنهم أخلاقاً، و من كرمه ما رواه (الإربلي) في قصته أن الخليفة أرسل إليه ثلاثين ألف درهم فوهبها لأعرابي من أهل الكوفة و قال له: اقض منه دينك و انفق على

عيالك و أهلك، و اعذرنا، فقال له الأعرابي:

يا ابن رسول الله إن الذي علي كان يقصر عن ثلث هذا و لكن الله أعلم حيث يجعل رسالته و أخذ المال و انصرف.

الإمام الحادي عشر:

هو الإمام الحسن بن علي العسكري و أمه السيدة [جدة].

ولد يوم الاثنين عاشر ربيع الآخر سنة مائتين و اثنتين و ثلاثين، و توفي مسموماً يوم الجمعة، الثامن من شهر ربيع الأول، و قام بتجهيزه ولده الإمام الحجة و دفن عند أبيه بسامراء، حيث مزاره الشريف الآن.

و فضله، و علمه، و نبله، و شرفه، و سؤدده، و عبادته و تواضعه و سائر مكارم أخلاقه لا يخفى على أحد، و كان حسن القامة جميل الوجه جيد البدن له مهابة عظيمة على صغر سنه، و كان يمثل بالنبي في أخلاقه.

و من أحاديث كرمه ما رواه إسماعيل قال:

قعدت له على ظهر الطريق فلما مر بي شكوت له فقال:

تحلف بالله كاذباً و قد دفنت مائة دينار، و ليس قولي هذا دفعاً عن العطية، أعطه يا غلام ما معك.

فأعطاني غلامه مائة دينار.

و قصده رجل- لما سمع من سماحه و كرمه- و كان محتاجاً إلى خمسمائة درهم فأعطاه خمسمائة درهم و ثلاثمائة درهم.

و قد شهدت النصارى بأنه، مثل المسيح في فضله و علمه و إعجازه، و كان كثير العبادة، دائم التهجد، واضح الصلاح، كثير الهيبة.

الإمام الثاني عشر:

هو الإمام الحجة المهدي، محمد بن الحسن، و أمه السيدة نرجس.

ولد بسامراء ليلة النصف من شعبان سنة مائتين و خمس و خمسين.

و هذا الإمام هو آخر حجج الله على الأرض، و خاتم خلفاء رسول الله، آخر أئمة المسلمين الاثني عشر، و هو بعد في دار الدنيا قد أطال الله تعالى- بمشيئته- عمره الشريف و هو غائب عن الأبصار و سيظهر في آخر الزمان بعد ما ملئت الدنيا ظلماً و جوراً، ليملأها عدلًا و قسطاً.

و قد أخبر النبي و الأئمة، بأنه يبقى حيّاً حتى يظهر و يملك الدنيا

بحذافيرها فيبسط العدل، و يبيد الجبابرة لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*.

اللهم عجل فرجه، و سهل مخرجه، و اجعلنا من أنصاره و أعوانه.

و حيث أن هذا الإمام العظيم، اختفى عن الأبصار- بأمر الله تعالى- و هو في داره، اتخذ المسلمون المحل المنسوب إليه- في سامراء- المشتهر ب-- (سرداب الغيبة) مزاراً و معبداً.

5- المعاد

و معناه: ان الله تعالى يحيي الإنسان بعد ما مات، ليجزي المحسن بما أحسن و يجزي المسي ء بما أساء، فمن آمن و عمل الصالحات، و صلى و صام، و صدق و أخلص، و آوى اليتيم، و أطعم المسكين .. و ما إليها .. يجزيه بجنات تجري من تحتها الأنهار، في ظل ظليل و رحمة واسعة، و قصور و حور .. و من كفر و عمل السيئات، و كذب و خان، و قتل و سرق، و زنى و شرب الخمر .. و ما إليها، يجزيه بجهم مملوءة ناراً و عذاباً، طعامه من زقوم، و شرابه من حميم، في كرب دائم و عذاب خالد.

و هناك قبل الجنة و النار، مقامان آخران:

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 10

1- القبر، فكل أحد يسأل في قبره عما عمل فيجازى بالأعمال الحسنة، و الأعمال السيئة، و لذا قال رسول الله «القبر إما حفرة من حفر النيران، أو روضة من رياض الجنة» و قد يكون حال الإنسان في القبر- في المثال- كحال النائم الذي يرى رؤيا حسنة، فيسعد، أو رؤيا سيئة فيتعذب مع أن الذي يقرب من النائم، لا يعرف أنه في راحة أو في عذاب، و كذلك الأحياء لا يرون من الأموات إلا الأجساد الهامدة، أما أنه يعذب أو ينعم، فلا يحسون.

2- القيامة: و هي بعد إحياء هذه

الأجساد من القبور فيحشر الجميع في صحراء واسعة، و هناك تتشكل المحاكم الكبرى و تنصب الموازين، و يحضر الحاكمون- و هم أنبياء الله و الأئمة و الصالحون من عباده- و توزع اضبارات الأعمال: (الصحف) و تأتي الشهود، فيسعد فريق ممن عمل صالحاً في الدنيا و يشقى المجرمون الذين كانوا يعملون السيئات في الدنيا.

فعلى الإنسان أن يجتهد قدر طاقته في الأعمال الصالحة حتى لا يشقى هناك، شقاءً أبدياً لا منجى منه و لا مفر فهو في حبس دائم و عذاب خالد.

[فصول حول القرآن]

فصل في لزوم تعلم القرآن و تعليمه

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ* و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين، هذه جملة من الروايات الواردة في كتاب الوسائل فصل القرآن، ذكرناها هنا تعميماً للفائدة و الله المستعان.

عن سعد الخفاف، عن أبي جعفر قال: يا سعد تعلموا القرآن فإن القرآن يأتي يوم القيامة في أحسن صورة نظر إليها الخلق.

(إلى أن قال:) حتى ينتهي إلى رب العزة فيناديه تبارك و تعالى: يا حجتي في الأرض و كلامي الصادق الناطق ارفع رأسك، وسل تعط، و اشفع تشفع، كيف رأيت عبادي؟ فيقول: يا رب منهم من صانني و حافظ علي و لم يضيع شيئاً، و منهم من ضيعني و استخف بحقي و كذب بي و أنا حجتك على جميع خلقك، فيقول الله عزَّ و جلّ: و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لأثيبن اليوم عليك أحسن الثواب و لأعاقبن عليك اليوم أليم العقاب.

(إلى أن قال:) فيأتي الرجل من شيعتنا فيقول: ما تعرفني أنا القرآن الذي أسهرت ليلك و انصبت عيشك، فينطلق به إلى رب العزة فيقول: يا رب عبدك قد كان نصباً بي، مواظباً عليّ، يعادي بسببي و يحب في و يبغض، فيقول

الله عزَّ و جلّ: ادخلوا عبدي جنتي، و اكسوه حلة من حلل الجنة، و توجوه بتاج، فإذا فعل ذلك به عرض على القرآن فيقال له: هل رضيت بما صنع بوليك؟ فيقول: يا رب إني أستقل هذا فزده مزيد الخير كله، فيقول: و عزتي و جلالي و علوي و ارتفاع مكاني لأنحلن له اليوم خمسة أشياء مع المزيد له و لمن كان بمنزلته: ألا إنهم شباب لا يهرمون، و أصحاء لا يسقمون، و أغنياء لا يفتقرون، و فرحون لا يحزنون، و أحياء لا يموتون. الحديث.

و عن يونس بن عمار قال: قال أبو عبد الله في حديث: يدعى ابن آدم المؤمن للحساب فيتقدم القرآن أمامه في أحسن صورة فيقول: يا رب أنا القرآن و هذا عبدك المؤمن قد كان يتعب نفسه بتلاوتي، و يطيل ليله بترتيلي و تفيض عيناه إذا تهجد فأرضه كما أرضاني، قال: فيقول العزيز الجبار: عبدي أبسط يمينك، فيملأها من رضوان الله، و يملأ شماله من رحمة الله ثمّ يقال: هذه الجنة مباحة لك فاقرأ و اصعد، فإذا قرأ آية صعد درجة.

و عن أبي عبد الله قال: ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتى يتعلم القرآن، أو أن يكون في تعليمه.

و عن الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن لهيعة، عن المسرج، عن عقبة بن عمار قال: قال رسول الله: لا يعذب الله قلباً وعى القرآن.

و عن النعمان بن سعد، عن علي أن النبي قال: خياركم من تعلم القرآن و علمه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 11

و في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين أنه قال في خطبة له: و تعلموا القرآن فإنه ربيع القلوب، و استشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، و أحسنوا تلاوته فإنه أنفع (أحسن)

القصص، فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله، بل الحجة عليه أعظم، و الحسرة له ألزم، و هو عند الله ألوم.

و عن معاذ قال: سمعت رسول الله يقول: ما من رجل علم ولده القرآن إلا توج الله أبويه يوم القيامة بتاج الملك، و كسيا حلتين لم ير الناس مثلهما.

و عن النبي قال: أهل القرآن هم أهل الله و خاصته.

و عنه: أفضل العبادة قراءة القرآن.

و عنه: القرآن غنى لا غنى دونه و لا فقر بعده.

و عنه: أشراف أمتي حملة القرآن و أصحاب الليل.

و عنه: إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله و هو النور المبين و الشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، و نجاة لمن تبعه. الحديث.

و عنه من قرأ القرآن حتى يستظهره و يحفظه أدخله الله الجنة و شفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار.

و عنه قال: حملة القرآن في الدنيا عرفاء أهل الجنة يوم القيامة.

و عنه قال: إذا قال المعلم للصبي: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبي: بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة للصبي و براءة لأبويه و براءة للمعلم.

فصل في وجوب إكرام القرآن و الاتعاظ به و تحريم إهانته

عن إسحاق بن غالب قال: قال أبو عبد الله: إذا جمع الله عزَّ و جلّ الأولين و الآخرين إذا هم بشخص قد أقبل لم ير قط أحسن صورة منه، فإذا نظر إليه المؤمنون و هو القرآن قالوا: هذا منا، هذا أحسن شي ء رأينا، فإذا انتهى إليهم جازهم (إلى أن قال:) حتى يقف عن يمين العرش فيقول الجبار عزَّ و جلّ: و عزتي و جلالي و ارتفاع مكاني لأكرمن اليوم من أكرمك، و لأهينن من أهانك.

و عن

أبي الجارود قال: قال أبو جعفر: قال رسول الله: أنا أول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة و كتابه و أهل بيتي ثمّ أمتي، ثمّ أسألهم ما فعلتم بكتاب الله و أهل بيتي.

و عن النبي أنه قال: من قرأ القرآن فظن أن أحداً أعطى أفضل مما أعطى فقد حقر ما عظم الله، و عظم ما حقر الله.

و عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله قال: إن هذا القرآن فيه منار الهدى و مصابيح الدجى، فليجل جال بصره، و يفتح للضياء نظره، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.

و عن سماعة قال: قال أبو عبد الله: ينبغي لمن قرأ القرآن، إذا مر بآية من القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو و يسأله العافية من النار و من العذاب.

و عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه قال: قال رسول الله (في حديث): إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع، و ماحلٌ مصدق، و من جعله أمامه قاده إلى الجنة، و من جعله خلفه ساقه إلى النار، و هو الدليل يدل على خير سبيل و هو كتاب فيه تفصيل و بيان و تحصيل، و هو الفصل ليس بالهزل، و له ظهر و بطن، فظاهره حكم، و باطنه علم، ظاهره أنيق، و باطنه عميق، له نجوم و على نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، و لا تبلى غرائبه، مصابيح الهدى، و منار الحكمة و دليل على المعرفة لمن عرف الصفة فليجل جال بصره، و ليبلغ الصفة نظره، ينج من عطب، و يتخلص من نشب، فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في

الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلص و قلة التربص.

و عن ميمون القداح، عن أبي جعفر (في حديث) قال: قال رسول الله: إني لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن.

و عن ابن عباس قال: قال أبو بكر: يا رسول الله أسرع إليك الشيب، قال: شيبتني هود و الواقعة و المرسلات و عم يتساءلون.

و عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أمير المؤمنين في كلام طويل في وصف المتقين قال: أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلًا، يحزنون به أنفسهم، و يستثيرون به تهيج أحزانهم، بكاءً على ذنوبهم، و وجع كلوم جراحهم، و إذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 12

إليها مسامع قلوبهم و أبصارهم فاقشعرت منها جلودهم، و وجلت قلوبهم، فظنوا أن صهيل جهنم و زفيرها و شهيقها في أصول آذانهم، و إذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً و تطلعت أنفسهم إليها شوقاً، و ظنوا أنها نصب أعينهم.

و عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر قال: قال أمير المؤمنين: أ لا أخبركم بالفقيه حقاً؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله و لم يؤمنهم من عذاب الله و لم يؤيسهم من روح الله، و لم يرخص في معاصي الله و لم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه.

فصل في وجوب إكرام أهل القرآن و استحباب حفظه و تعلمه و تعليمه

عن السكوني، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله: إن أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين و المرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإن لهم من الله العزيز الجبار لمكاناً.

و عن عبد الله

بن عباس عن رسول الله قال: أشراف أمتي حملة القرآن و أصحاب الليل.

و عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: حملة القرآن عرفاء أهل الجنة.

و عن الإمام الحسن العسكري في تفسيره، عن آبائه، عن النبي قال: حملة القرآن المخصوصون برحمة الله، الملبسون نور الله، المعلمون كلام الله، المقربون عند الله، من ولاهم فقد والى الله، و من عاداهم فقد عادى الله، يدفع الله عن مستمع القرآن بلوى الدنيا، و عن قاريه بلوى الآخرة، و الذي نفس محمد بيده لسامع آية من كتاب الله و هو معتقد (إلى أن قال) أعظم أجراً من نبير ذهباً يتصدق به، و لقارئ آية من كتاب الله معتقداً أفضل مما دون العرش إلى أسفل التخوم.

و عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله قال: الحافظ للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة.

و عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: إن الذي يعالج القرآن و يحفظه بمشقة منه و قلة حفظ، له أجران.

و عن منهال القصاب عن أبي عبد الله قال: من قرأ القرآن و هو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه و دمه، و جعله الله مع السفرة الكرام البررة و كان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة، يقول: يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي، فبلغ به أكرم عطائك، قال: فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة، و يوضع على رأسه تاج الكرامة، ثمّ يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا رب قد كنت أرغب له فيما أفضل من هذا، قال: فيعطى الأمن بيمينه، و الخلد بيساره، ثمّ يدخل الجنة، فيقال له: اقرأ آية فاصعد درجة، ثمّ يقال له: هل بلغنا به و أرضيناك؟

فيقول: نعم، قال: و من قرأه كثيراً و تعاهده بمشقة من شدة حفظه أعطاه الله عزَّ و جلّ أجر هذا مرتين.

و عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله قال (في حديث): من أوتي القرآن و الإيمان فمثله مثل الأترجة ريحها طيب، و طعمها طيب، و أما الذي لم يؤت القرآن و لا الإيمان، فمثله كمثل حنظلة طعمها مر و لا ريح لها.

و عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله: تعلموا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون فيقول له: أنا القرآن الذي كنت أسهرت ليلك، و أظمأت هو أجرك، و أجففت ريقك، و أسبلت دمعتك (إلى أن قال:) فابشر فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه و يعطى الأمان بيمينه و الخلد في الجنان بيساره، و يكسى حلتين ثمّ يقال له: اقرأ و ارق، فكلما قرأ آية صعد درجة، و يكسى أبواه حلتين إن كانا مؤمنين، ثمّ يقال لهما هذا لما علمتماه القرآن.

و عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين: إن الله ليهم بعذاب أهل الأرض جميعاً حتى لا يحاشى منهم أحداً إذا عملوا بالمعاصي و اجترحوا السيئات فإذا نظر إلى الشيب ناقلي أقدامهم إلى الصلوات و الولدان يتعلمون القرآن رحمهم فأخر ذلك عنهم.

فصل يستحب لحامل القرآن ملازمة الخشوع و العبادة

عن عمرو بن جميع، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله: إن أحق الناس بالتخشع في السر و العلانية لحامل القرآن، و إن أحق الناس في السر و العلانية بالصلاة و الصوم لحامل القرآن، ثمّ نادى بأعلى صوته: يا حامل القرآن تواضع به يرفعك الله و لا تعزز به فيذلك الله، يا حامل القرآن تزين به لله يزينك الله به،

و لا تزين به للناس فيشينك الله به، من ختم القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه و لكنه لا يوحى إليه و من جمع القرآن فنوله لا يجهل مع من يجهل عليه، و لا يغضب فيمن يغضب عليه و لا يجد فيمن يجد، و لكنه يعفو و يصفح و يغفر و يحلم لتعظيم القرآن، و من أوتي القرآن فظن أحداً من الناس أوتي أفضل مما أوتي فقد عظم ما حقر الله و حقر ما عظم الله.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 13

و عن أبي جعفر قال: قراء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة و استدر به الملوك و استطال به على الناس. و رجل قرأ القرآن فحفظ حروفه وضيع حدوده و أقامه القدح فلا كثر الله هؤلاء من حملة القرآن. و رجل قرأ القرآن فوضع دواء القرآن على داء قلبه فأسهر به ليله و أظمأ به نهاره و قام به في مساجده و تجافى به عن فراشه فبأولئك يدفع الله البلاء، و بأولئك يديل الله من الأعداء، و بأولئك ينزل الله الغيث من السماء، فوالله لهؤلاء في قراء القرآن أعز من الكبريت الأحمر.

و عن الحسين بن يزيد عن الصادق عن آبائه عن النبي في (حديث المناهي) قال: من قرأ من القرآن ثمّ شرب عليه حراماً أو آثر عليه حب الدنيا و زينتها استوجب عليه سخط الله إلا أن يتوب، ألا و إنه إن مات على غير توبة حاجه يوم القيامة فلا يزايله إلا مدحوضاً.

و عن إسماعيل بن أبي زياد عن الصادق عن آبائه قال: قال رسول الله: صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي و إذا فسدا فسدت: الأمراء و القراء.

و عن السكوني، عن أبي

عبد الله عن أبيه عن آبائه قال: من قرأ القرآن يأكل به الناس جاء يوم القيامة و وجهه عظم لا لحم فيه.

و عن رسول الله في حديث قال: من تعلم القرآن فلم يعمل به و آثر عليه حب الدنيا و زينتها استوجب سخط الله و كان في الدرجة مع اليهود و النصارى الذين ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم، و من قرأ القرآن يريد به سمعة و التماس الدنيا لقي الله يوم القيامة و وجهه عظم ليس عليه لحم و زج القرآن في قفاه حتى يدخله النار، و يهوي فيها مع من هوى، و من قرأ القرآن و لم يعمل به حشره الله يوم القيامة أعمى فيقول: يا رب لم حشرتني أعمى و قد كنت بصيراً قال: كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى، فيؤمر به إلى النار، و من قرأ القرآن ابتغاء وجه الله و تفقهاً في الدين كان له من الثواب مثل جميع ما أعطي الملائكة و الأنبياء و المرسلون، و من تعلم القرآن يريد به رياءً و سمعة ليماري به السفهاء و يباهي به العلماء و يطلب به الدنيا بدد الله عظامه يوم القيامة و لم يكن في النار أشد عذاباً منه، و ليس نوع من أنواع العذاب إلا سيعذب به من شدة غضب الله عليه و سخطه، و من تعلم القرآن و تواضع في العلم و علم عباد الله و هو يريد ما عند الله لم يكن في الجنة أعظم ثواباً منه و لا أعظم منزلة منه، و لم يكن في الجنة منزل و لا درجة رفيعة و لا نفيسة إلا و كان له فيها أوفر النصيب و أشرف المنازل.

و عن

النبي قال: إن في جهنم وادياً يستغيث أهل النار كل يوم سبعين ألف مرة منه فقيل له: لمن يكون هذا العذاب؟ قال: لشارب الخمر من أهل القرآن و تارك الصلاة.

و عن أبي الأشهب النخعي قال: قال علي بن أبي طالب: من دخل في الإسلام طائعاً و قرأ القرآن ظاهراً فله في كل سنة مائتا دينار في بيت مال المسلمين، و إن منع في الدنيا أخذها يوم القيامة وافية أحوج ما يكون إليها.

و عن محمد بن علي بن الحسين قال: قال أبو عبد الله: لا تنزلوا النساء الغرف و لا تعلموهن الكتابة و لا تعلموهن سورة يوسف، و علموهن المغزل و سورة النور- الحديث. أقول: المراد بالنهي ما كان معرض الفتنة.

فصل في استحباب كثرة قراءة القرآن في الصلاة و غيرها

عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (في وصية النبي لعلي) قال: و عليك بتلاوة القرآن على كل حال.

و عن الزهري قال: قلت لعلي بن الحسين: أي الأعمال أفضل؟ قال: الحال المرتحل، قلت: و ما الحال المرتحل؟ قال: فتح القرآن و ختمه، كلما جاء بأوله ارتحل في آخره.

و عن حفص قال: سمعت موسى بن جعفر يقول (في حديث): إن درجات الجنة على قدر آيات القرآن، يقال له: اقرأ و ارقأ، فيقرأ ثمّ يرقى.

و عن عبد الله بن سليمان، عن أبي جعفر قال: من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب الله له بكل حرف مائة حسنة، و من قرأ في صلاته جالساً كتب الله له بكل حرف خمسين حسنة، و من قرأ في غير صلاته كتب الله له بكل حرف عشر حسنات.

و عن بشير بن غالب الأسدي عن الحسين بن علي قال: من قرأ آية من كتاب الله عزَّ و جلّ في صلاته قائماً كتب

الله له بكل حرف مائة حسنة، فإذا قرأها في غير صلاة كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، و إن استمع القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة، و إن ختم القرآن ليلًا صلت عليه الملائكة حتى يصبح، و إن ختمه نهاراً صلت عليه الحفظة حتى يمسي، و كانت له دعوة مجابة، و كان خيراً له مما بين السماء إلى الأرض، قلت: هذا لمن قرأ القرآن، فمن لم يقرأه؟ قال: يا أخا بني أسد إن الله جواد ماجد كريم إذا قرأ ما معه أعطاه الله ذلك.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 14

و عن محمد بن بشير، عن علي بن الحسين و قد روي هذا الحديث عن أبي عبد الله قال: من استمع حرفاً من كتاب الله من غير قراءة كتب الله له حسنة، و محى عنه سيئة، و رفع له درجة، و من قرأ نظراً من غير صلاة كتب الله له بكل حرف حسنة، و محى عنه سيئة، و رفع له درجة، و من تعلم منه حرفاً ظاهراً كتب الله له عشر حسنات، و محى عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات، قال: لا أقول بكل آية، و لكن بكل حرف باء أو تاء أو شبههما، قال: و من قرأ حرفاً و هو جالس في صلاة كتب الله له به خمسين حسنة، و محى عنه خمسين سيئة، و رفع له خمسين درجة، و من قرأ حرفاً و هو قائم في صلاته كتب الله له مائة حسنة، و محى عنه مائة سيئة، و رفع له مائة درجة، و من ختمه كانت له دعوة مستجابة مؤخرة أو معجلة قال: قلت: جعلت فداك ختمه كله؟ قال: ختمه كله.

و

عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله قال: من قرأ مائة آية يصلي بها في ليلة كتب الله له بها قنوت ليلة، و من قرأ مائتي آية في غير صلاة الليل كتب الله له في اللوح قنطاراً من الحسنات، و القنطار ألف و مائتا أوقية، و الأوقية أعظم من جبل أحد.

و عن أنس قال: قال رسول الله: من قرأ مائة آية لم يكتب من الغافلين، و من قرأ مائتي آية كتب من القانتين، و من قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن، يعني من حفظ قدر ذلك من القرآن، يقال قد قرأ الغلام القرآن: إذا حفظه.

و عن الحسن بن علي العسكري، عن آبائه (في حديث) قال: إن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش (إلى أن قال:) ألا فمن قرأها معتقداً لموالاة محمد و آله أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له من الدنيا و ما فيها من أصناف أموالها و خيراتها، و من استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ما للقارئ، فليستكثر أحدكم من هذا- الخبر.

و عنه أنه قال: (في حديث): إن هذا القرآن حبل الله و هو النور البين، و الشفاءِ النافع (إلى أن قال:) فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما أني لا أقول: الم عشر، و لكن ألف عشر و لام عشر، و ميم عشر.

و عنه أنه قال: يقال لصاحب القرآن: اقرأ أوراقه، و رتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها.

و عنه قال: من قرأ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه.

و عن بكر بن عبد الله أن عمر دخل على النبي و

هو موقوذاً قال: محموم، فقال له: يا رسول الله ما أشد وعكك أو حمّاك؟ فقال له ما منعني ذلك أن قرأت الليل: بثلاثين سورة فيهن السبع الطوال، فقال: يا رسول الله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر و أنت تجتهد هذا الاجتهاد؟! فقال: أ فلا أكون عبداً شكوراً.

و عن يعقوب الأحمر قال: قلت لأبي عبد الله: جعلت فداك إني كنت قرأت القرآن فتفلت مني فادع الله عزَّ و جلّ أن يعلمنيه، قال: فكأنه فزع لذلك ثمّ قال: علمك الله هو و إيانا جميعاً، و قال: و نحن نحو من عشرة، ثمّ قال: السورة تكون مع الرجل قد قرأها ثمّ تركها فتأتيه يوم القيامة في أحسن صورة و تسلم عليه فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا سورة كذا و كذا، فلو أنك تمسكت بي و أخذت بي لأنزلتك هذه الدرجة فعليكم بالقرآن.

و عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله: من نسي سورة من القرآن مثلت له في صورة حسنة و درجة رفيعة في الجنة، فإذا رآها قال: ما أنت؟ فما أحسنك؟ ليتك لي، فتقول أما تعرفني؟ أنا سورة كذا و كذا، و لو لم تنسني لرفعتك إلى هذا المكان.

و عن يعقوب الأحمر قال: قلت لأبي عبد الله: إن علي ديناً كثيراً و قد دخلني ما كاد القرآن يتفلت مني فقال أبو عبد الله: القرآن القرآن إن الآية من القرآن و السورة لتجي ء يوم القيامة حتى تصعد ألف درجة يعني في الجنة فتقول: لو حفظتني لبلغت به هاهنا.

و عن يعقوب الأحمر قال: قلت لأبي عبد الله: جعلت فداك إنه أصابتني هموم و أشياء لم يبق شي ء من الخير إلا و قد تفلت مني

منه طائفة حتى القرآن لقد تفلت مني طائفة منه قال: ففزع عند ذلك حين ذكرت القرآن ثمّ قال: إن الرجل لينسى السورة من القرآن فتأتيه يوم القيامة حتى تشرف عليه من درجة من بعض الدرجات فتقول: السلام عليك، فيقول: و عليك السلام من أنت؟ فتقول: أنا سورة كذا و كذا ضيعتني و تركتني، أما لو تمسكت بي لبلغت بك هذه الدرجة، ثمّ أشار باصبعه، ثمّ قال: عليكم بالقرآن فتعلموه فإن من الناس من يتعلم القرآن ليقال فلان قارئ، و منهم من يتعلمه فيقوم به في ليله و نهاره لا يبالي من علم ذلك و من لم يعلمه.

و عن سعيد بن عبد الله الأعرج قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يقرأ القرآن ثمّ ينساه ثمّ يقرأه ثمّ ينساه، عليه فيه حرج؟ فقال: لا.

و ما ورد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه في (حديث المناهي) ان رسول الله قال: ألا و من تعلم القرآن ثمّ نسيه لقي الله يوم القيامة مغلولًا يسلط الله عليه بكل آية منها حية تكون قرينه إلى النار إلا أن يغفر له. المراد به ترك أحكامه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 15

فصل في استحباب الطهارة لقراءة القرآن و الاستعاذة قبل القراءة

عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن قال: سألته اقرأ المصحف ثمّ يأخذني البول فأقوم فأبول و أستنجي و أغسل يدي و أعود إلى المصحف فاقرأ فيه؟ قال: لا حتى تتوضأ للصلاة.

و في (الخصال) بإسناده عن علي (في حديث الأربعمائة) قال: لا يقرأ العبد القرآن إذا كان على غير طهور حتى يتطهر.

و عن ابن فهد الحلي في (عدة الداعي) قال: قال: لقاري القرآن بكل حرف يقرأه في الصلاة قائماً مائة حسنة، و قاعداً خمسون حسنة، و متطهراً في غير

صلاة خمس و عشرون حسنة، و غير متطهر عشر حسنات، أما أني لا أقول: المر، بل بالألف عشر، و باللام عشر، و بالميم عشر، و بالراء عشر.

و عن الحسن بن علي العسكري في تفسيره قال: أما قوله الذي ندبك الله إليه و أمرك به عند قراءة القرآن: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، فإن أمير المؤمنين قال و إن قوله: أعوذ بالله أي أمتنع بالله (إلى أن قال:) و الاستعاذة هي ما قد أمر الله به عباده عند قراءتهم القرآن بقوله: و إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، و من تأدب بأدب الله أداه إلى الفلاح الدائم، ثمّ ذكر حديثاً طويلًا عن رسول الله يقول فيه: إن أردت أن لا يصيبك شرهم و لا يبدؤك مكروههم فقل إذا أصبحت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن الله يعيذك من شرهم.

فصل في تأكيد استحباب تلاوة شي ء من القرآن كل يوم و ليلة

عن حريز، عن أبي عبد الله قال: القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظر في عهده، و أن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية.

و عن الزهري قال: سمعت علي بن الحسين يقول: آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.

و عن معمر بن خلاد، عن الرضا قال: سمعته يقول: ينبغي للرجل إذا أصبح أن يقرأ بعد التعقيب خمسين آية.

و عن عبد الأعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله قال: إن البيت إذا كان فيه المسلم يتلو القرآن يتراءى لأهل السماء كما يتراءى لأهل الدنيا الكوكب الدري في السماء.

و عن ابن القداح، عن أبي عبد الله قال: قال أمير المؤمنين: البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر الله عزَّ و جلّ فيه تكثر بركته

و تحضره الملائكة، و تهجره الشياطين، و يضي ء لأهل السماء كما تضي ء الكواكب لأهل الأرض، و إن البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن و لا يذكر الله عزَّ و جلّ فيه تقل بركته، و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين.

و عن أبي عبد الله، عن أبيه (في حديث) قال: كان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس، و يأمر بالقراءة من كان يقرأ منا، و من كان لا يقرأ منا أمره بالذكر، و البيت الذي يقرأ فيه القرآن و يذكر الله عزَّ و جلّ فيه تكثر بركته.

و عن ليث بن أبي سليم رفعه قال: قال النبي: نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن و لا تتخذوها قبوراً كما فعلت اليهود و النصارى صلوا في الكنائس و البيع و عطلوا بيوتهم فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، و اتسع أهله، و أضاء لأهل السماء كما تضي ء نجوم السماء لأهل الدنيا.

و في (عدة الداعي) عن الرضا يرفعه إلى النبي قال: اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن، فإن البيت إذا قرأ فيه القرآن تيسر على أهله، و كثر خيره، و كان سكانه في زيادة، و إذا لم يقرأ فيه القرآن ضيق على أهله، و قل خيره، و كان سكانه في نقصان.

و عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبد الله قال: ما يمنع التاجر منكم المشغول في سوقه إذا رجع إلى منزله أن لا ينام حتى يقرأ سورة من القرآن فيكتب له مكان كل آية يقرؤها عشر حسنات، و تمحى عنه عشر سيئات.

و عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر قال: قال رسول الله: من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، و من قرأ خمسين آية كتب من الذاكرين،

و من قرأ مائة آية كتب من القانتين، و من قرأ مائتي آية كتب من الخاشعين، و من قرأ ثلاثمائة آية كتب من الفائزين، و من قرأ خمسمائة آية كتب من المجتهدين، و من قرأ ألف آية كتب له قنطار، و القنطار خمسة عشر ألف (خمسون ألف) مثقال من ذهب، المثقال أربعة و عشرون قيراطاً، أصغرها مثل جبل أحد، و أكبرها ما بين السماء و الأرض.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 16

و عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر قال: من ختم القرآن بمكة من جمعة إلى جمعة أو أقل من ذلك أو أكثر و ختمه في يوم الجمعة كتب الله له من الأجر و الحسنات من أول جمعة كانت في الدنيا إلى آخر جمعة تكون فيها، و إن ختمه في سائر الأيام فكذلك.

و عن جابر، عن أبي جعفر قال: لكل شي ء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان.

فصل في استحباب القراءة في المصحف و حفظ المصحف في البيت

عن يعقوب بن يزيد رفعه إلى أبي عبد الله قال: من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره، و خفف على والديه و إن كانا كافرين.

و عن النبي قال: ليس شي ء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظراً.

و عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله قال: قلت له جعلت فداك إني أحفظ القرآن على ظهر قلبي، فأقرأه على ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال لي: بل اقرأه و انظر في المصحف فهو أفضل، أما علمت أن النظر في المصحف عبادة.

و عن أبي ذر (في حديث) قال: سمعت رسول الله يقول: النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة، و النظر إلى الوالدين برأفة و رحمة عبادة، و النظر في الصحيفة يعني صحيفة القرآن عبادة، و

النظر إلى الكعبة عبادة.

و عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله، عن أبيه، قال: إنه ليعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد الله عزَّ و جلّ به الشياطين.

و عن أبي عبد الله قال: ثلاثة يشكون إلى الله عزَّ و جلّ: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، و عالم بين جهال، و مصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه.

فصل في كيفية قراءة القرآن و استحباب الإنصات له

عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله عزَّ و جلّ: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قال: قال أمير المؤمنين: بينه تبياناً، و لا تهذه هذو الشعر، و لا تنثره نثر الرمل، و لكن اقرعوا به قلوبكم القاسية، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة.

و عن سليم الفراء، عمن أخبره، عن أبي عبد الله قال: أعرب القرآن فإنه عربي.

و عن محمد بن الفضيل قال: قال أبو عبد الله: يكره أن يقرأ (قل هو الله أحد) في نفس واحد.

و عن أبي بصير، عن أبي عبد الله في قوله تعالى: وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا قال: هو أن تتمكث فيه، و تحسن به صوتك.

و عن أم سلمة أنها قالت: كان النبي يقطع قراءته آية آية.

و عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله قال: إن القرآن نزل بالحزن فاقرءوه بالحزن.

و عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله قال: إن الله عزَّ و جلّ أوحى إلى موسى بن عمران إذا وقفت بين يدي فقف موقف الذليل الفقير، و إذا قرأت التوراة فاسمعنيها بصوت حزين.

و عن حفص قال: ما رأيت أحداً أشد خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر، و لا أرجى للناس منه، و كانت قراءته حزناً، فإذا قرأ فكأنه

يخاطب إنساناً.

و عن سيف بن عميرة، عن رجل، عن أبي جعفر قال: من قرأ (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) يجهر بها صوته كان كالشاهر سيفه في سبيل الله، و من قرأها سراً كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله، و من قرأها عشر مرات أمرت له على محو ألف ذنب من ذنوبه.

و عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله: الرجل لا يرى أنه صنع شيئاً في الدعاء و في القراءة حتى يرفع صوته، فقال: لا بأس، ان علي بن الحسين كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن و كان يرفع صوته حتى يسمعه أهل الدار، و ان أبا جعفر كان أحسن الناس صوتاً بالقرآن، و كان إذا قام في الليل و قرأ رفع صوته فيمر به مار الطريق من الساقين و غيرهم فيقومون فيستمعون إلى قراءته.

و عن أبي ذر، عن النبي في وصيته له قال: يا أبا ذر أخفض صوتك عند الجنائز و عند القتال و عند القرآن.

و عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله قال: قال رسول الله: اقرءوا القرآن بألحان العرب و أصواتها، و إياكم و لحون أهل الفسق و أهل الكبائر، فإنه سيجي ء من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء و النوح و الرهبانية، و لا يجوز تراقيهم، قلوبهم مقلوبة، و قلوب من يعجبه شأنهم.

و عن علي بن محمد النوفلي، عن أبي الحسن قال: ذكرت الصوت عنده، فقال: إن علي بن الحسين كان يقرأ فربما مر به المار فصعق من حسن صوته- الحديث.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 17

و عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله قال: قال النبي: لكل شي ء حلية و حلية القرآن الصوت الحسن.

و عن الحسن بن

عبد الله التميمي، عن أبيه، عن الرضا قال: قال رسول الله: حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً.

و عن جابر، عن أبي جعفر قال: قلت إن قوماً إذا ذكروا شيئاً من القرآن أو حدّثوا به صعق أحدهم حتى يرى أن أحدهم لو قطعت يداه أو رجلاه لم يشعر بذلك، فقال: سبحان الله ذاك من الشيطان، ما بهذا نعتوا إنما هو اللين و الرقة و الدمعة و الوجل.

و عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله قال: قلت له الرجل يقرأ القرآن أ يجب على من سمعه الإنصات له و الاستماع؟ قال: نعم إذا قرأ عندك القرآن وجب عليك الإنصات و الاستماع.

و عن علي بن المغيرة، عن أبي الحسن قال: قلت له: إن أبي سأل جدك عن ختم القرآن في كل ليلة، فقال له جدك: في كل ليلة، فقال له: في شهر رمضان، فقال له جدك: في شهر رمضان، فقال له: أبي، نعم ما استطعت فكان أبي يختمه أربعين ختمة، في شهر رمضان، ثمّ ختمته بعد أبي، فربما زدت و ربما نقصت على قدر فراغي و شغلي و نشاطي و كسلي فإذا كان في يوم الفطر جعلت لرسول الله ختمة، و لعلي أخرى، و لفاطمة أخرى ثمّ للأئمة حتى انتهيت إليك فصيرت لك واحدة منذ صرت في هذه الحال، فأي شي ء لي بذلك؟ قال: لك بذلك أن تكون معهم يوم القيمة قلت: الله أكبر فلي بذلك؟ قال: نعم ثلاث مرات.

و عن سليمان بن خالد، عن الصادق قال: إن رسول الله أتى شاباً (شباباً من الأنصار) فقال: إني أريد أن أقرأ عليكم فمن بكى فله الجنة فقرأ آخر الزمر: وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا

إِلىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً إلى آخر السورة فبكى القوم جميعاً إلا شاباً (شباباً) فقال: يا رسول الله قد تباكيت فما قطرت عيني، قال: إني معيد عليكم فمن تباكى فله الجنة، فأعاد عليهم فبكى القوم و تباكى الفتى فدخلوا الجنة جميعاً.

و عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه قال: قال رسول الله تعلموا القرآن بعربية و إياكم و النبز فيه الحديث.

و عن أسلمي (سليمان)، عن أبيه، عن أبي عبد الله قال: تعلموا العربية فإنها كلام الله الذي كلم به خلقه، و نطق به للماضين- الحديث.

و في (عدة الداعي) عن أبي جعفر الجواد قال: ما استوى رجلان في حسب و دين قط إلا كان أفضلهما عند الله عزَّ و جلّ آدبهما، قال: قلت قد علمت فضله عند الناس في النادي و المجلس فما فضله عند الله؟ قال بقراءة القرآن كما أنزل، و دعائه من حيث لا يلحن، فإن الدعاء الملحون لا يصعد إلى الله.

و عن السكوني عن أبي عبد الله قال: قال النبي إن الرجل الأعجمي من أمتي ليقرأ القرآن بعجمية فترفعه الملائكة على عربيته.

[فروع الدين]

أحكام التقليد

اشارة

يجب أن يكون اعتقاد المسلم ب- (أصول الدين) عن دليل و برهان، و لا يجوز له أن يقلد فيها، بمعنى أن يقبل كلام أحد فيها دون ما دليل.

أما في (أحكام الدين و فروعه) فيجب إما أن يكون مجتهداً يقدر على استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها، و إما أن يكون مقلداً بمعنى أن يعمل على رأي مجتهد جامع للشرائط، و إما أن يقوم بوظيفته عن طريق الاحتياط بنحو يحصل له اليقين بأنه قام بالتكليف، مثلما لو أفتى جماعة من المجتهدين بحرمة عمل و أفتى آخرون بعدم حرمته احتاط بأن لا يأتي بذلك العمل،

أو إذا أفتى بعض بوجوب عمل و أفتى آخرون باستحبابه احتاط بأن يقوم بذلك العمل، فمن لا يكون مجتهداً و لا يمكنه الاحتياط يجب عليه أن يقلد مجتهداً و يعمل وفق رأيه.

التقليد في الأحكام هو العمل برأي أحد المجتهدين و يجب أن يكون ذلك المجتهد: رجلًا، بالغاً، عاقلًا، شيعياً اثني عشرياً، طاهر المولد، حيّاً، حراً و عادلًا. و العادل هو من يعمل الواجبات و يترك المحرمات. و كذلك تشترط الأعلمية في المجتهد على الأحوط وجوباً.

يعرف المجتهد بإحدى طرق ثلاث:

أولًا: أن يتيقن الإنسان نفسه بذلك، بأن يكون الشخص نفسه من أهل العلم و يتمكن من معرفة المجتهد.

ثانياً: أن يخبر بذلك عالمان عادلان يمكنهما معرفة المجتهد، بشرط أن لا يخالف خبرهما عالمان عادلان آخران.

ثالثاً: أن يشهد جماعة من أهل العلم و الخبرة ممن يقدرون على تشخيص المجتهد و يوثق بهم، باجتهاد أحد.

و الظاهر كفاية أخبار شخص واحد- إذا كان ثقة- بذلك.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 18

الحصول على فتوى المجتهد و رأيه يمكن بإحدى الطرق الأربع التالية:

1- السماع المباشر من المجتهد.

2- السماع من عادلين ينقلان فتوى المجتهد.

3- السماع ممن يوثق بقوله و يعتمد على نقله.

4- وجود الفتوى في رسالته العملية في صورة الاطمئنان إلى صحة ما جاء في الرسالة و سلامتها من الأخطاء.

إذا مات المجتهد الذي يقلده الشخص، يلزم إما أن يبقى على تقليد المجتهد الميت أو يقلد المجتهد الحي. و يجوز البقاء على تقليد الميت حتى في المسائل التي لم يعمل بها في حياته.

يجب تعلم المسائل التي يحتاج إليها- غالباً-.

إذا اتفقت للشخص مسألة لا يعرف حكمها، فإن أمكن وجب عليه أن يصبر حتى يتمكن من الحصول على فتوى مرجع تقليده، أو أن يقوم بوظيفته عن طريق العمل بالاحتياط إن قدر على ذلك.

إذا عمل المكلف دون تقليد مدة من الزمان، صحت أعماله إن طابقت فتوى المجتهد الذي كان يجب عليه تقليده، أو طابقت فتوى المجتهد الذي يتعين عليه تقليده فعلًا.

أحكام الطهارة

الماء المطلق و المضاف الماء إما مطلق أو مضاف:

اشارة

و المضاف هو ما كان معتصراً من شي ء مثل عصير الرمان و ماء الورد أو كان ممزوجاً بشي ءٍ مثل الماء الممزوج بالطين و غيره بحيث لا يطلق عليه اسم الماء. و المطلق هو ما يكون غير هذا، و هو على خمسة أقسام:

1- ماء الكر 2- الماء القليل 3- الماء الجاري 4- المطر 5- ماء البئر.

1- ماء الكر

الكر هو ما ملأ وعاءً بطول ثلاثة أشبار و نصف و عرض ثلاثة أشبار و نصف، و عمق ثلاثة أشبار و نصف، و يكفي أن يكون كل من الطول و العرض و العمق ثلاثة أشبار فقط.

لا يتنجس ماء الكر بمجرد ملاقاة الدم أو البول أو أي شي ء نجس أو متنجس مثل الثوب المتنجس، إلا إذا تغير و اكتسب لون النجاسة أو رائحتها أو طعمها، و لا ينجس إذا لم يتغير.

إذا غسل شي ء نجس تحت أنبوب ماء متصل بالكر، فالماء الساقط من الشي ء النجس، طاهر إذا كان متصلًا بالكر و لم يكتسب لون النجاسة أو طعمها أو رائحتها و لم يكن فيها عين النجاسة.

تثبت كرية الماء بإحدى الطرق الثلاث الآتية:

الأولى: أن يتيقن الإنسان نفسه بذلك.

الثانية: أن يخبر بذلك رجلان عادلان.

الثالثة: أن يطمئن إلى إخبار من يكون الماء في حيازته، بكرية ذلك الماء، كإخبار الحمامي إذا قال: الماء في حوض الحمام كر.

2- الماء القليل

الماء القليل هو الماء الذي لا ينبع من الأرض و لا يكون بمقدار الكر.

إذا صب الماء القليل على شي ء نجس أو لاقته نجاسة تنجس.

3- الماء الجاري

الماء الجاري هو الذي ينبع من الأرض و يجري كمياه العيون، و الأنهار، و السواقي، و القنوات.

الماء الجاري إذا كان أقل من الكر فلاقته النجاسة كان طاهراً ما لم يتغير لونه أو طعمه أو رائحته بسبب النجاسة.

إذا لاقت النجاسة الماء الجاري تنجس من الماء ما تغير لونه أو طعمه أو رائحته بسبب النجاسة.

حكم ماء النبع الذي لا يكون جارياً و لكنه ينبع كلما أخذ منه، حكم الماء الجاري.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 19

الماء الراكد بقرب الأنهر المتصل بالماء الجاري حكمه حكم الجاري.

مياه الأنابيب التي في الحمامات أو الأبنية و التي تصب في الحنفيات و غيرها ك- (الدوش) إذا كانت متصلة بالكر حكمها حكم الجاري.

4- ماء المطر

إذا أصاب المطر شيئاً متنجساً ليس فيه عين النجاسة طهر منه ما أصابه المطر، و لا يشترط في الثوب و الفراش و ما شابههما العصر سواء غسلت بماء المطر أو بغيره و لا يكفي في المطر القطرة أو القطرات بل يجب أن يكون بحيث يصدق عليه أنه مطر.

إذا سقط المطر على عين النجس و ترشح منه إلى مكان آخر كانت الترشحات طاهرة ما لم يصحبها شي ء من عين النجاسة، أو لم تكتسب رائحة النجاسة أو طعمها أو لونها.

الأرض النجسة تطهر بسقوط المطر عليها.

التراب النجس الذي يصبح بسقوط المطر عليه طيناً يصير طاهراً.

إذا تساقط المطر على فراش طاهر مفروش على أرض نجسة و جرى الماء على الأرض طهرت الأرض النجسة، و لا ينجس الفراش.

5- ماء البئر

ماء البئر الذي ينبع من جوف الأرض طاهر حتى إذا كان أقل من الكر، ما لم يتغير لونه أو رائحته أو طعمه بواسطة النجاسة.

إذا صبّت نجاسة في بئر فغيرت لونه أو رائحته أو طعمه تنجّس ما تغيّر من الماء، و إذا زال ذلك التغير طهر الماء.

أحكام المياه

الماء المضاف (الذي مر معناه في المسألة 9) لا يطهّر الشي ء النجس، و لا يصح معه الوضوء و لا الغسل.

الماء المضاف مهما كان كثيراً (لا بكثرة بئر النفط و ما شابهه) ينجس بمجرد ملاقاته للنجاسة، و لكن لو صبّ المضاف من أعلى على شي ء نجس، تنجس منه ما لاقى النجاسة فقط دون الأعلى، فمثلًا لو صب ماء الورد من إبريق على يد نجسة تنجس ما وصل إلى اليد و ما لم يصل إليها كان طاهراً.

الماء الذي كان مطلقاً و لا يدرى هل صار مضافاً أم لا، فهو في حكم المطلق. و أما ما كان مضافاً- فيما سبق- و لا يدرى هل صار مطلقاً أم لا، فهو في حكم المضاف.

الماء الذي كان طاهراً و لا يعلم هل تنجس أم لا؟ طاهر، و الماء الذي كان نجساً و لا يعلم هل صار نجساً أم لا؟ نجس.

سؤر الكلب و الخنزير و الكافر نجس، و شربه حرام، و أما اسئار الحيوانات المحللة اللحوم فطاهرة و شربها لا كراهة فيه، أما الحيوانات المحرمة اللحم فسؤرها طاهر لكنه مكروه.

أحكام التخلي

اشارة

يجب على الإنسان ستر عورته عن كل بالغ مكلف، سواء حين التخلي أو في الأوقات الأخر، حتى و لو كان ذلك الناظر من محارمه كأخته و أمه، و هكذا يجب ستر العورة عن المجنون و الطفل المميز بين الخير و الشر، و لكن لا يلزم على الزوجة سترها عن زوجها و كذا العكس.

يجب أن لا يستقبل القبلة و لا يستدبرها حال التخلي، أي لا يكون مقاديم بدنه (أعني بطنه و صدره و ركبتيه) صوب القبلة أو عكسها.

لا يكفي- إذا كان المتخلي مستقبلًا للقبلة أو مستدبراً لها- أن يحرف عورته إلى غير تلك

الجهتين و إذا لم يكن مستقبلًا للقبلة أو مستدبراً لها فالأحوط- وجوباً- أن لا يجعل عورته صوب القبلة أو عكسها.

لا يلزم رعاية الاحتياط في أن لا يجلس الطفل على نحو يكون مستقبلًا للقبلة أو مستدبراً لها، و إذا استقبل الطفل القبلة أو استدبرها حال التخلي من تلقاء نفسه، لم يلزم منعه من ذلك.

يحرم التخلي في خمسة مواضع:

الأول: الأزقة غير السالكة إذا لم يأذن أصحابها بذلك، و هكذا في الطرق السالكة (غير المسدودة) في صورة الإضرار بالمارة.

الثاني: في ملك من لم يأذن بالتخلي فيه.

الثالث: في الأماكن الموقوفة على جماعة خاصة من الناس مثل بعض المدارس الدينية.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 20

الرابع: فوق قبر المؤمن إذا كان ذلك إهانة له.

الخامس: في الأماكن المحترمة التي يتنافى التخلي مع احترامها.

في ثلاث صور لا يطهر مخرج الغائط إلا بالماء فقط بناء على الاحتياط في بعضها:

الأول: إذا مست مخرج الغائط نجاسة من خارج.

الثاني: إذا خرج مع الغائط نجاسة أخرى كالدم.

الثالث: إذا تعدى الغائط المخرج أكثر من المعتاد.

و أما في غير هذه الحالات و الموارد فيجوز أن يطهر مخرج الغائط بالماء أو بالمسح بالخرق و الأحجار و ما شابهها، كما سيأتي بيان كيفيته و إن كان الغسل بالماء أفضل.

لا يطهر مخرج البول بغير الماء، و لو غسل في الكر أو الجاري مرة واحدة بعد زوال البول كفاه، يلزم غسله بالقليل مرتين و الأفضل غسله ثلاثاً.

يجوز تطهير مخرج الغائط بالحجر و المدر و ما شابهها إذا كانت يابسة و طاهرة، و لا بأس إذ كان فيها شي ء من الرطوبة بحيث لا ينتقل إلى المخرج، و يجب أن لا يقل التمسح عن ثلاث مرات و أن تنظف المخرج بالمرة الواحدة أو المرتين.

الاستبراء

الاستبراء فعل مستحب، يأتي به الرجال بعد الفراغ من التبول لأجل التيقن من عدم وجود شي ءٍ من البول في المجرى، و هو ذات أقسام، أفضلها: أن يطهر المتخلي موضع الغائط أولًا (إذا كان قد تغوط أيضاً) و ذلك بعد انقطاع البول، ثمّ يمسح بالإصبع الوسطى من يده اليسرى، من مخرج الغائط إلى أصل الذكر ثلاث مرات و بقوة،

ثمّ يضع إبهامه فوق الذكر و سبابته تحت الذكر و يمسح بقوة إلى رأس الذكر ثلاث مرات، ثمّ يعصره ثلاث مرات.

الماء الخارج من الرجل بعد الملاعبة يسمى (مذياً) و هو طاهر، و هكذا الماء الخارج بعد المني و يسمى (وذياً) و كذلك الماء الخارج بعد التبول و يسمى (ودياً) و إذا استبرأ الرجل بعد البول ثمّ خرج منه ماء و شك هل هو بول أم أحد هذه المياه المذكورة، يكون طاهراً.

يكره احتباس البول و الغائط، بل و يحرم إذا كان هذا الاحتباس مضراً بالبدن ضرراً بالغاً.

يستحب أن يبول الإنسان قبل الصلاة ثمّ يتوضأ أو يغتسل و يصلي، و هكذا يستحب التبول قبل النوم، و قبل الجماع، و بعد خروج المني.

«النجاسات»

النجاسات إحدى عشرة:

اشارة

الأول: البول.

الثاني: الغائط.

الثالث: المني.

الرابع: الميتة.

الخامس: الدم.

السادس: الكلب.

السابع: الخنزير.

الثامن: الكافر.

التاسع: الخمر.

العاشر: الفقاع.

الحادي عشر: عرق الحيوان الجلال الذي يجب اجتنابه على الأحوط.

1 و 2- البول و الغائط

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 21

البول و الغائط من الإنسان و من كل حيوان حرام اللحم ذي نفس سائلة (أي ذي دم دافق عند الذبح) نجس، و لكن البول و الغائط من الحيوان الحرام اللحم الذي ليس له دم دافق عند الذبح و كذا من الحيوان الحلال اللحم طاهر.

يستحب الاجتناب عن فضلات الطيور المحرمة اللحم و خصوصاً فضلات الخفاش و بوله.

بول الحيوان الجلال و غائطه نجسان، و هكذا غائط و بول الحيوان الذي وطأه الإنسان.

3- المني

مني الإنسان، و الحيوان ذي الدم الدافق عند الذبح، نجس.

4- الميتة

ميتة الحيوان ذي الدم الدافق عند الذبح، نجس، سواء مات من تلقاء نفسه، أو ذبح لا على الطريق الشرعية، أما السمك حيث أنه ليس له دم دافق فميتته طاهرة حتى و لو مات في الماء.

الأجزاء التي لا تحلها الحياة من الحيوان، مثل الصوف و الشعر و الوبر و العظم و الأسنان، كلها طاهرة.

إذا انفصل من بدن الإنسان الحي، أو الحيوان ذي النفس السائلة حالة حياته، قطعة من اللحم أو شي ء آخر مما تحله الحياة، فهو نجس.

القشور و البثور الطفيفة التي تعلو الشفاه أو مواضع أخرى من البدن و حان وقت سقوطها، طاهرة و إن نزعها اختياراً، الأحوط- استحباباً- الاجتناب عن القشور التي لم يكن وقت سقوطها.

الأدوية و العقاقير السائلة، و العطور و الأدهان و الأصباغ و الصابون، المستوردة من الخارج محكومة بالطهارة ما لم يقطع الإنسان بنجاستها.

اللحوم و الشحوم و الجلود التي تباع في أسواق المسلمين، طاهرة، و هكذا ما كان منها في أيدي المسلمين، و لكن إذا علم أن المسلم أخذها من الكافر و لم يفحص هل هي من الحيوان المذكى حسب الطريقة الشرعية أم لا، فهي محكومة بالنجاسة.

5- الدم

دم الإنسان و كل حيوان ذي دم دافق عند الذبح، نجس.

أما دم الحيوان الذي ليس له دم دافق مثل السمك و البعوض، أو المشكوك الذي لا يدرى هل له دام دافق عند الذبح أم لا، كالحية، فطاهر.

الحيوان الحلال اللحم إذا ذبح على الطريقة الشرعية و خرج منه ما تعارف خروجه من الدم، كان الدم المتبقى في جوفه طاهراً.

إذا كان الدم في صفار البيض فالبياض طاهر ما دام الغشاء الرقيق الذي على الصفار لم يتمزق.

الدم الخارج من بين الأسنان إذا اختلط بماء الفم و اضمحل فيه،

طاهر.

الدم الذي يتجمد تحت الظفر أو الجلد بسبب الضربة القوية [الرض] إذا صار بحيث لا يطلق عليه أنه دم طاهر، و إن قيل أنه دم فنجس.

إذا لم يعلم هل أن هذا دم تجمد تحت الجلد أم لحم صار بتلك الحالة على أثر الرض، كان طاهراً.

إذا سقط في الطعام- حال غليانه- ذرة من الدم، تنجس كل ذلك الطعام و كذا اناؤه، و ليس الغليان أو الحرارة أو النار مطهرات.

الماء الأصفر الذي يظهر في أطراف الجرح إذا لم يعلم أنه اختلط بالدم، طاهر.

6 و 7- الكلب و الخنزير

الكلب و الخنزير البريان نجسان، حتى شعرهما و عظمهما، و المخالب، و الرطوبة منهما، و لكن الكلب و الخنزير البحريين طاهران.

8- الكافر

الكافر نجس، و هو من ينكر وجود الله أو يتخذ له شريكاً، أو ينكر نبوة خاتم الأنبياء محمد، و هكذا كل من ينكر ضرورياً من ضروريات الدين مثل الصلاة و الصوم مما يعتبره المسلمون جزءاً من الدين بشرط أن يعلم أن هذا من ضروريات الدين و بشرط أن يستلزم إنكاره إنكار الرسول.

كل بدن الكافر- حتى الشعر و الظفر و الرطوبات- نجس.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 22

إذ كان والد الصبي غير البالغ، أو أمه أو جده أو جدته كافراً، فالصبي نجس أيضاً، و أما إذا كان أحد هؤلاء مسلماً، كان الصبي تابعاً لذلك المسلم فالصبي طاهر.

إذا سب أحد المسلمين النبي الأكرم أو فاطمة الزهراء أو أحد الأئمة الاثني عشر أو عاداهم، فهو نجس- على الأحوط في بعض صور السب-.

9- الخمر

الخمر و كل مسكر مائع بالأصل نجس، و إن كان غير مائع بالأصل مثل البنج أو الحشيش، فطاهر و إن ألقى فيه شي ء مائع.

الاسبيرتو الاصطناعي المستعمل في صبغ و طلاء الأبواب و المناضد و الكراسي و ما شابهها، إن لم يعلم بأنه مسكر طاهر.

إذا غلى العنب أو العصير العنبي من تلقاء نفسه فأكله حرام لكنه طاهر، و هكذا يحرم أكله إذا غلى بواسطة الطبخ.

إذا غلت التمر أو الزبيب أو الكشمش أو عصيرها فحلال.

10- الفقاع

الفقاع و هو الشراب المخصوص المتخذ من الشعير، نجس. و لكن الماء الذي يؤخذ من الشعير حسب و صفة الأطباء للعلاج و يسمى ماء الشعير طاهر.

11- عرق الحيوان الجلال

الأحوط- وجوباً- الاجتناب من عرق الإبل الجلالة (أي الإبل التي اعتادت أكل عذرة الإنسان) و عرق كل حيوان جلال.

طرق إثبات النجاسة

تثبت النجاسة بإحدى ثلاث طرق:

الأول: أن يتيقن الشخص نفسه بنجاسة الشي ء، أما إذا ظن بنجاسة شي ء فلا يلزمه الاجتناب عنه.

الثاني: أن يخبر بالنجاسة من يكون الشي ء النجس في حيازته و تصرفه، مثلما إذا قالت الزوجة أو الخادمة: هذا الإناء أو هذا الشي ء الذي في يدها و تحت تصرفها نجس، فيلزم الاجتناب عنه، و هذا يسمى بإِخبار ذي اليد.

الثالث: أن يخبر رجلان عادلان بنجاسة الشي ء، و هكذا إذا أخبر شخص واحد ثقة بنجاسة الشي ء، و اطمأن إلى كلامه، فيلزم الاجتناب عن ذلك الشي ء على الأحوط- وجوباً-.

الشي ء النجس الذي يشك في أنه هل صار طاهراً أم لا، نجس، و الطاهر الذي يشك هل صار نجساً أم لا، طاهر، و لو تمكن من العلم بطهارته أو نجاسته لا يلزم عليه الفحص.

إذا علم أن أحد الأناءين أو اللباسين تنجس، و كان كلاهما مما يستعملهما، و لا يدري أيهما هو الذي تنجس، وجب الاجتناب عن كليهما.

و لكن إذا لم يعلم مثلًا هل ثوبه هو الذي تنجس أم الثوب الذي لا يستعمله- أبداً- و يكون للغير، لا يلزم الاجتناب عن ثوبه.

كيفية تنجس الأشياء الطاهرة

إذا لاقى الشي ء النجس شيئاً طاهراً و كان كلاهما، أو أحدهما، مرطوبين بحيث تسري رطوبة أحدهما إلى الآخر تنجس الشي ء الطاهر، أما إذا كانت الرطوبة قليلة جداً بحيث لا تسري إلى الآخر لم يتنجس الشي ء الطاهر.

الأرض و القماش و شبههما إذا كانت مبللة تنجس منها الموضع الذي يلاقي النجاسة خاصة، و كان الباقي طاهراً، و هكذا البطيخ أو الخيار إذا لاقت النجاسة موضعاً منه، و كذا ما شابههما.

الدهن أو الدبس و ما شابههما إن كان بحيث لو أخذ منه شي ء لامتلأ المكان الفارغ فوراً، تنجس كله بمجرد ملاقاة النجاسة لنقطة

منه، و إن كان بحيث لا يمتلئ الفراغ الحاصل بالأخذ فوراً، فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا الموضع الملاقى ان كان بحيث يمتلئ الفراغ فيما بعد، فإذا سقطت فضلة الفأر في مثل هذا، تنجس الموضع الملاقى للفضلة و كان الباقي طاهراً.

النخامة و البلغم الخارجان من الأنف و الحلق إذا كان فيهما دم كان الموضع الملاقي للدم منهما نجساً و الباقي طهراً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 23

إذا أدخل شي ء في البدن و لاقى النجاسة فإن لم يكن بعد إخراجه ملوثاً بالنجاسة، كان طاهراً، فإذا أدخلت حقنة في مخرج الغائط أو غرزت إبرة أو سكين أو ما أشبه في البدن و بعد إخراجها لم تكن ملوثة بالنجاسة لم تكن نجسة، و هكذا البصاق و المخاط إذا لاقى الدم في داخل الفم و الأنف ثمّ خرج و لم يكن ملوثاً بالدم.

من أحكام النجاسة

يحرم تنجيس خط و كتابة القرآن الكريم، و يجب إزالة النجاسة عنه فوراً إذا تنجس.

يحرم إعطاء القرآن الكريم للكافر إذا كان هتكاً للقرآن، و يجب أخذ القرآن منه.

إذا سقط ورق القرآن أو شي ء آخر مما يجب احترامه- كالورقة التي كتب عليها اسم الله أو النبي أو الإمام- في المرحاض وجب إخراجه و تطهيره و إن كلف أجرة، و أما إذا لم يمكن إخراجه فالأحوط- وجوباً- أن يترك الذهاب إلى ذلك المرحاض حتى يتيقن باضمحلال و فناء كتابة ذلك الورق.

و هكذا إذا سقط شي ء من (التربة الحسينية) في بيت الخلاء و تعذر إخراجه، وجب ترك التخلي في ذلك المكان حتى تزول التربة و تضمحل.

يحرم أكل و شرب النجس، أو المتنجس كالماء المتنجس، و هكذا يحرم إطعام ذلك للغير حتى الأطفال بالنسبة إلى عين النجس فقط، و لكن إذا

أكل الطفل الطعام المتنجس من تلقاء نفسه لا يجب منعه إن لم يكن في أكله ضرر عليه.

إذا رأى المكلف أحداً يأكل النجس أو يصلي في الثوب النجس لا يلزم إخباره.

إذا علم صاحب المنزل- في أثناء الأكل- بنجاسة الطعام وجب عليه إخبار ضيوفه، أما لو علم أحد الضيوف بذلك لا يلزمه إخبار الآخرين.

لو قال الصبي القريب من البلوغ، طهّرت هذا و كان كلامه موجباً للاطمئنان، قبل قوله، و كذا إذ أخبر بنجاسة شي ءٍ و كان كلامه يوجب الاطمئنان.

المطهرات

المطهرات (التي تطهر الأشياء المتنجسة) اثنتا عشرة:

اشارة

الأول: الماء.

الثاني: الأرض.

الثالث: الشمس.

الرابع: الاستحالة.

الخامس: نقصان ثلثي العصير العنبي بالغليان، بناء على نجاسته.

السادس: الانتقال.

السابع: الإسلام.

الثامن: التبعية.

التاسع: زوال عين النجاسة.

العاشر: استبراء الحيوان الجلال.

الحادي عشر: غيبة المسلم.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

منتخب المسائل الإسلامية؛ ص: 23

الثاني عشر: خروج الدم المتعارف من الحيوان المذبوح.

و سيأتي تفصيل أحكام هذه المطهرات ضمن المسائل التالية:

1- الماء

الماء يطهر الأشياء المتنجسة بشروط أربعة:

الأول: أن يكون مطلقاً، فالماء المضاف كماء الورد و عرق الصفصاف و ما شابههما، لا يطهر الأشياء المتنجسة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 24

الثاني: أن يكون طاهراً.

الثالث: أن لا يصير مضافاً عند غسل الشي ء النجس به، و لا يكتسب لون النجاسة أو طعمها أو رائحتها.

الرابع: أن لا يبقى فيه شي ء من عين النجاسة بعد التطهير.

و لتطهير الأشياء المتنجسة بالماء القليل شروط أخر سيأتي ذكرها فيما بعد.

يجب في تطهير الاناء النجس إذا أريد غسله بالماء القليل، غسله ثلاث مرات- احتياطاً-، و يكفي غسله مرة في الكر، و الإناء الذي ولغ فيه الكلب و شرب منه الماء أو أي شي ء مائع، يجب تعفيره أولًا بالتراب الطاهر، ثمّ تطهيره في الكر أو الجاري مرة و بالقليل مرتين.

الإناء الذي ولغ فيه الخنزير أو شرب فيه مائعاً إذا أريد غسله بالماء القليل يجب غسله سبع مرات، و يكفي غسله في الكر مرة واحدة، و لا يلزم تعفيره بالتراب و إن كان الأحوط- استحباباً- تعفيره بالتراب أيضاً.

الظروف و الأواني الفخارية المصنوعة من الطين النجس أو التي نفذ الماء النجس في جسمها إذا وضعت في الكر أو الجاري فبلغ الماء إلى كل أطرافهما طهرت، و إذا أريد تطهير باطنها أيضاً لزم أن تبقى في الكر أو الجاري مدة حتى ينفذ الماء إلى

كل جسمها.

الإناء النجس يمكن تطهيره بالماء القليل بطريقتين:

إما أن يملأ الإناء بالماء ثمّ يفرغ ثلاث مرات.

و إما أن يدار فيه شي ء من الماء ثمّ يخض بحيث يصل الماء إلى جميع الأطراف النجسة، ثمّ يفرغ، و يكرر هذا العمل ثلاث مرات.

إذا أذيب النحاس النجس و ما شابهه ثمّ طهر صار ظاهره طاهراً.

الشي ء المتنجس يطهر بمجرد غمسه في ماء الكر مرة واحدة، بعد أن تزال عنه عين النجاسة، بحيث يصل الماء إلى جميع مواضعه المتنجسة، و لا يلزم العصر في اللباس و الثوب و الفراش و ما شابه، و إن كان أحوط استحباباً.

إذا تنجس شي ء بغير البول، فصب عليه الماء مرة واحدة- بعد إزالة عين النجاسة عنه- ثمّ انفصل الماء طهر، و هكذا يطهر لو زالت عين النجاسة في الغسلة الأولى ثمّ بعد زوال النجاسة صب عليه الماء مرة ثانية.

إذا تنجس ظاهر الحنطة أو الرز أو الصابون و ما شابهها فغمس في الكر أو الجاري صار طهراً، و إذا تنجس باطن أحد هذه الأشياء فطهارته تتوقف على جفاف الرطوبة النجسة النافذة في باطنه ثمّ يوضع في الكر و الجاري حتى ينفذ الماء إلى باطنه، فيطهر باطنه أيضاً.

كل شي ء متنجس لا يطهر إلا بعد زوال عين النجاسة عنه و لكن لا بأس إذا بقي فيه لون النجاسة أو طعمه أو رائحته، فإن أزال الدم عن الثوب- مثلًا- و طهره ثمّ بقي في الثوب لون الدم كان طاهراً أما إذا تيقن بسبب اللون أو الرائحة أو احتمل احتمالًا عقلائياً، بقاء ذرات النجاسة في ذلك الشي ء، كان نجساً.

اللحم و الشحم المتنجسان يطهران مثل بقية الأشياء الأخرى، و هكذا إذا كان البدن أو الثوب دسماً دسومة قليلة لا تمنع من وصول

الماء إليهما.

إذا غسل شيئاً متنجساً و أيقن بطهارته ثمّ شك فيما بعد هل أزال عين النجاسة عنه أم لا، كان ذلك الشي ء طاهراً، إما إذا لم يكن- حين تطهيره- ملتفتاً إلى زوال عين النجاسة لزم تطهيره مرة ثانية- على الأحوط-.

الأرض المفروشة بالصخر أو بالآجر، و الأرض الصلبة التي لا ينفذ فيها الماء، إذا تنجستا فتطهران بالماء القليل لكن يجب صب الماء عليهما بحيث يجري عليها فإذا نفذ الماء المصبوب عليها من ثقب فيها إلى باطن الأرض طهر كل الأرض النجسة، و إذا لم تخرج الغسالة بقي الموضع الذي تتجمع فيه الغسالة نجساً، و لتطهيره يلزم أن تحفر حفيرة هناك لتجتمع فيه الغسالة ثمّ يخرج الماء بعدئذٍ ثمّ تطم الحفيرة بالتراب الطاهرة، أو يجمع الماء بواسطة قماشة ثمّ يصب عليه الماء ثمّ يجمع الماء بواسطة القماشة حتى يطهر ذلك الموضع أيضاً.

2- الأرض

تطهر الأرض باطن القدم و الحذاء النجسين بثلاثة شروط:

الأول: أن تكون الأرض طاهرة.

الثاني: أن تكون الأرض جافة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 25

الثالث: أن تزول عين النجاسة (كالدم أو البول-، أو المتنجس كالطين النجس الذي يكون ملتصقاً بباطن القدم أو الحذاء) بسبب المشي على الأرض أو الحك عليها، كما يلزم- في التطهير بالأرض- أن تكون الأرض تراباً أو صخراً أو ما شابههما فلا يطهر باطن القدم أو الحذاء المتنجس بالمشي على الفراش أو الحصير أو الخضرة أو العشب، أما الآجر و الجص و الاسمنت المصنوع من الحصى فحكمهما حكم الأرض، أي أنها مطهرة.

طهارة باطن القدم و الحذاء النجس بالمشي على الإسفلت أو على الأرض المفروشة بالخشب محل إشكال.

لتطهير باطن القدم أو الحذاء، الأفضل أن يمشي على الأرض خمس عشرة خطوة أو أكثر و إن كانت عين

النجاسة تزول بأقل من ذلك.

لا يلزم في حصول الطهارة أن يكون باطن القدم أو الحذاء النجس رطباً بل يطهر أيضاً إذا كان جافاً.

من يمشي على يديه و ركبتيه إذا تنجس باطن كفه، أو ركبتاه، فإنه يطهر بالمشي عليه، أما كعب العصا أو كعب الأقدم الاصطناعية و نعل الدواب و إطارات السيارات و العربات و ما شابهها، فالظاهر طهارتها بالسير على الأرض أيضاً.

لا إشكال إذا بقي- بعد المشي على الأرض- في باطن القدم أو الحذاء رائحة النجاسة أو لونها أو ذرات لا ترى بالعين المجردة منها، و إن كان الأحوط- استحباباً- المشي إلى زوال هذه الأمور أيضاً.

3- الشمس

الشمس تطهر الأرض و الأبنية و ما شابههما كالأبواب و النوافذ و الشبابيك المستعملة في الأبنية إذا تنجست، و هكذا يطهر المسمار المثبت في الحائط، و ذلك بخمسة شروط:

الأول: أن يكون ذلك الشي ء النجس مرطوباً بحيث إذا لاقاه شي ء سرت إليه رطوبته، فإذا كان جافاً لزم تبليله لتجففه الشمس.

الثاني: أن تزول منه عين النجاسة قبل إشراق الشمس عليه.

الثالث: أن لا يحجب عن إشراق الشمس شي ء، فلا يطهر إذا أشرقت الشمس عليه من وراء ستار أو سحاب أو ما شابه و جففته، و لكن إذا كان السحاب أو الستار رقيقاً بحيث لا يحجب عن إشراق الشمس فلا إشكال فيه.

الرابع: أن تنفرد الشمس بتجفيف الشي ء النجس فلا يطهر إذا ساعدها الريح في التجفيف، و لكن لا بأس إذا كان الريح قليلًا جداً بحيث لا يقال: جففته الريح و الشمس معاً.

الخامس: أن تجفف الشمس مقداراً من البناء الذي نفذت فيه النجاسة مرة واحدة (أي في إشراقة واحدة) أما إذا أشرقت الشمس على الأرض و البناء النجسين و جففت ظاهر البناء أو الأرض،

ثمّ أشرقت مرة ثانية و جففت باطنهما طهر ظاهرهما فقط و بقي باطنهما نجساً، على الأحوط في بعض الشروط المذكورة.

الشمس تطهر الحصير النجس، كما لا إشكال في طهارة الشجر و النبات بواسطة الشمس.

4- الاستحالة

إذا تحول الشي ء إلى شي ء آخر طاهر يصير طاهراً، و يقال لهذا: (الاستحالة)، مثل أن يصير الخشب النجس رماداً، أو ينغمس الكلب في الأرض المملحة و يستحيل إلى ملح، و لكن لا يطهر إذا لم تتبدل حقيقة الشي ء النجس مثل أن يصير القمح دقيقاً أو يصنع خبزاً.

الجرار الخزفية و ما شابهها المصنوعة من الطين النجس نجسة، و هكذا يلزم الاجتناب عن الفحم المصنوع من الخشب النجس- على الأحوط-.

إذ انقلب الخمر خلا من تلقاء نفسه أو بعلاج مثل إلقاء الخل أو الملح فيه، يصير طاهراً.

5- ذهاب ثلثي العصير العنبي

لا ينجس العصير العنبي إذا غلى بالنار، و لكن يحرم أكله و شربه، و إن غلى حتى ذهب ثلثاه و بقي الثلث حل أكله، و لكن إذا غلى من تلقاء نفسه فإنه لا يحل إلا إذا انقلب خلًا.

العصير العنبي الذي لا يدرى هل غلى أم لا حلال و طاهر و لكن إذا غلى بالنار لم يحل أكله ما لم يتيقن نقصان ثلثيه، و هكذا إذا غلى من تلقاءِ نفسه لا يحل أكله ما لم يتيقن أنه صار خلًا.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 26

إذا كان في عنقود حصرم حبة أو حبتان من العنب فإن قيل لعصير ذلك العنقود «عصير الحصرم» و لم يكن فيه أثر من حلاوة العصير العنبي ثمّ غلى كان طاهراً وحل أكله.

إذا وقعت حبة عنب في شي ء يغلي بالنار و غلت الحبة معه، وجب الاجتناب عنه.

لا ينجس بالغليان ما لا يدرى هل هو حصرم أم عنب.

6- الانتقال

يطهر دم الإنسان أو دم الحيوان الذي له دم دافق- عند الذبح- إذا انتقل إلى بدن الحيوان الذي ليس له دم دافق و احتسب من دمه، و يسمى هذا بالانتقال، فالدم الذي يمتصه العلق من الإنسان، حيث أنه لا يسمى دم العلق بل يطلق عليه دم الإنسان، يكون نجساً.

إذا قتل بقة حطت على بدنه و لا يدري هل الدم الخارج من البقة مما امتصته منه أم من البقة نفسها فهو طاهر. و هكذا إذا علم أن الدم مما امتصته البقة منه و لكنه صار جزء بدنها. أما إذا كانت الفترة بين الامتصاص و القتل قليلة جداً بحيث يقال: هذا دم إنسان، أو لا يدري هل يقال له دم بقة أم دم إنسان كان نجساً- على الأحوط-.

7- الإسلام

إذا نطق الكافر بالشهادتين أي قال: «أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً رسول الله» صار مسلماً، و طهر- بعد إسلامه- بدنه و ريقه و نخامته و عرقه. و لكن إذا كانت توجد عين النجاسة على بدنه- حين إسلامه- لزم إزالة النجاسة و تطهير موضعها، بل إذا زالت عين النجاسة قبل إسلامه فالأحوط تطهير ذلك الموضع المتنجس.

إذا نطق الكافر بالشهادتين و لا يدري هل دخل الإسلام قلبه أم لا فهو طاهر، و لكن إذا علم أنه لم يعتنق الإسلام قلباً بمعنى أنه لم يخضع للإسلام بل أظهر الإسلام على لسانه فقط فنجس، و لكن المنافق الذي لم يسلم قلباً و لكن خضع للإسلام طاهر.

8- التبعية

التبعية هي أن يطهر شي ء نجس بواسطة طهارة شي ء نجس آخر.

إذا صار الخمر خلًا طهر اناؤه تبعاً له، إلى الموضع الذي وصل إليه الخمر حال غليانه، و طهر أيضاً الغطاء أو القماش الذي يوضع على فوهة الإناء عادة، إذا تبلل بنفس الرطوبة.

الخشب أو الصخر الذي يوضع و يسجى عليه الميت و الخرقة التي تستر عورته، و يد غاسله، كلها تطهر بعد تمام الغسل.

الماء القليل المتبقي في الاناء النجس الذي يطهر بالماء القليل، بعد انفصال الغسالة عنه، طاهر.

9- زوال عين النجاسة

يطهر باطن و ظاهر بدن الحيوان بزوال النجس عنه، فإذا تلوث بعين النجاسة مثل الدم أو المتنجس كالماء المتنجس ثمّ زالت عنه عين النجس أو المتنجس طهر، و هكذا يطهر باطن بدن الإنسان كباطن الأنف و الفم بزوال عين النجاسة عنهما، فإذا خرج دم من بين الأسنان و زال في ماء الفم لم يلزم تطهير داخل الفم، إذا تنجست الأسنان الاصطناعية يلزم تطهيرها على الأحوط- استحباباً-.

إذا خرج الدم في باطن فمه و كان بين أسنانه بقايا طعام فهذه البقايا طاهرة ما لم يعلم بوصول الدم إليها.

إذا حط الغبار النجس على الثوب و الفرش و ما شابه لا يوجب نجاسة الثوب، نعم إذا كان كثيراً فالأحوط عدم الصلاة في ذلك الثوب حال وجود الغبار عليه.

10- استبراء الحيوان الجلال

بول و غائط الحيوان الجلال (و هو الذي اعتاد أكل عذرة الإنسان) نجسان، و لو أريد تطهيره لا بد من استبراءه، بمعنى أن يحبس الحيوان الجلال من أكل العذرة و يطعم الطعام الطاهر مدة حتى لا يصدق عليه الحيوان الجلال. و يحبس الإبل الجلالة أربعين يوماً- على الأحوط استحباباً- يحبس البقر ثلاثين يوماً، و الغنم عشرة أيام، و البط سبعة أيام، و الدجاج الأهلي ثلاثة أيام، و تمنع من أكل النجاسة و تطعم بالطعام الطاهر في خلال هذه المدة، و لو صدق عليها عنوان الحيوان الجلال بعد هذه المدة أيضاً يلزم أن تحبس عن أكل النجس إلى مدة أخرى حتى لا يصدق عليها عنوان الجلال.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 27

11- غيبة المسلم

إذا تنجس بدن المسلم أو ثوبه أو أي شي ء آخر منه كالآنية و الفراش و غير ذلك مما في حيازته، ثمّ غاب ذلك المسلم، يحكم على هذه الأشياء بالطهارة إذا توفرت شروط ستة: (احتياطاً في بعضها).

أولًا: أن يعتقد ذلك المسلم بنجاسة ذلك الشي ء الذي نجَّس بدنه أو ثوبه أو ما شابه، فإذا مس ثوبه أو بدنه شي ء من الخمر و هو لا يعتبر الخمر نجساً، ثمّ غاب، فإن غيبته هذه لا تكون مطهرة.

ثانياً: أن يعلم المسلم بوصول النجاسة إلى ثوبة أو بدنه أو ما شابه.

ثالثاً: أن يرى المسلم يستعمل تلك الأشياء في أعمال يشترط فيها الطهارة مثل أن يرى و هو يصلي في ذلك الثوب النجس.

رابعاً: أن يعلم المسلم نفسه باشتراط الطهارة في ذلك العمل، فإذا لم يعلم بأنه يلزم أن يكون لباس المصلي طاهراً، و صلى في ذلك الثوب النجس لا يمكن اعتبار ذلك الثوب طاهراً بسبب غيبة المسلم.

خامساً: أن يحتمل تطهير ذلك المسلم

لذلك الشي ء النجس، فإذا تيقن بأنه لم يطهره لا يعتبر ذلك الشي ء طاهراً، و هكذا إذا لم يكن في نظر ذلك المسلم فرق بين الطاهر و النجس فإن اعتباره طاهراً حينئذٍ- بسبب الغيبة- محل إشكال.

سادساً: أن يكون ذلك المسلم بالغاً على الأحوط- وجوباً-.

الوكيل من قبل أحد في تطهير ثوبه لو قال: طهرت الثوب، كان ذلك الثوب طاهراً.

الوسواسي و هو من لا يحصل له اليقين بالطهارة عند تطهير شي ء نجس، يجوز له أن يكتفي بالظن.

أحكام الأواني

الإناء المصنوع من جلد الكلب أو الخنزير البريين أو الميتة النجس، يحرم الأكل و الشرب فيه، و لا يتوضأ و لا يغتسل منه و لا يستعمل في الأعمال التي يشترط فيها الطهارة، بل الأحوط- استحباباً- أن لا يستعمل جلد الكلب أو الخنزير أو الميتة حتى في غير الأواني.

يحرم الأكل و الشرب في الأواني الذهبية و الفضية، و الأحوط- استحباباً- ترك استعمالها مطلقاً حتى للزينة.

يحرم صنع الأواني الذهبية و الفضية، كما يحرم أخذ الأجرة على ذلك.

لا بأس باستعمال الأواني المذهبة و المفضّضة (أي المطلية بماء الذهب و الفضة).

الآنية المصنوعة من الذهب المخلوط أو الفضة المخلوطة بمعدن آخر إن كان مقدار المعدن فيها أكثر من الذهب أو الفضة بحيث لا يقال: هذا اناء من ذهب أو فضة، فلا بأس باستعمالها و إلا ففيه إشكال.

لا بأس باستعمال رأس الغرشة و غمد السيف و السكين و محفظة القرآن إذا كانت مصنوعة من الذهب أو الفضة.

لا بأس ب- باستعمال الأواني المصنوعة من الذهب أو الفضة عند الاضطرار.

لا بأس ب- باستعمال الإناء الذي لا يدري هل هو مصنوع من الذهب أو الفضة أو من شي ء آخر؟.

الوضوء

[واجبات الوضوء]

اشارة

يجب في الوضوء غسل الوجه و اليدين و مسح مقدم الرأس و ظهر القدمين.

(غسل الوجه)

يجب غسل الوجه طولًا من قصاص الشعر (في أعلى الجبين) إلى نهاية الذقن، و عرضاً ما دارت عليه و احتوته الابهام و الاصبع الوسطى، و إن لم يغسل شيئاً من هذا القدر بطل وضوؤه.

إذا كان وجه شخص أو كفاه أكبر أو أصغر من المتعارف في خلقة عامة الناس، وجب عليه أن يلاحظ إلى أي مقدار يغسل الناس المتوسطو الخلقة وجوههم و أيديهم فيغسل مثلهم، و هكذا الحكم إذا كان شعر مقدم رأسه قد تجاوز حده الطبيعي و نزل إلى الجبهة (أي غطى مقداراً منها) أو كان بالعكس.

إذا كان يحتمل وجود وسخ أو أي شي ء آخر في حاجبيه أو أطراف عينيه شفتيه يمنع من وصول ماء الوضوء إلى البشرة، فإن كان احتمالًا مقبولًا عقلائياً، يلزم أن يفحص قبل الوضوء و يزيل المانع لو كان.

إذا ظهرت بشرة الوجه من وراء الشعر وجب إيصال الماء إليها، و أما إذا لم تظهر كفى غسل الشعر و لا يلزم إيصال الماء إلى تحته.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 28

لا يلزم غسل داخل الأنف و لا ما يختفى من الشفتين حين الاطباق و من الجفنين عند الإغماض.

يجب غسل الوجه و اليدين من الأعلى إلى الأسفل، و لو غسل من الأسفل إلى الأعلى بطل وضوؤه.

إذا بلل كفه و مسح بها على وجهه و يديه و كان مقدار بلل الكف بحيث يجري قليل من الماء على الوجه و اليدين عند مسحها، كفاه.

(غَسل اليدين)

بعد غسل الوجه يجب غسل اليد اليمنى ثمّ غسل اليد اليسرى من المرفق إلى رءوس الأصابع.

الغسلة الأولى للوجه و اليدين في الوضوء واجبة، و الثانية مستحبة و ما زاد عن ذلك حرام، أما أن أي الغسلات تكون هي الأولى أو الثانية فذلك

تابع لنية المتوضئ و قصده، فإذا صب الماء على وجهه بقصد الغسلة الأولى عشر مرات لم يكن فيه إشكال و اعتبر جميعها: الغسلة الأولى.

(مسح الرأس)

بعد غسل الوجه يجب مسح مقدم الرأس ببلل الوضوء المتبقى على الكف، و الأحوط- أن يمسح بالكف اليمنى من الأعلى إلى الأسفل.

الربع المقدم من الرأس (المواجه للجبهة) هو موضع المسح فيكفي مسح أي جزء من هذا الموضع و بأي مقدار كان و إن كان وجوب المسح بمقدار عرض اصبع أحوط، و الأحوط- استحباباً- أن يكون الطول قدر إصبع واحد و العرض قدر ثلاثة أصابع مضمومة.

لا يجب المسح على خصوص جلدة الرأس بل يصح المسح على شعر الرأس، و لكن لو كان شعر مقدم رأسه طويلًا جداً بحيث لو سرحه لاسترسل على الوجه أو سقط على جانب آخر فإنه يجب عليه أن يمسح على منبت الشعر أو يكشف عن مفرق الشعر و يمسح على جلدة الرأس.

(مسح القدمين)

بعد مسح الرأس يجب مسح ظهر القدمين بنفس رطوبة الوضوء المتبقية في الكفين، و ذلك من رءوس الأصابع إلى الكعبين (و هما قبتا القدمين) و الأحوط- استحباباً- المسح إلى المفصل.

يكفي في مقدار عرض المسح على القدمين مسمى المسح، و لكن الأحوط- استحباباً- أن يكون بمقدار ثلاثة أصابع مضمومة، و الأفضل مسح تمام ظاهر القدمين.

في مسح الرأس و ظهر القدمين يجب أن يمرر اليد على هذه المواضع، فإذا وضع كفه على الرأس أو قدميه و حرك رأسه أو قدميه، بدل أن يحرك يديه، أشكل وضوؤه و لكن لا بأس إذا تحرك الرأس أو القدمين قليلًا عند مسح اليد عليهما.

يجب أن يكون موضع المسح جافاً، و إذا كان رطباً، بحيث تؤثر رطوبته على رطوبة الكف كان ذلك خلاف الاحتياط، و لكن لا بأس إذا كانت الرطوبة قليلة جداً بحيث إذا شوهدت رطوبة فيها بعد المسح يقال: انها من رطوبة الكف.

إذا جفت الرطوبة

على الكف و لم يبق ما يمسح به من البلل لا يجوز أن يأخذ رطوبة من الخارج بل يجب أن يأخذها من مواضع الوضوء و يمسح بها.

إذ كان ظهر القدم نجساً و لا يمكنه تطهيره لأجل المسح عليه، يلزم أن يتيمم.

شرائط الوضوء

يشترط في صحة الوضوء ثلاثة عشر أمراً:

الشرط الأول: أن يكون ماء الوضوء طاهراً.

الشرط الثاني: أن يكون ماء الوضوء مطلقاً لا مضافاً.

الوضوء بالماء المضاف و النجس باطل و إن لم يعلم المتوضئ مضافيته أو نجاسته أو نسي ذلك، و إذا كان قد صلى بذلك الوضوء يجب إعادة ما صلاه مع وضوء صحيح.

الشرط الثالث: أن يكون الماء و الفضاء الذي يأتي فيه بالوضوء مباحاً.

الوضوء بالماء المغصوب باطل، و حرام، و هكذا لو سقط ماء الوضوء من الوجه و اليدين على أرض مغصوبة.

إذا نسى غصبية ماء و توضأ به صح وضوؤه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 29

الشرط الرابع: أن يكون اناء ماء الوضوء مباحاً.

الشرط الخامس: أن لا يكون اناء ماء الوضوء من الذهب أو الفضة.

إذا كان ماء الوضوء في اناء ذهبي أو فضي أو مغصوب و لم يكن عنده ماء آخر غيره يجب أن يتيمم، و لا يجوز له أن يتوضأ بماء تلك الأواني، و لو اغترف منها بكفه أو بواسطة شي ء آخر وصب على وجهه صح وضوؤه.

الشرط السادس: أن تكون أعضاء الوضوء حين الغسل و المسح طاهرة.

إذا تنجس أحد مواضع الغسل أو المسح بعد غسله أو مسحه و قبل إتمام الوضوء صح وضوؤه.

إذا توضأ و كان موضع من مواضع بدنه- غير أعضاء الوضوء- نجساً صح وضوؤه.

الشرط السابع:- أن يكفي الوقت للوضوء و الصلاة معاً.

إذا ضاق الوقت بحيث لو توضأ وقع تمام الصلاة أو بعضها خارج الوقت لزم

أن يتيمم، أما إذا كان زمان الوضوء بقدر زمان التيمم يجب حينئذٍ الوضوء.

الشرط الثامن: أن يتوضأ بنية القربة يعني امتثالًا لأمر الله تعالى، و لو توضأ للتبريد أو بقصد آخر بطل وضوؤه.

لا يلزم أن يتلفظ بنية الوضوء أو يمرها على قلبه، بل يكفي أن يكون في تمام الوضوء ملتفتاً إلى الوضوء بحيث لو سُئل عما يفعل، لقال: أتوضأ.

الشرط التاسع: أن يراعي الترتيب في أفعال الوضوء الذي ذكرناها، أي أن يبدأ بغسل الوجه، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليد اليسرى، ثمّ يمسح الرأس، ثمّ الرجلين، و لو لم يأت بالوضوء بهذا الترتيب يكون وضوؤه باطلًا.

الشرط العاشر: أن يوالي و يتابع بين أفعال الوضوء.

إذا فصل بين أفعال الوضوء مقداراً كثيراً بحيث عند ما يريد غسل أو مسح العضو التالي تكون قد جفت كل الأعضاء السابقة التي غسلت أو مسحت قبله بطل وضوؤه.

لا بأس في التمشي أثناء الوضوء، فإذا غسل وجهه و يديه ثمّ مشى بضعة أقدام و بعد ذلك مسح رأسه و قدميه صح وضوؤه.

الشرط الحادي عشر: أن يتوضأ بنفسه أي يغسل وجهه و يديه و يمسح مواضع المسح دون مساعدة من أحد فلو وضأه أحد أو ساعده في إيصال الماء إلى وجهه أو يديه أو مسح الرأس أو القدمين بطل وضوؤه.

من لا يمكنه الوضوء بنفسه يجب عليه أن يستنيب أحداً ليوضئه و لو بأجرة، فيلزم حينئذ دفع الأجرة لو تمكن، و لكن على المتوضئ أن ينوي هو نية الوضوء و أن يمسح هو بيده على مواضع المسح، و إذا لم يمكنه أن يتولى المسح بنفسه لزم أن يستنيب من يأخذ بيده و يمسح بها مواضع المسح و إذا لم يمكنه هذا أيضاً يجب أن يأخذ نائبه الرطوبة

من كف المتوضئ و يمسح بها مواضع مسحه.

الشرط الثاني عشر: أن لا يكون له مانع من استعمال الماء.

من يخاف أن يصاب بمرض لو توضأ، أو يخاف العطش لو ترك الشرب و توضأ به، يجب أن لا يتوضأ، أما إذا لم يعلم هل يضره استعمال الماء أم لا و توضأ، صح وضوؤه و إن علم فيما بعد أن الماء كان يضره.

الشرط الثالث عشر: أن لا يكون على مواضع الوضوء مانع من وصول الماء إلى البشرة.

لا بأس في الوسخ الذي يكون تحت الأظفار و لكن إذا قلم الأظفار يجب إزالة ذلك الوسخ، و هكذا لو كانت الأظفار أطول من المتعارف يجب إزالة الوسخ المتجمع تحتها.

إذا شك في وجود مانع على أعضاء وضوؤه، فإن كان احتماله عقلائياً في نظر العرف، مثلًا لو شك بعد استعمال الطين هل التصق شي ء من الطين على يده أم لا، وجب الفحص، أو حكه حتى يحصل اليقين بزواله- لو كان- فيتيقن بوصول الماء إلى تحته.

الموضع الذي يجب غسله في الوضوء أو مسحه مهما كان وسخاً ليس فيه إشكال ما لم يمنع الوسخ من وصول الماء إلى البدن.

إذا شك بعد الوضوء هل كان مانع على أعضاء وضوءه أم لا، صح وضوؤه.

أحكام الوضوء

اشارة

من يكثر شكه في أفعال الوضوء أو شرائطه، مثل طهارة الماء، أو إباحته و غصبيته، يجب أن لا يعتني بشكه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 30

إذا شك هل بطل وضوؤه أم لا، بنى على بقاء وضوئه، و لكن إذا لم يستبرى ء بعد البول ثمّ توضأ ثمّ رأى بعد الوضوء بللًا خارجاً منه لا يعلم هل هو بول أم شي ء آخر بطل وضوؤه.

من شك هل توضأ أم لا، يجب أن يتوضأ.

من يعلم أنه توضأ، و صدر منه حدث مبطل للوضوء كالبول، و لا يدري أيهما المتقدم، فإن كان قبل الصلاة وجب أن يتوضأ، و إن كان في أثناء الصلاة هدم صلاته و توضأ، و إن كان بعد الصلاة صحت صلاته التي صلاها، و لكنه يتوضأ للصلوات اللاحقة.

إذا شك بعد الصلاة هل توضأ قبلها أم لا صحت صلاته، و لكن يجب أن يتوضأ للصلوات اللاحقة.

إذا شك في أثناء الصلاة هل توضأ قبل الدخول في الصلاة أم لا، بطلت صلاته و يجب أن يتوضأ ثمّ يصلي.

من كان به داء السلس (أي لا ينقطع بوله بل يستمر النزول قطرة قطرة)، أو كان مبطوناً (أي لا يقدر على منع خروج الغائط منه) إذا علم أن علته تمهله- من أول وقت الفريضة إلى آخره- بمقدار الوضوء و الصلاة يجب أن يأتي بالصلاة في تلك الفترة، و إذا كانت المهلة المذكورة لا تتسع إلا للأعمال الواجبة من الصلاة يجب أن يأتي في تلك الفترة بالواجبات فقط و يترك المستحبات كالقنوت و الأذان و الإقامة.

المسلوس أو المبطون الذي لا يقدر على ضبط نفسه، إذا لم يمكنه اتيان شي ء من الصلاة مع الوضوء فالأحوط- وجوباً- أن يأتي لكل صلاة بوضوء واحد.

يجب على من يكون مصاباً بمرض لا يقدر على منع خروج الريح

منه أن يعمل حسب وظيفة المسلوس و المبطون.

المسلوس أو المبطون يجب أن يتوضأ لكل صلاة ثمّ يشتغل بالصلاة فوراً، و لكن لا يجب أن يتوضأ لإتيان السجدة المنسية أو التشهد المنسي و صلاة الاحتياط التي يجب اتيانها عقيب الصلاة- لو أتى بها عقيب الصلاة فوراً و دون تأخير-.

المسلوس (الذي يقطر منه البول باستمرار) يجب أن يتحفظ- في الصلاة- من تعدي البول إلى المواضع الأخرى من بدنه بوضع كيس فيه قطن، و الأحوط- وجوباً- هو أن يطهر الكيس الذي تنجس و كذا مخرج البول قبل كل صلاة و هكذا يلزم على المبطون أن يتحفظ من تعدي غائطه بمقدار الصلاة، إن أمكن، و الأحوط- وجوباً- أن يطهر المبطون مخرج الغائط لكل صلاة إن لم يكن في ذلك مشقة.

لا يجب على المسلوس أو المبطون أن يقضي الصلوات التي صلاها في حال مرضه، بعد الشفاء منه، إذا كان أتى بها حسب الوظيفة المقررة له.

الأمور التي يجب لها الوضوء

يجب الوضوء لخمسة أمور.

الأول: للصلوات الواجبة ما عدا صلاة الميت.

الثاني: للسجدة أو التشهد المنسيين إذا صدر منه حدث كالبول بينها و بين الصلاة. و لا يجب الوضوء لسجدة السهو، إلا أن الاتيان بالوضوء في هذا المورد- رجاءً- حسن.

الثالث: للطواف الواجب حول الكعبة المشرفة.

الرابع: إذا نذر أو أقسم أو عاهد الله أن يأتي بوضوء.

الخامس: إذا أراد أن يمس خط القرآن بموضع من بدنه و كذا. إذا أراد أن يطهر قرآناً متنجساً أو أراد إخراجه من بيت الخلاء و ما شابه، أما لو كان التأخير- إلى أن يتوضأ- اهانة للقرآن يجب أن يبادر إلى إخراج القرآن من بيت الخلاء و ما شابه دون أن يتوضأ.

يحرم مس خط القرآن بالبدن دون وضوء. و الأحوط- وجوباً- أن لا يمس

خط القرآن بشعره أيضاً، إلا أن يكون الشعر طويلًا، و لكن لا إشكال في مس ترجمة القرآن بالفارسية أو غيرها من اللغات.

لا يجب منع الطفل أو المجنون من مس خط القرآن و لكن إذا كان مسهم إهانة للقرآن وجب منعهم.

يحرم مس اسم الله تعالى بأي لغة كان دون وضوء، و الأحوط- وجوباً- أن لا يمس غير المتوضئ اسم النبي الأكرم، و الإمام المعصوم، و اسم فاطمة الزهراء عليهم سلام الله أجمعين.

إذا توضأ أو اغتسل- قبل حلول وقت الصلاة- بنية أن يكون على طهر، صح وضوؤه و غسله و يجوز ان يصلي به، و هكذا لا إشكال إذا توضأ قبيل وقت الصلاة- لو فعل ذلك بقصد التهيؤ للصلاة-.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 31

يستحب الوضوء لصلاة الميت، و زيارة أهل القبور، و دخول المساجد، و مشاهد الأئمة الطاهرين، و هكذا لحمل القرآن و قراءته و كتابته و لمس حواشيه، و النوم.

و لو توضأ لشي ء من هذه الأمور المذكورة يجوز له أن يأتي بكل ما يعتبر فيه الوضوء كالصلاة.

مبطلات الوضوء

الأمور التي تبطل الوضوء سبعة:

الأول: البول.

الثاني: الغائط.

الثالث: الريح الخارج من مخرج الغائط إذا كان من المعدة و الامعاء.

الرابع: النوم إذا غلب على السمع و البصر بحيث لا تسمع الاذن و لا ترى العين، أما إذا سمعت الاذن و رأت العين فلا يبطل الوضوء.

الخامس: كل ما يزيل العقل، من سكر أو جنون أو إغماء.

السادس: الاستحاضة- التي يأتي بيانها مفصلًا-.

السابع: كل ما أوجب الغسل كالجنابة.

أحكام وضوء الجبيرة

الجبيرة هي ما يشد به الجرح و الكسر و يوضع عليهما و هو ما يسمى بالضماد.

إذا كان في موضع من مواضع الوضوء جرح أو دمل أو كسر و كان مكشوفاً، و كان يضره صب الماء عليه و لكن لا يضره إمرار اليد المبللة عليه فالأحوط- وجوباً- إمرار اليد المبللة عليه، و إذا كان هذا يضره أيضاً أو كان الجرح نجساً و لا يمكن تطهيره لزم غسل ما حول الجرح من الأعلى إلى الأسفل، و الأحوط وجوباً أن يضع قماشة طاهرة على الجرح و يمسح عليها باليد المبللة، و إذا لم يمكن وضع القماشة الطاهرة يلزم غسل ما حول الجرح، ثمّ يتيمم أيضاً- على الأحوط استحباباً-.

إذا كان الجرح أو الدمل أو الكسر في مقدم الرأس أو ظهر القدمين و كان مكشوفاً، فإن لم يمكن المسح عليه وجب أن يضع عليه خرقة طاهرة و يمسح عليها ببلل الوضوء المتبقي في الكف، و إذا لم يمكن وضع الخرقة عليه لا يلزم المسح و لكن يجب أن يتيمم بعد الوضوء- احتياطاً-.

إذا غطت الجبيرة تمام الوجه أو تمام أحد اليدين أو تمامهما وجب أن يتوضأ بوضوء الجبيرة و يتيمم أيضاً على الأحوط- وجوباً-.

إذا استوعبت الجبيرة مقداراً أكثر مما هو متعارف من أطراف الجرح، و كان نزع الزائد

متعذراً وجب أن يعمل حسب وظيفة الوضوء الجبيري، و أن يتيمم على الأحوط- وجوباً-، و إذا كان رفع الجبيرة و نزعها ممكناً وجب رفعها، فإن كان الجرح في الوجه و اليدين غسل ما حوله، و إذا كان في مقدم الرأس أو ظهر القدمين مسح أطرافه، و يعمل بحكم الجبيرة في موضع الجرح.

إذا لم يكن في مواضع الوضوء جرح أو دمل أو كسر و لكن كان الماء يضرها من جهة أخرى وجب التيمم.

إذا كان شي ء لاصقاً ببعض مواضع الوضوء، و كان نزعه متعذراً، إذ كان يستلزم مشقة لا تتحمل عادة، يلزم أن يعمل حسب كيفية الوضوء الجبيري.

[الغسل]

الغسل الجبيري مثل الوضوء الجبيري.

من كانت وظيفته التيمم إذا كان في بعض مواضع تيممه جرح أو دمل أو كسر، يجب أن يتيمم بالتيمم الجبيري أي حسب كيفية الوضوء الجبيري.

من لا يدري هل وظيفته التيمم أم الوضوء الجبيري، يلزم أن يأتي بالاثنين على الأحوط- وجوباً-.

الأغسال الواجبة

الأغسال الواجبة سبعة:

الأول: غسل الجنابة.

الثاني: غسل الحيض.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 32

الثالث: غسل النفاس.

الرابع: غسل الاستحاضة.

الخامس: غسل مس الميت.

السادس: غسل الميت.

السابع: الأغسال التي وجبت بسبب النذر و العهد و ما أشبه.

أحكام الجنابة

تتحقق الجنابة بسبب أمرين:
الأول: الجماع.
الثاني: خروج المني

، سواء في النوم أو اليقظة، قليلًا أو كثيراً، بشهوة أو لا بشهوة، بالاختيار أو لا بالاختيار.

إذا خرجت من الإنسان رطوبة و لا يعلم أ هي مني أم بول أم غيرهما، فإن خرجت بشهوة و دفق و ارتخى البدن بعد خروجها كانت محكومة بحكم المني، و إن لم يكن فيها أي شي ء من هذه العلامات الثلاث كلها أو بعضها لم يكن لها حكم المني، و لكن بالنسبة إلى المريض لا يلزم أن يكون خروج ذلك الماء مصحوباً بالدفق بل إذا خرج بشهوة و ارتخى البدن عند خروجه كان في حكم المني، و إن لم يكن دفق.

يستحب التبول بعد خروج المني، و لو لم يبل و خرجت منه بعد الغسل رطوبة- لا يعلم أ هي مني أم رطوبة أخرى- كان لها حكم المني.

إذا جامع الرجل و أدخل بمقدار الحشفة أو أكثر، سواء كان المدخول به امرأة أو رجلًا، في القبل أم في الدبر، بالغاً كان أم غير بالغ، خرج المني أو لم يخرج المني، وجب الغسل.

إذا شك هل دخل بمقدار الحشفة أم لا، لا يجب عليه الغسل.

إذا تحرك المني من مكانه و لم يخرج، أو شك هل خرج منه المني أم لا، لا يجب عليه الغسل.

من لا يمكنه الغسل و لكن يمكنه التيمم، يجوز أن يجامع زوجته و لو بعد دخول وقت الصلاة.

إذا رأى في ثيابه منيّاً و علم أنه منه و أنه لم يغتسل له يجب عليه الغسل و يجب عليه قضاء جميع الصلوات

التي يتيقن أنه صلاها بعد خروج ذلك المني.

الأمور التي تحرم على الجنب

تحرم على الجنب خمسة أمور:

الأول: إيصال شي ء من البدن إلى كتابة القرآن الكريم، أو اسم الله تعالى، أما أسماء الأنبياء و الأئمة الطاهرين فالأحوط- وجوباً- أن لا يمسها أيضاً.

الثاني: دخول المسجد الحرام و مسجد النبي و حتى المرور فيها.

الثالث: التوقف و اللبث في المساجد الأخرى، و هكذا مشاهد الأئمة الطاهرين و لا بأس بالمرور فيها (أي الدخول من باب و الخروج من باب آخر) و كذا الدخول فيها لأخذ شي ء منها.

الرابع: الدخول في المسجد بقصد وضع شي ء فيها، بل الأحوط- وجوباً- حرمة وضع شي ء فيها حتى و لو تم ذلك بدون الدخول فيها.

الخامس: قراءة سور العزائم (و هي السور القرآنية التي تحتوي على السجدات الواجبة) و هي أربع:

1- السورة الثانية و الثلاثون (الم تنزيل).

2- السورة الواحدة و الأربعون (حم السجدة).

3- السورة الثالثة و الخمسون (النجم).

4- السورة السادسة و التسعون (العلق).

و يحرم على الجنب حتى قراءة حرف واحد من هذه السور الأربع- على الأحوط-.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 33

غسل الجنابة
اشارة

غسل الجنابة مستحب في نفسه، واجب للصلاة الواجبة و ما شابهها، و لكن لا يلزم الاغتسال من الجنابة لصلاة الميت و سجدة الشكر و سجدات القرآن الواجبة، و إن كان الأحوط- استحباباً- الاغتسال لصلاة الميت.

لا يلزم- حين الغسل- أن ينوي الوجوب أو الاستحباب، بل يكفي أن ينوي القربة (أي التقرب بالغسل إلى الله تعالى، و امتثال الأمر الإلهي).

ينقسم الغسل- واجباً أو مستحباً- إلى قسمين:

1- ترتيبي.

2- ارتماسي.

الغسل الترتيبي

في الغسل الترتيبي يجب غسل الرأس و الرقبة أولًا، ثمّ غسل الجانب الأيمن، ثمّ غسل الجانب الأيسر بنية الغسل، و إذا أخل بهذا الترتيب نسياناً أو لجهله بالمسألة بطل غسله.

يجب غسل نصف السرة و نصف العورة مع الجانب الأيمن من البدن، و النصف الآخر مع الجانب الأيسر، بل الأفضل أن يغسل تمام السرة و تمام العورة مع غسل كل جانب من الجانبين.

إذا علم- بعد الغسل- أنه لم يغسل موضعاً من البدن، فإن كان هذا الموضع غير المغسول في الجانب الأيسر يكفي غسله، و إن كان في الجانب الأيمن يلزم بعد غسله أن يعيد غسل الجانب الأيسر، و إن كان الرأس و الرقبة يلزم أن يغسل ذلك الموضع ثمّ يغسل الجانب الأيمن ثمّ الجانب الأيسر مرة أخرى.

الغسل الارتماسي

في الغسل الارتماسي يجب أن يستوعب الماء تمام البدن في آن واحد عرفاً، فإذا ارتمس بنية الغسل الارتماسي يجب أن يرفع قدميه من الأرض إن كانتا عليها.

إذا- علم بعد الغسل الارتماسي- بعدم وصول الماء إلى بعض مواضع بدنه، سواء علم ذلك المكان أم لم يعلم، وجب إعادة الغسل.

أحكام الغسل

في الغسل الارتماسي يجب أن يكون جميع البدن طاهراً، و لكن في الغسل الترتيبي لا يلزم طهارة جميع البدن، فإذا كان كل البدن نجساً ثمّ طهر كل قسم منه قبل غسله كفى.

إذا بقي و لو بمقدار رأس شعرة من البدن، غير مغسول في غسل الجنابة يبطل الغسل، و لكن لا يجب غسل المواضع غير المرئية من البدن مثل باطن الأذن و الأنف.

يجب إزالة كل ما يمنع من وصول الماء إلى البدن.

في الغسل يلزم غسل الشعيرات القصيرة التي تحتسب جزءاً من البدن، و لا يجب غسل الشعر الطويل، بل إذا تمكن من إيصال الماء إلى البشرة دون بل الشعر صح الغسل، و لكن إذا لم يمكن إيصال الماء إلى البشرة دون غسل الشعر وجب غسله ليصل الماء إلى البشرة.

جميع الشروط التي تعتبر في صحة الوضوء، مثل طهارة الماء و إباحته، تعتبر في صحة الغسل، و لكن في الغسل لا يلزم الغسل من الأعلى إلى الأسفل، و هكذا لا يلزم في الغسل الترتيبي غسل القسم اللاحق بعد غسل القسم السابق فوراً و دون تأخير، بل يمكنه أن يصبر بعد غسل الرأس و الرقبة ثمّ يغسل الطرف الأيمن، و بعد مدة يغسل الطرف الأيسر.

إذا أراد أن يدفع أجرة الحمامي من المال الحرام أو غير المخمس بطل غسله إلا أن يكون الحمامي راضياً بعدم أخذ المقابل- بعضاً أو كلًا- على الغسل.

إذا

شك في أنه هل اغتسل أم لا وجب أن يغتسل، و لكن إذا شك- بعد الاغتسال- في أنه هل وقع غسله صحيحاً أم لا، لم يلزم إعادة الغسل.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 34

إذا صدر منه حدث أصغر في أثناء الغسل- كما لو بال مثلًا يكمّل الغسل ثمّ يتوضأ أيضاً، و الأحوط استحباباً إعادة الغسل من جديد بنية ما عليه واقعاً.

إذا شك من صار جنباً في أنه هل اغتسل أم لا، صحت صلاته التي صلاها، و لكن عليه أن يغتسل للصلوات الآتية.

من وجبت عليه عدة أغسال، يجوز له أن يأتي بغسل واحد بنية الجميع، أو أن يأتي بكل غسل على حدة.

من اغتسل للجنابة لا يتوضأ للصلاة، و لكن في الأغسال الأخرى يلزم أن يتوضأ أيضاً.

الاستحاضة

اشارة

دم الاستحاضة هو أحد الدماء التي تخرج من المرأة، و تسمى المرأة التي يخرج منها هذا الدم: «مستحاضة».

دم الاستحاضة- في الأغلب- أصفر بارد، يخرج دون قوة و حرقة، و ليس بغليظ، و لكن يمكن أن يكون- أحياناً- أسود أو أحمر، و حاراً و غليظاً، و يخرج بقوة و حرقة.

الاستحاضة على ثلاثة أقسام:

قليلة، و متوسطة، و كثيرة:

1- القليلة: أن يطوق الدم القطنة التي تضعها المرأة في فرجها، و لا يغوص فيها.

2- المتوسطة: أن ينفذ الدم في باطن القطنة و لكن لا يتعداها إلى القماشة التي تشدها المرأة فوق القطنة- عادة- لتحفظ من انتشار الدم على جسمها.

3- الكثيرة: أن ينغمس الدم في القطنة، و يتعداها إلى الخارج، و يصل إلى القماشة المشدودة فوق القطنة.

أحكام الاستحاضة

في الاستحاضة القليلة يجب أن تتوضأ المرأة لكل صلاة، و تغير القطنة، و تطهر ظاهر الفرج إن وصل الدم إليه.

في الاستحاضة المتوسطة يجب أن تغتسل المرأة لصلاة الصبح، و إلى حلول الصباح من اليوم القادم تفعل كل ما تفعله المستحاضة القليلة و الذي ذكرناه في المسألة السابقة (من الوضوء لكل صلاة، و تغيير القطنة، و تطهير الفرج).

في الاستحاضة الكثيرة يجب عليها- مضافاً إلى وظائف المتوسطة (من الغسل لصلاة الصبح، و الوضوء و تغيير القطنة و تطهير ظاهر الفرج عند كل صلاة) أن تغير المنديل (التي تشده النساء- عادة- فوق القطنة) أيضاً أو تطهره، و أن تغتسل غسلًا آخر لصلاة الظهر و العصر، و غسلًا ثالثاً لصلاة المغرب و العشاء، و لا تفصل بين الظهر و العصر و لا بين المغرب و العشاء، و لو فصلت بين كل من الصلاتين يجب عليها أن تغتسل غسلًا آخر لصلاة العصر إن فصلت بين الظهر و العصر،

و غسلًا خامساً لصلاة العشاء إن فصلت بين المغرب و العشاء.

المستحاضة المتوسطة و الكثيرة التي يجب عليها الوضوء و الغسل لو قدمت أيهما صح.

إذا صارت المستحاضة القليلة- بعد صلاة الصبح- متوسطة يجب أن تغتسل لصلاة الظهر و العصر، و لو صارت المتوسطة- بعد صلاتي الظهر و العصر- كثيرة يجب أن تغتسل لصلاتي المغرب و العشاء.

إذا صارت المستحاضة القليلة أو المتوسطة- بعد صلاة الصبح- كثيرة يجب أن تأتي بغسل لصلاتي الظهر و العصر، و غسل آخر لصلاتي المغرب و العشاء.

إذا اغتسلت المتوسطة أو الكثيرة لصلاة الصبح قبل دخول الوقت بطل غسلها، و لكن لا بأس إذا اغتسلت لصلاة الليل قبيل أذان الفجر و صلّت صلاة الليل ثمّ بعد دخول الوقت بادرت إلى إتيان صلاة الصبح.

المرأة المستحاضة يجب أن تتوضأ لكل صلاة، مستحبة كانت أم واجبة، و هكذا إذا أرادت أن تعيد الصلاة احتياطاً، أو إذا أرادت أن تعيد ما صلته فرادى جماعة، يلزم أن تفعل كل الأفعال التي ذكرناها للمستحاضة، و لكن لا يلزم أن تأتي بوظائف المستحاضة التي ذكرناها لصلاة الاحتياط و السجدة المنسية و التشهد المنسي، و سجدة السهو، إذا أتت بهذه الأشياء بعد الصلاة مباشرة و دون تأخير.

يلزم على المستحاضة بعد أن ينقطع دمها أن تعمل لأول صلاة تريد أن تصليها، بوظائف المستحاضة، و لا يلزم أن تفعل ذلك للصلوات اللاحقة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 35

المستحاضة إذا لا تقدر أن تختبر حالها، يلزم أن تعمل بما هو وظيفتها يقيناً، مثلًا إذا لا تعلم هل استحاضتها قليلة أو متوسطة يلزم أن تعمل بوظائف القليلة، و إذا لا تعلم هل هي متوسطة أو كثيرة يلزم أن تعمل بوظائف المتوسطة، و لكن إذا كانت تعلم سابقاً

أنها من أي صنف من هذه الأصناف الثلاثة يجب أن تعمل بوظائف ذلك الصنف.

إذا بقي دم الاستحاضة في الباطن و لم يخرج لا يبطل الغسل و لا الوضوء، و إذا خرج الدم أبطل وضوئها و غسلها.

المرأة المستحاضة إذا اختبرت حالها بعد الصلاة فلم تر دماً يجوز لها أن تصلي بنفس الوضوء الذي هي عليه.

عند ما تطهر المستحاضة الكثيرة و المتوسطة من الدم تماماً يجب أن تغتسل، و لكن إذا علمت بعدم خروج الدم بعد الغسل للصلاة السابقة لا يلزم أن تعيد الغسل.

يجب على المستحاضة القليلة- بعد الوضوء-، و على المستحاضة المتوسطة و الكثيرة- بعد الوضوء و الغسل- أن تشتغل بالصلاة فوراً و بلا تأخير، و لكن لا بأس بالإتيان بالأذان و الإقامة و قراءة الأدعية قبل الصلاة، كما يجوز لها أن تأتي بالمستحبات مثل القنوت و غيرها في الصلاة.

المستحاضة إذا فصلت بين الغسل و الصلاة و خرج منها الدم، يلزم عليها أن تعيد الغسل و تشتغل بالصلاة بلا فاصلة و تأخير.

إذا لم ينقطع الدم حين الغسل صح الغسل، و لكن إذا صارت الاستحاضة المتوسطة في أثناء الغسل كثيرة، لزمها أن تستأنف الغسل من جديد.

إنما يصح صوم المستحاضة التي يجب عليها الغسل، إذا اغتسلت لصلاة المغرب و العشاء من الليلة التي تريد صوم يومها، و هكذا تأتي بالأغسال النهارية الواجبة للصلوات في ذلك اليوم.

و لكن إذا لم تغتسل لصلاتي المغرب و العشاء، و اغتسلت لصلاة الليل قبل أذان الفجر، و أتت أيضاً بالأغسال النهارية لصلواتها صح صومها.

إذا استحاضت بعد صلاة العصر و لم تغتسل إلى الغروب صح صومها.

إذا صارت المتوسطة كثيرة في أثناء الصلاة فالأحوط قطع الصلاة و الاغتسال و الوضوء و الاتيان بكل الأعمال الأخرى

الواجبة للكثيرة و تأتي بتلك الصلاة، و إذا لم يتسع الوقت لا للوضوء و لا للغسل يجب عليها أن تأتي بتيممين، واحد بدل الغسل و الآخر بدل الوضوء، و إذا لم يتسع الوقت لواحد من العملين (أي الغسل أو الوضوء) يجب عليها أن تأتي بتيمم بدله و تأتي بالآخر نفسه و إذا لم يتسع الوقت حتى للتيمم أيضاً لا يجوز لها أن تقطع الصلاة، بل تتمها، ثمّ تقضيها على الأحوط- استحباباً-، و هكذا الحكم إذا صارت القليلة متوسطة أو كثيرة في أثناء الصلاة.

إذا تركت المستحاضة إحدى الوظائف الواجبة عليها، حتى لو كان تغيير القطنة- مثلًا- بطلت صلاتها.

إذا أتت المستحاضة بالأغسال الواجبة عليها، حل لها دخول المساجد، و التوقف فيها، و قراءة سور العزائم (التي فيها سجدات واجبة) و مقاربة زوجها، و إن لم تأت بالأعمال الأخرى التي يجب عليها للصلاة مثل تغيير القطنة و المنديل (الذي تشده على القطنة).

إذا أرادت المستحاضة الكثيرة أو المتوسطة أن تقرأ- قبل وقت الصلاة- سورة فيها سجدة واجبة، أو أرادت دخول مسجد فالأحوط- وجوباً- أن تغتسل، و هكذا إذا أراد زوجها مجامعتها، و لكن إذ أرادت أن تمس القرآن بموضع من بدنها يجب عليها أن تتوضأ أيضاً.

تجب صلاة الآيات على المستحاضة و يجب عليها أن تعمل لصلاة الآيات كل ما يجب عمله للصلوات اليومية.

إذا أرادت المستحاضة أن تقضي صلواتها الفائتة يجب أن تعمل لكل صلاة منها كل الأعمال التي يجب عليها للصلاة الادائية.

إذا علمت أن الدم الخارج منها ليس دم جرح أو قرح و لم يكن محكوماً بحكم الحيض أو النفاس شرعاً، يجب أن تعمل حسب وظائف المستحاضة، بل إذا شكت هل هو دم الاستحاضة أم من الدماء الأخرى فإن

لم تكن فيه علامات الدماء الأخرى يلزم عليها أن تعمل بوظائف المستحاضة على الأحوط- وجوباً-.

الحيض

اشارة

دم الحيض هو الدم الذي يخرج من رحم المرأة في كل شهر عدة أيام- غالباً- و تسمى المرأة في تلك الحالة: حائضاً.

دم الحيض- في أغلب الأوقات- حار غليظ، أسود أو أحمر، يخرج بقوة و شي ء من الحرقة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 36

القرشيات يصلن إلى سن اليأس في تمام الستين من عمرهن، فلا ترين دم الحيض بعد ذلك، و أما غير القرشيات فبعد تمام الخمسين.

الدم الذي تراه البنت قبل تمام التاسعة أو تراه المرأة بعد سن اليأس ليس بحيض.

يمكن أن تحيض المرأة الحامل و المرضعة.

المرأة التي تشك في أنها هل صارت يائسة أم لا، إذا رأت دماً لا تعلم أنه حيض أم لا، يجب أن تبني على أنها لم تصر يائسة.

لا تقل مدة الحيض عن ثلاثة أيام، و لا تزيد على عشرة أيام، فلو رأت أقل من ثلاثة أيام و لو بقليل لم يكن حيضاً.

الأحوط أن تكون الأيام الثلاثة من الحيض متوالية، فإذا رأت الدم يومين ثمّ طهرت يوماً ثمّ رأت الدم يوماً ثالثاً لا ينبغي لها ترك الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة.

لا يلزم أن يخرج الدم في كل الأيام الثلاثة ليتحقق الحيض، بل يكفي إذا كان الدم في الفرج، و لو طهرت في أثناء الأيام الثلاثة مدة يسيرة و كانت هذه المدة قليلة جداً بحيث يقال: كان في فرجها- في الأيام الثلاثة- دم، كان حيضاً.

لا يلزم- في تحقيق الحيض- أن ترى الدم في الليلة الأولى و الليلة الرابعة للأيام الثلاثة، و لكن يلزم أن لا ينقطع الدم في الليلة الثانية و الثالثة، فإذا رأت الدم من أذان الصبح لليوم الأول إلى غروب اليوم الثالث بالتوالي و دون انقطاع، أو شرع الدم من وسط اليوم الأول و انقطع

في نفس الوقت من اليوم الرابع و لم ينقطع في الليلة الثانية و الثالثة و الرابعة، كان حيضاً.

إذا رأت الدم ثلاثة أيام متواليات ثمّ طهرت، فإن رأت الدم بعد ذلك و لم يكن مجموع الأيام التي رأت فيها الدم و أيام الطهر التي تخللت ذلك أزيد من عشرة أيام كان الجميع حيضاً.

إذا رأت دماً و شكت في أنه هل هو دم حيض أم دم استحاضة، وجب أن تجعله حيضاً إن كان فيه شروط الحيض.

إذا رأت الدم أقل من ثلاثة أيام و طهرت ثمّ رأته ثلاثة أيام أخرى كان الدم الثاني حيضاً، و الدم الأول ليس بحيض و إن كان في أيام عادتها.

أحكام الحيض

يحرم على الحائض عدة أمور:

الأول: العبادات التي تتوقف على الوضوء أو الغسل أو التيمم، و لكن العبادات التي لا تحتاج إلى الوضوء أو الغسل أو التيمم. كصلاة الميت فلا مانع من إتيانها في حالة الحيض.

الثاني: كل الأمور التي تحرم على الجنب و التي ذكرت في باب أحكام الجنابة في المسألة 215.

الثالث: الجماع في الفرج، و هو حرام على الرجل و المرأة و لو بمقدار دخول الحشفة فقط و لو دون أن ينزل المني، بل الأحوط- وجوباً- أن لا يدخل حتى أقل من الحشفة أيضاً، و أن لا يطأ المرأة الحائض في دبرها، و لكن لا بأس في سائر الاستمتاعات كالتقبيل و الملاعبة و ما شابه.

لو قسمت أيام حيض المرأة إلى ثلاثة أقسام، فلو جامعها زوجها- و هي حائض- في قبلها في القسم الأول من أيام حيضها وجب عليه- على الأحوط- دفع دينار (و هو ما يعادل 18 حمصة ذهباً) و ذلك كفارة يتصدق بها على الفقير، و لو جامعها في القسم الثاني يجب

عليه دفع نصف دينار، و لو جامعها في القسم الثالث يجب عليه دفع ربع دينار.

فالمرأة التي تحيض ستة أيام- مثلًا- لو جامعها زوجها في الليلة الأولى أو اليوم الأول أو اليوم الثاني لزمته كفارة دينار، و لو جامعها في الليلة الثالثة أو اليوم الثالث أو اليوم الرابع لزمته كفارة نصف دينار، و إذا جامعها في الليلة الرابعة أو اليوم الخامس أو السادس لزمته كفارة ربع دينار.

يجب على الزوج دفع الكفارة المذكورة إذا علم أن زوجته حائض و جامعها مع ذلك، و أما إذا جامعها و هو لا يعلم أنها حائض لا تلزمه الكفارة.

من لا يتمكن من دفع الكفارة المذكورة يجب أن يستغفر، إن لم يكن متمكناً حين تعلق الكفارة بذمته و يكفيه الاستغفار، أما لو كان متمكناً و لكنه عجز عن دفع الكفارة فيما بعد يجب عليه دفعها حينما يتمكن.

طلاق المرأة في حال حيضها- كما سيأتي في كتاب الطلاق- باطل.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 37

إذا قالت المرأة: أنا حائض، أو قالت: طهرت من الحيض، يقبل قولها، إذ لم يعلم بكذبها.

إذا حاضت المرأة في أثناء الصلاة بطلت صلاتها.

بعد أن تنقى المرأة من دم الحيض يجب عليها أن تغتسل للصلاة و لعباداتها الأخرى، مما يشترط فيه الوضوء أو الغسل أو التيمم، و غسل الحيض مثل غسل الجنابة، و لكنها إذا أرادت أن تصلي يجب أن تتوضأ، قبل الغسل أو بعده.

إذا لم يكف الماء للوضوء و الغسل معاً، بل كان يكفي إما للغسل و إما للوضوء، يجب عليها أن تغتسل و تتيمم بدل الوضوء- على الأحوط وجوباً- و إذا كان لديها من الماء ما يكفي للوضوء، و لا يكفي للغسل يجب عليها أن تتوضأ، و تتيمم بدل الغسل،

و إذا لم يكن عندها ماء أصلًا يجب أن تتيمم مرتين أحدهما بدل الغسل و الآخر بدل الوضوء.

لا تقضي الحائض ما فاتها من الصلوات اليومية حال حيضها، و لكن يجب قضاء ما فاتها من الصوم الواجب في تلك الحال.

إذا دخل وقت الصلاة و علمت أنها لو أخرت الصلاة حاضت، يجب عليها أن تأتي بالصلاة فوراً.

لو أخرت المرأة غير الحائض الصلاة، و مضى من أول الوقت بمقدار الصلاة ثمّ حاضت، يجب عليها قضاء تلك الصلاة.

إذا طهرت المرأة الحائض في آخر وقت الصلاة، و اتسع الوقت بمقدار اتيان الغسل و الوضوء و تهيئة المقدمات الأخرى للصلاة مثل تهيئة اللباس، أو تطهيره، و إتيان ركعة واحدة من الصلاة أو أكثر من ركعة، يجب عليها أن تصلي، و لو لم تصل يجب عليها أن تقضيها.

إذا لم يكن للمرأة الحائض وقت بمقدار الغسل و الوضوء، و لكن أمكن اتيان الصلاة مع التيمم داخل الوقت تجب عليها تلك الصلاة، و كذا إذا كانت وظيفتها التيمم- بغض النظر عن ضيق الوقت- كما لو كان استعمال الماء يضرها- مثلًا- فإنه يجب أن تتيمم، و تأتي بتلك الصلاة.

يكره للحائض قراءة القرآن الكريم و اصطحابه و حمله و مس ما بين سطوره ببدنها، و هكذا يكره لها أن تختضب بالحناء و ما شابه.

أقسام الحائض
اشارة

النساء الحوائض على ستة أقسام:

الأول: ذات العادة الوقتية و العددية، و هي التي ترى دم الحيض في شهرين متتابعين في وقت واحد، و يكون عدد أيام حيضها في كل من الشهرين متساوياً، مثل أن ترى الدم في شهرين متواليين من أول الشهر إلى السابع منه.

الثاني: ذات العادة الوقتية، و هي التي ترى دم الحيض في شهرين متتابعين في وقت معين، و لكن

يختلف عدد ما ترى في الشهر الأول عن الشهر الثاني، مثل أن ترى الدم في الشهر الأول من أول الشهر، و تطهر في السابع منه، و ترى في الشهر الثاني من أول الشهر، و تطهر في الثامن منه.

الثالث: ذات العادة العددية، و هي التي يتساوى عدد أيام حيضها في الشهرين المتتابعين، و لكن لا يكون وقت رؤية الدم في الشهرين واحداً، مثلًا ترى الدم في الشهر الأول من اليوم الخامس إلى العاشر، و ترى في الشهر الثاني من اليوم الثاني عشر إلى السابع عشر.

الرابع: المضطربة، و هي التي رأت الدم في عدة اشهر، و لكن لم تكن عادتها معينة لا من حيث الوقت، و لا من حيث عدد الأيام، أو كان لها عادة منتظمة و لكن اضطربت هذه العادة و لم تستقر لها عادة جديدة.

الخامس: المبتدئة، هي المرأة التي ترى الدم لأول مرة.

السادس: الناسية، و هي التي كانت ذات عادة (وقتية أو عددية أو كليهما) و لكنها نسيت عادتها.

و لكل واحد من هذه الأقسام الستة أحكام نذكرها في المسائل التالية:

1- ذات العادة الوقتية و العددية

ذوات العادة الوقتية و العددية على ثلاثة أصناف:

الأول: المرأة التي ترى دم الحيض في شهرين متتابعين في وقت معين، و تطهر في وقت معين أيضاً، مثل أن ترى الدم في شهرين متتابعين من أول الشهر و تطهر في اليوم السابع، فيكون عادتها من أول الشهر إلى اليوم السابع.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 38

الثاني: المرأة التي لا تطهر من الدم، و لكنها ترى في شهرين متتابعين- و في أيام معينة- دماً يتصف بصفات دم الحيض أي يكون غليظاً أسود و حاراً يخرج بقوة و حرقة، و لكن الدم الذي تره في غير هذه الأيام المعينة يتصف

بصفات دم الاستحاضة، كأن ترى الدم المتصف بصفات الحيض من أول الشهر إلى الثامن منه في كلا الشهرين، فهذه عادتها تكون من أول الشهر إلى ثامنه.

الثالث: المرأة التي ترى دم الحيض في شهرين متواليين في وقت معين و بعد أن يستمر دمها ثلاثة أيام أو أكثر تطهر يوماً واحداً أو أكثر، ثمّ ترى الدم مرة أخرى و لا يزيد مجموع الأيام التي ترى فيها الدم مع أيام الطهر المتخللة عن عشرة أيام و يكون أيام الدم و أيام النقاء التي تخللت الدمين في كلا الشهرين متساوياً، فهذه يكون عادتها مجموع الأيام التي ترى فيها الدم و أيام النقاء المتخللة، و لا يلزم أن تكون أيام النقاء التي تتخلل أيام الدم متساوية في الشهرين، فمثلًا إذا رأت الدم- في الشهر الأول- من أوله إلى ثالثه ثمّ طهرت ثلاثة أيام ثمّ رأت الدم مرة أخرى ثلاثة أيام، و في الشهر الثاني رأت الدم من أوله إلى ثالثه ثمّ طهرت ثلاثة أيام أو أكثر أو أقل ثمّ رأت الدم مرة أخرى و لم يزد مجموع أيام الدم و النقاء المتخلل عن تسعة أيام في كل من الشهرين، فإن عادة هذه المرأة تسعة أيام.

المرأة ذات العادة الوقتية و العددية إذا رأت الدم قبل العادة أو بعدها بيومين أو بثلاثة، بحيث يقال تقدم حيضها أو تأخر يجب عليها أن تعمل بأحكام الحائض، و إن لم يكن ذلك الدم بصفة الحيض، و إذا علمت بعد بأن ذلك لم يكن حيضاً كما لو طهرت قبل ثلاثة أيام، يجب عليها أن تقضي ما فاتها من العبادات.

المرأة ذات العادة الوقتية و العددية:

1- إن رأت الدم قبل عادتها بأيام و استمر الدم في أيام عادتها

و بعدها بأيام أخر و لم يتجاوز المجموع عشرة أيام، كان الجميع حيضاً.

2- و إن تجاوز عشرة أيام كان الدم الذي رأته في أيام عادتها فقط حيضاً، و الدم الذي رأته قبل العادة و بعدها استحاضة، و يجب عليها أن تقضي ما فاتها من العبادات في الأيام التي سبقت العادة و التي لحقتها.

ذات العادة الوقتية و العددية إذا لم تر الدم في وقت عادتها و رأته في غير ذلك الوقت بمقدار عادتها يجب أن تجعل الأيام التي رأت فيها الدم حيضاً سواء قبل العادة أو بعدها.

2- ذات العادة الوقتية

ذوات العادة الوقتية ثلاثة أصناف:

الأول: المرأة التي ترى دم الحيض في شهرين متتابعين في وقت واحد معين ثمّ تطهر بعد عدة أيام، و لكن عدد الأيام في كل من الشهرين غير متساو، فمثلًا ترى الدم في شهرين متواليين من أول الشهر، و لكن في الشهر الأول يستمر الدم إلى سابعه و في الشهر الثاني يستمر الدم إلى ثامنه فهذه تجعل مبدأ عادتها من أول الشهر.

الثاني: المرأة التي لا تطهر من الدم، و لكن الدم الذي تراه في شهرين متتابعين في وقت معين يتصف بصفات الحيض يعني أنه غليظ أسود حار يخرج بقوة و حرقة، و أما بقية الدم في الأيام الأخرى فيتصف بصفات الاستحاضة، و لا يكون عدد الأيام التي ترى فيه الدم المتصف بصفة الحيض في الشهرين متساوياً، مثلًا يكون الدم الذي رأته في الشهر الأول من أول الشهر إلى السابع و في الشهر الثاني من أول الشهر إلى الثامن منه متصفاً بصفات الحيض، و أما بقية الدماء فتكون متصفة بصفات الاستحاضة، فهذه تجعل كل أول الشهر مبدأ عادتها.

الثالث: المرأة التي ترى دم الحيض في شهرين متتابعين في

وقت معين ثلاثة أيام أو أكثر، ثمّ تطهر ثمّ ترى الدم مرة أخرى و لا يكون مجموع أيام الدمين و أيام الطهر أزيد من عشرة أيام، و لكن في الشهر الثاني تزيد هذه الأيام أو تنقص عن الشهر الأول مثلًا يكون عددها في الشهر الأول ثمانية أيام، و في الشهر الثاني تسعة أيام، فهذه أيضاً تجعل أول الشهر مبدأ عادتها.

3- ذات العادة العددية

ذوات العادة العددية على ثلاثة أصناف:

الأول: المرأة التي يكون عدد أيام حيضها في شهرين متواليين متساوياً و لكن وقت رؤية الدم فيهما مختلف، ففي هذه الصورة تجعل كل الأيام التي ترى فيها الدم حيضاً، فمثلًا إذا رأت الدم في الشهر الأول من أوله إلى خامسه و في الشهر الثاني من اليوم الحادي عشر إلى الخامس عشر منه تكون عادتها خمسة أيام.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 39

الثاني: المرأة التي لا تطهر من الدم و لكنها ترى في شهرين متواليين و في عدة أيام معينة دماً بصفة الحيض و دماً في غير تلك الأيام بصفة الاستحاضة، و كان عدد الأيام التي بصفة الحيض في الشهرين متساوياً و لكن الوقت مختلف، ففي هذه الصورة تكون الأيام المتصفة بصفة الحيض عادة لها، مثلما إذا رأت في شهر من أوله إلى خامسه و في الشهر اللاحق من الحادي عشر إلى الخامس عشر و كان الدم في هاتين المدتين بصفة الحيض و البقية بصفة الاستحاضة.

الثالث: المرأة التي ترى الدم- في شهرين متواليين- ثلاثة أيام أو أكثر ثمّ تطهر يوماً واحداً أو أكثر، ثمّ ترى الدم مرة أخرى، و اختلف وقت رؤية الدم في الشهرين، فإن لم يتجاوز مجموع أيام الدمين و الطهر المتخلل عن عشرة أيام، و كان عدد الأيام متساوياً

في الشهرين يكون مجموع الأيام التي رأت فيها الدمين و الطهر المتخلل عادة لها، و لا يلزم أن تكون أيام الطهر المتخلل متساوياً في كلا الشهرين، فمثلًا لو رأت- في الشهر الأول- من أوله إلى ثالثه، ثمّ تطهر يومين ثمّ رأت الدم ثلاثة أيام أخرى، و في الشهر الثاني رأت الدم من اليوم الحادي عشر إلى اليوم الثالث عشر، ثمّ طهرت يومين أو أكثر أو أقل، ثمّ رأت الدم مرة أخرى و لم يتجاوز المجموع عن ثمانية أيام كان عادتها ثمانية أيام.

ذات العادة العددية إذا رأت الدم أكثر من عادتها و تجاوز ذلك عن عشرة أيام،

(1) فإن كان جميع الدماء على صفة واحدة يجب أن تتحيض من حين رؤية الدم بعدد أيام عادتها، و تجعل الباقي استحاضة،

(2) و إذا اختلفت صفة الدماء و لم تكن شكلًا واحداً بل كان بعض الأيام بصفة الحيض و بعضها الآخر بصفة الاستحاضة فإن كانت الأيام التي اتصف دمها بصفة الحيض مساوياً لعدد أيام عادتها يجب جعل تلك الأيام حيضاً، و الباقي استحاضة،

(3) و إذا كانت الأيام التي اتصف دمها بصفة الحيض أكثر من أيام عادتها تجعل ما يكون بمقدار عادتها فقط حيضاً و الباقي تجعله استحاضة،

(4) و إن كانت الأيام التي اتصف دمها بصفة الحيض أقل من أيام عادتها يجب أن تجعل تلك الأيام بالإضافة إلى عدة أيام أخرى بحيث يساوي مجموعها مقدار عادتها، حيضاً لها، و الباقي استحاضة.

4- المضطربة

المضطربة هي المرأة التي ترى الدم في عدة أشهر و لكنها لم تستقر على عادة ثابتة (لا عدداً و لا وقتاً) فإذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام و كانت جميع الدماء بصفة واحدة، فإن كان عادة أقربائها سبعة أيام

جعلت سبعة أيام حيضاً و الباقي استحاضة، و إذا كان عادتهن أقل، كما لو كانت خمسة أيام مثلًا، جعلتها حيضاً، و إذا كان عادة أقربائها أكثر من السبعة، مثلًا لو كانت تسعة أيام يجب أن تجعل سبعة أيام حيضاً، و في مدة التفاوت بين السبعة و عادتهن و التي تكون يومين، تترك محرمات الحائض و تعمل بعمل المستحاضة على الأحوط استحباباً.

المضطربة إذا رأت الدم أكثر من عشرة أيام و كان بعضها بصفة الحيض و بعضها الآخر بصفة الاستحاضة، فإن كانت الأيام التي بصفة الحيض أقل من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة، وجب أن تعمل حسب ما ذكرناه في المسألة المتقدمة، و إذا لم يكن الدم المتصف بصفة الحيض أقل من ثلاثة و لا أكثر من عشرة أيام كان كلها حيضاً، و لكن إذا رأت- قبل مضي عشرة أيام عن الدم المتصف بصفة الحيض- دماً يتصف بصفة الحيض أيضاً، مثل أن ترى خمسة أيام دماً أسود و تسعة أيام دماً أصفر ثمّ ترى خمسة أيام أخرى دماً أسود، يجب أن تعمل حسب ما ذكرناه في المسألة المتقدمة.

5- المبتدئة

المبتدئة هي التي ترى الدم لأول مرة، فإذا رأت أكثر من عشرة أيام و كانت جميع الدماء في هذه العشرة بصفة واحدة، يجب أن تجعل عادتها على غرار عادة أقربائها على النحو الذي ذكر في «الوقتية» و تجعل الباقي استحاضة على نحو ما مر (قبل مسألتين).

6- الناسية

الناسية هي المرأة التي نسيت عادتها فإن رأت الدم أكثر من عشرة أيام يجب أن تجعل الأيام التي بصفة الحيض حيضاً. و إذا لم يمكنها تمييز الحيض بواسطة الصفات و العلامات وجب أن تجعل سبعة أيام حيضاً و الباقي استحاضة.

مسائل الحيض المتفرقة

المبتدئة، و المضطربة، و الناسية، و ذات العادة العددية إذا رأين دماً يتصف بصفات الحيض، أو تيقّن بأن هذا الدم يستمر ثلاثة أيام، يجب عليهن ترك العبادة، و إذا انكشف لهن فيما بعد أن ذلك لم يكن حيضاً يجب أن يقضين ما فاتهن من العبادات، و إذا لم يتيقن أنه يستمر ثلاثة

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 40

أيام كما لم يكن الدم بصفة الحيض يلزم أيضاً- على الأحوط وجوباً- أن تعمل عمل المستحاضة لمدة ثلاثة أيام و تترك فيها محرمات الحائض فإن لم تطهر قبل ثلاثة أيام يجب أن تجعله حيضاً.

ذات العادة سواء كانت عددية أو وقتية، أو عددية و وقتية إذا رأت- في شهرين متتابعين- دماً يختلف عن عادتها عدداً أو وقتاً أو عدداً و وقتاً و يكون على نحو واحد في الشهرين في العدد أو الوقت أو في كليهما تتغير عادتها إلى ما رأته في هذين الشهرين، مثلًا إذا كانت ترى الدم من أول الشهر إلى سابعه ثمّ تطهر، و لكنها رأت في شهرين متتابعين من العاشر إلى السابع عشر ثمّ طهرت يكون عادتها من العاشر إلى السابع عشر.

المرأة التي ترى الدم في الشهر مرة عادة إذا رأت الدم في شهر مرتين و كان كلا الدمين بصفة الحيض فإن لم يكن أيام الطهر المتخلل أقل من عشرة يجب أن تجعلهما حيضاً.

إذا جعلت عدة أيام حيضاً و لم تأت بالعبادات، ثمّ علمت- فيما بعد-

أنه لم يكن حيضاً يجب عليها أن تقضي ما فاتها من الصلاة و الصوم في تلك الأيام، و إذا أتت بالعبادات في عدة أيام باعتقاد أنها ليست بحائض ثمّ علمت أنها كانت حائضاً وجب عليها أن تقضي صوم تلك الأيام إن صامتها.

النفاس

كلما تراه المرأة من دم منذ خروج أول جزء من الوليد من بطنها، و انقطع قبل العشرة أو على رأس عشرة أيام، فهو دم نفاس و تسمى المرأة في هذه الحالة بالنفساء.

الدم الذي تراه المرأة قبل خروج أول جزء من الوليد ليس بنفاس.

لتحقق عنوان النفاس لا يلزم أن يكون الوليد كامل الخلقة بل حتى إذا خرج على شكل «علقة» أو علمت المرأة أو أخبرت أربع نساء قوابل بأن الخارج من هذه المرأة إنسان، كان الدم الذي تراه منذ تلك اللحظة نفاساً.

يمكن أن لا يكون دم النفاس أكثر من آن واحد، و لكن لا يمكن أن يتجاوز عشرة أيام.

يحرم على النفساء التوقف في المسجد، و مس كتابة القرآن بالبدن و كل ما يحرم على الحائض من الأمور الأخرى، كما و يستحب لها و يكره كل ما يستحب أو يكره للحائض.

لا يصح طلاق المرأة في حال نفاسها إلا مع الشروط- المذكور في كتاب الطلاق- كما و يحرم مجامعتها أيضاً.

يجب على المرأة أن تغتسل، بعد أن تطهر من دم النفاس، و أن تأتي بعباداتها، و إذا رأت الدم مرة ثانية فإن كان مجموع الدمين و الطهر المتخلل بينهما عشرة أيام، أو أقل من العشرة كان كله نفاساً، و إن كانت قد صامت أيام الطهر المتخلل وجب عليها قضاؤها.

إذا تجاوز دم النفاس العشرة أيام فإن كانت ذات عادة في الحيض جعلت بمقدار عادتها نفاساً و الباقي تجعله

استحاضة. و إذا لم تكن ذات عادة في الحيض كان إلى عشرة أيام نفاساً، و الباقي استحاضة.

ذات العادة في الحيض إذا رأت الدم بعد الولادة إلى شهر أو أكثر باتصال، يجب أن تجعل بمقدار عادتها نفاساً و تجعل العشرة أيام- من الدم الذي تراه بعد مدة النفاس- استحاضة حتى و إن صادف عادتها الشهرية، فمثلًا: المرأة التي تكون عادتها- في كل شهر- من العشرين إلى السابع و العشرين فإن ولدت في العاشر من الشهر و استمر دمها إلى مدة شهر أو أكثر دون انقطاع يجب عليها أن تجعل من العاشر إلى السابع عشر نفاساً، و من السابع عشر إلى مدة عشرة أيام استحاضة أي حتى الدم الذي تراه في أيام عادتها من العشرين إلى السابع و العشرين، و بعد انقضاء الأيام العشرة المذكورة فإن كان الدم الذي تراه، في أيام عادتها فهو حيض سواء كان بصفة دم الحيض أم لم يكن، أما إذا لم يصادف الدم (الذي تراه بعد انقضاء عشرة أيام من النفاس) أيام عادة حيضها و لم يكن بصفة دم الحيض فهو استحاضة.

المرأة التي لا يكون لها عادة في الحيض إذا رأت الدم بعد الولادة إلى مدة شهر أو أكثر، فالعشرة الأولى منه نفاس و العشرة الثانية استحاضة و ما تراه بعد ذلك إن كان بصفة الحيض فحيض و إلا فهو استحاضة أيضاً.

غسل مس الميت

اشارة

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 41

إذا مس أحد بدن إنسان ميت بارد غير مغسل، بموضع من بدنه، وجب عليه أن يغتسل «غسل مس الميت» سواء تحقق هذا المس في النوم أو اليقظة، مع الاختيار أو بلا اختيار، بل يجب الغسل حتى لو مس بظفره أو عظمه، ظفر أو عظم الميت،

و لكن لا يجب الغسل لو مس حيواناً ميتاً.

لا يجب الغسل على من مس ميت إنسانٍ لم يبرد جميع بدنه، حتى و إن مس موضعاً بارداً منه.

يجب غسل مس الميت إذا مس طفلًا ميتاً حتى لو كان سقطاً، تم شهره الرابع.

إذا مس أحد ميتاً كملت أغساله الثلاثة لا يجب عليه غسل مس الميت، و لكن لو مس ببدنه موضعاً من بدن الميت قبل اكتمال الغسلة الثالثة يجب على الماس غسل مس الميت حتى و لو كان ذلك بعد تمام الغسلة الثالثة لذلك الموضع.

إذا مس مجنون أو صبي غير بالغ ميتاً، وجب الغسل على المجنون بعد أن يفيق و على الصبي بعد أن يبلغ- على الأحوط-.

إذا انفصل من بدن الحي، أو من بدن الميت غير المغسل جزء فيه عظم، فمس الإنسان ذلك الجزء المنفصل قبل تغسيله يجب على الماس غسل مس الميت، و لكن إذا لم يكن في الجزء المنفصل عظم لم يجب الغسل لمسه.

غسل مس الميت كغسل الجنابة في الكيفية، إلا أن من اغتسل غسل مس الميت لو أراد أن يصلي يجب عليه أن يتوضأ أيضاً.

لا مانع لمن مس ميتاً و لم يغتسل بعد، من التوقف في المسجد، و الجماع، و قراءة سور العزائم (التي فيها سجدات واجبة) و لكن يجب أن يغتسل و يتوضأ إن أراد يأتي بالصلاة و شبهها.

أحكام المحتضر

المسلم المحتضر (و هو من يكون في حالة نزع الروح) يجب أن يسجى على قفاه بحيث يكون باطنا قدميه صوب القبلة، سواء كان المحتضر رجلًا أو امرأة، كبيراً أو صغيراً.

توجيه المحتضر صوب القبلة واجب على كل مسلم، و لا يحتاج إلى إذن ولي الميت، و إذا فعله البعض سقط عن البعض الآخر.

يستحب تلقين المحتضر

بالشهادتين و الإقرار بالأئمة الاثني عشر و بقية العقائد الحقة بنحو يفهم ما يلقن، و كذا يستحب أن تكرر هذه الأشياء حتى لحظة الموت.

يكره ترك المحتضر وحده، و كذا يكره وضع شي ء ثقيل على بطنه، و حضور الجنب و الحائض عنده، و التكلم الكثير و البكاء الكثير عنده، و ترك النساء وحدهن لديه.

أحكام ما بعد الموت

يستحب- بعد الموت- أن تغمض عينا الميت، و يطبق فمه، و يمد يداه و رجلاه، و يغطى بقماش. و لو مات في الليل استحب أن يوقد سراج في محل موته، و أن يخبر المؤمنون ليحضروا تشييع جنازته، و أن يعجل دفنه و لكن يجب الانتظار إذا لم يتيقن موته حتى يعرف حاله، و هكذا يجب تأخير الدفن أيضاً لو كان الميت امرأة حاملًا و في بطنها جنين حي، إلى أن يشق جنبها الأيسر و يخرج الطفل ثمّ يخاط الجنب ثمّ تدفن.

أحكام غسل الميت و كفنه و الصلاة عليه و دفنه

يجب على كل مكلف تغسيل الميت المسلم و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه و إن لم يكن اثني عشرياً، و إذ قام بعض بهذه الأمور سقط عن الآخرين، و إذا لم يقم بها أحد أثم الجميع و عصوا.

إذا علم أحد ببطلان غسل ميت أو بطلان تكفينه أو دفنه، يجب عليه أن يعيده مرة أخرى على الوجه الصحيح، و لكن إذا ظن بطلان تلك الأمور أو شك في وقوعها على الوجه الصحيح لم يلزم الإقدام له.

يجب الاستئذان من ولي الميت لتغسيله و تكفينه و تحنيطه و الصلاة عليه و دفنه.

ولي المرأة زوجها، و بعده الرجال الذين يرثون الميت و هم مقدمون على النساء منهم.

أحكام غسل الميت

يجب أن يغسل الميت ثلاثة أغسال:

الأول: بالماء المخلوط بالسدر.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 42

الثاني: بالماء المخلوط بالكافور.

الثالث: بالماء الخالص.

يجب أن لا يكون السدر أو الكافور كثيراً بمقدار يجعل الماء مضافاً، كما يجب أن لا يكون قليلًا جداً بحيث لا يقال: هذا ماء مخلوط بالسدر أو الكافور.

إذا لم يوجد السدر أو الكافور بالمقدار اللازم فالأحوط- وجوباً- أن يخلط بالماء ما يتيسر منهما.

إذا

فقد السدر أو الكافور أو أحدهما، أو لم يجز استعمالهما كما لو كانا غصبيين مثلًا، يجب تغسيل الميت، بدل كل ما لا يمكن استعماله، بالماء الخالص.

يجب أن يكون مغسل الميت مسلماً اثني عشرياً، بالغاً، عاقلًا، عالماً بمسائل الغسل و أحكامه، أما إذا لم يكن الميت اثني عشرياً فلا يلزم أن يكون الغاسل اثني عشرياً.

يجب أن يقصد المغسّل القربة عند تغسيله الميت، يعني أن يغسّل الميت قربة إلى الله و امتثالًا لأمره تعالى.

يجب تغسيل السقط إذا كان له من العمر أربعة أشهر أو أكثر، و أما إذا كان دون الأربعة أشهر فيلزم لفه في خرقة و يدفن دون غسل.

يحرم تغسيل الرجل للمرأة أو تغسيل المرأة للرجل، و لكن يجوز أن تغسل الزوجة زوجها الميت، و كذا يجوز أن يغسل الزوج زوجته الميتة.

إذا لم يحصل لتغسيل الرجل الميت من يغسله من الرجال يجوز لمن تنتسب إليه من النساء من محارمه كالأم و الأخت و العمة و الخالة، أو من ينتسبن إليه بواسطة الرضاع و صرن من محارمه بسببه، أن يغسلنه، من تحت الثياب أو ما يستر بدنه- على الأحوط-، و هكذا إذا لم يحصل لتغسيل المرأة الميتة من يغسلها من النساء جاز للرجال المنتسبين إليها نسباً و يكونون من محارمها، أو من محارمها المنتسبين إليها عن طريق الرضاع أن يغسلونها من تحت الثياب- على الأحوط-.

يحرم النظر إلى عورة الميت- في غير الزوج و الزوجة- و لو نظر المغسّل إلى عورة الميت عصى و أثم و لكن لا يبطل الغسل.

إذا كان موضع من بدن الميت نجساً لزم تطهيره قبل تغسيله.

غسل الميت كغسل الجنابة في الكيفية، و الأحوط أن لا يغسّل الميت ارتماسياً ما دام الغسل الترتيبي ممكناً، و

لكن في الغسل الترتيبي يمكن رمس كل قسم من الأقسام الثلاثة في الماء الكثير.

من مات في حال الجنابة أو الحيض لا يلزم تغسيله بغسل الجنابة أو الحيض بل يكفيه غسل الميت فقط.

يحرم أخذ الأجرة على تغسيل الأموات- احتياطاً- و لو غسل ميتاً بقصد أخذ الأجرة على تغسيله بطل ذلك الغسل إلّا إذا كان على نحو الداعي-، و لكن لا يحرم أخذ الأجرة على بعض المقدمات غير الواجبة.

إذا لم يوجد ماء للغسل أو كان مانع من استعمال الماء فلا ينبغي ترك الاحتياط بأن ييمم بدل كل غسل تيمماً منفرداً، و الأحوط أن ييمم تيمماً واحداً أولًا بدلًا من مجموع الأغسال الثلاثة، ثمّ ييمم بدل كل غسل تيمماً منفرداً.

يجب على من ييمم الميت أن يضرب بكفي نفسه الأرض ثمّ يمسحهما على وجه الميت و ظهر كفيه.

أحكام تكفين الميت

يجب تكفين الميت المسلم في ثلاثة قطع: المئزر، و القميص، و الإزار.

المئزر يجب أن يستر أطراف البدن من السرة إلى الركبتين، و الأفضل أن يكون من الصدر إلى ظهر القدم.

و القميص يجب أن يستر البدن من الكتفين إلى نصف الساق، و الأفضل أن يكون إلى ظاهر القدم.

و الإزار يجب أن يكون طويلًا بحيث يمكن شده من طرفيه بعد أن يلف فيه الميت، تماماً، و أن يكون عريضاً بحيث يمكن أن يوضع أحد جانبيه على جانبه الآخر.

لا بأس أن يؤخذ مقداراً أكثر من المقدار الواجب للكفن من نصيب الورثة البالغين بعد اجازتهم و الأحوط أن لا يؤخذ أكثر من المقدار الواجب للكفن من سهم الورثة غير البالغين.

لا يجوز تكفين الميت بجلد الميتة، و الكفن المغصوب حتى و لو لم يوجد شي ء آخر، و إذا كفن الميت في كفن مغصوب و لم يرض

صاحبه لزم نزعه من بدن الميت حتى و لو كان بعد الدفن.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 43

لا يجوز تكفين الميت بالكفن النجس و لا بالحرير الخالص و لا بالقماش المذهب، و لا إشكال في حالة الاضطرار.

إذا تنجس الكفن بنجاسة الميت نفسه أو بنجاسة أخرى، يجب غسل أو قطع ذلك الموضع المتنجس و لو بعد وضع الميت في القبر إن لم يستوجب ذلك تلف الكفن، و إذا لم يمكن غسله أو قطعه يجب تبديله بكفن آخر طاهر إن أمكن التبديل.

أحكام الحنوط

يجب تحنيط الميت- غير المُحِرم- بالكافور بعد تغسيله، بأن تمسح موضع سجوده السبعة (أي جبين الميت و كفيه و ركبتيه و رأس ابهامي قدميه) و يستحب أن يمسح به على طرف أنفه أيضاً، و يجب أن يكون الكافور مسحوقاً و جديداً، و لا يكفي العتيق الذي فقد عطره بسبب ذلك.

الأحوط- وجوباً- أن يمسح بالكافور الجبهة ابتداءً ثمّ تحنط باقي المواضع المذكورة.

يستحب أن يخلط شي ء من تربة الإمام الحسين مع الكافور، و لكن يجب أن لا يصل شي ء من ذلك الكافور الممزوج بالتربة إلى المواضع التي تستوجب إهانة التربة.

إذا لم يحصل الكافور، أو حصل بمقدار الغسل دون الحنوط، لا يلزم الحنوط، و هكذا لو زاد الكافور عن الغسل و لكن كان لا يكفي لمسح كل المواضع السبعة به فالأحوط أن يبدأ بالجبهة أولًا فإن زاد يحنط بقية المواضع.

أحكام الصلاة على الميت

تجب الصلاة على الميت المسلم و إن كان طفلًا، و لا بد أن يكون أبوا الطفل أو أحدهما مسلماً، و أن يكون قد أتم السادسة من عمره.

تستحب الصلاة على الطفل الذي لم يتم السادسة، و لكن لا تستحب الصلاة على الطفل الذي ولد ميتاً.

صلاة الميت يجب أن تصلى عليه بعد تغسيله و تحنيطه و تكفينه، و لا تكفي إذا صليت قبل هذه الأمور، أو في أثنائها حتى و لو كان نسياناً أو جهلًا بهذه المسألة.

لا يلزم لمن يريد أن يصلي صلاة الميت أن يكون على وضوء أو غسل أو تيمم، و لا أن يكون بدنه أو لباسه طاهراً، بل لا إشكال حتى لو كان لباسه غصبياً، و إن كان الأحوط- استحباباً- أن تراعى في هذه الصلاة كل ما يراعى في غيرها من الصلوات.

يجب على من يريد الصلاة على

الميت أن يستقبل القبلة، كما يجب أن يوضع الميت على ظهره أمام المصلي، بحيث يكون رأس الميت على يمين المصلي، و رجلاه على يسار المصلي.

يجب الاتيان بصلاة الميت من قيام، و مع قصد القربة، و أن يعين الميت عند النية، كأن يقول: أصلي على هذا الميت قربة إلى الله.

إذا دفن الميت دون الصلاة عليه عمداً، أو نسياناً، أو لعذر، أو علم بعد الدفن ببطلان الصلاة التي صليت عليه، يجب أن يصلى على قبره، حسب الشروط المذكورة لصلاة الميت.

كيفية الصلاة على الميت

تتألف الصلاة على الميت من خمس تكبيرات، و لو كبر المصلي خمس تكبيرات فقط على النحو الآتي لكفاه:

بعد النية، و إتيان التكبيرة الأولى يقول: «أشْهَد أنْ لا إلهَ إلَّا الله، و أنّ مُحَمّداً رَسُولُ الله».

و يقول بعد التكبيرة الثانية: «اللَّهُمَّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ صَلّ عَلى جَمِيعِ الأنْبِيَاءِ وَ الْمُرْسَليِن».

و يقول بعد التكبيرة الثالثة: «اللّهُمّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَ المُؤمِنَات».

و يقول بعد التكبيرة الرابعة: «اللّهُمّ اغفِر لِهَذَا المَيّت» إن كان الميت رجلًا و لو كان الميت امرأة يقول: «اللّهُمّ اغفِر لِهذِهِ المَيّتَة».

ثمّ يكبر التكبيرة الخامسة و تنتهي بذلك صلاة الميت.

و إذا كان الميت طفلًا قال بعد الرابعة: «اللّهُمّ اجعَلهُ لِأَبَويهِ وَ لَنَا سَلَفاً وَ فَرَطَاً وَ أجراً».

و إن كان مشتبهاً حاله، قال بعد الرابع: «اللّهُمّ اغفِر لِلّذِينَ تابُوا وَ اتّبَعُوا سَبيلَكَ وَ قِهِم عَذابَ الجَحِيم».

و إن كان منافقاً، لعنه عقيب الرابعة.

و الأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى:

«أشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَ أشهَدُ أنّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ أرسَلَهُ بِالحَق بَشِيراً وَ نذِيراً بَينَ يَدَيِ السّاعَة».

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 44

و أن يقول بعد التكبيرة الثانية:

«اللّهُمّ صلّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ

آلِ مُحَمَّد وَ بَارك عَلى مُحَمَّدٍ و آلِ مُحَمَّدٍ، وَ ارحَم مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ، كَأفضَلِ مَا صَلّيتَ وَ بارَكتَ وَ تَرَحّمتَ عَلى إبراهِيمَ وَ آلِ إبرَاهِيمَ إنّك حَمِيدٌ مَجيد، وَصلّ عَلى جَمِيع الأنبياءِ وَ المُرسَلينَ وَ الشّهَدَاءِ وَ الصّدِيقِينَ وَ جَمِيع عِبَادِ اللهِ الصّالِحين».

و يقول بعد التكبيرة الثالثة:

«اللّهُمّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَ المُؤمِنَات وَ المُسُلِمينَ وَ المُسلِمات الأحيَاءِ مِنهُم و الأموَات تَابِع اللهمّ بَينَنَا وَ بَينَهُم بالخيرات إنك مجيب الدعوات، إنك على كل شي ء قدير».

و بعد التكبيرة الرابعة يقول- إن كان الميت ذكراً-:

«اللّهُمّ إنّ هذا عَبدُكَ وَ ابنُ عَبدِكَ و ابنُ أَمَتِكَ نَزَلَ بِكَ وَ أنتَ خَيرُ مَنزُولٍ بِهِ، اللّهُمّ إنّا لا نَعلَمُ مِنهُ إلّا خَيراً وَ أنتَ أعلَمُ بِهِ مِنّا اللّهُمّ إن كَانَ مُحسِناً فَزِد في إحسَانِهِ وَ إن كَانَ مُسِيئاً فَتَجاوَز عَنهُ و اغفِر لَهُ اللّهُمَّ اجعَلهُ فِي أعلى عِلّيينَ وَ اخلُف عَلى أهلِهِ فِي الغَابِرِينَ وَ ارحَمهُ بِرَحمَتِكَ يا أرحَمَ الرّاحِمِينَ».

ثمّ يكبر التكبيرة الخامسة و تنتهي صلاة الميت.

أما لو كان الميت أنثى فإن المصلي يقول بعد التكبيرة الرابعة هكذا:

«الَلّهُم إنّ هذِهِ أَمَتُكَ وَ ابنَةُ عَبدِكَ وَ ابنٰةُ امَتِكَ نَزَلَت بِكَ وَ أنتَ خَيرُ مَنزُولٍ بِهِ، اللّهُمّ إنّا لا نَعلَمُ مِنهَا إلّا خَيراً، و أنتَ أعلَمُ بِهَا مِنَّا، اللّهُمّ إن كانَت مُحسنَةً فَزِد فِي إحسَانِهَا، وَ إن كانَت مُسِيئَةً فَتَجاوَز عَنها و اغفِر لَها، اللّهُمَّ اجعَلها عِندَكَ فِي أعلى عِلّيينَ وَ اخلُف عَلى أهلِها فِي الغابِرينَ وَ ارحَمها بِرَحمَتِكَ يا أرحَم الرّاحِمينَ».

يجب أن يقرأ التكبيرات و الأدعية تباعاً بحيث لا تخرج الصلاة عن هيئتها.

يلزم على المأموم في صلاة الميت أن يقرأ التكبيرات و الأدعية هو أيضاً، و لا يكتف بقراءة الإمام لها.

أحكام الدفن

يجب

أن يدفن الميت بحيث لا تنتشر رائحته، و لا تتمكن الحيوانات من إخراج جسده، و إذا خيف أن يخرجه حيوان يلزم أن يبني القبر بالآجر و ما يشبهه، و يستحكم البناء.

يجب أن يوضع الميت- حال الدفن- على جانبه الأيمن بحيث يكون مقدم بدنه صوب القبلة.

لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفار، كما لا يجوز دفن الكافر في مقبرة المسلمين.

لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب إهانته، كدفنه في المكان الذي تلقى فيه القمامة و الأوساخ.

لا يجوز دفن الميت في الأرض الغصبية و لا في الأرض الموقوفة لغير الدفن.

لا يجوز دفن الميت في قبر ميت آخر إلا أن يكون القبر قديماً و مندرساً و يكون صاحبه قد فني و تلاشى بالمرة و لم يكن إهانة للميت و لكن يجوز الدفن في القبر ذي الطوابق.

الشي ء الذي ينفصل من الميت- حتى شعره و ظفره و أسنانه- يجب أن يدفن معه.

إذا مات الطفل في رحم أمه و كان بقاؤه في بطنها خطراً عليها يجب إخراجه بأسهل الطرق، و لا إشكال في تقطيع الجنين إذا اضطر لذلك.

مستحبات الدفن

يستحب أن يحفر القبر بمقدار قامة إنسان متوسط القامة، و أن يدفن الميت في أقرب المقابر إن لم تكن المقبرة الأبعد أفضل لجهة من الجهات، مثل أن يدفن في المقبرة الأبعد الصالحون من الناس، أو يكون ارتياد الناس لها- لقراءة الفاتحة- أكثر.

و هكذا يستحب- عند الدفن- أن توضع الجنازة على الأرض على بعد عدة أذرع من القبر ثمّ يقرب إلى القبر شيئاً فشيئاً في ثلاث دفعات توضع الجنازة على الأرض في كل مرة ثمّ ترفع و في المرة الرابعة يدخل في القبر.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 45

و يستحب- إذا كان الميت ذكراً- أن

توضع على الأرض في المرة الثالثة بحيث يكون رأس الميت عند مؤخرة القبر و في المرة الرابعة، يدخل الميت في القبر من جانب الرأس- أي يدخل رأس الرجل الميت في القبر أولًا-.

و أما إذا كان الميت أنثى فتوضع في المرة الثالثة على الأرض عند طرف القبلة من القبر ثمّ تدخل إلى القبر عرضاً و أن يؤخذ بقماش فوق القبر عند إدخال المرأة فيه.

و يستحب أن تقرأ الأدعية المقررة المأثورة قبل الدفن و حين الدفن، و أن تفك عقد كفن الميت بعد أن يوضع في اللحد، و أن يوضع خد الميت على الأرض، و توضع تحت رأسه مخدة من تراب، و أن توضع لبنة أو مدرة وراء ظهره لكي لا يرجع و يستلقي على قفاه.

يستحب- بعد الدفن- تعزية ذوي الميت، و لكن الأفضل ترك التعزية لو مضى على ذلك مدة بحيث تتجدد مصيبتهم لو عزاهم أحد، و هكذا يستحب إرسال الطعام إلى أهل بيت الميت لمدة ثلاثة أيام، و يكره الأكل عندهم.

يستحب للإنسان أن يصبر في مصابه بأقربائه، و مصابه بولده خاصة، و أن يقول- كلما تذكر ميته: «إِنّٰا لِلّٰهِ وَ إِنّٰا إِلَيْهِ رٰاجِعُونَ»، و أن يقرأ القرآن للميت، و أن يطلب من الله حوائجه عند قبر أبيه و أمه، و أن يحكم بناء القبر حتى لا يسرع إلي البلى و الخراب.

لا يجوز أن يخمش الإنسان وجهه في موت أحد و لا أن يلطم إلا في مصائب المعصومين سلام الله عليهم أجمعين.

صلاة الوحشة

يستحب أن يصلوا للميت في ليلة دفنه صلاة الوحشة و هي ركعتان و كيفيتها هي: أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد آية الكرسي مرة واحدة و في الركعة الثانية بعد الحمد سورة القدر

عشرة مرات و يقول بعد التسليم من الصلاة:

اللّهُمّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّد وَ ابْعَثْ ثَوابَهَا إلى قَبْرِ فلان (و يقول مكان «فلان» اسم الميت).

نبش القبر

يحرم نبش قبر المسلم حتى لو كان طفلًا أو مجنوناً، و لكن لا إشكال لو فني بدنه و صار تراباً و لم يكن محذور في ذلك.

يحرم نبش قبور الأنبياء و الأئمة و أولاد الأئمة عليهم أفضل الصلاة و السلام، و الشهداء و العلماء و الصالحين حتى لو مضى عليها سنين عديدة.

الأغسال المستحبة

الأغسال المستحبة (المندوبة) في الشريعة الإسلامية المقدسة كثيرة، منها:

1- غسل الجمعة، و وقته من أذان الصبح إلى ظهر يوم الجمعة، و الأفضل إتيانه قبل الظهر.

2- غسل أول ليلة من شهر رمضان و كل الليالي الفرادى من ذلك الشهر مثل الليلة الثالثة و الخامسة و التاسعة إلى آخر الليالي الفرادى من العشرة الأولى و الثانية، و لكن يستحب- من الليلة الحادية و العشرين- أن يغتسل كل ليلة.

3- غسل يوم عيد الفطر، وعيد الأضحى، و وقته من أذان الصبح إلى الغروب، و الأفضل اتيانه قبل صلاة العيد.

4- غسل ليلة عيد الفطر و الأضحى، و وقته من أول المغرب إلى أذان الفجر و الأفضل اتيانه في أول الليل.

5- غسل اليوم الثامن و التاسع من ذي الحجة.

6- غسل اليوم الأول و الخامس عشر و السابع و العشرين و الآخر من شهر رجب.

7- غسل يوم عيد الغدير و الأفضل اتيانه قبل الظهر.

8- غسل اليوم الرابع و العشرين من ذي الحجة.

9- غسل يوم النيروز، و الخامس عشر من شعبان، و التاسع و السابع عشر من ربيع الأول، و اليوم الخامس و العشرين من ذي القعدة.

10- غسل الوليد عند الولادة.

يستحب أن يغتسل قبل الدخول إلى الحرم المكي و مدينة مكة و المسجد الحرام و الكعبة المشرفة، و حرم المدينة و بلدتها و المسجد النبوي، و مشاهد الأئمة الطاهرين و يستحب الغسل

للإحرام.

و إذا أراد أن يدخل إلى حرم مكة، و مكة المكرمة و المسجد الحرام، و الكعبة المشرفة في يوم واحد كفاه الاتيان بغسل واحد بنية الجميع. و هكذا إذا أراد أن يدخل حرم المدينة المنورة و بلدتها و مسجد النبي في يوم واحد كفاه غسل واحد بنية الجميع.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 46

و كذا يستحب الغسل لزيارة الأئمة الطاهرين من بعيد أو قريب، و لطلب الحاجة من الله، و كذا يستحب الغسل للتوبة، و لحصول النشاط للعبادة، و للسفر خصوصاً إذا كان لزيارة سيد الشهداء، و لو أتى بشي ء من هذه الأغسال- المذكورة في هذه المسألة- ثمّ وقع منه ما يبطل الوضوء كالنوم بطل الغسل، و تستحب إعادته.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

منتخب المسائل الإسلامية؛ ص: 46

إذا كان على الشخص عدة أغسال، بعضها مستحب و بعضها الآخر واجب، كفى أن يأتي بغسل واحد بنية الجميع

التيمم

يجب التيمم بدلًا من الوضوء و الغسل في سبعة موارد:

المورد الأول: إذا كان تحصيل الماء بمقدار الوضوء أو الغسل غير ممكن.

إذا فحص كالمتعارف و لم يجد الماء بعد الفحص فصلى متيمماً ثمّ علم- بعد الصلاة- بوجود الماء في المكان الذي فتش فيه صحت صلاته، إلا أن يكون الوقت لا يزال باقياً ففي هذه الصورة تجب عليه على الأحوط- استحباباً- إعادة الصلاة التي صلاها.

من كان عنده من الماء بمقدار الوضوء أو بمقدار الغسل و علم أنه لو أراق الماء فسوف لن يجده، فإن كان وقت الصلاة داخلًا حرم إراقة الماء، و الأحوط أن لا يريقه قبل وقت الصلاة- أيضاً-.

من علم أنه لن يحصل على الماء فأبطل وضوءه- بعد دخول وقت الصلاة- أو أراق الماء الذي معه عصى و أثم، و لكن تصح صلاته مع التيمم، و إن كان الأحوط- استحباباً- أن يقضي تلك

الصلاة.

المورد الثاني إذا لم يكن في إمكانه التوصل إلى الماء

بسبب الشيخوخة أو الخوف من السارق، أو الحيوان المفترس أو ما شابهه، أو لعدم وجود ما يسحب به الماء من البئر، وجب عليه أن يتيمم، و هكذا يجب عليه أن يتيمم إذا كان في تحصيل الماء، أو استعماله مشقة لا يمكن تحمّلها.

المورد الثالث إذا خاف على نفسه من استعمال الماء

، أو خاف أن يظهر فيه عيب أو مرض أو أن يطول مرضه به أو يشتد، أو تصعب معالجته بسبب استعمال الماء، يجب عليه أن يتيمم، و لكن إذ لم يضره استعمال الماء الساخن وجب أن يتوضأ أو يغتسل بالماء الساخن و لا يعدل إلى التيمم.

لا يلزم أن يتيقن بتضرره بالماء بل حتى إذا احتمل الضرر و كان احتماله احتمالًا عقلائياً عند العرف، و حدث عنده خوف بسبب ذلك الاحتمال يجب أن يعدل إلى التيمم.

المورد الرابع إذا خشي- إن استعمل الماء في الوضوء أو الغسل- أن يموت هو أو عياله

، أو أولاده أو رفيقه أو من يرتبط به كالخادم و الخادمة، من العطش أو يمرضوا، أو يعطشوا عطشاً يشق عليهم تحمله، يجب أن يتيمم بدلًا عن الوضوء أو الغسل، و هكذا إذا خشي أن يتلف حيوان له بسبب العطش وجب عليه أن يتيمم و يسقي الحيوان، و هكذا إذا عطش من يجب حفظ حياته عطشاً يخشى معه الموت إذا لم يعطه الماء. و كذا إذا خاف بأن يعطش فيما بعد.

المورد الخامس من كان لباسه أو بدنه نجساً

و عنده مقدار قليل من الماء لو توضأ أو اغتسل به لا يبقى منه شي ء لتطهير لباسه أو بدنه، يجب عليه أن يطهر بذلك الماء لباسه أو بدنه المتنجس و يتيمم للصلاة، و إذا لم يكن لديه ما يتيمم به يجب أن يتوضأ أو يغتسل بذلك الماء و يصلي مع البدن أو الثوب المتنجس.

المورد السادس إذا لم يكن عنده إلا الماء

أو الاناء الذي يحرم استعماله كالماء أو الاناء الغصبي و ما شابه يجب أن يتيمم بدلًا عن الغسل أو الوضوء.

المورد السابع إذا ضاق وقت الصلاة بحيث لو توضأ أو اغتسل وقعت الصلاة

، كلها أو بعضها، خارج الوقت يجب أن يتيمم.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 47

إذا أخر الصلاة- متعمداً- حتى لا يبقى لديه وقت للتوضي أو الاغتسال عصى و أثم، و لكن صلاته مع التيمم صحيحة.

الأشياء التي يصح التيمم بها

يصح التيمم بالتراب و الحصى و المدر و الحجر و الاسمنت، و لكن الأولى أن لا يتيمم بغير التراب ما دام ممكناً، و إذا لم يوجد التراب فبالحصى، فإذا فقد الحصى فبالمدر، و إذا فقد فبالحجر.

يصح التيمم بحجر الكلس (أي حجر النورة) و حجر الجص، و كذا يصح التيمم بالجص المطبوخ، و لكن التيمم بحجر المعدن مثل حجر العقيق باطل.

إذا فقد التراب و الحصى و المدر و الحجر، يجب أن يتيمم بالغبار العالق بالفراش، أو اللباس و ما شابه. و إذا لا يوجد غبار في هذه الأشياء يتيمم الطين و إذا فقد الطين فيصلي بدون التيمم و الأحوط قضاءها فيما بعد.

الشي ء الذي يتيمم به يجب أن يكون طاهراً، و إذ لم يكن لديه شي ء طاهر يصح التيمم به فعليه أن يصلي ثمّ يقضي تلك الصلاة على الأحوط.

يجب أن لا يكون الشي ء الذي يتيمم به و محل ذلك الشي ء غصبياً فإذا تيمم على التراب الغصبي أو كان التراب ملكاً له و لكنه وضعه في ملك الغير- دون رضاه- و تيمم به كان تيممه باطلًا.

يستحب أن يكون في الشي ء الذي يتيمم به غبار يعلق بالكف، كما يستحب أن ينفض يديه- بعد أن يضرب بهما على ذلك الشي ء- ليتساقط الغبار.

كيفية التيمم بدل الوضوء

في التيمم بدلًا عن الوضوء تجب أربعة أمور:

الأول: النية.

الثاني: ضرب الكفين معاً على الشي ء الذي يصح التيمم به.

الثالث: مسح تمام الجبهة و طرفيه بالكفين من قصاص الشعر إلى الحواجب و أعلى الأنف، و الأحوط أن يمسح بالكفين على الحواجب أيضاً.

الرابع: مسح ظهر الكف اليمنى بباطن الكف اليسرى و مسح ظهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى.

كيفية التيمم بدل الغسل

في التيمم بدل الغسل بعد أن ينوي يضرب كفيه على التراب و يمسح بهما جبهته، و ظهر كفيه، على نحو ما قلنا في المسألة المتقدمة ثمّ يضرب كفيه على الأرض مرة أخرى و يمسح بهما ظهر كفيه على الأحوط- و الأفضل أن يأتي بالتيمم- سواء كان بدل الوضوء أو الغسل- على النحو التالي:

يضرب كفيه- مرة واحدة- على الأرض و يمسح بهما جبهته و ظهر كفيه، ثمّ يضربهما مرة أخرى على الأرض و يمسح بهما ظهر كفيه.

أحكام التيمم

إذا فاته مسح شي ء و لو يسير من جبينه أو ظهر كفيه بطل تيممه، سواء لم يمسح ذلك متعمداً، أو كان جاهلًا بالمسألة أو ناسياً، و لكن لا تلزم الدقة الكثيرة بل يكفي أن يقال انه مسح تمام جبينه و ظهر كفيه.

لكي يتيقن بأنه مسح تمام ظهر كفيه يجب أن يمسح من فوق الزند قليلًا، و لكن لا يلزم مسح ما بين أصابعه.

يجب أن تمسح الجبهة و ظهر الكفين من الأعلى إلى الأسفل، و يجب أن تؤدى أعمال التيمم تباعاً و بالتوالي، و لو فصل بينها بحيث لا يقال انه تيمم بطل تيممه.

عند النية يجب أن يعين أنه يتيمم بدل الوضوء أو الغسل، و لو كان بدل الغسل يجب أن يعين نوعية الغسل.

يجب- في التيمم- أن تكون الجبهة و باطن الكفين و ظهرهما طاهرة، و إذا كان باطن الكفين نجساً و لا يمكن تطهيره يكفي أن يتيمم بباطن الكفين النجسين إلا أن تكون النجاسة بحيث تسري إلى ما تيمم به، و لم يمكن تجفيفه ففي هذه الحالة يجب أن يتيمم بظهر الكفين.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 48

إذا كان في اليد خاتم يجب إخراجه للتيمم، و إذا كان في جبهته

أو ظهر كفه مانع- مثل أن يكون شي ء ملتصق بها- وجب إزالته.

إذا كان في الجبهة أو ظهر الكفين جراحة و كانت مشدودة بقماشة أو ضماد أو أي شي ء آخر و لا يمكن نزعه، وجب أن يمسح عليه و هكذا إذ كان في باطن الكفين جراحة و عليها قماشة أو ضماد أو أي شي ء آخر لا يمكن نزعه و إزالته يجب ضرب الكفين مع تلك القماشة أو الضماد على ما يصح التيمم به و يمسح بهما الوجه و ظهر الكفين.

إذا كانت وظيفته التيمم و لم يمكنه التيمم وجب أن يستنيب و على النائب أن ييممه بيديه (أي بيدي المنوب عنه) و إذا لم يمكن ذلك لا بضرب كفيه على التراب، و لا بوضعهما عليه، يجب أن يضرب النائب ما يصح التيمم به بيدي نفسه و يمسح بهما جبهة المنوب عنه، و ظهر كفيه.

إذا شك- بعد مسح ظهر يده اليسرى- هل كان تيممه صحيحاً أم لا، صح تيممه.

من كانت وظيفته التيمم إذا علم أن عذره سيستمر يجوز له أن يصلي مع التيمم في سعة الوقت، و لكنه إذا علم أن عذره سيزول إلى آخر الوقت يجب- احتياطاً- أن يصبر ثمّ يصلي مع الوضوء أو الغسل، و هكذا إذا كان يأمل أن يزول عذره يجب أن يصبر و يصلي مع الوضوء أو الغسل، أو يصلي مع التيمم في ضيق الوقت.

من وجب عليه أن يتيمم بدلًا عن الغسل إذا صدر منه حدث بعد التيمم (كالبول) كفاه أن يتوضأ لصلواته، و الأحوط- استحباباً- أن يعيد التيمم بدل الغسل.

إذا تيمم بسبب عذر، أو لعدم وجود الماء، ثمّ زال عذره بطل تيممه.

الأمور التي تبطل الوضوء تبطل التيمم الذي يكون بدلًا عن الوضوء

أيضاً، كما أن الأمور التي تبطل الغسل تبطل التيمم الذي يكون بدلًا عنه أيضاً.

من لا يستطيع أن يغتسل إذا وجبت عليه عدة أغسال كفاه تيمم واحد.

إذا تيمم بدلًا عن غسل الجنابة لا يلزمه أن يتوضأ للصلاة، و لكن إذا تيمم بدلًا عن الأغسال الأخرى يجب أن يتوضأ، و إذا لم يمكنه الوضوء وجب أن يأتي بتيمم آخر بدلًا عن الوضوء.

من كانت وظيفته التيمم إذا تيمم لعمل، جاز له أن يأتي بالأعمال المشروطة بالوضوء، أو الغسل ما دام تيممه و عذره باقيين، و لكن إذا كان عذره ضيق الوقت، أو تيمم للصلاة على الميت أو النوم على طهر مع وجود الماء عنده، يجوز له أن يأتي معه بما تيمم له خاصة دون أعمال أخرى.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 49

أحكام الصلاة

اشارة

الصلاة من أجلّ الأعمال الدينية و أهمها بل هي عمود الدين و إذا قُبلت قبل ما سواها و إذا ردت رد ما سواها، و ينبغي للإنسان أن يأتي بصلواته في أول أوقاتها، فمن استخف بصلاته و استهان بها كان كمن لا يصلي، قال رسول الله: «ليس مني من استخف بصلاته».

فيتحتم على الإنسان أن يواظب على صلاته أشد المواظبة و لا يأت بها على سرعة و عجل، و أن يكون- حال الصلاة- خاضعاً لربه، خاشعاً وقوراً و أن يلتفت مع من يتحدث و يعلم من يحادث، و أن يرى نفسه أمام عظمة الله و كبريائه حقيراً صغيراً. و لو التفت المصلي في حال الصلاة إلى هذا المطلب كان جديراً أن ينسى نفسه بين يدي ذي الجلال كما حدث لمولانا أمير المؤمنين إذ استخرجوا السهم من رجله الشريفة، دون ان شعر بذلك أو يعلم.

و هكذا ينبغي للمصلي أن يستغفر

الله العظيم، و يتوجه بكله إليه، و أن يترك الذنوب و المعاصي التي تمنع قبول صلاته كالحسد و الكبر و الغيبة، و أكل الحرام، و شرب المسكرات، و الامتناع من دفع الخمس أو الزكاة، بل كل معصية على الإطلاق.

الصلوات الواجبة

اشارة

الصلوات الواجبة ست:

الأولى: الصلوات اليومية.

الثانية: صلاة الآيات.

الثالثة: صلاة الميت.

الرابعة: صلاة الطواف الواجب حول الكعبة.

الخامسة: صلاة القضاء عن الوالدين التي تجب على الولد الأكبر.

السادسة: الصلاة التي تجب بنذر أو عهد أو قسم أو استئجار.

الصلوات الواجبة اليومية
اشارة

الصلوات الواجبة اليومية خمس: صلاة الظهر و صلاة العصر، و كل واحد منهما أربع ركعات، و صلاة المغرب ثلاث ركعات، و صلاة العشاء أربع ركعات، و صلاة الصبح ركعتان.

يجب قصر الصلاة الرباعية في السفر بشروط سيأتي بيانها، و معنى القصر اتيان الرباعية ركعتين.

وقت صلاتي الظهر و العصر
اشارة

إذا نصبت عموداً أو أي شي ء يشابهه على أرض مستوية، فعند ما تطلع الشمس صباحاً يقع ظل العمود على الأرض إلى جانب المغرب و كلما ارتفعت الشمس في السماء ينكمش ظل العمود و يتقلص و يكون وقت الظهر- في مناطقنا- قد وصل ظل العمود إلى آخر درجة من الانكماش و القلة، و عند ما يمضي الظهر يقع الظل في جانب المشرق، و يأخذ بالامتداد كلما هبطت الشمس نحو المغيب، فعلى هذا حينما يصل ظل العمود المذكور إلى آخر درجة من القلة ثمّ يأخذ بالامتداد و الازدياد نعرف أن الزوال الشرعي قد حصل، و لكن في بعض البلاد مثل مكة المكرمة، التي ينعدم فيها الظل تماماً عند الزوال أحياناً، يكون زوال الظهر بعد أن يظهر الظل مرة أخرى. و الظهر الشرعي في بعض مواقع السنة هو: عدة دقائق قبل الساعة الثانية عشرة، و في بعض الأحيان بعدها.

لكل من صلاة الظهر و العصر وقت مخصوص، و وقت مشترك بينهما:

أما الوقت المخصوص بصلاة الظهر فهو من أول الزوال إلى أن ينقضي من الزمان بمقدار أداء صلاة الظهر، فإذا صلى أحد صلاة العصر تمامها في هذا الوقت سهواً بطلت صلاته هذه.

و أما الوقت المخصوص بصلاة العصر فهو ما يبقى من الزمان إلى غروب الشمس بمقدار أداء صلاة العصر فإذا لم يصل أحد صلاة الظهر إلى هذا الوقت صارت قضاءً و عليه أن يأتي بصلاة العصر خاصة.

و أما الوقت المشترك بين الظهر و العصر فهو الزمان الواقع بين الوقت المخصوص بصلاة الظهر و الوقت المخصوص بصلاة العصر، بحيث إذا أتى بصلاة العصر تماماً في هذا الوقت- المشترك- قبل إتيان صلاة الظهر سهواً صحت صلاته و احتسبت له عصراً، و يجب عليه أن يأتي بصلاة الظهر بعدها.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 50

إذا اشتغل بصلاة العصر- قبل الاتيان بصلاة الظهر- سهواً، ثمّ عرف- في الأثناء- أنه أخطأ، فإن كان هذا في الوقت المشترك بين الصلاتين وجب أن يغير النية إلى نية صلاة الظهر، يعني أن ينوي- و هو في الصلاة- أن كل ما أتى به و ما سيأتي به يكون صلاة الظهر، و بعد أن يتم هذه الصلاة [الظهر] يأتي بصلاة العصر، و أما إذا كان هذا في الوقت المخصوص بصلاة الظهر كان كل ما أتى به باطلًا سواء عرف خطأه في أثناء الصلاة أم بعدها.

يجب- في زمان حضور الإمام المعصوم- أن يصلي الإنسان بدل الظهر ركعتي صلاة الجمعة في يوم الجمعة، و لكن في زمان غيبته- كهذا الزمان- الأحوط استحباباً- لمن يأتي بصلاة الجمعة أن يأتي بصلاة الظهر أيضاً.

وقت صلاتي المغرب و العشاء

المغرب هو عند ما تتجاوز الحمرة المشرقية (و هي الحمرة التي تظهر في جانب المشرق عند غروب الشمس) بعد غروب الشمس من على رأس الإنسان.

لكل من صلاة المغرب و العشاء وقت مختص به، و وقت مشترك بين الصلاتين:

أما الوقت المخصوص بالمغرب فهو من أول المغرب إلى أن يمضي من الزمان بمقدار أداء صلاة المغرب، بحيث لو أتى المسافر بصلاة العشاء بتمامها في هذا الوقت سهواً بطلت صلاته.

و أما الوقت المخصوص بصلاة العشاء للمختار- غير المضطر- فهو ما يبقى بمقدار أداء صلاة العشاء إلى منتصف الليل بحيث إذ لم يأت أحد بصلاة المغرب إلى هذا الوقت وجب أن يأتي بصلاة العشاء أولًا ثمّ يصلي المغرب.

إذا اشتغل بصلاة العشاء قبل صلاة المغرب سهواً و عرف- في أثناء الصلاة- أنه أخطأ فإن أتى بتمام الصلاة أو بعضها في الوقت المشترك و لم يبلغ إلى ركوع الركعة الرابعة وجب أن يغير

نيته إلى نية صلاة المغرب و يعتبر ما قرأ و أتى به مغرباً، و يتم الصلاة (أي يجلس- إذا كان قائماً- دون أن يذهب إلى ركوع الركعة الرابعة) ثمّ يأتي بصلاة العشاء بعد ذلك.

و إن كان قد أتى بركوع الركعة الرابعة وجب أن يتم الصلاة ثمّ يأتي بعد ذلك بصلاة المغرب.

أما إذا أتى بتمام الصلاة في الوقت المخصوص بصلاة المغرب كانت باطلة، و وجب أن يأتي بصلاة المغرب ثمّ بصلاة العشاء على الترتيب.

آخر وقت صلاة العشاء للمختار هو منتصف الليل، و يجب احتساب الليل من حين الغروب حتى أذان الفجر و ليس إلى طلوع الشمس. و على هذا يكون آخر وقت صلاتي المغرب و العشاء بعد مضي أحد عشر ساعة و ربع تقريباً على الظهر الشرعي.

لو أخر صلاة العشاء عن منتصف الليل دون عذر و عصياناً، فالأحوط- وجوباً- اتيانها حتى قبل أذان الفجر دون نية الأداء و القضاء.

وقت صلاة الصبح

عند ما يظهر من جهة المشرق بياض مستطيل يتحرك في الأفق نحو الأعلى و (يسمى بالفجر الأول) لا تصح صلاة الصبح، أما عند ما يأخذ هذا البياض في الامتداد عرضاً (أي يعترض) فحينئذ يكون الفجر الثاني [الصادق] و يكون أول وقت صلاة الصبح و أما آخر وقت صلاة الصبح فحين طلوع الشمس.

أحكام وقت الصلاة

لا يجوز الاشتغال بالصلاة إلا بعد التيقن من دخول وقتها، أو بعد إخبار رجلين عادلين بدخول الوقت، أو باخبار ثقة واحد إذا أوجب الاطمئنان.

إذا لا يمكنه التيقن من دخول الوقت في أوله، بسبب العمى، أو الغيم، أو الغبار، أو لكونه في سجن، وجب أن يؤخر صلاته حتى يتيقن بدخول الوقت.

إذا أخبر رجلان عادلان بدخول الوقت أو تيقن الإنسان نفسه بدخول الوقت فاشتغل بالصلاة و في الأثناء تبين له عدم دخول الوقت بعد، كانت صلاته باطلة، و هكذا تكون باطلة إذا علم بعد الصلاة بأنها وقعت بتمامها قبل الوقت. و لكن إذا علم بدخول الوقت و هو في أثناء الصلاة أو عرف بعد الصلاة بأن الوقت دخل في أثناء الصلاة صحت صلاته.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 51

إذا كان وقت الصلاة ضيقاً جداً بحيث لو أراد الاتيان ببعض مستحباتها وقع مقدار منها بعد الوقت يلزم أن لا يأتي بتلك المستحبات، مثلًا لو كان اتيان القنوت يوجب وقوع شي ء من الصلاة خارج الوقت لزم ترك القنوت.

من كان عنده من الوقت بمقدار اتيان ركعة من الصلاة يجب أن يأتي بالصلاة بنية الاداء، و لكن لا يجوز تأخير الصلاة حتى يضيق وقتها هكذا.

إذا كان له عذر بحيث لو أراد أن يصلي في أول الوقت اضطر أن يتيمم للصلاة أو يأتي بالصلاة في ثوب نجس فإن علم ببقاء عذره

إلى آخر الوقت جاز له أن يأتي بالصلاة في أول وقتها و لكن إذا احتمل زوال عذره وجب- احتياطاً- أن ينتظر حتى يزول عذره، و إذا لم يزل عذره صلى في آخر الوقت.

إذا اتسع وقت الصلاة و طالبه دائنه بدينه يجب عليه أن يسدد دينه أولًا إن أمكن، ثمّ يشتغل بالصلاة.

الصلوات التي يجب أن تؤتى بالترتيب

يجب الاتيان بصلاة العصر بعد صلاة الظهر و صلاة العشاء بعد صلاة المغرب، و لو أتى بالعصر قبل الظهر، أو العشاء قبل المغرب عمداً بطلت صلاته.

لا يجوز تغيير النية و تبديلها من القضاء إلى الأداء، و لا من الصلاة المستحبة إلى الصلاة الواجبة.

إذا كان وقت الصلاة الادائية واسعاً جاز أن يعدل بنيته من الصلاة الادائية إلى الصلاة القضائية في أثناء الصلاة.

الصلوات المستحبة

اشارة

الصلوات المندوبة و تسمى بالنوافل، كثيرة، و لكن تأكدت الوصية- من بين النوافل- على النوافل اليومية المرتبة و هي في كل يوم- ما عدا يوم الجمعة- أربع و ثلاثون ركعة على النحو التالي:

ثمان ركعات هي نافلة الظهر.

و ثمان ركعات هي نافلة العصر.

و أربع ركعات هي نافلة المغرب.

و ركعتان هي نافلة العشاء.

و إحدى عشرة ركعة هي صلاة الليل.

و ركعتان هي نافلة الصبح.

و حيث أن نافلة العشاء تصلى جلوساً لذلك تحتسب ركعة واحدة.

أما في يوم الجمعة فتضاف إلى نوافل الظهرين الستة عشرة، أربع ركعات أخرى. و تصلى كل هذه النوافل اليومية ركعتين ركعتين، كصلاة الصبح.

يجوز أن يؤتى بالنوافل جلوساً و لكن الأفضل أن يحسب كل ركعتين من جلوس ركعة واحدة، فمثلًا من أراد أن يأتي بنافلة الظهر ذات الثماني ركعات، يأتي بست عشرة ركعة من جلوس، و إذا أراد أن يأتي بالوتر (التي تكون في آخر صلاة الليل) أتى بركعتين من جلوس.

صلاة الغفيلة

من الصلوات المستحبة صلاة الغفيلة التي يكون محلها بين صلاة المغرب و صلاة العشاء، و هي ركعتان على النحو التالي:

في الركعة الأولى يقرأ بعد الحمد، بدل السورة: وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لٰا إِلٰهَ إِلّٰا أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ.

و في الركعة الثانية يقرأ بعد الحمد، بدل السورة: وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لٰا يَعْلَمُهٰا إِلّٰا هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلّٰا يَعْلَمُهٰا وَ لٰا حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لٰا رَطْبٍ وَ لٰا يٰابِسٍ إِلّٰا فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ.

و يقول في القنوت: «اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب

التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تفعل بي كذا و كذا (و يذكر مكان كذا و كذا حوائجه ثمّ يقول:) اللهم أنت ولي نعمتي و القادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لما قضيتها لي».

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 52

أحكام القبلة

القبلة هي الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، و يجب أن يتوجه المصلي صوب الكعبة، يكفي لمن بعد و نأى عنها أن يقف بحيث يصدق عليه أنه متوجه نحو القبلة.

من يأتي بصلواته الواجبة قياماً، يجب أن يستقبل القبلة بوجهه و صدره و بطنه و مقاديم رجله، و الأحوط- استحباباً- أن تكون أصابع رجليه نحو القبلة أيضاً.

من كانت وظيفته الصلاة جلوساً إذا لم يستطع الجلوس بصورة عادية بل يجعل باطن رجليه على الأرض يجب أن يكون وجهه و صدره و بطنه و ساقاه- احتياطاً- نحو القبلة.

من لا يمكنه الصلاة جلوساً يجب أن يصلي و هو نائم على جنبه الأيمن بحيث يكون مقدم بدنه نحو القبلة، و إذا تعذر ذلك نام على جانبه الأيسر بحيث يكون مقدم بدنه نحو القبلة، و لو تعذر هذا أيضاً نام على قفاه بحيث يكون باطن قدميه نحو القبلة كالمحتضر.

يجب استقبال القبلة في صلاة الاحتياط و السجدة و التشهد المنسيين و سجدة السهو أيضاً.

يجوز الاتيان بالنوافل في حال الركوب في وسائط النقل أو على الدابة و في حالة السير و المشي و لو أتى بصلاة النافلة في هاتين الحالتين (أي الركوب و المشي) لم يلزم استقبال القبلة.

من أراد إتيان الصلاة يجب أن يجد و يجتهد في الحصول على جهة القبلة لمعرفتها بيقين، و إذا تعذر التيقن من جهة

القبلة لزم أن يعمل بظنه الذي يحصل له من محراب مساجد المسلمين أو قبورهم أو من الطرق الأخرى، بل و يكفيه إذا حصل له الظن من قول أو إخبار من يعرف جهة القبلة بالقواعد العلمية.

إذا لم تكن لديه أية وسيلة لتحصيل و معرفة اتجاه القبلة أو لم يحصل له ظن بجهة رغم السعي، فإن كان وقت الصلاة واسعاً يجب أن يصلي أربع صلوات نحو الجهات الأربع- احتياطاً- و أما إذا لم يسع الوقت بمقدار أربع صلوات وجب أن يأتي بقدر ما يتسع له الوقت، فمثلًا إذا اتسع الوقت لصلاة واحدة أتى بصلاة واحدة في أية جهة شاء.

ستر البدن في الصلاة

يجب على الرجل أن يستر عورته حال الصلاة و إن لم يره أحد، و الأفضل أن يستر من السرة إلى الركبة أيضاً.

يجب على المرأة أن تستر حال الصلاة كل بدنها حتى الرأس و الشعر، و الأحوط- استحباباً- أن تستر باطن قدميها أيضاً، و لكن لا يلزم أن تستر ذلك المقدار الذي تغسله- في الوضوء- من الوجه، و كذا لا يلزم ستر الكفين إلى الزندين و كذا ظهر القدمين إلى مفصليهما و لكن لكي تتيقن بأنها سترت ما يجب ستره، يجب أن تستر شيئاً من أطراف الوجه و شيئاً مما دون الزندين.

يجب ستر البدن عند قضاء السجدة المنسية و التشهد المنسي بل حتى عند اتيان سجدتي السهو- على الأحوط استحباباً- كما يستر في الصلاة.

إذا علم في أثناء الصلاة بأن عورته مكشوفة يجب أن يسترها، و الأحوط- استحباباً- أن يتم صلاته ثمّ يعيدها مرة أخرى، خصوصاً إذا كان ستر العورة يحتاج إلى وقت معتد به، و لكن إذا علم- بعد الصلاة- بأن عورته كانت مكشوفة في الصلاة

فصلاته صحيحة.

لباس المصلي

اشارة

للباس المصلي شروط ستة:

الأول: أن يكون طاهراً.

الثاني: أن يكون مباحاً.

الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة.

الرابع: أن لا يكون من أجزاء الحيوان الحرام اللحم.

الخامس و السادس: أن لا يكون حريراً خالصاً، و لا ذهباً، إذا كان المصلي رجلًا، و سيأتي تفصيل هذه الأمور في المسائل التالية.

الشرط الأول يجب أن يكون لباس المصلي طاهراً

، و لو صلى في اللباس النجس أو مع البدن النجس متعمداً بطلت صلاته.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 53

إذا لم يعلم بأن بدنه أو لباسه نجس و علم بذلك- بعد الصلاة- صحت صلاته.

إذا نسي أن بدنه أو لباسه نجس و تذكر ذلك- في أثناء الصلاة أو بعدها- وجب أن يعيد تلك الصلاة، أو يقضيها إذا كان قد مضى الوقت على الأحوط.

من شك في طهارة ثوبه أو بدنه و صلى معهما، ثمّ علم بعد الصلاة بنجاسة ثوبه أو بدنه صحت صلاته التي صلاها.

من لا يكون لديه إلا الثوب النجس، يجب عليه أن يصلي فيه خصوصاً إذا لم يمكنه نزع ثوبه بسبب البرد و ما شابه و صحت صلاته.

من كان عنده ثوبان و علم بنجاسة أحدهما و لكن لا يدري أيهما هو النجس، فإن كان الوقت واسعاً يجب أن يصلي في الاثنين، مثلًا لو أراد أن يأتي بالظهر و العصر أتى بهما في كل واحد من اللباسين، و لكن إذا كان الوقت ضيقاً وجب أن يأتي بصلاته في أيهما شاء.

الشرط الثاني يجب أن يكون لباس المصلي مباحاً

، و إذا علم بحرمة لبس الثوب المغصوب لو تعمد اتيان الصلاة في ثوب مغصوب أو ثوب فيه خيط أو أزرار أو أي شي ء آخر مغصوب بطلت صلاته. و هكذا الحكم بالنسبة إلى الجاهل المقصر- على الأحوط-.

إذا لم يعلم أو نسي أن ثوبه غصبي فصلى فيه صحت صلاته.

إذا صلى أحد في لباس غصبي حفاظاً على حياته، أو لأجل أن لا يأخذ السارق ذلك الثوب الغصبي، صحت صلاته.

إذا اشترى ثوباً بعين المال غير المخمس و غير المزكى (أي مما لم يدفع خمسه أو زكاته) و صلى فيه بطلت صلاته.

الشرط الثالث

يجب أن لا يكون لباس المصلي من أجزاء

ميتة الحيوان ذي الدم الدافق عند الذبح (كالغنم) بل الأحوط- وجوباً- أن لا يصلي أيضاً في اللباس المتخذ من أجزاء ميتة الحيوان غير ذي الدم الدافق كالسمك و الحية.

إذا استصحب المصلي معه شيئاً من الميتة مما تحله الحياة كاللحم و الجلد بطلت صلاته، و إن لم يكن ذلك لباساً له.

إذا استصحب المصلي معه شيئاً من أجزاء ميتة الحيوان الحلال اللحم مما لا تحله الحياة كشعره و صوفه، أو صلى في لباس متخذ من هذه الأشياء صحت صلاته.

الشرط الرابع يجب أن لا يكون لباس المصلي من أجزاء الحيوان الحرام اللحم

، و تبطل الصلاة لو كان عليه شي ء منها حتى و لو شعرة.

إذا كان شك في أن هذا اللباس هل اتخذ من الحيوان الحلال اللحم أم من الحرام اللحم، جازت الصلاة فيه، سواء كان من صنع الخارج أو الداخل.

لا إشكال في لبس الخز الخالص في الصلاة و لكن الأحوط- وجوباً- أن لا يصلي في جلد السنجاب.

إذا صلى في ثوب لا يعلم، أو نسي أنه من الحيوان الحرام اللحم صحت صلاته على الأقوى.

الشرط الخامس يحرم لبس الثوب المنسوج بخيوط من الذهب

، و تبطل الصلاة فيه، و لا إشكال في ذلك للنساء في الصلاة و في غير الصلاة.

يحرم للرجال التزين بالذهب، مثل لبس سلسلة ذهبية في العنق، أو التختم بخاتم من ذهب، أو ارتداء ساعة يدوية ذهبية، و تبطل الصلاة معها، و يجب التجنب من استعمال إطارات النظارات إذا كانت من الذهب و لكن لا إشكال في مطلق التزين بالذهب للمرأة في الصلاة و في غير الصلاة.

إذا نسي رجل أن خاتمه أو لباسه من ذهب، أوشك في ذلك فصلى مع ذلك الخاتم أو اللباس لم يجب عليه أن يعيد صلاته التي صلاها معه، و هكذا الحكم إذا كان جاهلًا قاصراً، و لكن في صورة الشك يجب الفحص و هكذا في سائر المسائل إلّا ما خرج بالدليل.

الشرط السادس يجب أن لا يكون لباس المصلي من الحرير الخالص إذا كان رجلًا

، و يحرم له لبسه أيضاً في غير الصلاة، و أما العرقچين (القلنسوة) و التكة (أي خيط السروال) و نظائرهما مما لا يتم الصلاة فيهما وحدها فتكره.

اللباس الذي لا يعلم هل هو من الحرير الخالص أم لا، لا إشكال في لبسه حال الصلاة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 54

لا إشكال أن يكون المنديل المصنوع من الحرير و ما شابهه في جيب المصلي، و لا تبطل الصلاة معه.

لا إشكال في لبس الحرير للمرأة سواء في الصلاة أو في غير الصلاة.

لا مانع عند الاضطرار من لبس الثوب الغصبي و ما اتخذ من الحرير الخالص أو المنسوج من الذهب أو المصنوع من أجزاء الميتة، و هكذا من اضطر إلى لبس ثوب و لم يكن عنده غير هذه الألبسة المذكورة جاز له أن يأتي بالصلاة فيها.

الأحوط أن لا يلبس الرجال لباس النساء، و لا تلبس النساء ملابس الرجال، و لا إشكال في الصلاة فيها.

الموارد التي

لا يلزم فيها طهارة بدن المصلي و لباسه

تصح الصلاة مع البدن أو اللباس النجس في ثلاثة موارد:

الأول: إذا تلوث بدن أو ثوب المصلي بالدم الخارج من جرح أو قرح أو دمل في بدنه.

الثاني: إذا تلوث بدنه أو ثوبه بالدم بمقدار أقل من الدرهم.

الثالث: إذا اضطر أن يصلي مع البدن أو الثوب النجس.

تصح الصلاة في صورتين إذا كانت ثياب المصلي هي النجسة فقط:

الأولى: إذا كانت ألبسته الصغيرة كالجورب و القلنسوة (العرقچين) نجسة.

الثانية: إذا تنجس ثوب المرأة التي تربي طفلها بشروط معينة.

و سيأتي تفصيل أحكام هذه الصور في المسائل الآتية.

إذا كان في بدن المصلي أو ثوبه دم جرح أو قرح أو دمل يجوز له الصلاة مع ذلك الثوب و البدن ما دام لم يبرأ الجرح أو القرح أو الدمل، و هكذا إذا كان في البدن أو الثوب قيح خرج مصحوباً بالدم، أو دواء وضع على الجرح و تنجس به.

إذا كان في بدن المصلي أو ثوبه، و لو بمقدار رأس ابرة، من دم الحيض أو الاستحاضة أو النفاس، أو دم الكلب أو الخنزير، أو دم الكافر، أو شي ء من الميتة بطلت صلاته. و هكذا إذا كان فيه دم الحيوان الحرام اللحم- على الأحوط استحباباً- و لكن لا إشكال في الصلاة مع الدماء الأخرى كدم الإنسان أو دم الحيوان الحلال اللحم و إن كان منتشراً في عدة مواضع من البدن أو الثوب بشرط أن يكون مجموعها أقل من الدرهم.

إذا كان الدم الذي يوجد على البدن أو الثوب أقل من الدرهم، و أصابته رطوبة فإذا كان مجموع الدم و الرطوبة الواصلة إليه بحجم درهم أو أكثر و لوث أطرافه بطلت الصلاة معه، بل حتى إذا لم يبلغ مقدار مجموع

الدم و الرطوبة درهما و لم يلوث أطرافه كان الصلاة فيه موضع إشكال.

إذا تنجست الألبسة الصغيرة للمصلي كالعرقچين و الجورب و غيرها مما لا يكفي لستر العورة، فإن لم تكن مصنوعة من الميتة و الحيوان الحرام اللحم صحت الصلاة فيها، و كذا لا إشكال في الصلاة مع الخاتم النجس.

يجوز أن يستصحب المصلي معه شيئاً متنجساً كالمنديل أو المفتاح أو السكين المتنجس.

إذا تنجس ثوب المربية التي تربي صبيها ببول ذلك الصبي و لم يكن لديها غير ذلك الثوب فإن لم يمكنها أن تشتري أو تستأجر أو تستعير ثوباً غيره، فإذا غسلته في اليوم و الليلة مرة واحدة جاز لها أن تصلي فيه و إن تنجس إلى اليوم الآخر ببول الصبي، و لكن الأحوط- استحباباً- أن تطهر ثوبها عند العصر لصلاة الظهر و العصر. و هكذا إذا كان عندها أكثر من ثوب واحد و لكنها كانت مضطرة إلى لبسها جميعاً كفاها أن تطهر تلك الأثواب مرة واحدة في اليوم و الليلة.

مكان المصلى

اشارة

يشترط في مكان المصلي تسعة شروط الأول: أن يكون مباحاً الثاني: أن يكون مستتراً الثالث: أن يتمكن من اتمام الصلاة فيها الرابع: أن لا يكون البقاء فيه حراماً الخامس: أن لا يكون الوقوف أو الجلوس عليه حراماً السادس: أن يتمكن من القيام و الركوع و السجود فيه. السابع: أن لا يتقدم و لا يساوي قبر المعصوم، الثامن: أن لا يكون نجساً التاسع: أن لا يكون موضع سجود جبهته أعلى أو أدنى من موضع ركبتيه و ابهامي قدميه.

الشرط الأول [يشترط أن يكون مكان المصلي مباحاً]

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 55

يشترط أن يكون مكان المصلي مباحاً، فمن صلى في مكان مغصوب فصلاته باطلة حتى لو صلى على فرش أو سرير أو ما أشبه، و لكن لا مانع في الصلاة تحت السقف المغصوب و الخيمة المغصوبة إذا لم يكن الفضاء تابعاً لهما.

من جلس في موضع من المسجد فغصب شخص مكانه و صلى فيه كانت صلاته محل إشكال.

إذا صلى في مكان لا يعلم أنه مغصوب ثمّ علم بذلك بعد الصلاة، أو صلى في مكان نسي غصبيته ثمّ تذكر ذلك بعد الصلاة، صحت صلاته.

إذا اشترى ملكاً بعين المال غير المخمس أو غير المزكى حرم تصرفه في ذلك الملك و بطلت صلاته فيه.

إذا أذن صاحب الملك- بلسانه- في الصلاة في ملكه، و لكن علم من بعض القرائن عدم رضاه قلبياً بطلت الصلاة في ذلك الملك، و أما إذا لم يأذن صاحب الملك، و لكن تيقن برضاه قلبياً صحت الصلاة في ملكه.

يحرم التصرف في ملك ميت مات و عليه خمس أو زكاة لم يدفعهما، كما و تبطل الصلاة فيه، و لكن إذا سددت هذه الحقوق أو ضمن ورثته أداءها لم يكن إشكال في الصلاة فيه.

يحرم التصرف في ملك

من مات و عليه ديون للناس، كما و تبطل الصلاة فيه، و لكن إذا ضمنوا تسديد ديونه، و أجاز غرماؤه أو وصيه أو الحاكم الشرعي في التصرف، جاز التصرف و الصلاة في ملكه.

الشرط الثاني يجب أن يكون مكان المصلي مستقراً

، أي ساكناً غير متحرك، و إذا اضطر للصلاة في مكان متحرك بسبب ضيق الوقت أو سبب آخر، كالصلاة في السيارة أو القطار أو الطائرة، وجب أن لا يقرأ في حال الحركة- ما أمكنه- و إذا انحرفت عن القبلة إلى طرف آخر يجب أن ينحرف هو صوب القبلة.

الشرط الثالث لا يجوز الشروع في الصلاة في الأماكن التي لا يطمئن المصلي إلى إتمام الصلاة فيها

بسبب المطر أو الازدحام أو الريح، و لكن لو كان يشك في ذلك أو كان يحتمل إمكان إتمام الصلاة جاز أن يأتي بها رجاءً.

الشرط الرابع أن لا يصلي في المكان الذي يحرم البقاء فيه

، كالصلاة تحت سقف مشرف على الخراب و الانهدام.

الشرط الخامس أن لا يصلي على الشي ء الذي يحرم الوقوف أو الجلوس عليه

، كالفراش الذي كتب عليه اسم الله تعالى.

الشرط السادس أن لا يصلي في مكان ذي سقف نازل بحيث لا يمكنه الانتصاب الكامل تحته

، أو في المكان الذي يكون صغيراً جداً بحيث لا يمكنه الركوع و السجود فيه، و أما لو اضطر إلى الصلاة في هذه الأماكن وجب أن يأتي بقيامه و ركوعه و سجوده قدر الإمكان.

الشرط السابع يجب أن لا يصلي متقدماً على قبر الرسول الأعظم

، و الأئمة، و هكذا لا يصلي مساوياً لها على الأحوط- وجوباً-.

الشرط الثامن أن لا يكون مكان المصلي نجساً نجاسة تسري رطوبتها إلى بدنه أو ثوبه

، و تبطل الصلاة إذا كان موضع سجود الجبهة نجساً حتى و لو كان يابساً جافاً.

الشرط التاسع أن لا يكون موضع سجود جبهته أعلى أو أدنى من موضع ركبتيه

و إبهامي قدميه أكثر من أربع أصابع مضمومة.

لا يلزم أن تقف المرأة متأخرة عن الرجل في غير صلاة الجماعة، و لا أن يكون موضع سجودها متأخراً عن محل وقوف الرجل بقليل، و إن كان الأحوط ذلك.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 56

يكره للمرأة أن تقف متقدمة على الرجل أو مساوية له في الصلاة، و يبدءا الصلاة معاً، و لكن لا يلزم إعادة الصلاة لو فعلا ذلك.

الأماكن التي تستحب فيها الصلاة

وردت تأكيدات كثيرة في الشريعة الإسلامية المقدسة بشأن إتيان الصلاة في المساجد، و أفضل جميع المساجد: المسجد الحرام (بمكة المكرمة) ثمّ مسجد النبي، ثمّ مسجد الكوفة، ثمّ المسجد الأقصى، ثمّ مسجد الجامع في كل بلد.

الأفضل- في نفسه- للنساء أن يأتين بصلواتهن في البيوت بل في الغرف الخلفية، و لكن الأفضل لهن أن يأتين بالصلاة في المسجد لو قدرن أن يحفظن أنفسهن من الرجال الأجانب خصوصاً في الجماعة.

تستحب الصلاة في مشاهد الأئمة، بل الصلاة فيها أفضل من المساجد، و الصلاة في مشهد الإمام أمير المؤمنين تعادل مائتى ألف ركعة، و الصلاة عند قبر الإمام الحسين تعادل كل ركعة منها ألف حجة، و ألف عمرة، و عتق ألف عبد، و ألف جهاد مع نبي مرسل.

يستحب الإكثار من ارتياد المساجد و خصوصاً المساجد المهجورة التي لا يصلى فيها.

تكره صلاة جار المسجد في غير المسجد إن لم يكن له عذر.

أحكام المسجد

يحرم تنجيس المسجد و أرضه و سقفه و سطحه و الوجه الداخلي من جدرانه، و يجب على من علم بتنجس أحد هذه المواضع أن يزيل النجاسة فوراً.

يحرم تنجيس مشاهد الأئمة و لو تنجس أحدها، و كان بقاؤه نجساً هتكاً له وجب تطهيره، بل يجب تطهيره أيضاً حتى و لو لم

يوجب بقاؤه نجساً هتكاً له.

الأحوط عدم تزيين المساجد بالذهب و لا بأس بذلك في مشاهد الأئمة. و يجب على الأحوط أن لا ينقش فيها صور ذوات الأرواح كصورة الإنسان و الحيوان، و يكره نقش غير ذوي الأرواح كصورة الورد و ما شابه.

يستحب بناء و تعمير المسجد الموشك على الانهدام و الخراب، و إذا تهدم المسجد بحيث لا يمكن تعميره و إصلاحه جاز هدمه و إعادة بنائه من جديد، بل يجوز أيضاً هدم المسجد غير المتهدم لتوسيعه إذا احتاج الناس إلى ذلك.

الأذان و الإقامة

يستحب للرجل و المرأة أن يؤذنا و يقيما قبل الاتيان بالصلوات الواجبة اليومية، بل لا ينبغي ترك الإقامة. قبل الدخول في الصلوات الواجبة غير اليومية كصلاة الآيات يقول: (الصلاة) ثلاث مرات.

يتألف الأذان من عشرين فصلًا هو:

اللهُ أكْبَر، أربع مرات

أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ، مرتان

أشْهَدُ أنّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهَ، مرتان

أشْهَدُ أنّ عَلِياً وَليّ الله، مرتان

حَيّ عَلى الصّلاة، مرتان

حَيّ عَلى الْفَلاح، مرتان

حَيّ عَلى خَيْرِ الْعَمَل، مرتان

اللهُ أكْبَر، مرتان

لا إلهَ إلّا الله، مرتان

و أما فصول الإقامة فتتألف من تسعة عشر فصلًا، و ذلك بسقوط تكبيرتين من الأول و تهليل واحد من الأخير و إضافة «قَدْ قامَتِ الصّلاة» مرتين بعد «حَيّ عَلى خَيْرِ الْعَمَل».

الظاهر أن «أشهَدُ أنّ عَلياً وَليّ الله» جزء من الأذان و الإقامة و قد أشير إلى ذلك في جملة من الروايات (كما فصلناه في الفقه).

يجب أن لا يفصل كثيراً بين فصول و جمل الأذان، و كذا الإقامة، و لو فصل بينها أكثر من المتعارف يلزم إعادتها من جديد.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 57

الإقامة يلزم أن يؤتى بها بعد الأذان و لا تصح إذا أتى بها

قبل الأذان.

واجبات الصلاة

اشارة

واجبات الصلاة أحد عشر:

الأول: النية.

الثاني: القيام.

الثالث: تكبيرة الاحرام.

الرابع: الركوع.

الخامس: السجود.

السادس: القراءة.

السابع: الذكر.

الثامن: التشهد.

التاسع: السلام.

العاشر: الترتيب.

الحادي عشر: الموالاة.

و أما أركان الصلاة فهي خمسة:

الأول: النية.

الثاني: تكبيرة الاحرام.

الثالث: القيام المتصل بالركوع (أي قبل الركوع).

الرابع: الركوع.

الخامس: السجدتان.

النية

يجب على المصلي أن يأتي بالصلاة بنية التقرب إلى الله و امتثال أمره، و لا يلزم أن يمرها بقلبه، أو يقول بلسانه: أصلي أربع ركعات صلاة الظهر قربة إلى الله- مثلًا-.

يجب أن يستمر المصلي على نيته من أول الصلاة إلى آخرها، فإذا غفل في أثناء الصلاة بحيث لو سئل ما ذا تفعل لا يعلم ما ذا يقول بطلت صلاته.

يجب على المصلي أن يأتي بصلاته لله و امتثالًا لأمر الله وحده، فلو أتى بها رياءً يعني أن يصلي ليراه الناس بطلت صلاته، سواء أتى بصلاته لخصوص الرياء، أو خالطه الرياء.

تكبيرة الاحرام

تجب تكبيرة الاحرام (أي قول: اللهُ أكْبَر) في أول كل صلاة، و هي من أركان الصلاة، و يجب أن يتابع بين كلمتي الله و أكبر، و كذا يجب أن يقولهما بالعربي الصحيح.

يجب أن يكون المصلي مستقراً حال اتيان تكبيرة الاحرام فإذا كبر حال الحركة العمدية بطلت التكبيرة.

الأخرس و من كان في لسانه آفة بحيث لا يمكنه النطق بالتكبيرة بنحو صحيح يجب أن يقولها كيفما أمكنه، و إذا لم يستطع التلفظ بشي ء مطلقاً وجب إمرارها بقلبه، و أن يشير إلى التكبيرة مع تحريك لسانه قدر الإمكان- احتياطاً-.

إذا شك في أنه هل أتى بتكبيرة الاحرام أم لا، فإن اشتغل بقراءة شي ء لم يعتن بشكه، و إن لم يقرأ شيئاً لزم أن يأتي بالتكبيرة.

القيام

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 58

يجب القيام حال أداء تكبيرة الاحرام، و القيام قبل الذهاب إلى الركوع و الذي يسمى ب- (القيام المتصل بالركوع) و هو ركن، و لكن القيام حال قراءة الحمد و السورة، و القيام الذي يكون بعد الانتصاب من الركوع ليس بركن، و إذا ترك أحد هذين الأخيرين سهواً صحت صلاته.

يجب أن

لا يتحرك بدنه حال القيام، و أن لا يميل إلى جانب، و لا يتكئ على شي ء، و لكن لا إشكال لو فعل هذه الأمور اضطراراً، كما لا إشكال لو حرك رجليه عند الانحناء إلى الركوع.

لا إشكال إذا حرك بدنه أو مال إلى جانب أو اتكأ على شي ء حال القيام نسياناً.

يجب أن يكون بدن المصلي مستقراً حال الاشتغال بقراءة شي ء حتى إذا كان من الأذكار المستحبة، و إذا أراد أن يتقدم أو يتأخر أو يتحرك نحو اليسار أو اليمين قليلًا يجب عليه أن يسكت و يتوقف عن القراءة، و لكن لا يلزم الاستقرار حين يقول: «بِحَوْلِ اللهِ وَ قُوّتِهِ أقومُ و أقْعُد» في حال النهوض.

لا إشكال في تحريك اليد و الأصابع حال قراءة الحمد و لكن المستحب أن لا يحركها حينئذٍ أيضاً.

يجب على المصلي أن لا يعدل إلى الجلوس ما دام القيام ممكناً له، فلو كان ممن يتحرك بدنه حال القيام اضطراراً، أو كان مضطراً إلى الاعتماد على شي ء، أو يميل، أو ينحني، أو يفرج بين رجليه أكثر من المتعارف، يلزم عليه أن يصلي قائماً ما أمكنه، و حسب ما اقتضى حاله، و لكن إذا لم يمكنه القيام بأي نحو من الانحاء حتى القيام منحنياً و راكعاً يجب أن يجلس منتصباً و يصلي جلوساً.

يجب أن لا يصلي ممتداً على الأرض ما دام قادراً على الصلاة جالساً، و إذا لم يمكنه الجلوس منتصباً وجب أن يجلس كيفما أمكنه، و إذا لم يمكنه الجلوس مطلقاً، يلزم أن يضطجع على جنبه الأيمن مستقبلًا القبلة، كما مر في أحكام القبلة، و إذا لم يمكنه الاضطجاع كذلك اضطجع على جانبه الأيسر، و إلا استلقى على قفاه بحيث يكون باطن قدميه صوب

القبلة.

من يصلي جلوساً إذا تمكن- في أثناء الصلاة- على القيام لزم أن يصلي قياماً ما أمكنه و لكن لا يقرأ شيئاً ما لم يستقر تماماً.

القراءة

يجب قراءة «الحمد» و سورة كاملة في الركعتين الأوليين من الصلوات الواجبة اليومية.

إذا ضاق وقت الصلاة أو اضطر المصلي إلى عدم قراءة السورة، مثلًا لو خاف أن يدهمه سارق، أو يفترسه حيوان، أو يصيبه شي ء آخر لو قرأ السورة، لا يجب عليه أن يقرأ السورة.

إذا قرأ السورة قبل قراءة الحمد عمداً بطلت صلاته، و إذا فعل ذلك سهواً و تذكر في الأثناء، وجب أن يترك السورة ثمّ يقرأ الحمد ثمّ يقرأ السورة من أولها.

إذا نسي قراءة الحمد و السورة أو نسي أحدهما ثمّ تذكر ذلك بعد الوصول إلى الركوع صحت صلاته.

لا يلزم قراءة السورة في الصلاة المندوبة و إن وجبت تلك الصلاة بسبب النذر، و لكن في بعض الصلوات المندوبة- كصلاة الوحشة- التي فيها صورة مخصوصة يلزم أن يقرأ تلك السورة إن أراد أن يأتي بتلك الصلوات حسب كيفيتها المقررة.

إذ قرأ في الصلاة سورة غير سورة التوحيد أو سورة الكافرون، جاز تركها و العدول إلى سورة أخرى حتى و إن بلغ النصف.

إذا نسي مقداراً من السورة- في أثناء قراءتها- أو اضطر إلى عدم إتمامها لضيق الوقت أو لسبب آخر، جاز تركها و قراءة سورة أخرى.

يجب على الرجل أن يجهر بالحمد و السورة في صلاة الصبح و المغرب و العشاء، و يجب على الرجل و المرأة أن تخافت بهما في صلاتي الظهر و العصر.

يجوز للمرأة أن تخافت أو تجهر بالحمد و السورة في صلاة الصبح و المغرب و العشاء، و لكنها تخافت بهما إذا سمعها أجنبي- على الأحوط-.

إذا تعمد الرجل الإخفات

حيث يجب عليه الجهر، أو تعمد الإجهار حيث يجب عليه الإخفات بطلت صلاته. و لكن لو فعل ذلك نسياناً أو جهلًا صحت صلاته، و أما إذا عرف بخطئه في أثناء قراءة الحمد و السورة يجب أن يعدل إلى ما هو الصحيح، و لكن لا يلزم إعادة ما قرأه خطأ.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 59

إذا رفع صوته بالحمد و السورة أكثر من المتعارف كما لو قرأهما بصياح عال بطلت صلاته.

الأحوط- استحباباً- أن لا يقف بحركة و لا يصل بسكون في الصلاة.

يجوز- في الركعة الثالثة و الرابعة- قراءة الحمد فقط أو قراءة التسبيحات الأربع مرة واحدة. و التسبيحات الأربع هي: (سُبْحانَ الله وَ الْحَمْدُ للهِ وَ لا إلهَ إلّا اللهُ و الله أكْبَر) و يستحب تكرار هذه التسبيحات ثلاثاً.

يجب على الرجل و المرأة الاخفات بالحمد أو التسبيحات في الركعتين الثالثة و الرابعة.

إذا قرأ الحمد في الركعة الثالثة و الرابعة فالأحوط أن يقرأ البسملة فيها إخفاتاً أيضاً.

إذا قرأ التسبيحات الأربع في الركعتين الأوليين من الصلاة ظناً منه بأنه في الأخيرتين فإن علم بخطئه قبل الركوع وجب أن يقرأ الحمد و السورة و إن علم في الركوع أو بعده صحت صلاته.

إذ قرأ الحمد في الركعتين الأخيرتين بظن أنهما الأوليين أو قرأ الحمد في الركعتين الأوليين بظن أنهما الأخيرتين صحت صلاته سواء علم بخطإ ظنه قبل الركوع أو بعده.

إذا أراد أن يقرأ الحمد في الركعتين الأخيرتين فجرت التسبيحات على لسانه عفواً، أو أراد أن يقرأ التسبيحات فيهما فجرت سورة الحمد على لسانه عفواً، لا يلزم تركها و قراءة ما أراده أولًا، بل يكفيه أن يكملها.

إذا شك في أنه هل قرأ الآية أو الكلمة على النحو الصحيح أم لا، فإن لم

يشتغل بشي ء بعده وجب أن يأتي بتلك الآية أو الكلمة بشكل صحيح، و إن اشتغل بالشي ء الذي يلي المشكوك فإن كان هذا التالي ركناً مثل ان شك- و هو في الركوع- في أنه هل قرأ الآية أو الكلمة الفلانية من السورة صحيحة أم لا وجب أن لا يعتني بشكه، و إذا لم يكن ركناً مثل أن يشك و هو يقرأ: (الله الصمد)، في أنه هل قرأ (قل هو الله أحد)، صحيحة أم لا جاز أيضاً أن لا يعتني بشكه.

يستحب- في جميع الصلوات- أن يقرأ سورة القدر في الركعة الأولى، و سورة التوحيد في الركعة الثانية.

الركوع

يجب أن ينحني بعد القراءة في كل ركعة إلى حد يستطيع فيه أن يضع كفيه على ركبتيه و هذا يسمى بالركوع.

من اختلفت يداه أو ركبتاه عما عليه الآخرون، مثلًا لو كانت يداه طويلتان جداً بحيث لو انحنى قليلًا وصلت كفاه إلى ركبتيه، أو كانت ركبتاه أنزل من ركب الناس بحيث يجب أن ينحي كثيراً حتى تصل كفاه إلى ركبتيه، يلزم أن يركع كالمتعارف.

من يركع جالساً يجب أن ينحني بحيث يصير وجهه مقابل ركبتيه، و الأفضل أن ينحني بحيث يقترب وجهه إلى موضع سجوده.

الأحوط أن يقول في الركوع: «سُبْحانَ الله» ثلاث مرات، أو «سُبْحانَ رَبّيَ الْعَظيمِ وَ بِحَمْدِه» مرة واحدة، و لكن في ضيق الوقت، أو عند الاضطرار يكفي أن يقول (سُبْحانَ الله) مرة واحدة.

يجب أن يكون بدن المصلي مستقراً حال الركوع بمقدار الذكر الواجب، أما إذا تحرك البدن قليلًا بحيث لا يخرجه عن حالة الاستقرار أو حرك أصابعه، فلا إشكال و لا حاجة إلى إعادة الذكر.

إذا تعمد إتيان ذكر الركوع قبل الركوع قبل أن ينحني بالمقدار اللازم في الركوع بطلت

صلاته.

إذا تعمد رفع رأسه عن الركوع قبل إتمام الذكر الواجب بطلت صلاته.

إذا لم يمكنه الانحناء بمقدار الركوع يجب أن يعتمد على شي ء و يركع، و إذا لم يمكنه الركوع كالمتعارف حتى مع الاعتماد و التوكأ، يجب أن يأتي به قدر الإمكان، و إذا لم يمكنه الانحناء مطلقاً يجب أن يجلس عند الركوع و يركع جالساً أو يومي للركوع برأسه.

يجب أن يقف منتصباً بعد الفراغ من ذكر الركوع، و بعد أن يستقر بدنه يهوي إلى السجود، و لو سجد قبل الوقوف أو قبل الاستقرار المذكور بطلت صلاته.

إذا نسي الركوع و تذكر- قبل أن يصل إلى السجود- يجب أن يقف ثمّ يأتي بالركوع، و لو قام إلى الركوع منحنياً بطلت صلاته.

يستحب أن يكبر و هو قائم قبل أن يذهب إلى الركوع و أن يدفع بركبتيه إلى الخلف في الركوع، و أن يحافظ على ظهره مستوياً، و يمد عنقه، و يجعله مساوياً لظهره، و أن ينظر إلى ما بين قدميه، و أن يصلي على محمد و آل محمد بعد ذكر الركوع، و أن يقول: «سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَه» بعد أن ينهض من الركوع و يقف منتصباً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 60

السجود
اشارة

يجب على المصلي أن يأتي بسجدتين بعد الركوع، في كل ركعة من ركعات الصلوات الواجبة و المستحبة، و السجدة هي وضع الجبهة و باطن الكفين، و الركبتين، و طرفي الابهامين من القدمين على الأرض.

السجدتان معاً ركن، بحيث إذا تركهما المصلي معاً في الصلاة الواجبة عن عمد أو نسيان أو أضاف إليهما سجدتين أخريين بطلت صلاته.

إذا نقص أو زاد إحدى السجدتين عمداً بطلت صلاته، و أما إذا نقص سجدة واحدة سهواً فسيأتي حكمه فيما بعد.

الأحوط أن يقول في

السجدة: «سُبْحانَ الله» ثلاث مرات أو «سُبْحانَ رَبّيَ الأعْلى وَ بِحَمْدِه» مرة واحدة، و يجب أن يراعي الموالاة بين هذه الكلمات و أن يأتي بها بالعربية الصحيحة، و يستحب أن يقول «سُبْحانَ رَبّيَ الأعْلى وَ بِحَمْدِه» خمس مرات أو سبع مرات.

إذا تعمد الاتيان بذكر السجود قبل أن تصل جبهته إلى الأرض و يستقر البدن، أو رفع رأسه قبل إتمام ذكر السجدة عمداً، بطلت صلاته.

إذا تعمد رفع إحدى مساجده السبعة عن الأرض حال اتيان ذكر السجود بطلت صلاته، و لكن لا إشكال إذا رفع أحد مساجده- ما عدا الجبهة- في غير حال اتيان الذكر سهواً ثمّ أعاده إلى الأرض مرة أخرى.

إذا رفع جبهته عن الأرض قبل إتمام ذكر سجوده سهواً لا يجوز أن يضعها على الأرض مرة أخرى و يجب احتسابها سجدة واحدة، و لكن إذا رفع مواضع أخرى من مساجده- عدا الجبهة- عن الأرض سهواً لزم أن يعيدها إلى الأرض و يأتي بالذكر.

يجب أن يجلس بعد الفراغ من ذكر السجدة الأولى، حتى يستقر بدنه ثمّ يذهب إلى السجدة مرة ثانية.

يلزم أن لا يكون موضع سجود الجبهة أعلى من موضع الركبتين أكثر من أربع أصابع مضمومة، بل الأقوى أن لا يكون موضع الجبهة أنزل من موضع إبهامي القدمين و الركبتين أكثر من أربع أصابع مضمومة.

يجب أن لا يكون بين الجبهة و موضع السجود أي حائل فإذا كان على التربة شي ء من الوسخ المانع من ملامسة الجبهة للتربة بطلت سجدته و لكن لا إشكال إذا تغير لون التربة.

يجب أن تكون التربة أو أي شي ء آخر مما يسجد عليه طاهراً، و لكن لا إشكال إذا وضع التربة الطاهرة على فراش نجس أو كان أحد طرفي التربة نجساً و

لكنه وضع جبهته على الطرف الطاهر منها.

من لم يمكنه إيصال جبهته إلى الأرض يجب أن ينحني إلى الحد الذي يستطيع ثمّ يضع التربة أو غيرها مما يسجد عليه على شي ء عال و يضع جبهته عليها بنحو يصدق عليه أنه سجد، و الأحوط- استحباباً- أن يضع باطن كفيه و ركبتيه و إبهامي قدميه على الأرض كالمعهود.

من لا يقدر أن ينحني أبداً يجب أن يومي برأسه للسجود، و إذا لم يمكنه ذلك يلزم أن يشير بعينيه و في كلتا الصورتين الأحوط- استحباباً- أن يجلس و يرفع محل السجدة و يضع جبهته عليه إن أمكنه، و إذا تعذر الإيماء بالرأس أو العينين يجب أن ينوي السجدة في قلبه و الأحوط استحباباً أن يشير بيده للسجدة.

إذا انفصلت الجبهة عن محل السجود بلا اختيار منه لزم إمساكها عن الرجوع إلى السجدة مرة أخرى إن أمكن، و تحسب هذه سجدة واحدة سواء أتى بذكر السجود فيها أم لا، و إن لم يمكنه حبسها عن الرجوع بل عادت إلى موضع السجود دون اختيار منه حسب الجميع سجدة واحدة.

يجوز السجود على الفراش و ما شابهه في موارد التقية و لا يلزم أن يذهب للصلاة إلى مكان آخر، و لكن الأحوط ذلك، و لو أمكنه أن يسجد على حصير أو شي ء آخر مما يصح السجود بنحو لا يوجب حرجاً له يلزم أن لا يسجد على الفراش و ما شابهه.

في الركعة الأولى و الثالثة اللتين لا تشهد فيهما، مثل الركعة الثالثة في صلاة الظهر و العصر و العشاء، الأحوط- وجوباً- أن يجلس بعد السجدة الثانية قليلًا و بدون حركة ثمّ ينهض للركعة اللاحقة و تسمى هذه الجلسة بجلسة الاستراحة.

ما يصح السجود عليه

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 61

يجب

السجود على الأرض و ما ينبت من الأرض (عدا المأكولات و الملبوسات) كالخشب و ورق الشجر، و لا يصح السجود على المأكولات كالفواكه، و لا على الملبوسات كالقطن و الأشياء المعدنية (الفلزات) كالذهب.

يصح السجود على حجر الكلس (النورة) و حجر الجص، و الأحوط- استحباباً- أن لا يسجد على الجص و النورة (الكلس) المطبوخ، و الآجر، و الخزف و ما شابه في حال الاختيار.

يجوز السجود على القرطاس (الكاغذ) إذا كان مصنوعاً مما يصح السجود عليه كالتبن، و إن كان الظاهر جواز السجود أيضاً على الكاغد المتخذ من القطن و ما شابه.

أفضل شي ء للسجود عليه هو التربة الحسينية، ثمّ التراب ثمّ الحجر ثمّ النبت.

إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه أو كان عنده ذلك و لكن لا يمكنه السجود عليه للبرد الشديد، أو الحر الشديد- مثلًا- فإن كان ثوبه من القطن أو الكتان يجب السجود على ثوبه، و إن كان ثوبه من شي ء آخر يجب أن يسجد على ظهر كفه أو على شي ء معدني كخاتم العقيق، و لكن الأحوط- استحباباً- أن لا يسجد على ظهر كفه ما دام السجود على المعدن ممكناً.

السجود على الطين و التراب الرخو الذي لا تستقر عليه الجبهة باطل.

إذا التصقت التربة- مثلًا- بالجبهة في السجدة الأولى يلزم أن ينزعها عن جبهته للسجدة الثانية على الأحوط.

إذا فقد في أثناء الصلاة ما كان يسجد عليه و لم يكن عنده ما يصح السجود عليه فإن اتسع الوقت للصلاة قطع الصلاة، و إن ضاق الوقت لزم أن يسجد على ثيابه إذا كانت من القطن أو الكتان، و إذا كانت مصنوعة من غيرهما سجد على ظهر كفه أو على شي ء معدني مثل خاتم العقيق.

السجود لغير الله تعالى

حرام، و ما يفعله بعض الناس من وضع الجباه على الأرض مقابل قبور الأئمة الطاهرين إذا كان شكراً لله المتعال فلا إشكال فيه، و إلا فهو حرام، و أما تقبيل العتبة في مشاهد الأئمة فجائز بل مستحب و لا يكون سجوداً.

سجدة القرآن الواجبة

توجد في كل واحدة من السور الأربع و هي: «سورة النجم» و «العلق» و «السجدة» و «فصلت» آية سجدة واحدة، يجب على الإنسان إذا قرأها أو سمعها أن يسجد- بعد تمام الآية- فوراً، و إذا نسي أن يسجد في حينه سجد في أي وقت تذكر.

يجب أن لا يكون المكان غصبياً في السجدة القرآنية الواجبة، و أن لا يكون موضع السجود فيها أرفع من موضع الركبتين و إبهامي القدمين بأكثر من أربع أصابع مضمومة، و لا يلزم أن يكون على وضوء أو غسل أو مستقبلًا للقبلة، كما لا يجب فيها ستر العورة، و لا طهارة البدن و موضع سجود الجبهة، كما لا يشترط في سجدة القرآن الواجبة ما يشترط في لباس المصلي من الأمور الأخرى، أما إذا كان لباسه غصبياً و كان السجود معه تصرفاً فيه بطل سجوده.

الأحوط أن يضع جبهته- في سجدة القرآن الواجبة- على التربة أو غيرها مما يصح السجود عليه، و أن يضع بقية مواضع سجوده على الأرض على نحو ما مر في سجدة الصلاة.

يكفي في سجدة القرآن الواجبة أن يضع جبهته على الأرض بقصد السجدة و إن لم يقرأ ذكراً، و لكن الاتيان بالذكر مستحب و الأفضل أن يقول:

«لا إلهَ إلّا الله حَقاً حَقاً لا إلهَ إلّا الله إيماناً وَ تَصْدِيقاً لا إلهَ إلّا اللهُ عُبودِيّةِ وَ رِقّاً سَجَدْتُ لَكَ يا رَبّ تَعَبُّداً وَرِقاً لا مُسْتَنْكِفاً وَ لا مُسْتَكْبِراً بَلْ أنا

عَبْدٌ ذَلِيلٌ ضَعِيفٌ خَائِفٌ مُسْتَجِير».

التشهد

يجب الجلوس للتشهد في الركعة الثانية من كل الصلوات الواجبة، و في الركعة الثالثة من صلاة المغرب، و الرابعة من صلاة الظهر و العصر و العشاء، و ذلك بعد أن يجلس من السجدة الثانية و يقول و هو مستقر البدن:

«أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلّا الله وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَ أشْهَدُ أنّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ اللّهُمّ صَلّ عَلى مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمَّد».

إذا نسي التشهد و قام و تذكر قبل الركوع أنه لم يتشهد، جلس و تشهد، ثمّ يقف و يقرأ ما يجب قراءته في تلك الركعة، و يتم الصلاة ثمّ يأتي بسجدتي السهو بعد الصلاة للقيام في غير محله.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 62

التسليم

يستحب- بعد التشهد في الركعة الأخيرة من الصلاة أن يقول في حال الجلوس و استقرار البدن: «السّلامُ عَلَيْكَ أيُّهَا النّبِيُّ وَ رَحْمةُ اللهِ وَ بَرَكاتُه» و يجب أن يقول بعد ذلك: «السّلامُ عَلَيْكُمْ» بالإضافة إلى «وَ رَحْمَةُ الله وَ بَرَكاته» على الأحوط- وجوباً- أو يقول: «السّلامُ عَلَيْنا وَ عَلى عِبادِ الله الصالِحِين»، و لكن إذا قرأ هذا السلام فالأحوط أن يقول بعده: «السّلامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ الله وَ بَرَكاته» أيضاً.

الترتيب

إذا أخل بترتيب الصلاة عمداً، مثل ان قرأ السورة قبل الحمد، أو أتى بالسجود قبل الركوع بطلت صلاته.

إذا نسي ركناً من أركان الصلاة، و أتى بالركن الذي يليه، مثلًا لو أتى بالسجدتين قبل أن يأتي بالركوع بطلت صلاته.

إذا نسي ركناً و أتى بما يليه مما لا يكون ركناً، مثل أن ينسى السجدتين و يأتي بالتشهد، يجب أن يأتي بالركن المنسي ثمّ يعيد قراءة ما أتى قبله خطأ و سهواً.

إذا نسي ما ليس بركن و أتى بالركن الذي يليه، مثلًا لو نسي الحمد و اشتغل بالركوع صحت صلاته.

إذا نسي ما ليس بركن و أتى بما يليه مما لا يكون ركناً أيضاً، مثلًا لو نسي الحمد و قرأ السورة فإن كان قد اشتغل بالركن الذي يليه، مثلًا تذكر في الركوع بأنه لم يأت بالحمد يجب أن يمضي و تصح صلاته، و إذا لم يشتغل بالركن الذي يليه يجب أن يأتي بما نسيه ثمّ يأتي بما قرأه سهواً مرة أخرى.

الموالاة

يجب على المصلي أن يراعي الموالاة في الصلاة، يعني أن يأتي بأفعال الصلاة كالركوع و السجود و التشهد تباعاً و بلا فصل، و كذا يتابع و يراعي الموالاة في الأذكار التي يقرؤها كما هو متعارف و معهود، و لو فصل بين هذه الأمور بحيث لا يقال انه يصلي بطلت صلاته.

القنوت

يستحب القنوت في جميع الصلوات الواجبة و المندوبة (المستحبة) و ذلك قبل الركوع في الركعة الثانية، بل الأحوط- استحباباً- عدم تركه في الصلوات الواجبة، و يستحب القنوت في صلاة الوتر و إن كانت ركعة واحدة، و لصلاة الجمعة في كل ركعة قنوت، و في صلاة الآيات خمسة قنوتات، و في صلاة العيد في الركعة الأولى منها خمسة قنوتات و في الركعة الثانية منها أربعة قنوتات، و الأحوط أن لا تترك قنوتات صلاة عيدي الفطر و الأضحى.

يستحب في القنوت أن يرفع كفيه إلى محاذاة وجهه، و يجعل باطنهما نحو السماء، و إلى جنب بعض، و يضم أصابعهما ما عدا إبهاميهما، و أن ينظر إلى باطنهما.

يكفي في القنوت أن يقرأ أي ذكر شاء حتى لو قال: سبحان الله، مرة واحدة.

إذا لم يأت بالقنوت عمداً لا يقضيه، و إذا نساه و تذكره قبل أن ينحني بمقدار الركوع يستحب أن يقف و يقنت، و لو تذكر و هو في الركوع يستحب أن يقضي القنوت بعد الركوع، و لو تذكر و هو في السجود يستحب أن يقضي القنوت بعد السلام.

تعقيب الصلاة

يستحب لمن صلى أن يشتغل بعد الصلاة ببعض التعقيبات من ذكر أو دعاء أو قرآن، و الأفضل أن يأتي بتعقيباته مستقبلًا القبلة، قبل أن يتحرك من مكانه و قبل أن يبطل وضوءه أو غسله أو تيممه. و لا يلزم

أن يكون التعقيب بالعربي و لكن الأفضل أن يقرأ ما ورد في كتب الأدعية من التعقيبات المقررة.

و من التعقيبات المؤكدة جداً تسبيح الزهراء و هي بهذا الترتيب: أن يقول 34 مرة (الله أكبر) ثمّ 33 مرة (الحمد لله) ثمّ 33 مرة (سبحان الله).

الصلاة على النبي

يستحب أن يصلي على النبي كلما سمع أسماءه المباركة كمحمد و أحمد، أو لقبه كالمصطفى أو كنيته كأبي القاسم، بل و لو سمع الضمير العائد إليه حتى لو سمعها و هو في الصلاة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 63

مبطلات الصلاة

الأمور التي تبطل الصلاة اثنا عشر:

الأول: أن يفقد في أثناء الصلاة شرطاً من شروطها، مثل أن يعلم في أثناء الصلاة بغصبية المكان.

الثاني: أن يعرض له في أثناء الصلاة ما يبطل الوضوء أو الغسل، عمداً كان أو سهواً، أو عن اضطرار مثل أن يخرج منه البول.

الثالث: التكفير و هو وضع إحدى اليدين على الأخرى.

الرابع: أن يقول «آمين» بعد قراءة الحمد، و لكن إذا قال ذلك سهواً، أو تقية لم تبطل صلاته.

الخامس: أن يستدبر القبلة عمداً أو نسياناً، أو ينحرف إلى يمين القبلة أو يسارها، بل إذا انحرف عمداً بمقدار لا يقال: انه مستقبل القبلة، بطلت صلاته و إن لم ينحرف إلى اليمين أو اليسار.

السادس: أن يتلفظ بكلمة ذات حرفين أو أكثر و إن لم تكن ذات معنى، و لكن إذا فعل ذلك سهواً لم تبطل صلاته.

إذا تلفظ بكلمة ذات حرف واحد فإن كان ذات معنى مثل (ق) الذي هو فعل أمر من (وقى يقي) بمعنى احفظ، فإن عرف معناها و قصده بطلت صلاته، بل الأحوط- وجوباً- إعادة الصلاة حتى إذا لم يعرف معناها و لكنه كان ملتفتاً.

لا إشكال في السعال و التجشؤ و التأوه في الصلاة، و لكن قول: (آخ) (و آه) و ما شابه مما يكون ذات حرفين، يبطل الصلاة إذا كان عن عمد.

لا إشكال إذا أتى بكلمة بقصد الذكر مثل أن يقول: الله أكبر، و يرفع بها صوته لتنبيه الغير إلى أمر.

لا إشكال في تكرار شي ء

من كلمات الحمد أو السورة أو غيرها من اذكار الصلاة عدة مرات احتياطاً، و لا إشكال حتى إذا كررها عمداً دون أن يقصد الجزئية، و لكن لو كرر شيئاً عدة مرات بسبب الوسواس بطلت صلاته.

لا يسلم المصلي على أحد و لكن إذا سلم عليه أحد وجب على المصلي رده كما سلم، فإذا قال: (سلام عليكم) يقول المصلي مجيباً: (سلام عليكم)، و لكن إذا قال: (عليكم السلام) يجب على المصلي أن يقول: سلام عليكم- على الأحوط-.

يجب رد السلام فوراً في الصلاة أو في غير الصلاة و لو أخر رد السلام- عمداً أو نسياناً- تأخيراً كثيراً بحيث لو رد لم يحسب جواباً لذاك السلام فإن كان في الصلاة لا يرد، و إذا لم يكن في الصلاة لم يجب الرد.

يجب أن يرد على السلام بحيث يسمعه المسلّم، و إذا كان المسلّم أصم كفاه أن يرد كالمتعارف.

إذا لم يرد المصلي على السلام عصى و أثم و لكن تصح صلاته.

لا يجب الرد على سلام من سلم مزاحاً أو سخرية.

إذا سلم شخص على جماعة وجب على الجميع كفاية أن يردوا على سلامه، و يكفي عنهم لو أجاب أحدهم.

الابتداء بالسلام مستحب و قد أكد كثيراً على أن يسلم الراكب على الراجل و القائم على القاعد و الأصغر على الأكبر، و الجواب واجب.

إذا تقارن سلام شخصين كل على الآخر فالأحوط- أن يجيب كل منهما على الآخر.

السابع من مبطلات الصلاة: الضحك مع القهقهة عمداً أو اضطراراً، و أما لو ضحك مع القهقهة سهواً فلا إشكال في صلاته إلا أن يخرج من حالة الصلاة. و هكذا لا يبطل التبسم الصلاة.

إذا تغيرت حالته من أجل منع نفسه من ظهور صوت ضحكه مثل أن يحمر لونه فالأحوط

إعادة صلاته إلا أن يخرج من صورة الصلاة فحينئذٍ يجب إعادة صلاته.

الثامن من مبطلات الصلاة: تعمد البكاء بصوت في الصلاة من أجل الأمور الدنيوية، و الأحوط- وجوباً- أن لا يبكي من أجل الدنيا حتى بدون صوت، و لكن لا إشكال في البكاء من خوف الله أو لأجل أمور الآخرة بصوت مرتفع أو منخفض بل هو من أفضل الأعمال.

التاسع: فعل شي ء يمحي صورة الصلاة كالتصفيق الكثير و القفز الكبير و ما شابه، عمداً أو نسياناً، و لكن لا إشكال في الاتيان بعمل لا يمحي صورة الصلاة كالإشارة باليد.

إذا سكت في أثناء الصلاة كثيراً بحيث لا يقال: انه يصلي، بطلت صلاته.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 64

العاشر من مبطلات الصلاة: الأكل و الشرب، فلو أكل و شرب في الصلاة بحيث لا يقال: انه يصلي، بطلت صلاته عمداً كان أو نسياناً.

إذا ابتلع- في أثناء الصلاة- بقايا الطعام الموجودة بين أسنانه أو في فمه لا تبطل صلاته، و هكذا لا إشكال لو بقي في الفم شي ء من السكر و ذاب في الصلاة شيئاً فشيئاً، و دخل في جوفه.

الحادي عشر من مبطلات الصلاة: الشك في ركعات الصلاة الثنائية و الثلاثية أو في الركعتين الأوليين من الصلوات الرباعية.

الثاني عشر من مبطلات الصلاة: هو أن ينقص أو يزيد ركناً من أركان الصلاة عمداً أو سهواً، و لكن زيادة تكبيرة الاحرام سهواً لا تبطل الصلاة، و هكذا الزيادة أو النقيصة العمدية في غير الأركان تبطل الصلاة.

إذا شك بعد الصلاة في أنه هل أتى في أثناء الصلاة بما يبطل أم لا، صحت صلاته.

الموارد التي يجب قطع الصلاة فيها لا يجوز قطع الصلاة اختياراً، و لكن لا مانع في قطع الصلاة لحفظ مال أو دفع ضرر

مالي أو بدني.

إذا أمكن للمصلي حفظ نفسه، أو حفظ نفس من يجب حفظها، أو حفظ المال الذي يجب حفظه دون قطع الصلاة، يجب أن لا يقطع الصلاة، و لكن يكره قطع الصلاة لحفظ مال لا يكون ذا أهمية.

إذا اشتغل بالصلاة في سعة الوقت و طالبه دائنه بالدين فإن أمكن أن يسدد دينه و هو في حال الصلاة فعل في تلك الحال و لم يقطع الصلاة، و إذا لم يمكن تسديد الدين و أداء الحق إلا بقطع الصلاة وجب أن يقطع الصلاة و يدفع ما عليه ثمّ يصلي.

من وجب عليه أن يقطع الصلاة إذا لم يقطع الصلاة بل أتمها عصى، و لكن صحت صلاته.

الشكوك

اشارة

شكوك الصلاة 23 قسماً:

ثمانية أقسام تبطل الصلاة بسببها.

و ستة أقسام يجب أن لا يعتنى بها.

و تسعة أقسام تصح معها الصلاة.

الشكوك المبطلة

الشكوك التي تبطل الصلاة بسببها هي:

أولًا: الشك في عدد ركعات الصلوات الثنائية كصلاة الصبح، أو صلاة المسافر، و لكن إذا شك في عدد ركعات الصلوات المندوبة الثنائية، و صلاة الاحتياط لم تبطل الصلاة بسببها.

ثانياً: الشك في عدد ركعات الصلاة الثلاثية.

ثالثاً: أن يشك في الصلاة الرباعية في أنه هل صلى ركعة أم أكثر.

رابعاً: أن يشك في الصلاة الرباعية- قبل إتمام السجدة الثانية- فلا يدري هل صلى ركعتين أم أكثر.

خامساً: الشك بين الاثنين و الخمس، أو الاثنتين و الأكثر من الخمس.

سداساً: الشك بين الثلاث و الست، أو الثلاث و الأكثر من الست.

سابعاً: الشك في ركعات الصلاة فلا يدري كم ركعة صلى.

ثامناً: الشك بين الأربع و الست، أو بين الأربع و الأكثر من الست قبل إتمام السجدة الثانية.

إذا عرض للمصلي أحد الشكوك المبطلة فيجوز له أن يقطع الصلاة و إن كان الأحوط استحباباً أن لا يقطع الصلاة بل يفكر إلى حد أن تنهدم معه صورة الصلاة، أو أن ييأس من حصول اليقين أو الظن له.

الشكوك التي لا يعتنى بها

الشكوك التي يجب أن لا يعتنى بها و لا يلتفت إليها عبارة عما يلي:

الأول: الشك في شي ء بعد تجاوز محله، مثل أن يشك- و هو في الركوع- في أنه هل قرأ الحمد أم لا.

الثاني: الشك بعد السلام.

الثالث: الشك بعد انقضاء وقت الصلاة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 65

الرابع: شك كثير الشك.

الخامس: شك الإمام في عدد ركعات الصلاة إذا حفظ المأموم عددها، و هكذا شك المأموم إذا حفظ الإمام عدد ركعات الصلاة.

السادس: الشك في الصلاة المندوبة.

إذا شك- في أثناء الصلاة- في أنه هل أتى ببعض أعمال الصلاة الواجبة أم لا، مثلًا لو شك في أنه هل قرأ الحمد أم لا، فإن لم يشتغل بما يلي

ذلك يجب أن يأتي بذلك العمل المشكوك، و أما إذا اشتغل بما يجب اتيانه بعد ذلك العمل المشكوك، لم يعتن بشكه.

إذا شك بعد السلام في أنه هل كانت صلاته صحيحة أم لا، مثلًا لو شك في أنه هل ركع أم لا، أو شك بعد السلام في الصلاة الرباعية في أنه هل صلى أربع ركعات أم خمس ركعات، يجب أن لا يعتني بشكه، و لكن إذا كان كلا طرفي الشك باطلين، مثلما إذا شك بعد السلام في الصلاة الرباعية في أنه صلى ركعتين أم خمس ركعات، بطلت صلاته.

إذا شك- بعد مضي الوقت- في أنه هل صلى أم لا، أو ظن أنه لم يصل أصلًا لم يلزم أن يأتي بها، و لكن إذا شك- قبل خروج الوقت- في أنه هل صلى أم لا، أو ظن بأنه لم يصل يجب الاتيان بها، بل يجب الاتيان بها، حتى إذا ظن أنه أتى بها.

إذا شك أحد في صلاة واحدة ثلاث مرات أو شك في ثلاث صلوات متتاليات، كالصبح و الظهر و العصر، كان كثير الشك، و إن كان كثرة شكه لغضب أو خوف أو اضطراب بال، لم يعتن بشكه.

إذا شك في كونه كثير الشك أم لا، يجب أن يعمل حسب وظيفة الشك العادي، و على كثير الشك أن لا يعتني بشكه ما دام لم يتيقن رجوعه إلى حالة العاديين من الناس.

إذا شك إمام الجماعة في عدد ركعات الصلاة مثل أن يشك في أنه هل صلى ثلاث ركعات أم أربع ركعات، فإن تيقن المأموم بأنه أتى بأربع ركعات و أفهم الإمام بأنه أتى بأربع لزم على الإمام أن يتم الصلاة و لا يلزم الاتيان بصلاة الاحتياط. و هكذا إذا تيقن الإمام

اتيان عدد من الركعات، و شك المأموم في العدد لزم على المأموم أن لا يعتني بشكه.

إذا شك في عدد ركعات الصلاة المندوبة فإن كان الطرف الأكثر في الشك يبطل الصلاة بنى على الأقل، مثلًا لو عرض له الشك في نافلة الصبح فلا يدري هل صلى ركعتين أم ثلاثاً يلزم أن يبني على أنه أتى بركعتين، و أما إذا لم يكن الطرف الأكثر مبطلًا للصلاة مثلًا لو شك في أنه هل أتى بركعتين أم ركعة واحدة، عمل بأي طرف شاء و صحت صلاته.

إذا شك في اتيان أحد أفعال النافلة سواء كان ركناً أو غير ركن أتى بالمشكوك ما لم يتجاوز محله، و لكنه لا يعتن بشكه لو تجاوز المحل.

إذا فعل في النافلة ما يستوجب سجدة السهو، أو نسي سجدة، أو التشهد، لا يلزم عليه أن يأتي عقيب الصلاة بسجدة السهو، أو بقضاء السجدة المنسية، أو التشهد المنسي.

الشكوك الصحيحة (المعتبرة)

يجب على المصلي التأمل و التفكر فوراً إذا شك في عدد ركعات الصلوات الرباعية و ذلك في تسع صور، فإن قاده تأمله إلى يقين أو ظن في جانب من جانبي الشك أخذ بذلك الجانب الذي استقر عليه يقينه أو ظنه و أتم الصلاة، و أما إذا لم يقده تأمله و تفكيره إلى أمر، عمل حسب القواعد الآتي تفصيلها:

(الصورة الأولى): إذا شك- بعد رفع الرأس من السجدة الثانية- في أنه هل أتى بركعتين أم بثلاث، ففي هذه الصورة يجب أن يبني على أنه أتى بثلاث و يقوم و يأتي بركعة أخرى و يتم الصلاة ثمّ يأتي بعد الصلاة بركعة واحدة من صلاة الاحتياط قياماً أو بركعتين جلوساً حسبما يأتي تفصيلها فيما بعد.

(الصورة الثانية): إذا شك بين الاثنتين و الأربع- بعد

رفع الرأس من السجدة الثانية- ففيها يجب أن يبني على الأربع و يتم صلاته و هو جالس، ثمّ يأتي بعد الصلاة بركعتي احتياط قياماً.

(الصورة الثالثة): إذا شك بين الاثنتين و الثلاث و الأربع- بعد رفع الرأس من السجدة الثانية- (أي لا يدري هل صلى ركعتين أم ثلاث أم أربع) ففي هذه الصورة يبني على أنه أتى بأربع و يتم صلاته و هو جالس، ثمّ يأتي- بعد الصلاة- بركعتي احتياط قياماً و بركعتين من جلوس أيضاً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 66

(الصورة الرابعة): إذا شك بين الأربع و الخمس- بعد رفع الرأس من السجدة الثانية- بنى على أنه صلى أربع ركعات و أتم صلاته و هو جالس و أتى بعد الصلاة بسجدتي السهو.

إذا عرض له أحد هذه الشكوك الأربعة بعد الاتيان بالذكر في السجدة الثانية و قبل رفع الرأس منها عمل بنفس دستور الشك فيها و الأحوط استحباباً ان يعيد تلك الصلاة.

(الصورة الخامسة): إذا شك بين الثلاث و الأربع في أي موضع من الصلاة، يلزم أن يبني على الأربع و يتم صلاته، ثمّ يأتي بركعة احتياط قياماً أو بركعتين من جلوس.

(الصورة السادسة): إذا شك بين الأربع و الخمس- و هو في حال القيام- يلزم أن يجلس و يتشهد و يسلم و يتم الصلاة ثمّ يأتي بركعة احتياط واحدة من قيام أو بركعتين من جلوس، و الأحوط- وجوباً- أن يأتي بسجدتي السهو أيضاً و ذلك للقيام الزائد.

(الصورة السابعة): إذا شك بين الثلاث و الخمس- في حال القيام- فعليه أن يجلس و يتشهد و يسلم و يتم صلاته ثمّ يأتي- بعد الصلاة- بركعتي احتياط من قيام و بركعتين من جلوس أيضاً، و يأتي بسجدتي السهو أيضاً من أجل القيام

الزائد على الأحوط- وجوباً-.

(الصورة الثامنة): إذا شك بين الثلاث و الأربع و الخمس- في حال القيام- فعليه أن يجلس و يتشهد و يسلم و يتم الصلاة ثمّ يأتي بعدها بركعتي احتياط قياماً و بركعتين من جلوس، و الأحوط- وجوباً- أن يأتي بسجدتي السهو أيضاً من أجل القيام الزائد.

(الصورة التاسعة): إذا شك بين الخمس و الست- في حال القيام- فعليه أن يجلس و يتشهد و يسلم و يأتي بعد السلام بسجدتي السهو، و الأحوط- وجوباً- أن يأتي بسجدتي سهو أخريين للقيام الزائد.

إذ عرض للمصلي أحد الشكوك الصحيحة فعليه أن لا يقطع صلاته، أما لو قطع صلاته و استأنف الصلاة من جديد فالصلاة الثانية صحيحة.

إذا عرض له أحد الشكوك التي تستوجب صلاة الاحتياط فإن أتم صلاته و استأنفها من جديد دون أن يأتي بصلاة الاحتياط عصى، فإذا استأنف الصلاة قبل أن يأتي بما يبطل الصلاة- كإدارة الوجه عن القبلة- بطلت صلاته الثانية على الأحوط استحباباً. و أما إذ اشتغل بالصلاة الثانية بعد إتيان ما يبطل الأولى صحت صلاته الثانية.

إذا غلب ظنه بطرف من طرفي الشك في أول الأمر ثمّ تساوى الطرفان في ظنه يجب عليه أن يعمل بدستور الشك، و إذا كان الطرفان متساويين في نظره في أول الأمر فبنى على ما هو وظيفته و لكن غلب ظنه على طرف آخر من الطرفين يجب أن يأخذ بالطرف الذي ترجح ظنه به و يتم الصلاة.

الذي لا يعلم هل يترجح أحد الطرفين في ظنه أم يتساويان يجب أن يعمل بوظيفة الشك.

إذا زال شكه ثمّ عرض له شك آخر، مثلًا شك أولًا بين الاثنتين و الثلاث ثمّ شك بين الثلاث و الأربع عمل على الشك الثاني.

إذا عرف بعد الصلاة بأنه

كان قد عرض له في أثناء الصلاة شك ما، و لكن لا يدري هل كان من الشكوك المبطلة أم من الشكوك الصحيحة، أو إذا كان من الشكوك الصحيحة فمن أي قسم كان، يأتي بركعتين من صلاة الاحتياط قياماً، و ركعتين من جلوس، و بسجدتي السهو و يعيد الصلاة أيضاً، و لكن يكفي إعادة الصلاة فقط.

الذي يصلي جالساً إذا عرض له شك يستوجب ركعة احتياط قياماً، أو ركعتي احتياط جلوساً، يجب أن يأتي بركعة واحدة جلوساً، و إذا عرض له شك يستوجب ركعتي احتياط قياماً يجب بأن يأتي بركعتين من جلوس.

صلاة الاحتياط

الذي وجبت عليه صلاة الاحتياط يجب عليه- بعد الصلاة فوراً- أن ينوي لصلاة الاحتياط، و يكبر و يقرأ الحمد فقط و يركع و يأتي بالسجدتين، فإن كان ممن تجب عليه ركعة احتياط واحدة تشهد بعد السجدتين و سلم، و أما إن كان ممن تجب عليه ركعتا احتياط نهض بعد السجدتين و أتى بركعة أخرى على نحو الركعة الأولى ثمّ تشهد و سلم.

ليس في صلاة الاحتياط سورة و لا قنوت، و يجب أن يخافت بالحمد، و لا يتلفظ بنيتها، و الأحوط أن يخافت بالبسملة أيضاً.

إذا علم- قبل إتيان صلاة الاحتياط- بأن صلاته التي صلاها صحيحة، لا يلزمه اتيان صلاة الاحتياط، و إذا علم بذلك- و هو في أثناء صلاة الاحتياط- لا يلزمه إتمامها.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 67

إذ علم- بعد إتيان صلاة الاحتياط- بأن نقصان ركعات صلاته كان بمقدار صلاة الاحتياط، مثلًا أتى بركعة احتياط واحدة عند الشك بين الثلاث و الأربع ثمّ علم بعد الاحتياط بأنه كان قد صلى ثلاث ركعات صحت صلاته.

إذا شك في أنه هل أتى بصلاة الاحتياط التي وجبت عليه أم لا،

فإن كان بعد وقت الصلاة لم يعتن بشكه و أما إن كان الوقت باقياً فإن لم يشتغل بعمل آخر، و لم يقم من محل صلاته و لم يأت بما يبطل الصلاة كاستدبار القبلة يلزم أن يأتي بصلاة الاحتياط، و أما إذا أتى بما يبطل الصلاة أو فصل بين الصلاة و عروض الشك زمان طويل فالأحوط استحباباً إعادة الصلاة بأصلها مرة أخرى.

إذا زاد ركناً في صلاة الاحتياط أو أتى بركعتين بدل ركعة واحدة فيها، بطلت صلاة الاحتياط و يجب إعادة أصل الصلاة من جديد.

إذا زاد أو نقص في صلاة الاحتياط سهواً ما ليس بركن فالأحوط وجوباً أن يأتي له بسجدتي السهو.

إذا وجبت عليه صلاة الاحتياط و قضاء سجدة منسية أو قضاء تشهد منسي أو اتيان سجدتي سهو يجب أن يأتي بصلاة الاحتياط أولًا.

حكم الظن في عدد ركعات صلاة الاحتياط حكم اليقين، إلا أن يكون الظن بشي ء سبباً لبطلان الصلاة، ففي هذه الصورة لا يكون للظن حكم اليقين.

لا فرق في حكم الشك و السهو و الظن في الصلوات اليومية و الصلوات الواجبة الأخرى. فمثلًا لو شك في صلاة الآيات في أنه هل أتى بركعة أم بركعتين فحيث أن صلاة الآيات ثنائية فإن الشك فيها مبطل لها.

سجود السهو

اشارة

يجب الاتيان بسجدتي السهو- بعد التسليم من الصلاة- حسب الكيفية التي سيأتي بيانها و ذلك لأمور خمسة:

الأول: إذا تكلم بحرفين في أثناء الصلاة سهواً.

الثاني: إذا سلّم في غير محل التسليم، مثلًا لو سلم في الركعة الأولى سهواً.

الثالث: إذا نسي إحدى السجدتين.

الرابع: إذا نسي التشهد.

الخامس: إذا شك بعد السجدة الثانية في الصلاة الرباعية، هل أتى بأربع ركعات أم بخمس، و هكذا إذا جلس سهواً في موضع القيام، مثلًا إذا جلس في حال

قراءة الحمد و السورة خطأً، أو قام في موضع الجلوس كما إذا وقف في حال التشهد سهواً، فاللازم على الأحوط- وجوباً- أن يأتي بسجدتي السهو.

بل الأحوط- وجوباً- أن يأتي بسجدتي السهو لكل زيادة و نقيصة سهوية في الصلاة.

إذا أعاد بشكل صحيح ما قرأه غلطاً، لم يلزمه اتيان سجود السهو للغلط.

إذا أتى- في غير محل السلام- بالسلامات الثلاثة المذكورة آنفاً، كفاه سجود السهو مرة واحدة فقط.

إذ نسي سجدة واحدة أو تشهداً و تذكر ذلك قبل ركوع الركعة التالية يجب أن يرجع و يأتي بالمنسي، ثمّ يأتي بعد الصلاة بسجود السهو للقيام في غير محله- على الأحوط-.

إذا تذكر في الركوع أو بعده، أنه نسي سجدة أو نسي التشهد من الركعة السابقة يجب عليه- بعد السلام من الصلاة- أن يقضي السجدة المنسية أو التشهد المنسي ثمّ يأتي بعد ذلك بسجود السهو.

إذا لم يأت بسجود السهو بعد تسليم الصلاة عمداً عصى، و الواجب عليه أن يأتي به في أقرب الأوقات، و لو لم يأت به سهواً لزم أن يأتي به متى ما تذكر فوراً و لا تلزمه إعادة الصلاة.

كيفية سجدتي السهو

كيفية سجدتي السهو هي: أن ينوي بعد سلام الصلاة لسجود السهو، و يضع جبهته على ما يصح السجود عليه و يقول: «بِسْمِ اللهِ وَ بِاللهِ وَ صَلّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِه» أو يقول: «بِسْمِ اللهِ وَ باللهِ اللّهُمّ صَلّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّد».

و الأفضل أن يقول: «بِسْمِ اللهِ وَ بِاللهِ السّلامُ عَلَيْكَ أيّهَا النّبِيُّ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكاتُه».

ثمّ يجلس ثمّ يسجد مرة ثانية و يقرأ أحد الأذكار المذكورة و يجلس و يتشهد و يسلم سلاماً واحداً.

قضاء السجدة المنسية و التشهد المنسي

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 68

يشترط

عند قضاء السجدة المنسية أو قضاء التشهد المنسي جميع الشروط المعتبرة في الصلاة، كطهارة البدن و الثوب و استقبال القبلة و غيرها من الشروط.

إذا نسي سجدة واحدة و تشهداً فالأحوط وجوباً أن يبدأ بقضاء ما نسيه أولًا و إذا لم يعلم أيهما نسيه أولًا، يلزم- على الأحوط- أن يأتي بسجدة أولًا ثمّ يتشهد ثمّ يأتي بسجدة أخرى بعد التشهد، أو يأتي بتشهد أولًا ثمّ يأتي بسجدة ثمّ بتشهد آخر ليحصل له اليقين بحصول الترتيب في قضاء السجدة و التشهد المنسيين.

إذا فعل بين سلام الصلاة و قضاء السجدة المنسية أو التشهد المنسي ما يبطل عمده و سهوه الصلاة لو حدث في خلالها كاستدبار القبلة- مثلًا- يلزم- على الأحوط- أن يعيد الصلاة بعد أن يقضي السجدة المنسية أو التشهد المنسي إذا كانت السجدة المنسية أو التشهد المنسي من غير الركعة الأخيرة، و أما إذا كان من الركعة الأخيرة فالأقوى إعادة أصل الصلاة.

إذا فعل بين السلام قضاء السجدة المنسية أو التشهد المنسي من الركعة السابقة ما يستوجب إتيانه حال الصلاة سجدتي السهو كالتكلم سهوا، يجب أن يقضي السجدة المنسية أو التشهد المنسي و لا يلزم أن يأتي بسجود سهو آخر إضافة إلى السجود السهوي الذي يأتي به لقضاء السجدة أو التشهد المنسيين.

من وجب عليه قضاء السجدة المنسية أو التشهد المنسي، فإن وجب عليه سجود سهو لأمر آخر أيضاً يلزم عليه- بعد الصلاة- أن يقضي السجدة أو التشهد أولًا ثمّ يأتي بسجود السهو.

إذا شك هل قضى- بعد الصلاة- السجدة المنسية أو التشهد المنسي أم لا، فإن كان وقت الصلاة باقياً وجب إعادة قضاء السجدة أو التشهد، و إن لم يكن وقت الصلاة باقياً الأفضل قضاء المنسي.

النقص و الزيادة في أجزاء الصلاة و شرائطها

إذا زاد في

واجبات الصلاة أو نقص منها عمداً بطلت صلاته حتى لو كان حرفاً واحداً.

إذا زاد في واجبات الصلاة أو نقص جهلًا منه بالمسألة بطلت صلاته احتياطاً، و لكن لو خافت- جهلًا- في قراءة الحمد و السورة في صلاة الصبح و المغرب و العشاء، أو جهر في الظهر و العصر، أو أتم الصلاة في السفر صحت صلاته.

إذا علم في أثناء الصلاة أن غسله أو وضوئه كان باطلًا أو أنه اشتغل بالصلاة بدون غسل أو وضوء بطلت الصلاة و يعيدها مع الوضوء أو الغسل، و إذا علم بذلك بعد الصلاة، وجب أن يعيد صلاته مع الوضوء أو الغسل إن كان الوقت باقياً و يقضي إن عرف ذلك بعد انقضاء الوقت.

إذا علم أنه صلى قبل دخول الوقت أو أنه صلى إلى يمين القبلة أو إلى يسارها يجب أن يعيد صلاته إن كان الوقت باقياً أو يقضيها إن كان الوقت منقضياً.

صلاة المسافر

اشارة

يجب على المسافر أن يقصر في صلواته الرباعية (و هي الظهر و العصر و العشاء) أي يصليها ركعتين و يسقط الركعتين الأخيرتين منها، و ذلك إذا اجتمعت شروط ثمانية هي:

الشرط الأول أن لا تقل المسافة التي يقطعها في سفره عن ثمانية فراسخ شرعية

، و الفرسخ الشرعي عبارة عن خمسة كيلومترات و نصف تقريباً.

من بلغ مجموع ذهابه و إيابه ثمانية فراسخ إذا سافر و عاد في نفس اليوم و الليلة، كما لو سافر نهاراً و عاد في نفس اليوم أو في نفس الليلة من ذلك اليوم فإن لم يكن ذهابه أقل من أربعة فراسخ وجب أن يقصر صلاته و لكن إذا كان مقدار ذهابه ثلاثة فراسخ و إيابه خمسة فراسخ يتم صلاته.

إذا كانت مسافة السفر أقل من ثمانية فراسخ، أو لم يعلم المسافر هل يبلغ سفره ثمانية فراسخ أم لا، لا يقصر صلاته، و أما لو شك في أنه هل بلغ سفره ثمانية فراسخ أم لا يجب عليه الفحص و التحقيق فإن أخبره عادلان أو تعارف بين الناس- بنحو يوجب الاطمئنان- بأن سفره استغرق ثمانية فراسخ قصر صلاته.

إذا أخبره عادل واحد بأن سفره بلغ ثمانية فراسخ يلزم أن يقصّر في صلاته و عليه أن لا يصوم و يقضي ذلك الصوم.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

منتخب المسائل الإسلامية؛ ص: 69

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 69

إذا كان لمحل طريقان، واحدة أقل من ثمانية فراسخ و أخرى ثمانية فراسخ أو أكثر، فإن سافر إلى ذلك المحل من الطريق الذي يبلغ ثمانية فراسخ قصر صلاته و إن سافر من الطريق الذي يقل عن ثمانية فراسخ يجب أن يتم صلاته.

إذا كان للبلد جدار يجب أن يجعل مبدأ المسافة الشرعية (أي ثمانية فراسخ) من جدار البلد، و

إن لم يكن للبلد جدار وجب أن يحتسب هذه المسافة من آخر بيوت البلد.

الشرط الثاني أن يقصد قطع ثمانية فراسخ من أول سفره

، فعلى هذا إذا سافر إلى محل يقل عن ثمانية فراسخ، و بعد الوصول إلى هناك قصد الذهاب إلى محل آخر بحيث لو ضم المسافتان لبلغتا ثمانية فراسخ، فحيث انه لم يقصد قطع هذه المسافة من حين خروجه الأول، يجب أن يتم صلاته و لا يقصر.

من قصد قطع ثمانية فراسخ يجب أن يقصر صلاته إن وصل إلى محل اختفى فيه جدران البلد، أو اختفى صوت الأذان عن سمعه.

الشرط الثالث أن لا يعدل المسافر- في أثناء الطريق- عن عزمه

في قطع المسافة الشرعية فإن عدل عن قصده قبل بلوغ أربعة فراسخ أو تردد وجب أن يتم.

الشرط الرابع أن لا يريد المرور على وطنه

قبل بلوغ ثمانية فراسخ، و أن لا يريد البقاء في مكان عشرة أيام أو أكثر، فإذا أراد أن يمر على وطنه قبل بلوغ ثمانية فراسخ، أو أراد الإقامة في محل عشرة أيام وجب أن يتم صلاته.

الشرط الخامس أن لا يسافر لمعصية و عمل حرام

فإذا سافر لعمل حرام كالسرقة وجب أن يتم صلاته، و هكذا يتم صلاته إذا كان نفس السفر حراماً كسفر الزوجة بدون اذن زوجها، أو سفر الولد مع نهي أبيه أو أمه مع أذيتهما عن مخالفة الولد، إن لم يكن سفرهما واجباً، و لكن في مثل سفر الحج الواجب يقصر كلاهما صلاتهما.

يحرم السفر إذا كان موجباً لأذى أبويه و لم يكن ترك السفر ضرراً على الولد، و على المسافر في هذه الحالة أن يتم صلاته و يصوم.

من لم يكن سفره حراماً أو لم يسافر لأمر حرام يقصر صلاته، و إن أتى بمعصية في سفره، هذا كما إذا اغتاب أحداً، أو شرب خمراً.

لا يحرم السفر إذا كان لأجل التنزه و الاستجمام و يجب أن يقصر صلاته.

الشرط السادس أن لا يكون من أهل البوادي الذين يتجولون في الصحارى

فإذا رأوا ماءً أو عشباً نزلوا ثمّ يرحلون عنه بعد قليل فإن على هؤلاء أن يتموا صلاتهم.

إذا سافر من هو من أهل البوادي للبحث عن منزل و مرعى لأنعامه فإن امتد سفر ثمانية فراسخ يلزم عليه أن يتم صلاته و إن لم تكن أمتعته معه.

إذا سافر من هو من أهل البوادي للزيارة و الحج أو التجارة و ما شابه وجب أن يقصر صلاته.

الشرط السابع أن لا يكون السفر شغلًا له

و لذلك فإن الحملدار، و المكاري، و السائق، و الملاح و من شابههم يتم في غير سفره الأول و إن سافر لنقل أمتعته.

من يكون شغله السفر إذا سافر لأمر آخر كما إذا سافر للزيارة أو الحج يقصر صلاته و لكن إذا أجر وسيلته (كما لو أجر السائق سيارته) للزيارة و ذهب هو معهم وجب أن يتم صلاته.

الحملدار إذا كان السفر شغلًا له يجب أن يتم صلاته، و إذا لم يكن السفر شغلًا له قصر الصلاة.

السائق أو البائع المتجول الذي يتردد على أماكن تبعد عن بلده الفرسخين و الثلاثة إن اتفق له أن سافر ثمانية فراسخ يجب أن يقصر في صلاته، و لكن إذا قال الناس: إن شغله السفر، فإن سافر ثمانية فراسخ يلزم عليه أن يتم صلاته على الأقوى.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 70

من يكون شغله السفر إذا أقام في غير وطنه عشرة أيام قصر في أول سفرة بعد تلك العشرة إذا كانت إقامته عن قصد- من أول الأمر- أما إذا لم يقصد من أول الأمر أن يقيم في ذلك المكان عشرة أيام وجب أن يتم صلاته في أول سفرة بعد العشرة.

السائح في البلدان الذي لم يتخذ لنفسه وطناً يجب أن يتم صلاته.

الشرط الثامن أن يصل إلى حد الترخص

يعني أن يبتعد عن بلده و موطنه- و كذا عن المكان الذي قصد إقامة عشرة أيام فيه- بمقدار يختفي فيه جدار البلد، و لا يسمع فيه أذان ذلك البلد، بشرط أن يكون الجو صافياً لا غبار فيه يمنع عن رؤية الجدران أو سماع الأذان، و لا يلزم أن يبتعد بحيث لا يرى القباب و المنائر و لا يرى الجدران أصلًا بل يكفي أن لا تظهر الجدران جيداً.

إذا سافر إلى مكان يسمع فيه

أذان البلد و لكن لا يرى جدرانه، أو يرى جدران البلد و لكن لا يسمع أذانه فإن كان يريد أن يصلي هناك عليه أن يتم في صلاته.

المسافر الذي يعود إلى وطنه يجب أن يتم صلاته إذا رأى جدران بلده و سمع أذانه و كذا المسافر الذي يريد أن يقيم في محل عشرة أيام إذا رأى جدران ذلك المحل و سمع أذانه.

إذا كانت عينه أو أذنه أو صوت الأذان غير عادي يجب أن يقصر صلاته في الموضع الذي لا ترى فيه العيون المتوسطة الجدران المتوسطة للبلد، و لا تسمع فيه الأذان المتوسطة الأذان العادي.

المحل الذي يختاره الشخص للإقامة و التوطن يعتبر وطنه، سواء كان ميلاده فيه (أي كان مسقط رأسه) أو لا، و سواء كان وطناً لأبويه أم اختاره هو للتوطن فيه، و عدّ- في نظر الناس- وطناً له.

المحل الذي يقصد الإقامة فيه مدة طويلة من الزمان كأربع أو خمس سنوات يحسب وطناً له عرفاً، فإذا عرض له سفر ثمّ عاد إلى ذلك البلد مرة أخرى يجب أن يتم صلاته فيها.

من توطن في محلين، مثل أن يسكن في بلد ستة أشهر و في محل آخر ستة أشهر أخرى كان المحلان وطناً له، و هكذا الحكم إذا اختار لنفسه أكثر من بلد للسكنى على هذا الغرار، فإن كل هذه الأماكن تعد وطناً له.

إذا وصل إلى مكان كان وطنه سابقاً و لكنه أعرض عنه لا يتم الصلاة فيه و إن لم يختر وطناً آخر لنفسه بعد.

المسافر الذي يقصد الإقامة في مكان عشرة أيام بالتوالي أو يعلم أنه سيبقى في ذلك المكان عشرة أيام دون اختيار منه يجب أن يتم الصلاة في ذلك المكان.

المسافر الذي يريد إقامة عشرة أيام

في محل، لا يجوز له أن يتم صلاته إلا إذا أراد البقاء في مكان واحد تمام العشرة، فإذا قصد إقامة عشرة في بلدين، يجب أن يقصر صلاته إذا لم يكن البلدان متصلين ببعضهما، و أما إن كانا متصلين ببعضهما فلهما حكم البلد الواحد.

إذا قصد مسافر أن يقيم في مكان عشرة أيام، فإن أعرض عن البقاء قبل أن يأتي بصلاة رباعية، أو تردد في البقاء- قبل ذلك- يجب أن يقصر صلاته، و أما إذا أعرض و انصرف عن الإقامة في ذلك المكان أو حصل له التردد المذكور بعد أن صلى رباعية فعليه أن يتم ما دام هناك.

المسافر الذي قصد الإقامة في مكان عشرة أيام إذا صام ثمّ انصرف و أعرض عن البقاء بعد الظهر فإن كان انصرافه بعد أن أتى بصلاة رباعية في ذلك المكان صح صومه و عليه أن يتم صلواته ما دام هناك و أما إذا كان انصرافه قبل أن يأتي بصلاة رباعية صح صومه في ذلك اليوم و عليه أن يقصر بقية صلواته اللاحقة و لا يجوز له الصوم في الأيام اللاحقة.

المسافر الذي قصد الإقامة في مكان عشرة أيام إذا أراد أن يخرج إلى ما دون أربعة فراسخ و يعود إلى مكانه الأول و يبقى فيه عشرة أيام يتم صلاته في المدة التي يخرج فيها و يعود، و لكن إذا لا يريد- بعد رجوعه إلى المكان الأول- أن يبقى فيه عشرة أيام فعليه أن يتم صلاته عند الخروج إلى ما دون أربعة فراسخ و في المدة التي يبقى فيها هناك و عند الرجوع إلى المكان الأول و بعد العودة- على الأقوى- و الأحوط أن يجمع بين القصر و التمام خصوصاً عند العودة و

في محل الإقامة، و أما إذا كان المكان الذي يريد أن يخرج إليه أربعة فراسخ أو أكثر فيجب أن يقصر صلاته عند الذهاب إلى ذلك المكان و في المدة التي يبقى فيها هناك، و حال العودة و بعد العودة أيضاً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 71

إذا قصد الإقامة في مكان عشرة أيام باعتقاد أو ظن أن رفقاءه يريدون الإقامة عشرة أيام فيه و بعد إتيان صلاة رباعية واحدة علم بأنهم لم يقصدوا الإقامة فعليه أن يتم صلاته ما دام هناك، و إن انصرف هو أيضاً عن الإقامة.

المسافر الذي يريد إقامة تسعة أيام أو أقل في مكان إذا أراد- بعد انقضاء تسعة أيام أو أقل- أن يبقى تسعة أيام أخرى أو أقل و هكذا حتى ثلاثين يوما، عليه أن يتم في اليوم الواحد و الثلاثين.

المسافر المتردد في الإقامة مدة ثلاثين يوماً لا يتعين عليه أن يتم- بعد الثلاثين- إلا إذا كان قد أمضى كل هذه الأيام الثلاثين في مكان واحد، و أما إذا أمضى هذه الثلاثين يوماً في أماكن متعددة قصر في صلاته حتى بعد الثلاثين.

مسائل متفرقة

يجوز للمسافر أن يتم صلاته في المسجد الحرام و مسجد النبي و مسجد الكوفة.

و هكذا يجوز للمسافر أن يتم صلاته في الحائر الحسيني و لكن الأحوط استحباباً أن يقصر إذا صلى في موضع أبعد من أطراف القبر الشريف بمقدار خمسة و عشرين ذراعاً.

الذي يعلم أنه مسافر و أن عليه أن يقصر صلاته لو أتم عمداً في غير هذه الأماكن الأربعة المذكورة في المسألة المتقدمة بطلت صلاته و هكذا إذا نسي أن صلاة المسافر قصر فأتم، يجب عليه أن يعيد صلاته إذا كان الوقت باقياً و يقضي إن تذكر بعد انقضاء الوقت-

على الأحوط-.

الذي يعلم أنه مسافر و أن عليه أن يقصر الصلاة لو أتم غفلة، بطلت صلاته.

المسافر الذي لا يعلم هل يجب عليه قصر الصلاة أم لا، إذا أتم صحت صلاته.

إذا نسي أنه مسافر و أتم صلاته فإن تذكر في داخل الوقت وجب إعادتها قصراً، و إن تذكر بعد انقضاء الوقت لم يجب عليه قضاؤها.

من يجب عليه التمام إذا قصر الصلاة بطلت صلاته على أي حال.

إذا اشتغل بصلاة رباعية و في أثنائها تذكر أنه مسافر، أو التفت إلى أنه قطع ثمانية فراسخ في سفره، فإن لم يذهب إلى ركوع الركعة الثالثة وجب أن يختم صلاته.

المسافر الذي لم يأت بالصلاة إذا وصل إلى وطنه قبل انقضاء الوقت، أو وصل إلى مكان يريد إقامة عشرة أيام فيه يجب عليه أن يتم و من لا يكون مسافراً إذا لم يأت بالصلاة- في وطنه- في أول الوقت و سافر وجب أن يقصر في السفر.

المسافر الذي يجب أن يقصر صلاته إذا فاتته صلاة الظهر أو العصر أو العشاء وجب أن يقضيها قصراً، حتى لو أراد أن يقضيها في الحضر، و إذا فات غير المسافر إحدى هذه الصلوات الثلاث وجب أن يقضيها تماماً (أي رباعية) و إن أراد أن يقضيها في السفرة.

صلاة القضاء

من لم يأت بالصلاة الواجبة في وقتها يجب عليه قضاؤها، حتى و لو كان نائماً طوال وقت الصلاة، أو فاتته الصلاة بسبب السكر أو الإغماء الحادثين باختياره، و لكن لا تقضي المرأة صلواتها اليومية التي فاتتها في حال الحيض و النفاس.

إذا علم- بعد وقت الصلاة- أن صلاته التي صلاها كانت باطلة وجب أن يقضيها.

من كان عليه قضاء صلوات فائته يجوز له أن يأتي بالصلوات المندوبة.

الصلوات اليومية الفائتة التي يعتبر الترتيب

في أدائها كالظهر و العصر الفائتين من يوم واحد أو المغرب و العشاء الفائتين من ليلة واحدة يجب أن يقضيها على الترتيب، أما في غير ذلك فالأحوط- استحباباً- مراعاة الترتيب.

الذي يعلم بفوات صلاة رباعية منه و لا يعلم هل كانت ظهراً أم عصرا، إذا أتى بصلاة رباعية بنية قضاء ما فاتته كفته.

من فاتته صلاة أو أكثر من الأيام السابقة لا يجب عليه أن يقضيها أولًا ثمّ يشتغل بالحاضرة و لكن إذا فاتته صلاة أو أكثر من يومه الحاضر، فإن أمكن قدم قضاء ما فاته في يومه أولًا ثمّ أتى بالحاضرة- على الأحوط استحباباً-.

لا يجوز للغير قضاء فوائت الحي و إن كان ذلك الحي عاجزاً عن قضائها.

يجوز الاتيان بقضاء الفوائت مع الجماعة سواء كانت صلاة الإمام أدائية أم قضائية، و لا يلزم أن تكون صلاة المأموم متفقة مع صلاة الإمام، فلا إشكال لو صلى المأموم صلاة الصبح مع الجماعة في حين يصلي الإمام صلاة العصر.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 72

يستحب أن يمرن الطفل المميز و يعود على الصلاة و بقية العبادات، بل يستحب حمله على أداء فوائته و يجوز أن يقيم الأطفال صلاة الجماعة و يكون إمامهم طفلًا.

وجوب قضاء فوائت الوالدين على الابن الأكبر

يجب على الابن الأكبر قضاء ما فات عن والديه من الصلاة و الصيام إذا لم يفتهما عصياناً و أمكنهما القضاء، و إنما يجب قضاء فوائت الوالدين بعد موتهما. أو يستأجر من يقضي عنهما هذه الفوائت، و لكن الصوم الذي فاتهما بسبب السفر و إن لم يمكنهما القضاء فالأحوط وجوباً أن يقضيه الابن الأكبر أو يستأجر من يقضيه عنهما.

إذا شك الابن الأكبر في أنه هل فات من أبيه و أمه شي ء من الصلاة

أو الصيام، لم يجب عليه شي ء من القضاء.

إذا أوصى الميت بأن يستأجر أحد لقضاء صلاته و صومه فلا يجب على الابن الأكبر أن يقضيهما بعد أن يأتي بهما الأجير بنحو صحيح.

إذا أراد الابن الأكبر قضاء فوائت أبيه أو أمه وجب أن يعمل حسب وظيفته- نفسه- مثلًا يجهر في قضاء صلاة الصبح و المغرب و العشاء إذا كان يقضيهما عن أمه.

صلاة الجماعة

اشارة

يستحب الاتيان بالصلوات الواجبة، و خصوصاً اليومية مع الجماعة، و يتأكد في صلاة الصبح و المغرب و العشاء، خصوصاً لجار المسجد، و كذا من يسمع أذان المسجد.

إذا اقتدى شخص واحد بإمام الجماعة فلكل ركعة من صلاتهما ثواب مائة و خمسين صلاة، و لو اقتدى شخصان فلكل ركعة ثواب ستمائة صلاة، و كلما ازداد عددهم ازداد ثواب صلواتهم حتى إذا بلغ إلى عشرة أشخاص فإن تجاوز العشرة فحينئذٍ لو أصبحت السماوات كلها أوراقاً و صحائف و البحار مداداً و الأشجار أقلاماً و الجن و الإنس و الملائكة كتبة لما قدروا على أن يكتبوا ثواب ركعة من صلواتهم.

لا إشكال إذا أراد الإمام أو المأموم أن يعيد جماعة، ما كان قد صلاها.

لا يجوز الإتيان بالنوافل جماعة إلا صلاة الاستسقاء، و إلا الصلاة الواجبة التي صارت مندوبة لسبب ما، كصلاة عيدي الفطر و الأضحى الواجبة في زمان حضور الإمام، المندوبتين بسبب غيبته.

إذا كان إمام الجماعة مشتغلًا بصلاته اليومية يجوز الاقتداء به، و أما إذا كان يأتي بصلاة قضائية له احتياطاً، أو يقضي- احتياطاً- فوائت غيره ففي الاقتداء به إشكال حتى و إن لم يأخذ أجرة على قضاء فوائت الغير، إلا أن يكون قضاؤه قطعياً.

إذا كان إمام الجماعة مشتغلًا بالصلوات اليومية جاز الاقتداء و إتيان صلاة من الصلوات اليومية خلفه،

و لكن إذا كان إمام الجماعة يعيد صلواته اليومية من باب الاحتياط ففي الاقتداء به إشكال.

إذا وصلت صفوف الجماعة إلى باب المسجد صحت صلاة من يقف أمام باب المسجد، و كذا تصح صلاة من يقف خلفه، و لكن تشكل صلاة من يقف على طرفيه، و لا يرى الصف الامامي.

يجب أن لا يكون موضع صلاة إمام الجماعة أعلى من موضع صلاة المأموم و لكن لا إشكال إذا كان أعلى بقليل.

لا إشكال إذا كان موقف المأموم أعلى من موقف الإمام.

إذا فصل بين من يقفون في صف واحد طفل مميز فإن لم يعلموا ببطلان صلاته يجوز لهم الاقتداء.

بعد أن يكبر الإمام تكبيرة الإحرام إذا تهيأ الصف الأول و أوشك أهله أن يكبروا جاز لمن يقف في الصف الثاني أن يكبر تكبيرة الإحرام و لا يلزم التربث حتى ينتهي الشخص الامامي من التكبيرة.

إذ علم المأموم- بعد الصلاة- بأن الإمام لم يكن عادلًا أو أن الإمام كان كافراً أو كانت صلاته باطلة لسبب من الأسباب كما لو كان على غير وضوء مثلًا صحت صلاة المأموم.

إذا نوى المأموم الانفراد دون عذر، أو مع عذر بعد الحمد و السورة لا يلزم أن يقرأ الحمد و السورة، و لكن إذا نوى الانفراد قبل إتمام الحمد و السورة يجب أن يقرأ هو بقية الحمد و السورة التي لم يقرأها الإمام.

إذا نوى المأموم الانفراد في أثناء صلاة الجماعة لا يجوز له أن يعدل عن نية الانفراد إلى الجماعة ثانية، و لكن إذا تردد هل نوى الانفراد أم لا ثمّ عزم على أن يتم صلاته مع الجماعة صحت صلاته.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 73

إذا اقتدى بالجماعة- و الإمام في الركوع- و أدرك ركوعه صحت صلاته حتى

لو انتهى الإمام من ذكر الركوع، و احتسبت له ركعة، أما إذا انحنى بمقدار الركوع و لكن لم يدرك ركوع الإمام بطلت صلاته إن لم يعلم أنه سيدرك ركوع الإمام و أما إن كان متيقناً من أنه سيدرك ركوع الإمام صحت صلاته على الأقوى، و إن كان الأحوط الإعادة.

يجب أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، و لا اشكال إذا تساوى الإمام و المأموم و لكن المأموم لو كان أطول من الإمام فاللازم- على الأحوط وجوباً- أن يقف بحيث لو ركع أو سجد لم يتقدم على الإمام.

يجب أن لا يفصل بين الإمام و المأموم حائل من ساتر أو غيره بحيث لا يرى ما وراءه، و هكذا يجب أن لا يفصل شي ء بين المأموم و المأموم الآخر الذي يتصل المأموم بواسطته بالإمام، و لكن إذا كان الإمام رجلًا و المأموم أنثى فلا إشكال بوجود الحائل بين المرأة و الإمام، أو بين المرأة المأمومة و الرجل الذي تتصل المرأة بسببه بالإمام.

إذا اقتدى بالإمام في الركعة الثانية لا يلزم أن يقرأ الحمد و السورة و لكن يقنت، و يتشهد مع الإمام و الأحوط أن يتجافى- حال قراءة التشهد- بأن يضع أصابع يديه و صدر قدميه على الأرض و يرفع ركبتيه عن الأرض، و يلزم أن يقوم بعد التشهد مع الإمام و يقرأ الحمد و السورة و يترك السورة إذا لم يتسع الوقت لقراءتها و يلحق بالإمام أو ينوي الانفراد- على الأحوط- و يعمل حسب وظيفة المنفرد إن لم يتسع الوقت لقراءة الحمد.

إذا اقتدى بالإمام في الركعة الثانية من الرباعية، يلزم عليه- بعد الجلوس من السجدتين- في ركعته الثانية التي تكون الركعة الثالثة للإمام أن يتشهد بما هو

واجب و يجوز له أن يأتي بمستحبات التشهد ثمّ ينهض لإتيان ركعته الثالثة فإن لم يتسع الوقت لتكرار التسبيحات الأربع ثلاثاً أتى بها مرة واحدة و التحق بالإمام في الركوع.

إذا كان الإمام في الركعة الثالثة أو الرابعة و علم المأموم بأنه لا يمكنه قراءة الحمد و السورة لو اقتدى بالإمام فالأحوط- وجوباً- أن يصبر حتى يذهب الإمام إلى الركوع ثمّ يقتدي به في الركوع.

إذا اقتدى بالإمام في الركعة الثالثة أو الرابعة يلزم أن يقرأ الحمد و السورة إن وسع الوقت لهما، و أما إن لم يسع الوقت للسورة لزم أن يتم الحمد و يلحق بالإمام في الركوع.

إذا كان الإمام واقفاً و لا يدري المأموم في أية ركعة يكون الإمام، يجوز للمأموم أن يقتدي به و لكن يلزم أن يقرأ الحمد و السورة بقصد القربة و إن علم فيما بعد أن الإمام كان في الركعة الأولى أو الثانية صحت صلاته.

إذا لم يقرأ الحمد و السورة باعتقاد أن الإمام في الركعة الأولى أو الثانية ثمّ تبين له بعد الركوع أن الإمام كان في الركعة الثالثة أو الرابعة صحت صلاته.

من تخلف عن الإمام بركعة يستحب له- عند ما يأتي الإمام بتشهد الركعة الأخيرة- أن يتجافى بأن يضع أصابع يديه و صدر قدميه على الأرض و يرفع ركبتيه عن الأرض و يصبر حتى يسلم الإمام و ينتهي من الصلاة ثمّ يقوم.

ما يشترط في إمام الجماعة

يلزم أن يكون إمام الجماعة بالغاً، عاقلًا، إمامياً اثني عشرياً، عادلًا، طاهر المولد، يأتي بالصلاة على نحو صحيح، كما يلزم أن يكون الإمام رجلًا إذا اقتدى به الرجل، و لا مانع في اقتداء الصبي المميز بالصبي المميز الآخر.

الذي يمكنه الصلاة قائماً لا يجوز له الاقتداء بالقاعد، و الذي

يمكنه الصلاة جالساً لا يجوز له الاقتداء بمن يصلي مضطجعاً.

يجوز الاقتداء بالإمام الذي يصلي في ثوب نجس أو مع التيمم أو مع وضوء الجبيرة إذا كان لبسه للثوب النجس أو عدوله إلى التيمم أو الوضوء الجبيري لعذر.

أحكام الجماعة

يجب على المأموم تعيين الإمام عند النية، و لكن لا يلزم معرفة اسم الإمام، فلو قال هكذا: «اقتدى بالإمام الحاضر» صحت صلاته.

يجب على المأموم أن يأتي بكل أجزاء الصلاة بنفسه، ما عدا قراءة الحمد و السورة، و لكن لو كانت ركعته الأولى أو الثانية، ثالثة الإمام أو رابعته عليه (أي على المأموم) قراءة الحمد و السورة.

يجب على المأموم أن لا يأتي بتكبيرة الإحرام قبل الإمام، بل الأحوط- استحباباً- أن لا يكبر ما لم ينته الإمام من التكبيرة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 74

لا يجب على المأموم أن يتأخر عن الإمام في الإتيان بالسلام فلو تعمد التسليم قبل أن يسلم الإمام صحت صلاته و لا يلزم عليه إعادة السلام مرة أخرى مع تسليم الإمام نعم لو سلم قبل أن يسلم الإمام قل ثوابه.

لا إشكال إذا أتى المأموم بالأقوال الأخرى من الصلاة (ما عدا تكبيرة الإحرام و السلام) قبل الإمام و لكن إذا كان يسمعها أو يعلم متى يقوله الإمام فالأحوط- استحباباً- أن لا يقولها قبل الإمام.

يجب على المأموم أن يأتي بما عدا الاذكار كالسجود و الركوع مع الإمام أو بعده بقليل، و لو تعمد الاتيان بها قبل الإمام أو بعد الإمام بكثير صحت صلاته مع احتمال العصيان في التأخر الكثير و التقدم غير المتعارف.

إذا رفع المأموم رأسه من الركوع قبل الإمام فإن كان الإمام لا يزال في الركوع وجب عليه أن يرجع إلى الركوع ثمّ ينتصب مع الإمام و لا

تبطل صلاته بزيادة ركن في هذه الصورة. و أما إذا رجع إلى الركوع و لكن قبل أن يصل إلى الركوع رفع الإمام رأسه من الركوع أشكلت صلاته و إن كان لا يبعد الصحة.

إذا رفع المأموم رأسه من السجود خطأ و رأى الإمام لا يزال ساجداً يجب عليه أن يرجع إلى السجود فوراً، و لو تكرر مثل هذا السهو في السجدتين.

إذا ركع- قبل الإمام- سهواً و كان بحيث لو رجع إلى القيام لم يدرك شيئاً من قراءة الإمام فإن صبر حتى يلحقه الإمام في الركوع صحت صلاته، و هكذا تصح صلاته لو رفع رأسه من الركوع بقصد متابعة الإمام ثمّ ركع مع الإمام.

إذا قنت الإمام في ركعة لا قنوت فيها، سهواً، أو تشهد سهواً في ركعة لا تشهد فيها لا يصح للمأموم متابعته في ذلك، و لكن لا يجوز له في هذه الحالة أن يركع قبل ركوع الإمام و لا أن يقوم قبل قيام الإمام بل عليه أن ينتظر حتى يتم الإمام ذلك القنوت أو التشهد السهوي، ثمّ يتم معه بقية الصلاة.

يستحب للإمام مراعاة حال أضعف المأمومين فلا يطيل ركوعه و قنوته و سجوده إلا أن يعلم رغبة المأمومين في ذلك.

صلاة الآيات

اشارة

يجب الاتيان بصلاة الآيات- و التي سنذكر كيفيتها فيما بعد- لعدة أمور:

الأول: كسوف الشمس، حتى لو كسف شي ء منها و لم يخف منه أحد.

الثاني: خسوف القمر، حتى لو خسف شي ء منه و لم يخف منه أحد.

الثالث: الزلزلة و إن لم يخف أحد.

الرابع: الرعد و البرق و الصاعقة و الصيحة و هبوب الرياح السوداء و الحمراء و ما شابهها إذا خاف أكثر الناس.

إذا وقعت عدة أشياء من هذه الأمور الموجبة لصلاة الآيات يجب أن يصلي لكل

واحدة منها صلاة الآيات على حدة، فمثلًا لو كسفت الشمس و حدثت زلزلة أيضاً يجب الاتيان بصلاة الآيات مرتين.

لو اتفق وقوع الآيات الموجبة للصلاة في منطقة ما، يجب على أهلها فقط أن يأتوا بصلاة الآيات دون غيرهم من أهالي البلاد و المناطق الأخرى، نعم إذا كانت المنطقة الأخرى قريبة، بحيث تعد المنطقتان منطقة واحدة وجبت صلاة الآيات على أهل المنطقة الأخرى أيضاً.

عند ما تقع الزلزلة، أو يحدث الرعد أو البرق و ما شابه يجب على الإنسان أن يأتي بصلاة الآيات فوراً، و إذا لم يفعل ذلك عصى و يبقى وجوبها عليه حتى يصليها و تكون أداء في أي وقت أتى بها.

إذا علم بعد الانجلاء أن الكسوف أو الخسوف كان شاملًا لكل الجرم، يجب أن يقضي صلاة الآيات، و لكن إذا علم- بعد الانجلاء- بأن الكسوف أو الخسوف كان في بعض الجرم لم يجب القضاء.

إذا علم أن صلوات الآيات التي صلاها كانت باطلة يلزم إعادتها داخل الوقت، و قضاؤها خارجه.

إذا وقعت الآية كالكسوف أو الخسوف أو الزلزلة و المرأة في حال الحيض أو النفاس لم يجب عليها صلاة الآيات، و لا قضاء عليها، نعم الأحوط استحباباً أن تأتي بصلاة الآيات بعد أن تطهر.

كيفية صلاة الآيات

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 75

صلاة الآيات ركعتان: في كل ركعة خمسة ركوعات و كيفيتها هي: أن يكبر- بعد النية- و يقرأ الحمد و سورة كاملة و يركع، ثمّ يقرأ الحمد و سورة كاملة، ثمّ يركع و هكذا إلى خمس مرات و بعد النهوض من الركوع الخامس يهوي إلى السجدتين و يأتي بهما ثمّ يقوم للركعة الثانية، و يفعل مثلما فعل في الأولى تماماً ثمّ يتشهد و يسلم.

في صلاة الآيات يجوز- بعد النية

و قراءة الحمد- أن يقسم سورة إلى خمسة أقسام فيقرأ آية أو أكثر ثمّ يركع، ثمّ ينهض و يقرأ القسم الثاني من السورة دون قراءة الحمد ثمّ يركع، و هكذا حتى ينتهي القسم الخامس قبل الركوع الخامس، فمثلًا يقرأ (البسملة) بقصد سورة التوحيد ثمّ يركع ثمّ ينهض فيقرأ قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ ثمّ يركع ثمّ ينهض و يقول اللّٰهُ الصَّمَدُ ثمّ يركع ثمّ ينهض و يقول لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ ثمّ يركع ثمّ ينهض و يقول وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثمّ يركع الركوع الخامس، و بعد النهوض منه يذهب إلى السجدتين ثمّ يقوم للركعة الثانية و يفعل مثل ما فعل في الركعة الأولى ثمّ بعد أن يسجد السجدتين يتشهد و يسلم.

لا بأس إذا كرر قراءة الحمد و هكذا السورة في الركعة الأولى خمس مرات، و قرأ في الركعة الثانية الحمد مرة واحدة و جزّء السورة إلى خمسة أقسام، و كذا العكس.

كل ما يجب أو يستحب في الصلوات الواجبة يجب و يستحب في صلاة الآيات أيضاً، و لكن يستحب في صلاة الآيات أن يقول بدل الأذان و الإقامة: الصلاة (ثلاث مرات).

يستحب القنوت- قبل الركوع الثاني و الرابع و السادس و الثامن و العاشر- و لو أتى بقنوت واحد قبل الركوع العاشر كفى.

إذا شك- في صلاة الآيات- في أنه كم ركعة صلى، و لم ينته تفكيره إلى شي ء بطلت صلاته.

كل ركوع من ركوعات صلاة الآيات ركن تبطل صلاة الآيات بزيادتها أو نقصانها عمداً أو سهواً.

صلاة عيدي الفطر و الأضحى

صلاة العيدين واجبة في زمان حضور إمام العصر و يلزم أن تقام جماعة، و مستحبة في زمان غيبته و يجوز الاتيان بها في هذه الحال جماعة أو فرادى.

وقت صلاة

العيدين من أول طلوع الشمس من يوم العيد إلى الزوال منه.

صلاة العيدين عبارة عن ركعتين في الأولى يكبر بعد قراءة الحمد و السورة خمس تكبيرات، و يقنت بعد كل تكبيرة و بعد القنوت الخامس يكبر تكبيرة أخرى و يركع ثمّ يأتي بالسجدتين ثمّ يقوم للركعة الثانية و يأتي بأربع تكبيرات و يقنت بعد كل تكبيرة ثمّ يأت بتكبيرة خامسة ثمّ يركع ثمّ يأتي بالسجدتين بعد الركوع و يتشهد و يسلم.

الاستئجار لقضاء الصلوات

يجوز استئجار شخص لقضاء العبادات الفائتة عن الميت و لو تبرع شخص بقضاء فوائت الميت دون أجرة صح.

يجوز أن يؤجّر الشخص نفسه لأداء بعض الأعمال المندوبة (المستحبة) كزيارة قبر النبي الأكرم و قبور الأئمة الطاهرين نيابة عن الأحياء و الأموات، و هكذا يجوز أن يقوم بالعمل المستحبي تبرعاً و يهدى ثوابه إلى الأموات أو الأحياء.

يجب على الأجير أن يعين المنوب عنه عند النية، و لا يلزم أن يعلم باسمه، فيكفي إذا نوى على النحو الآتي: أصلي نيابة عمن استؤجرت له.

يجب أن يستأجر لقضاء العبادات من يطمئن إلى أنه يأتي بالعبادات على نحو صحيح.

يجوز استئجار المرأة لقضاء فوائت الميت الرجل، و هكذا يجوز استئجار الرجل لقضاء فوائت المرأة، و يعمل كل واحد حسب وظيفته بالنسبة للجهر و الإخفات.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 76

أحكام الصوم

اشارة

الصوم هو أن يمسك عن مفطرات الصوم من أذان الفجر إلى المغرب امتثالًا لأمر الله تعالى.

النية

لا يجب التلفظ بالنية أو امرار نية الصيام على القلب كأن يقول في قلبه: (أصوم غداً) بل يكفي أن يمسك عن اتيان ما يبطل الصوم من أذان الفجر إلى المغرب قربة إلى الله تعالى، و لكي يتيقن من أنه كان صائماً كل هذه المدة يلزم أن يمسك عن المفطرات قبل أذان الفجر بقليل و يفطر بعد أذان المغرب بقليل أيضاً.

يجوز أن ينوي في كل ليلة من ليالي شهر رمضان لصوم اليوم الآتي، و يجوز أن ينوي في الليلة الأولى من الشهر صوم جميع الشهر.

وقت نية صوم شهر رمضان من أول الليل إلى أذان الصبح.

وقت نية الصوم المستحب من أول الليل إلى الغروب بمقدار النية، فإذا لم يأت بشي ء من المفطرات إلى هذا الوقت و نوى الصوم الاستحبابي صح صومه.

من نام قبل أذان الصبح دون أن ينوي الصوم إذا استيقظ قبل الظهر و نوى الصوم صح صومه، سواء كان صومه واجباً أو مستحباً، و أما لو استيقظ بعد الظهر لم يكف أن ينوي الصوم الواجب.

إذا صام بنية صوم أول شهر رمضان ثمّ علم فيما بعد أنه كان ثاني أو ثالث شهر رمضان صح صومه.

إذا نوى الصوم قبل أذان الصبح ثمّ نام و لم يستيقظ إلا بعد المغرب صح صومه.

إذا جهل أو نسي أنه في شهر رمضان ثمّ علم قبل الظهر فإن لم يأت بمفطر من مفطرات الصوم وجب أن ينوي و يصح صومه، و أما لو أتى بشي ء من مفطرات الصوم، أو التفت بعد الظهر أنه في شهر رمضان بطل صومه و لكن يجب عليه أن يمسك عن مفطرات الصوم

إلى المغرب ثمّ يقضي ذلك اليوم بعد شهر رمضان.

لا بأس لمن أجر نفسه لقضاء صوم ميت أن يأتي بصوم استحبابي لنفسه، و لكن من كان عليه قضاء صوم فائت لا يجوز له أن يأتي بصوم استحبابي، و لو أتى بصوم استحبابي- نسياناً- فإن تذكر- قبل الظهر- هدم صومه المستحبي، و يجوز أن يعدل بنيته إلى الصوم القضائي الذي مر عليه، و أما لو التفت بعد الظهر بطل صومه المستحبي. و لو التفت بعد المغرب صح صومه المستحبي.

إذا صام اليوم المشكوك أنه آخر شعبان و أول شهر رمضان، بنية صوم قضاء أو صوم مستحبي و ما شابه ثمّ علم في الأثناء أن ذلك اليوم من شهر رمضان يجب أن يغير نيته إلى نية شهر رمضان.

إذا تردد في الصوم الواجب المعين بوقت مثل صوم شهر رمضان في أنه هل يهدم صومه أم لا، أو قصد إبطال صومه، بطل صومه على الأحوط، حتى لو رجع و تاب عن قصده و لم يأت بمفطر. و لكن إذا كان التردد بسبب عروض أمر لا يدري هل هو مبطل للصوم أم لا، صح صومه إن لم يأت بمفطر إن لم يوجب ذلك التردد في نية الصوم.

مبطلات الصوم (المفطرات)

اشارة

مبطلات الصوم عشرة:

الأول و الثاني: الأكل و الشرب.

الثالث: الجماع.

الرابع: الاستمناء (العادة السرية).

الخامس: افتراء الكذب على الله و النبي و الأئمة.

السادس: إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق.

السابع: رمس تمام الرأس في الماء.

الثامن: البقاء و الاستمرار على الجنابة و الحيض و النفاس إلى أذان الصبح.

التاسع: الاحتقان بالمواد المائعة.

العاشر: تعمد القي ء.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 77

و سيأتي تفصيل أحكام هذه المبطلات (المفطرات) في المسائل الآتية.

1- 2: الأكل و الشرب

إذا أكل الصائم أو شرب شيئاً عمداً بطل صومه، سواء كان ذلك المأكول أو المشروب معتاداً كالخبز و الماء و ما شابه، أو غير معتاد كأكل التراب و شرب عصارة الشجر، و سواء كان المأكول و المشروب قليلًا جداً أو كثيراً فيبطل الصوم حتى بإعادة المسواك المرطوب إلى الفم بعد إخراجه منه و يبتلع تلك الرطوبة إلا أن تضمحل رطوبة المسواك في الفم بحيث لا يطلق عليه أنه ابتلع رطوبة خارجية.

إذا أكل الصائم أو شرب شيئاً سهواً لم يبطل صومه.

الأحوط- استحباباً- أن يجتنب الصائم عن استعمال الحقن الطبية (الإبرة) المغذية، و لا إشكال في استعمال الإبرة المخدرة للعضو و الابر للدواء.

إذ ابتلع الصائم- عمداً- ما بقي من الطعام بين أسنانه بطل صومه.

ابتلاع البصاق لا يبطل الصوم و إن اجتمع في الفم على أثر تخيل الحموضة.

لا إشكال في ابتلاع النخامة (أخلاط الرأس و الصدر) التي لم تصل إلى فضاء الفم و لكن إذا دخلت فضاء الفم يلزم أن لا يبتلعها على الأحوط.

مضغ الطعام للطفل أو الطير و كذا تذوقه و ما شابه مما لا يصل إلى الحلق عادة، لا يبطل الصوم و لو وصل إلى الحلق صدفة و اتفاقاً، و لكن لو كان يعلم- من البداية- أن الطعام قد يصل إلى الحلق بطل صومه، و

يلزم أن يقضيه، و تجب عليه الكفارة أيضاً.

لا يجوز أن يفطر الصائم للضعف و لكن إذا كان الضعف كثيراً بحيث لا يتحمل عادة فلا إشكال في الإفطار.

3- الجماع

الجماع يبطل الصوم و لو لم يدخل إلا بمقدار الحشفة و لم ينزل المني.

إذا شك هل أدخل بمقدار الحشفة أم لا، صح صومه.

4- الاستمناء (العادة السرية)

إذا استمنى الصائم (أي استعمل العادة السرية و أخرج المني من نفسه) بطل صومه.

إذا خرج منه المني- دون اختيار منه- لم يبطل صومه و لكن إذا فعل ما يوجب خروج المني منه دون اختيار بطل صومه.

إذا داعب الصائم بقصد خروج المني بطل صومه- على الأحوط- و إن لم يخرج منه مني.

إذا لاعب الصائم و داعب أحداً لا بقصد خروج المني فإن كان مطمئناً بأنه لا يخرج منه مني صح صومه و إن خرج صدفة و اتفاقاً، و لكن إذا لم يكن مطمئناً إلى عدم خروج المني بطل صومه إن خرج منه.

5- الكذب على الله و النبي

إذا نسب الصائم- عمداً- كذبة إلى الله و الأنبياء أو الأئمة الطاهرين لفظاً أو كتابة أو إشارة و ما شابه بطل صومه و إن تاب فوراً و قال: كذبت، و الأحوط- وجوباً- أن الكذب إلى فاطمة الزهراء مفطر أيضاً.

إذا نقل شيئاً عن الله أو النبي أو الإمام المعصوم باعتقاد أنه صحيح ثمّ تبين له عدم صحة نسبته إلى الله أو النبي أو الإمام لم يبطل صومه.

6- إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق

إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق مبطل للصوم، سواء كان غبار ما يحل أكله كغبار دقيق القمح أو غبار ما يحرم أكله كغبار التراب، و الأحوط- وجوباً- عدم إيصال الغبار غير الغليظ إلى الحلق أيضاً.

الأحوط- وجوباً- أن لا يوصل الصائم البخار الغليظ و دخان السجاير، و التبغ، و ما شابه، إلى الحلق أيضاً.

إذا نسي أنه صائم و ترك التحفظ من وصول الغبار إلى حلقه، أو دخل الغبار و ما شابه إلى حلقه دون اختيار منه، لم يبطل صومه.

7- رمس الرأس في الماء

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 78

إذا رمس رأسه (أي أدخل تمام رأسه) في الماء عمداً بطل صومه، و إن كان باقي بدنه خارج الماء، و لكن لا يبطل صومه لو رمس تمام بدنه في الماء و بقي شي ء من رأسه خارج الماء.

إذا شك في أنه هل أدخل و غمس تمام رأسه في الماء أم لا، صح صومه.

إذا سقط الصائم في الماء بلا اختيار منه و دخل تمام رأسه في الماء، أو رمس تمام رأسه في الماء ناسياً أنه صائم، لم يبطل صومه.

8- البقاء على الجنابة و الحيض و النفاس إلى أذان الفجر

إذا لم يغتسل الجنب- عمداً- إلى أذان الفجر أو كانت وظيفته التيمم و لم يتيمم عمداً حتى حان الفجر بطل صومه سواء كان في شهر رمضان أو قضائه، كما أن الأحوط- وجوباً- هو البطلان في الصوم الواجب المعين و لكن لا يبطل الواجب الموسع، و لا الصوم المندوب بذلك.

الجنب الذي يريد أن يأتي بصوم واجب كصوم شهر رمضان إن لم يغتسل عمداً حتى يتضيق الوقت يجب أن يتيمم و يصوم، و الأحوط- استحباباً- أن يقضي ذلك الصوم، أيضاً.

من تعمد اجناب نفسه في ليالي شهر رمضان في وقت لا يسع للاغتسال و لا للتيمم بطل صومه و يجب عليه القضاء و الكفارة، و لكن لو أجنب نفسه في وقت يسع للتيمم يجب أن يتيمم و يصوم، و الأحوط- استحباباً- قضاء ذلك اليوم.

من صار جنباً- في الليل- في شهر رمضان و علم أنه لو نام لم يستيقظ إلى الفجر وجب أن يغتسل قبل النوم، و لو نام و لم يستيقظ إلى الفجر بطل صومه و وجب عليه القضاء و الكفارة.

إذا نام الجنب- ليلًا- في شهر رمضان و استيقظ جاز له أن ينام ثانية قبل الغسل

إن كانت عادته الاستيقاظ، و إذا لم تكن عادته الاستيقاظ فالأحوط- وجوباً- أن لا ينام قبل الغسل حتى لو احتمل أن يستيقظ و يفيق ثانية قبل أذان الفجر.

من صار جنباً ليلًا في شهر رمضان و علم أو كان من عادته الاستيقاظ من النوم قبل أذان الفجر فإن كان ناوياً أن يغتسل بعد استيقاظه و نام مع هذه النية حتى الفجر صح صومه.

إذا نام الجنب في شهر رمضان في الليل و استيقظ، و علم أو كان من عادته الاستيقاظ قبل أذان الفجر لو نام ثانية، فنام ثانية بعد أن عزم على الاغتسال إذا استيقظ، و لكنه لم يستيقظ إلى الفجر وجب أن يقضي صوم ذلك اليوم، و أما لو استيقظ من نومته الثانية ثمّ عاد إلى النوم ثالثة و لم يستيقظ إلى أذان الفجر وجب عليه القضاء و الكفارة.

إذا احتلم الصائم في النهار لم يجب عليه المبادرة و المسارعة إلى الاغتسال.

إذا استيقظ الصائم في شهر رمضان بعد أذان الفجر و وجد نفسه محتلماً صح صومه حتى و إن علم أنه احتلم قبل الأذان.

إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل أذان الفجر و لم تغتسل عمداً، أو كان وظيفتها التيمم و لم تتيمم عمداً بطل صومها في شهر رمضان، بل و في قضائه و في كل صوم واجب معين أيضاً على الأحوط- وجوباً-.

إذا طهرت المرأة من دم الحيض أو النفاس بعد أذان الفجر، أو رأت دم الحيض أو النفاس في أثناء النهار بطل صومها حتى لو كان قبيل المغرب.

إذا نسيت غسل الحيض أو النفاس و تذكرت ذلك بعد يوم أو يومين صح ما صامته.

المرأة المستحاضة إذا أتت بأغسالها المذكورة في أحكام الاستحاضة، صح صومها.

من مس ميتاً

يجوز له أن يصوم بدون غسل مس الميت و إذا مس الميت في حال الصوم لم يبطل صومه.

9- استعمال الحقنة السائلة

الاحتقان في الدبر بالسوائل يبطل الصوم حتى لو كان اضطراراً و كان للمعالجة.

10- التقيؤ

إذا تعمد الصائم التقيؤ و إن اضطر لذلك لمرض و ما شابه بطل صومه و لا كفارة عليه، و لكن لا إشكال لو تقيّأ سهواً.

إذا ابتلع شيئاً سهواً و قبل أن يصل إلى حلقه تذكر أنه صائم فإن أمكن إخراجه لزم ذلك و صح صومه.

إذا تجشأ و صعد شي ء إلى حلقه أو إلى فضاء فمه، وجب إلقاؤه خارجاً، و لو ابتلعه بلا اختيار منه صح صومه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 79

أحكام المفطرات

إذا أتى الصائم بأحد المفطرات عمداً أو اختياراً بطل صومه، و لا إشكال إذا كان عن غير عمد، و لكن إذا نام الجنب حسب التفصيل المذكور في مسألة البقاء على الجنابة- المسألة 847-، و لم يغتسل إلى أذان الفجر بطل صومه.

الموارد الموجبة للقضاء و الكفارة

إذا تعمد الصائم التقيؤ في النهار أو صار جنباً ليلًا و استيقظ حسب التفصيل المذكور في مسألة البقاء على الجنابة، ثمّ نام ثانية و لم يستيقظ إلى أذان الفجر وجب عليه القضاء فقط، و أما إذا أتى بمبطل آخر عمداً فإن كان يعلم أن هذا الأمر يبطل صومه وجب عليه القضاء و الكفارة، لكن الكفارة في بعض الصور من باب الاحتياط.

كفارة الصوم

من وجب عليه كفارة صوم شهر رمضان يلزم أن يعتق عبداً، أو يصوم شهرين متتابعين- على نحو ما يأتي في المسألة التالية- أو يطعم ستين مسكيناً، أو يعطي لكل واحد منهم مداً (أي ما يعادل ثلاثة أرباع الكيلو تقريباً) من الحنطة أو الشعير أو ما شابه، و إذا لم يمكنه القيام بهذه الأمور يكون مخيراً بين أن يصوم ثمانية عشر يوما متتابعة أو يطعم ما استطاع من الفقراء، و إذا لم يمكنه لا الصيام و لا الإطعام وجب أن يستغفر، و إن قال مرة واحدة: استغفر الله- مثلًا-، و الأحوط- وجوباً- أن يكفر إذا تمكن و تجددت له قدرة مالية.

من أراد صوم شهرين متتابعين عن كفارة صوم شهر رمضان يلزم أن يصوم واحداً و ثلاثين يوماً متتابعة، و لا إشكال إذا لم يصم ما بقي على التتابع.

إذا عرض له في أثناء الأيام التي يجب صومها بالتتابع عذراً كالحيض أو النفاس أو سفر اضطراري لم يجب عليه بعد زوال عذره

أن يستأنف الصوم من جديد بل يأتي بالباقي بعد زوال العذر.

إذا أفطر بحرام سواء كان حراماً بالأصالة كالخمر و الزنا أو صار حراماً بسبب كالطعام الذي يحرم أكله لتضرر الإنسان به ضرراً بالغاً، أو كالجماع مع الزوجة في حيضها فالأحوط أن يجمع بين الكفارات الثلاث يعني يجب أن يعتق عبداً و يصوم شهرين متتابعين و يطعم ستين مسكيناً أو يعطي لكل فقير مداً من القمح أو خبزه أو الشعير أو خبزه، أو مداً من الزبيب أو مداً من التمر و إذا عجز عن إعطاء الكفارات الثلاث معاً وجب إعطاء ما أمكنه.

إذا نسب الصائم الكذب إلى الله أو النبي أو الإمام لا تجب عليه كفارة الجمع- المذكورة في المسألة السابقة- و إن كان أفطر بحرام (و هو الكذب على الله أو النبي أو الإمام).

إذا جامع الصائم في نهار شهر رمضان عدة مرات، دفع عن كل مرة كفارة إن كان جماعه حلالًا، أما إذا كان الجماع حراماً عليه- كالجماع مع الزوجة في حيضها- وجب عليه في كل مرة كفارة الجمع- على الأحوط في بعض صور المسألة-.

إذا أتى الصائم في نهار شهر رمضان بمفطر- غير الجماع- عدة مرات كفى إعطاء كفارة واحدة عن الجميع.

إذا نذر أن يصوم يوماً معيناً فإن أبطل صومه في ذلك اليوم عمداً، يجب أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكيناً.

من يمكنه تشخيص الوقت لو أفطر على قول من يخبر عن حصول المغرب بدون أن يكون ثقة ثمّ تبين فيما بعد أنه لم يكن مغرباً وجب عليه القضاء و الكفارة معاً.

إذا جامع الصائم- في شهر رمضان- مع زوجته الصائمة فإن أكرهها على الجماع (و لم تكن هي راضية) وجب أن يدفع

كفارة نفسه و كفارتها أيضاً، و أما إن كانت هي راضية بالجماع وجب على كل واحد منهما كفارة نفسه فقط.

يجب أن لا يقصر في تأخير الكفارة و لكن لا يجب المسارعة إلى ذلك.

الذي يأتي بقضاء صوم شهر رمضان إذا تعمد الاتيان بمفطر بعد الظهر يجب عليه أن يطعم عشرة فقراء لكل فقير مداً واحداً من الطعام، و إذا عجز عن ذلك يصوم ثلاثة أيام.

الموارد الموجبة لقضاء الصوم دون الكفارة

يجب قضاء الصوم دون الكفارة في عدة موارد:

الأول: إذا تعمد الصائم التقيؤ- في نهار شهر رمضان-.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 80

الثاني: إذا صار جنباً ليلًا في شهر رمضان و لم ينتبه من نومته الثانية إلى أذان الفجر.

الثالث: أن لا يرتكب مفطراً و لكن لا ينوي الصوم، أو يقصد عدم الصوم أو يقصد الاتيان بما يبطل الصوم على الأحوط.

الرابع: أن ينسى غسل الجنابة في شهر رمضان و يصوم مع الجنابة يوماً أو عدة أيام.

الخامس: إذا أتى بمفطر بعد عدم التحقيق عن الصبح مع الظن بدخول الصبح ثمّ تبين له فيما بعد دخول الصبح حقيقة.

السادس: أن يخبره شخص بعدم دخول الصبح فيأتي بالمفطر على قول المخبر ثمّ يتبين له فيما بعد أنه كان صبحاً.

السابع: إذا أخبره شخص بدخول الصبح و لم يثق بخبر المخبر، أو يتخيل أن المخبر يمازحه، فيأتي بمفطر ثمّ يتبين له فيما بعد أنه كان صبحاً.

الثامن: إذا أفطر الأعمى اعتماداً على خبر مخبر ثمّ تبين له عدم حلول المغرب.

التاسع: إذا تيقن حلول المغرب في الجو النقي بسبب الظلمة فأفطر ثمّ تبين له أنه لم يكن بمغرب، أما إذا اطمأن إلى حلول المغرب في الجو المتلبد بالغيوم لا يلزم القضاء.

العاشر: إذا أدخل الماء في فمه للتبرد أو بغير سبب (أي عبثاً)

فدخل في جوفه بلا اختيار منه، و أما لو نسي أنه صائم فابتلع الماء، أو تمضمض للوضوء فدخل الماء في جوفه بلا اختيار منه فلا قضاء عليه.

إذا أدخل في فمه غير الماء و دخل في جوفه بلا اختيار منه أو استنشق بالماء فدخل إلى جوفه بلا اختيار منه لم يجب عليه القضاء.

أحكام صوم القضاء

إذا فاق المجنون من جنونه لا يجب عليه أن يقضي من الصوم ما فاته أيام جنونه.

إذا أسلم الكافر لا يجب عليه أن يقضي ما فاته من الصوم أيام كفره، و لكن لو ارتد المسلم ثمّ أسلم بعد الارتداد يجب عليه أن يقضي ما فاته من الصوم أيام ارتداده.

إذا كان عليه قضاء صيام عدة رمضانات يجوز تقديم قضاء أي واحد منها شاء و لكن إذا ضاق وقت قضاء الرمضان الأخير، مثلما إذا بقي لحلول الرمضان القادم خمسة أيام و كان عليه قضاء خمسة أيام من الرمضان الأخير فالأحوط أن يقدم قضاء الرمضان الأخير على غيره.

يجوز أن يفطر قبل الزوال في قضاء شهر رمضان إذا لم يكن وقت القضاء ضيقاً.

إذا فات الشخص صوم شهر رمضان لحيض أو نفاس أو مرض و مات قبل أن ينتهي شهر رمضان لا يجب أن يقضى عنه ما فاته من الصوم في ذلك الشهر.

إذا فاته صوم شهر رمضان لمرض و استمر مرضه إلى رمضان السنة القادمة لم يجب عليه قضاء ما فاته من الصوم في ذلك الشهر و يجب عليه أن يعطي الفقير كل يوم مداً من الطعام أي القمح أو خبزه، أو مداً من الشعير أو خبزه أو مداً من الزبيب أو مداً من التمر، و أما إذا فاته الصوم لعذر كالسفر و استمر عذره إلى الرمضان القادم لزم

على الأحوط- وجوباً- أن يقضي صوم الأيام التي فاتته و يعطي عن كل يوم مداً للفقير.

إذا فاته صوم شهر رمضان لمرض و زال مرضه بعد رمضان و لكن تجدد له عذر آخر استمر بحيث لم يمكنه أن يأتي بقضاء ما فاته إلى رمضان قادم فالأحوط- وجوباً- أن يقضي ما فاته من الصوم و يعطي عن كل يوم مداً من الطعام للفقير، و هكذا إذا فاته صوم شهر رمضان لعذر غير المرض و زال بعد رمضان و لكنه عجز عن قضاء ما فاته إلى رمضان قادم بسبب مرض عرض له فالأحوط وجوباً أن يقضي صومه، و أن يدفع عن كل يوم مداً واحداً من الطعام للفقير.

إذا طال المرض عدة أعوام وجب عليه قضاء الرمضان الأخير بعد أن يبرأ و يدفع مداً من الطعام عن كل يوم فاته من الأعوام السابقة.

من وجب عليه أن يدفع مداً للفقير عن كل يوم، يجوز له أن يدفع كفارة عدة أيام لفقير واحد.

إذا أخر قضاء صوم شهر رمضان عدة أعوام يجب عليه القضاء و دفع فدية واحدة عن كل يوم فاته.

يلزم على الولد الأكبر أن يقضي ما فات أباه الميت في حال حياته من الصوم و الصلاة. و هكذا يقضي عن أمه- بعد موتها- ما فاتها في حياتها من الصوم و الصلاة، على الأحوط- وجوباً-.

أحكام صوم المسافر

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 81

المسافر الذي يجب عليه القصر في الصلاة يجب أن لا يصوم أيضاً و عليه القضاء، و المسافر الذي يتم الصلاة مثل من كان السفر شغلًا و عملًا له أو كان سفره سفر معصية يجب أن يصوم.

لا إشكال في السفر في شهر رمضان و لكن يكره السفر إذا كان للفرار من الصوم.

من

لا يعلم أن السفر مبطل للصوم إذا صام في السفر و في أثناء النهار التفت إلى الحكم بطل صومه، و إن لم يلتفت إلى الحكم إلى المغرب صح صومه.

إذا سافر الصائم بعد الظهر وجب أن يتم صومه، و إذا سافر قبل الظهر لزم إبطال صومه عند ما يصل إلى حد الترخيص (أي عند ما تختفي جدران البلد و يختفي أذانه) و إذا أبطل صومه قبل ذلك وجبت عليه الكفارة على الأحوط- وجوباً-.

إذا وصل المسافر- قبل الظهر- إلى وطنه أو إلى مكان يريد إقامة عشرة أيام فيه فإن لم يأت بمفطر إلى تلك اللحظة وجب أن يصوم ذلك اليوم. و إن كان قد أتى بمفطر لم يجب عليه صوم ذلك اليوم.

إذا وصل المسافر- بعد الظهر- إلى وطنه أو إلى مكان يريد إقامة عشرة أيام فيه يجب أن لا يصوم ذلك اليوم.

الأشخاص الذين لا يجب عليهم الصوم

إذا كان لا يقدر على الصوم أو كان الصوم شاقاً عليه لشيخوخة لم يجب عليه الصوم، و لكن يلزم عليه أن يعطي للفقير عن كل يوم مداً من الطعام.

ذو العطاش (و هو من لا يمكنه تحمل العطش كثيراً و كان يشق عليه العطش) لا يجب عليه الصوم و يلزم أن يعطي بدل كل يوم مداً من الطعام للفقير على نحو ما مر تفصيله، و يلزم عليه قضاء ما فاته إن تمكن فيما بعد.

لا يجب على المرأة الحامل أو المرضع صيام شهر رمضان إذا كان ذلك مضراً بالحمل أو الرضاع، و كذلك لا يجب عليها القضاء ان استمر الحال إلى شهر رمضان القادم، و لكن يجب عليها عن كل يوم افطرت، اعطاء مدّين من الطعام للفقير فدية، الأولى للإفطار و الثانية لعدم القضاء.

طرق إثبات أول الشهر

يثبت أول الشهر بخمسة أمور:

الأول: أن يرى الهلال بنفسه.

الثاني: أن يخبر برؤيته جماعة يوثق بكلامهم، و هكذا لو رؤي الهلال و ثبت بما يمكن الاطمئنان إليه.

الثالث: أن يخبر رجلان عادلان بأنهما شهدا الهلال ليلًا، و لكن إذا اختلفوا في وصف الهلال لم يثبت أول الشهر.

الرابع: أن ينقضي على أول شهر شعبان ثلاثون يوماً ليثبت بواسطته أول شهر رمضان، و ينقضي على أول شهر رمضان ثلاثون يوماً ليثبت بواسطته أول شوال، و كذا في سائر الشهور.

الخامس: أن يحكم الحاكم الشرعي بهلال الشهر.

إذا حكم الحاكم الشرعي بثبوت أول الشهر لزم العمل بحكمه حتى لمن لا يقلده، هذا إذا لم يحكم حاكم آخر بعدم ثبوته، و كذا من كان يعلم أن الحاكم الشرعي أخطأ في حكمه لا يمكنه العمل بحكم ذلك الحاكم الشرعي.

لا يثبت أول الشهر بتكهنات المنجمين و لكن لو كان الإنسان يطمئن إلى أخبارهم

وجب العمل باخبارهم.

لا يكون ارتفاع الهلال أو تأخره في المغيب دليلًا على أن الليلة السابقة كانت ليلة أول الشهر.

إذا ثبت الهلال في بلد فإنه لا يفيد لأهل بلد آخر إلا أن يكون البلدان متقاربين، أو علم أن أفقهما واحد.

يجب الصوم في اليوم الذي لا يدرى هل هو آخر شهر رمضان أم أول شوال، و لكن إذا علم قبل المغرب أنه كان أول شوال وجب عليه الإفطار.

الصوم المحرم و المكروه

يحرم صوم عيد الفطر و الأضحى، و كذا يحرم صوم اليوم المشكوك في أنه آخر شعبان أم أول شهر رمضان إذا صامه بنية أول شهر رمضان.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 82

يحرم على الزوجة أن تصوم استحباباً إذا كان في ذلك تفويت لحق زوجها، و الأحوط استحباباً أن لا تأتي بالصوم المستحب دون إذنه حتى و لو لم يضر بحقه.

يحرم على الولد إتيان الصوم الاستحبابي إذا كان يوجب أذى الوالدين.

من علم أن الصوم لا يضره يجب عليه أن يصوم حتى و لو أخبره الطبيب بتضرره بالصوم، و من تيقن أن الصوم يضره أو احتمل ذلك بحيث أوجب الخوف يجب أن لا يصوم حتى لو أخبره الطبيب بأن الصوم لا يضره و لو صام و الحال هذه لم يصح صومه.

إذا احتمل بأن الصوم يضره و حدث له من ذلك الاحتمال خوف يجب أن لا يصوم و لو صام لم يصح صومه.

يكره صوم يوم عاشوراء، وصوم اليوم المشكوك في أنه يوم عرفة أم يوم عيد الأضحى.

الصوم المندوب

يستحب صوم كل أيام السنة ما عدا الأيام المذكورة التي يحرم أو يكره فيها الصوم، و قد تأكد الحث على صوم بعض الأيام و التي من جملتها:

1- صوم يوم الخميس من أول كل

شهر و الخميس الأخير منه.

2- صوم الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر من كل شهر.

3- صوم كل أيام رجب و شعبان، و بعض هذين الشهرين و لو يوماً واحداً.

4- صوم يوم النيروز، و الرابع إلى التاسع من شوال، و اليوم الخامس و العشرين و التاسع و العشرين من ذي العقدة، و الأول إلى التاسع من شهر ذي الحجة، و لكن إذا كان الضعف الناشئ من الصوم يمنعه من الاتيان بأدعية يوم عرفة كره صوم ذلك اليوم، وصوم عيد الغدير (18 ذي الحجة)، و يوم المباهلة (24 ذي الحجة) و اليوم الأول و الثالث و السابع من المحرم، و يوم مولد النبوي الشريف (17 ربيع الأول)، و الخامس عشر من شهر جمادى الأولى، و يوم مبعث النبوي الشريف (27 رجب).

لو اشتغل بالصوم المستحب لم يجب عليه إتمامه إلى المغرب بل لو دعاه أخ مؤمن للطعام استحب أن يجيب دعوته و يفطر في أثناء النهار.

أحكام الخمس

يجب الخمس في سبعة أشياء:

اشارة

الأول: أرباح الكسب و التجارة.

الثاني: المعادن.

الثالث: الكنوز.

الرابع: المال الحلال المختلط بالحرام.

الخامس: المجوهرات التي يحصل عليها بالغوص في البحر.

السادس: غنائم الحرب.

السابع: الأرض التي يشتريها الكافر الذمي من المسلم.

1- أرباح الكسب و التجارة

يجب إعطاء خمس ما يزيد عن نفقات الشخص و نفقات عياله السنوية من الأموال التي يحصل عليها بواسطة التجارة أو الصناعة أو المكاسب الأخرى مثل أجرة الصلاة أو الصوم الاستيجاريين، و ذلك حسب الكيفية التي ستذكر.

إذا حصل على مال لا عن طريق الكسب بل إذا أهدى إليه شي ء ثمّ زاد عن نفقات سنته فالأقوى إعطاء خمس ما زاد.

لا خمس في مهور النساء إذا صرفنها و كذا لا خمس فيما يرثه الوارث.

لو انتقل إليه مال بالإرث و علم أن صاحب المال لم يخمسه (أي لم يخرج خمسه) وجب أن يخمسه هو، و هكذا إذا علم الوارث عدم تعلق الخمس بهذا المال المنتقل إليه و لكنه علم باشتغال ذمة مورثه بخمس في غير هذا المال يجب إخراجه من المال المنتقل إليه.

لو زاد شي ء عن مئونته السنوية بسبب القناعة في الإنفاق يلزم أن يخمس الزائد.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 83

يجب على التاجر و الكاسب و صاحب الصنعة و ما شابههم أن يخمسوا- بعد مرور عام واحد على ابتداء شروعهم في العمل- ما يزيد عن نفقات سنتهم. و كذا يلزم على من لم يكن شغله الكسب إذا حصل على منفعة صدفة، أن يخمس ما يزيد عن مئونة سنته، بعد أن يمر عام على ابتداء حصوله على تلك المنفعة.

من يجب عليه تعيين رأس السنة لنفسه كالتاجر و الكاسب إذا حصل على ربح في خلال السنة ثمّ مات في أثناء السنة يجب أن يطرح ما أنفق إلى ساعة موته من تلك المنفعة ثمّ يخمس

الباقي.

من يشتغل بعدة حرف و أشغال كما لو كان يؤجر الأملاك و يبيع و يشتري الأشياء و يزرع أيضاً يجب عليه أن يعطي خمس كل ما زاد عن نفقات سنته في آخر السنة، و إذا كان يربح من حرفة و يتضرر في حرفة أخرى، أخرج مقدار الضرر من الربح ثمّ خمس الزائد.

ما ينفقه لأجل الحصول على أرباح كالأجرة التي يدفعها للحمال و الدلال يجوز احتسابه من مئونة السنة.

ما يصرفه من منافع و أرباح كسبه في أثناء السنة على المأكل و المشرب و الملبس و أثاث المنزل و شراء البيت، و الزواج، و جهاز البنت، و الزيارة و ما شابه ذلك لا خمس فيه إن لم يكن أكثر من شأنه، و لم يفرط في الصرف و البذل.

المال الذي يصرف في النذر و الكفارة محسوب من مئونة السنة و كذا ما يهبه لأحد أو يهديه له جائزة، إذا لم يكن أزيد من شأنه.

إذا كان في بلد اعتاد أهله أن يشتري الأب كل عام شيئاً لجهاز بنته فإن اشترى في أثناء العام من منافع تلك السنة شيئاً لجهاز ابنته لا يجب عليه أن يخمسه.

المال الذي ينفقه في سفر الحج و الزيارات الأخرى تعتبر من مئونة السنة التي شرع فيها السفر و إن طال سفره و امتد إلى السنة اللاحقة.

من ربح مالًا من الكسب و التجارة إذا كان له مال آخر لا يتعلق به الخمس يجوز أن يخرج مئونة سنته من الربح الذي استفاده فقط.

إذا زاد ما اشتراه و ادخر من القوت لمئونة سنته يجب عليه أن يخمس الزيادة على الأحوط، و إذا أراد أن يدفع قيمته فإن كانت قيمته قد ارتفعت و زادت عن قيمة يوم اشترائها يلزم

أن يدفع حسب قيمة آخر السنة.

إذا اشترى أثاثاً للمنزل من أرباح كسبه قبل دفع خمسها ثمّ انتهت حاجته إلى ذلك الأثاث لزم الخمس في ذلك الأثاث، و هكذا الحكم فيما لو اشترى مجوهرات و حلي نسائية إذا فات وقت تزين المرأة بها و لم تكن من شأنها.

إذا لم يستفد ربحاً في أول السنة و أنفق رأس المال، و قبل انتهاء السنة حصل على ربح له أن يطرح ما أنفقه من رأسماله طوال السنة من هذه الأرباح.

إذا تلف شي ء من رأسماله و استفاد بواسطة الباقي أرباحاً تزيد عن مئونة سنته يجوز له أن يطرح من الأرباح ما تلف من رأسماله.

إذا استقرض- في أول السنة- لأجل مئونته و قبل أن تنتهي سنته استفاد ربحاً جاز أن يطرح من الأرباح التي حصل عليها ما استقرضه في أول السنة.

يجوز دفع خمس الشي ء من نفس الشي ء أو دفع قيمته.

من كان شريكاً مع آخر، لو أعطى خمس منافعه، و لم يدفع شريكه خمسه و ضم ربحه الذي لم يخمسه، إلى الرأسمال جاز للشريك الذي خمس ربحه أن يتصرف في ذلك المال (أي في الرأسمال المشترك).

إذا كان لطفل صغير رأسمال و استفاد منه أرباحاً فالأحوط أن يخمس الزائد بعد البلوغ أو يخمس عنه الولي.

لا يجوز التصرف في المال الذي يتيقن عدم تخميسه، و لكن لو شك في مال في أنه مخمس أم لا جاز التصرف فيه.

من لم يخمس أمواله من أول بلوغه لو اشترى من أرباح كسبه ما لا يحتاج إليه، ثمّ مضى على ذلك عام واحد وجب أن يدفع خمسه. و أما إذا اشترى ما يحتاج إليه و كان مطابقاً لشأنه و لائقاً بحاله، فإن علم أنه اشتراه في أثناء العام

الذي استفاد فيه الربح لا يجب أن يدفع خمسه، و أما إذا لم يعلم بأنه اشتراه في أثناء تلك السنة أم بعد تمام السنة المذكورة فالأحوط- وجوباً- أن يصالح الحاكم الشرعي.

2- المعدن

إذا بلغ ما استخرجه من المعادن- كالذهب، و الفضة، و الرصاص، و النحاس، و الحديد، و النفط، و الفحم، و الحجر، و الفيروزج، و العقيق، و الزاج، و الملح و سائر المعادن الأخرى- حد النصاب وجب إعطاء خمسه بعد إخراج مصارف الاخراج.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 84

نصاب المعدن هو: 15 مثقالًا متعارفاً من الذهب، بمعنى أنه إذا بلغ المعدن المستخرج- بعد إخراج نفقات الاستخراج- قيمة 15 مثقالًا من الذهب يجب أن يدفع خمسه و الأحوط- وجوباً- مراعاة مقدار زكاة النقدين.

إذا تعاون عدة أشخاص على استخراج شي ء من المعدن فإن بلغ نصيب كل واحد منهم بعد استثناء نفقات الاستخراج، خمسة عشر مثقالًا وجب عليهم أن يدفعوا الخمس.

3- الكنز

الكنز هو المال المخبأ في الأرض، أو في الشجر، أو في الجبل، أو في الحائط، و كان بحيث يدعى كنزاً.

إذا اكتشف كنزاً في أرض غير مملوكة لأحد، فالمال له، و عليه تخميسه.

نصاب الكنز سواء كان ذهباً أم فضة هو أول نصابهما و الذي سيذكر في باب الزكاة، فإن بلغ- بعد استثناء نفقات الاخراج- حد ذلك النصاب وجب تخميسه.

4- المال الحلال المختلط بالحرام

إذا اختلط المال الحلال بالمال الحرام بحيث لا يمكن تمييزهما و لا معرفة صاحب المال الحرام و مقداره لزم أن يدفع خمس مجموع المال، و بعد أن يدفع الخمس يصبح بقية المال حلالًا.

إذا اختلط المال الحلال بالمال الحرام و عرف مقدار الحرام و لكن لم يعرف صاحبه وجب التصدق بذلك المقدار بنية صاحبه.

إذا اختلط المال الحلال بالمال الحرام، و لم يعلم مقداره، و لكن يعرف صاحبه، وجب أن يتراضيا، و أما إذا لم يرض صاحب المال فإن علم أن شيئاً ما بخصوصه هو ملك ذلك الشخص و شك هل المال الحرام أكثر من ذلك الشي ء أم لا، يلزم أن يعطي ما يحصل معه اليقين بإيصال ماله إليه و الاحتياط المستحب هو إعطاء الأكثر الذي يحتمل معه إيصال ماله إليه.

إذا اختلط المال الحلال بالمال الحرام و كان مقدار الحرام معلوماً، و علم أن المال لأحد الأشخاص المعينين و لكن لا يدري أيهم هو المالك فالأحوط إرضاء الجميع، و إذا لم يرضوا لزم توزيع المال بين أولئك الأشخاص بالنسبة.

5- الجواهر التي يحصل عليها بالغوص

إذا حصل- بواسطة الغوص في البحر- على جواهر كاللؤلؤ و المرجان و غيرهما، سواء كان نباتياً أو معدنياً، فإن بلغ قيمة ما أخرجه- بعد استثناء نفقات و مصاريف الإخراج- ما يعادل ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي ذهباً لزم إعطاء خمسه سواء أخرج من البحر دفعة واحدة أو في عدة دفعات و سواء كان المستخرج من نوع واحد أو من عدة أنواع.

إذا أخرج طفل معدناً، أو كان عنده مال مختلط بالحرام، أو حصل على كنز، أو أخرج بالغوص جواهراً، وجب على ولي ذلك الطفل إخراج خمسه (أي خمس ما أخرجه الطفل) على الأحوط وجوباً.

6- الغنيمة

إذا قاتل المسلمون الكفار بأمر الإمام أو بأمر نائبه و لو كان فقيهاً، و حصلوا في تلك الحرب على غنيمة (و هي ما يحصل عليه المحاربون من أموال الكفار) يجب أولًا إخراج ما أنفقوه- من مال- على تلك الغنيمة كأجرة المحافظة عليها و حملها و نقلها، و إخراج ما يرى الإمام صرفه، و إخراج ما يختص بالإمام- من الصوافي- ثمّ إخراج خمس الباقي.

7- الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم

إذا اشترى الكافر الذمي أرضاً من المسلم، وجب على الذمي أن يدفع خمس تلك الأرض من نفسها أو من ماله الآخر. و أما لو اشترى بيتاً أو دكاناً أو ما شابه فوجوب تخميسه احتياط.

إذا اشترط الكافر الذمي عند اشترائه الأرض من المسلم أن لا يدفع الخمس، لم يصح شرطه، و وجب أن يدفع الذمي الخمس أما لو اشتراط أن يدفع البائع الخمس فشرطه صحيح.

مصرف الخمس

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 85

يجب تقسيم الخمس إلى قسمين: سهم السادة، و يجب إعطاؤه للسيد الفقير، أو السيد اليتيم الفقير، أو لابن السبيل من السادة. و النصف الآخر هو سهم الإمام و يعطى في هذا الزمان إلى المجتهد الجامع للشرائط، أو يصرف في الجهة التي يأذن ذلك المجتهد بصرفه فيها، و المقصود من السيد هو الهاشمي.

يجوز إعطاء الخمس للسيد غير العادل، و لكن لا يجوز إعطاؤه للسيد غير الإمامي الاثني عشري.

من كان مشهوراً بالسيادة في بلد جاز إعطاء الخمس له و إن لم يتيقن المعطي بسيادته.

يجوز إعطاء الخمس لسيد فقير تجب نفقته على الغير و لكن ذلك الغير لا يتمكن من القيام بالنفقة.

الأحوط وجوباً أن لا يعطى السيد الفقير أكثر من مئونة سنته.

من كان له دين على مستحق للخمس جاز أن يحتسب عليه من الخمس (و يعتبر ما في ذمته خمساً مدفوعاً).

أحكام الزكاة

اشارة

تجب الزكاة و تتعلق في تسعة أشياء:

1- الحنطة.

2- الشعير.

3- التمر.

4- الزبيب.

5- الذهب.

6- الفضة.

7- الإبل.

8- البقر.

9- الغنم.

شروط وجوب الزكاة

تجب الزكاة إذا بلغ الشي ء الزكوي حد النصاب الذي سيأتي تفصيله، و كان صاحبه بالغاً و عاقلًا و حراً و متمكناً من التصرف.

إذا ملك البقر أو الغنم أو الإبل أو الذهب أو الفضة مدة أحد عشر شهراً وجب عليه زكاتها بحلول الأول من الشهر الثاني عشر- على الأحوط- و لكن يجب احتساب مبدأ السنة التالية من بعد تمام الشهر الثاني عشر.

وقت وجوب الزكاة في الحنطة و الشعير عند صدق اسم الحنطة و الشعير عليهما، و تجب زكاة الزبيب- على الأحوط- عند ما يصير حصرماً، و تجب الزكاة في التمر عند ما يصفر التمر أو يحمر على الأحوط، و لكن وقت إخراج الزكاة في الحنطة و الشعير عند الحصاد و فصل التبن عنها، و في التمر و الزبيب عند الجذاذ.

لا زكاة في المال المغصوب الذي لا يمكن للمغصوب منه إرجاعه إلى نفسه.

زكاة الغلات الأربع «الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب»

لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا إذا بلغ كميتهما حد النصاب، و النصاب هو: ما يعادل 847 كيلوغراماً و 207 غراماً.

إذا مات المالك بعد أن تعلق وجوب الزكاة بإحدى غلاته الأربع وجب إعطاء زكاتها من ماله، و لكن لو مات قبل تعلق الوجوب وجب الزكاة على كل من بلغ نصيبه- من الورثة- حد النصاب.

إذا باع الزرع أو النخل بعد أن تعلق الوجوب بالغلات وجب على البائع دفع زكاتها.

إذا بلغ وزن شي ء من الغلات الأربع حد النصاب عند ما تكون رطبة و لكنه قل بعد جفافها لم تجب فيها الزكاة.

لو بقيت عنده الغلات التي أخرج زكاتها عدة سنوات لم تجب زكاتها مرة ثانية.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 86

إذا سقيت الغلات بماء المطر أو النهر أو استفادت من رطوبة الأرض فزكاتها العشر (أي واحدة من

عشرة) و إذا سقيت بالدلو و ما شابه ذلك من الآلات فزكاتها نصف العشر (أي واحد من عشرين). و أما إذا سقيت بالمطر أو النهر أو استفادت من رطوبة الأرض مقداراً ثمّ سقيت بنفس المقدار بالدلاء و ما شابهها فزكاة نصفها العشر و زكاة نصفها الآخر نصف العشر يعني أنه يجب دفع ثلاثة أقسام من الأربعين قسماً من باب الزكاة.

يجوز استثناء المبالغ التي صرفها على زراعة الغلات الأربع حتى ما استهلك من قيمة الأدوات و الألبسة بسبب الزراعة، من الحاصل و بعد استثناء هذه المبالغ إن بلغ ما بقي من الحاصل حد النصاب وجب دفع زكاته.

البذر الذي يصرفه للزراعة إذا كان من نفسه جاز الاستثناء بمقداره من الحاصل، و أما إذا كان قد اشترى البذر جاز احتساب قيمته- عند الشراء- من المصاريف.

إذا صرف مبلغاً لحراثة الأرض أو أي أمر آخر ينفع الزراعة إلى عدة أعوام جاز احتساب ما أنفقه، من مصاريف السنة الأولى.

لو مات من كان مديوناً و ترك مالًا تجب فيه الزكاة يجب إخراج الزكاة من تركته أولًا، ثمّ أداء ديونه ثانياً.

نصاب الذهب

للذهب نصابان:

النصاب الأول: عشرون مثقالًا شرعياً و هو ما يعادل خمسة عشر مثقالًا متعارفاً، فإذا بلغ الذهب هذا الحد، و اجتمعت فيه بقية الشرائط يجب دفع ربع عشرها (أي واحد من أربعين) من باب الزكاة، و إذا لم يبلغ هذا الحد لم تجب فيه الزكاة.

النصاب الثاني: أربعة مثاقيل شرعية و هو ما يعادل ثلاثة مثاقيل متعارفة يعني إذا أضيف ثلاثة مثاقيل إلى خمسة عشر مثقالًا وجب دفع ربع العشر (واحد من أربعين) من مجموع 18 مثقالًا، و أما إذا زاد عن النصاب الأول أقل من ثلاثة مثاقيل فيجب دفع زكاة ال-: (15)

مثقالًا (أي دفع النصاب الأول) فقط، و ما زاد لا تكون فيه زكاة، و هكذا فصاعداً.

نصاب الفضة

للفضة نصابان:

النصاب الأول: (105) مثقالًا متعارفاً، فإذا بلغ مقدار الفضة 105 مثقالًا و اجتمعت فيه بقية الشرائط المذكورة لزم إعطاء ربع العشر (أي واحد من أربعين) أي ما يعادل مثقالين و نصف و ثمن المثقال من المثاقيل المتعارفة، من باب الزكاة، و إذا لم يبلغ هذا الحد لم تجب فيه الزكاة.

النصاب الثاني: (21) مثقالًا، يعني إذا أضيف إلى النصاب الأول (21) مثقالًا و صار المجموع (126) مثقالًا وجب دفع زكاتها على النحو الذي ذكر أي إعطاء ربع عشرها. و أما إذا أضيف إلى النصاب الأول أقل من 21 مثقالًا فلا زكاة في الزائد، و هكذا فصاعداً، فإذا أضيف إلى النصاب الثاني 21 مثقالًا أخرى وجب الزكاة فيها أما إذا كان الزائد أقل من 21 مثقالًا فلا زكاة في الزائد.

و على هذا فلو أعطى الشخص ربع العشر (واحد من أربعين) من كل ما عنده من الذهب أو الفضة يكون قد دفع مقدار الزكاة الواجب عليه دفعه، بل و أكثر من ذلك في بعض الأحيان.

من كان ذهبه أو فضته بمقدار النصاب يجب إعطاء زكاتها كل عام لو بقيت عنده دون أن تنقص عن حد النصاب و إن كان أعطى زكاتها قبل ذلك.

تجب الزكاة في الذهب و الفضة إذا كانا مسكوكين بسكة المعاملة، و إن كانت صورتها قد انمحت فإنه يجب دفع زكاتها أيضاً.

الذهب و الفضة المسكوكان اللذين يتزين بهما النساء لا تجب فيهما الزكاة.

تجب الزكاة في الذهب و الفضة إذا ملك صاحبها مقدار النصاب منها لمدة أحد عشر شهراً- كما قلنا سابقاً- فإذا نقص ما عنده عن النصاب الأول في أثناء

العام لم تجب عليه الزكاة.

إذا استبدل- في أثناء الأحد عشر شهراً- ذهبه و فضته بذهب آخر و فضة أخرى أو بشي ء آخر أو ذوبها لم تجب فيها الزكاة، و لكن لو فعل هذه الأعمال للفرار من دفع الزكاة فالأحوط- استحباباً- دفع زكاتها.

زكاة الأنعام الثلاثة

اشارة

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 87

«البقر و الإبل و الغنم»

لزكاة الأنعام الثلاثة شرطان آخران مضافاً إلى ما ذكر من الشرائط، و هما:

الأول: أن لا تكون عوامل (أي لا تعمل) طوال السنة.

الثاني: أن تكون سائمة (أي ترعى من علف الصحراء) طوال السنة. فإذا أكلت تمام السنة أو بعضها من العلف المهيأ أو من زرع مالكها أو زرع شخص آخر لم يكن فيها زكاة.

نصاب الإبل

للإبل اثنا عشر نصاباً:

الأول: خمس، و زكاتها شاة، و ما لم يبلغ عدد الإبل إلى هذا الحد لا يكون فيه زكاة.

الثاني: عشرة، و زكاتها شاتان.

الثالث: خمس عشرة، و زكاتها ثلاث شياه.

الرابع: عشرون، و زكاتها أربع شياه.

الخامس: خمس و عشرون، و زكاتها خمس شياه.

السادس: ست و عشرون، و زكاتها بنت مخاض (أي الابل الداخلة في السنة الثانية).

السابع: ست و ثلاثون، و زكاتها بنت لبون (أي الداخلة في السنة الثالثة).

الثامن: ست و أربعون، و زكاتها حقة (أي الداخلة في السنة الرابعة).

التاسع: إحدى و ستون، و زكاتها جذعة (أي الداخلة في السنة الخامسة).

العاشر: ست و سبعون، و زكاتها بنتا لبون.

الحادي عشر: إحدى و تسعون، و زكاتها حقتان.

الثاني عشر: مائة و إحدى و عشرون و ما فوق، و زكاتها أن يحسب أربعين أربعين و يعطى عن كل أربعين: بنت لبون، أو يحسب خمسين خمسين و يعطي عن كل خمسين: حقة، أو يحسب بالخمسين و الأربعين، و لكن في كل صورة الأحوط أن يحسب بحيث لا يبقى شي ء، أو إذا بقي شي ء- فرضاً- أن لا يكون أكثر من التسع، مثلًا إذا كان عنده (140) إبلًا يجب أن يعطي عن المائة حقتين و يعطي عن الأربعين بنت لبون.

نصاب البقر

للبقر نصابان:

النصاب الأول: ثلاثون، بمعنى أنه إذا وصل عدد أبقاره إلى هذا الحد و توفرت بقية الشرائط يجب أن يدفع عنها (تبيعاً) أو (تبيعة) و هي من البقر ما دخل في السنة الثانية.

النصاب الثاني: أربعون، و زكاتها (مسنة) و هي الداخلة في السنة الثالثة. و لا تجب الزكاة فيما بين الثلاثين إلى الأربعين، و هكذا الأمر فصاعداً فإنه يحسب ثلاثين ثلاثين أو أربعين أربعين أو ثلاثين و أربعين و يدفع زكاتها على نحو

ما ذكرنا.

نصاب الغنم

للغنم خمسة أنصبة:

الأول: أربعون، و زكاتها شاة، و لا زكاة فيما لا يبلغ هذا الحد.

الثاني: مائة و إحدى و عشرون، و زكاتها شاتان.

الثالث: مائتان و واحدة، و زكاتها ثلاث شياه.

الرابع: ثلاثمائة و واحد، و زكاتها أربع شياه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 88

الخامس: أربعمائة و ما فوق، يحسب مائة مائة و يدفع عن كل مائة شاة، و لا يلزم أن يدفع الزكاة من نفس الغنم الزكوي بل يكفي لو دفع من غنمه الآخر أو دفع ما يعادل الزكاة: قيمة، نقداً آخر.

لا تجب الزكاة فيما بين النصابين فإذا كان عدد الغنم أكثر من النصاب الأول (و هو أربعين) و دون النصب الثاني يجب فقط أن يدفع زكاة الأربعين لا غير و لا زكاة في المقدار الزائد عن الأربعين و هكذا بالنسبة إلى الأنصبة التالية.

في الزكاة يعد البقر و الجاموس من نوع واحد، و كذا يعد الإبل العربي و الإبل غير العربي نوعاً واحداً، و كذا يعد الغنم و الماعز نوعاً واحداً أيضاً.

إذا أعطى للزكاة ضأناً يلزم أن لا يكون أقل من سبعة أشهر و الأحوط- استحباباً- أن يكون داخلًا في السنة الثانية، و إذا أعطى معزاً يلزم أن يكمل لها السنة، و الأحوط- استحباباً- أن يكون داخلًا في السنة الثالثة.

إذا كان جماعة شركاء في غنم فإن بلغ نصيب كل واحد منهم حد النصاب وجبت عليه الزكاة و من لم يبلغ نصيبه حد النصاب لم تجب عليه الزكاة.

إذا استبدل أنعامه بأنعام أخرى قبل تمام الشهر الحادي عشر، أو استبدل نصابه بنصاب آخر من نفس الجنس، فمثلًا يعطي أربعين رأس غنم و يأخذ بدله أربعين رأس غنم أخرى لم تجب عليه الزكاة فيها.

من وجبت عليه زكاة الانعام

إذا أعطى عنها ذهباً أو فضة يجب عليه أن يدفع زكاتها كل عام ما دام عددها لم ينقص عن النصاب.

مصرف الزكاة

يجوز أن تصرف الزكاة في ثمانية موارد:

الأول: للفقير، و هو من لا يملك المؤنة السنوية لنفسه و عياله. و أما من يملك رأسمالًا أو ملكاً أو صنعة تؤمن له مئونة سنته فلا يكون فقيراً.

الثاني: المسكين، و هو أشد حالًا من الفقير.

الثالث: جابي الزكاة، و هو المكلف من جانب الإمام أو نائب الإمام لجمع الزكوات، و حفظها، و محاسبتها، و إيصالها إلى الإمام أو نائبه أو إلى مستحقها.

الرابع: المؤلفة قلوبهم و هم: 1- الكفار الذين لو أعطوا من الزكاة لمالوا إلى الإسلام أو أعانوا المسلمين في الحرب و القتال. 2- و المسلمون الضعاف الإيمان.

الخامس: لشراء العبيد و إعتاقهم.

السادس: الغارمون، و هم من عليهم ديون لا يتمكنون من تسديدها.

السابع: في سبيل الله، و هي الأعمال و الأمور ذات المنفعة الدينية العامة كبناء المساجد و المدارس العلمية أو المنفعة الدنيوية للمسلمين.

الثامن: ابن السبيل، يعني المسافر الذي انقطع في سفره و نفذت نقوده.

صاحب الصنعة، أو المالك أو التاجر الذي دخله أقل من مئونة سنته يجوز له أن يأخذ من الزكاة لتكميل مئونة سنته، و لا يلزم أن يصرف أدوات عمله، أو ملكه، أو رأسماله في مئونة سنته.

الفقير الذي لا يملك المؤنة السنوية لنفسه و عياله إذا كان له دار يسكنها و هي ملكه أو كان له مركب يركبه، فإن لم يقدر أن يعيش بدون هذه الأشياء حتى لو كان لحفظ شأنه، يجوز أن يأخذ من الزكاة، و هكذا إذا كانت عنده أدوات و أثاث منزلي أو أواني و ألبسة صيفية و شتوية و أشياء أخرى يحتاج إليها، يجوز أن

يأخذ الزكاة، و الفقير الذي لا يملك هذه الأشياء و لكن يحتاج إليها يجوز أن يهيئها لنفسه من مال الزكاة.

من وجبت عليه الزكاة لو كان له دين على فقير يجوز أن يحتسب الدين من الزكاة.

لا يلزم على دافع الزكاة أن يخبر الفقير بأن ما يدفعه إليه هو من الزكاة، بل إذا كان الفقير يستحيي من أخذ الزكاة استحب أن يعطيه بعنوان الهدية و لكنه يجب عليه أن ينوي الزكاة.

من كان مديوناً و عجز عن تسديد دينه جاز لصاحب الدين احتساب دينه من الزكاة حتى إذا لم يكن المديون فقيراً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 89

ابن السبيل الذين نفذ ماله في السفر أو تعطل مركبه يجوز له أن يأخذ من الزكاة إن لم يكن سفره سفر معصية و لم يمكنه إيصال نفسه إلى مقصده و لو باقتراض مال أو بيع شي ء من أشيائه.

شرائط مستحقي الزكاة

يجب في آخذ الزكاة أن يكون اثني عشرياً.

يجوز إعطاء الزكاة للفقير الذي يستجدي و لكن لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يصرفها في المعصية.

لا يجوز الإنفاق من الزكاة على من تجب نفقتهم على معطي الزكاة و لكن إذا لم يعطهم النفقة يجوز للآخرين إعطاء الزكاة إليهم.

لا يجوز للسيد أن يأخذ الزكاة من غير السيد، و لكن إذا لم يكفه الخمس و سائر الحقوق و اضطر إلى أخذ الزكاة جاز للسيد- في هذه الحالة- أن يأخذ من زكاة غير السيد.

نية الزكاة

يجب على معطي الزكاة أن يقصد القربة (أي يعطي الزكاة امتثالًا لأمر الله تعالى) و يجب على الأحوط أن يعين في النية أن ما يعطيه هو زكاة المال أو زكاة الفطرة، و لكن إذا وجبت عليه مثل زكاة الحنطة و الشعير لم يلزم أن يعين أنّ ما يعطيه هو زكاة الحنطة أو الشعير.

إذا أعطى المالك أو وكيله الزكاة إلى الفقير بدون قصد القربة، و قبل تلف المال نوى المالك نفسه القربة، احتسبت زكاة له.

مسائل الزكاة المتفرقة

الأحوط دفع الزكاة للفقير بعد تصفية الحنطة و الشعير من التبن و عند ما يجف و ييبس التمر و العنب، أو يعزل الزكاة من ماله، و يجب إعطاء زكاة النقدين و الانعام الثلاثة بعد تمام الشهر الحادي عشر، أو يعزلها من ماله، و لكن إذا كان ينتظر فقيراً معيناً أو أراد إعطاء الزكاة إلى فقير أفضل من جهة، يجوز له تأخير إعطاء الزكاة.

إذا عزل الزكاة عن ماله الزكوي جاز له أن يتصرف في باقي المال، و لو عزل الزكاة من ماله الآخر جاز له أن يتصرف في جميع المال.

لا يجوز أن يأخذ الزكاة المعزولة و يجعل مكانه مالًا آخر.

يستحب- في إعطاء الزكاة- أن يقدم الأقارب على الآخرين، و أهل العلم و الفضل على غيرهم، و الذين لا يسألون على أهل السؤال و أن يعطى زكاة الانعام الثلاثة إلى الفقراء المتعففين و لكن إذا كان إعطاء الزكاة إلى فقير آخر أفضل من جهة أخرى يستحب إعطاء الزكاة إلى ذلك الفقير.

الأفضل إعطاء الزكاة علانية، و إعطاء الصدقة المندوبة سراً.

يجوز أن يأخذ الفقير من الزكاة للحج و الزيارة و ما شابه، و لكن إذا كان قد أخذ من الزكاة بمقدار مئونة سنته فالأحوط أن

لا يأخذ من الزكاة للزيارة و ما شابه.

إذا اشترك شخصان في مال تعلق به الزكاة و دفع أحدهما زكاة حصته ثمّ قسما المال يجوز له التصرف في سهمه و إن علم أن شريكه لم يدفع الزكاة من سهمه.

من كان في ذمته خمس أو زكاة و وجبت عليه كفارة و نذر و ما شابه و كانت عليه ديون فإذا لم يمكنه تسديد جميعها فإن كان المال الذي تعلق به الخمس أو الزكاة موجوداً وجب دفع الخمس و الزكاة و أما إذا لم يكن المال المذكور باقياً جاز أن يدفع الخمس و الزكاة أو الكفارة أو النذر أو القرض و ما شابهها دون ترجيح.

زكاة الفطرة

اشارة

يجب على من يكون- عند غروب ليلة عيد الفطر- بالغاً و عاقلًا و واعياً و غير فقير و لا مملوكا لأحد، أن يدفع للفقير عن نفسه و كل فرد من عياله عن كل واحد صاعاً: (ثلاثة كيلوات تقريباً) من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الرز أو الذرة أو ما شابهها، و لو أعطى قيمة أحد هذه الأشياء كفاه.

من لا يملك قوت سنته لنفسه و لعياله و ليس عنده كسب يمكنه بواسطته أن يؤمن قوت سنته لنفسه و لعياله يعد فقيراً، و لا تجب عليه زكاة الفطرة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 90

يجب أن يعطي فطرة من يعتبر من عياله عند غروب ليلة عيد الفطر، صغيراً كان أم كبيراً، مسلماً كان أم كافراً، وجبت نفقته عليه أم لا، في بلد المعطي كان يعيش أم لا.

تجب على المضيف فطرة ضيفه الذي ينزل عليه قبل غروب ليلة عيد الفطر برضاه و كان الضيف عنده حين هلال شوال.

فطرة الضيف الذي ينزل على صاحب المنزل بعد

غروب ليلة عيد الفطر، لا تجب على صاحب المنزل، و إن كان دعاه قبل الغروب، و أفطر في منزله.

يستحب للفقير الذي يملك صاعاً (أي ثلاثة كيلوات تقريباً) أو أكثر من الحنطة و ما شابهها فقط، أن يدفع الفطرة، و إذا كان ذا عيال و أراد أن يدفع الفطرة عنهم جميعاً يستحب أن يعطي ذلك الصاع عن نفسه إلى أحد أفراد عائلته ثمّ يعطيها الآخذ إلى شخص آخر من العائلة بنفس القصد (أي قصد الفطرة عن نفسه) و هكذا يديرون الفطرة حتى يخرجوها عنهم و يعطوها إلى شخص خارج عن العائلة، و إذا كان أحد أفراد العائلة صغيراً أخذ الولي الفطرة نيابة عنه، و الأحوط- استحباباً- أن لا يعطي ما أخذه للصغير لأحد.

إذا ولد له مولود بعد غروب ليلة عيد الفطر، أو صار أحد من عياله بعد الغروب لم يجب عليه دفع فطرته، و إن كان المستحب أن يعطي فطرة كل من يعد من عياله بعد غروب ليلة عيد الفطر إلى ما قبل الظهر من يوم العيد.

من وجبت فطرته على الغير و لم يدفع ذلك الغير الفطرة لم تجب على هذا الشخص أن يدفع الفطرة عن نفسه.

من وجبت فطرته على الغير فدفع هو الفطرة عن نفسه سقطت عن الغير الذي كانت الفطرة تجب عليه.

من لم يكن من السادة لا يجوز له- على الأحوط- أن يدفع فطرته إلى السيد، و كذا لو كان عياله من السادة لا يجوز أن يدفع فطرته إلى السيد أيضاً.

إذا مات أحد بعد غروب ليلة عيد الفطر يجب أن تدفع فطرته و فطرة عياله من تركته و لكن إذا مات قبل الغروب لم يجب دفع فطرته و فطرة عياله من تركته.

مصرف زكاة الفطرة

يكفي صرف

زكاة الفطرة في أحد الوجوه الثمانية المذكورة سابقاً في باب الزكاة، و لكن الأحوط- استحباباً- إعطاؤها لفقراء الشيعة فقط.

الفقير الذي تعطى له الفطرة لا يجب أن يكون عادلًا، و لكن الأحوط وجوباً أن لا تعطى الفطرة لشارب الخمر، و لا للمتجاهر بالمعصية.

الأحوط- وجوباً- أن لا يعطى لكل فقير من الفطرة أقل من صاع واحد، و لا إشكال في إعطائه أكثر من ذلك.

يستحب في إعطاء زكاة الفطرة أن يقدم أقرباءه الفقراء على الآخرين، ثمّ جيرانه الفقراء، ثمّ أهل العلم الفقراء، و لكن لو كانت في الآخرين أفضلية من جهة أخرى استحب تقديم الأفضل.

مسائل الفطرة المتفرقة

يجب دفع الفطرة بنية القربة، أي بنية امتثال أمر الله تعالى، و أن ينوي عند الدفع نية دفع زكاة الفطرة.

إذا دفع الفطرة قبل شهر رمضان لم يصح، و الأحوط استحباباً أن لا يعطيها في شهر رمضان أيضاً، و لكن لو أقرض الفقير- قبل شهر رمضان أو في شهر رمضان- مالًا، ثمّ وجبت عليه الفطرة فيما بعد، جاز احتساب الدين من الفطرة.

إذا دفع الفطرة من جنس معيوب لم يكفه.

من أراد أن يصلي صلاة العيد يلزم- على الأحوط استحباباً- أن يدفع فطرته للمستحق قبل صلاة العيد، و لكن إذا لا يريد أن يصلي صلاة العيد جاز أن يؤخر دفعها إلى الظهر.

إذا لم يدفع زكاة الفطرة حين وجوب دفعها، و لم يعزلها أيضاً يجب أن يدفع الفطرة فيما بعد دون نية القضاء أو الأداء.

إذا عزل الفطرة من ماله لا يجوز أن يتصرف فيها و يأخذها لنفسه و يضع بدلها مالًا آخر للفطرة.

أحكام الحج

اشارة

تجب حجة الإسلام على كل مسلم في تمام العمر، مرة واحدة، وجوباً فورياً و لا يجوز للمستطيع تأخر الاتيان بها عن عام الاستطاعة.

تجب حجة الإسلام بأربعة شروط:

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 91

1- أن يكون الشخص بالغاً، فلا تجب على الصبي، و لكن يستحب إن أذن له وليه.

2- أن يكون عاقلًا، فلا تجب على المجنون.

3- أن يكون حراً، فلا تجب على العبد، و لكن يستحب له الحج إذا أذن له مولاه.

4- أن يكون مستطيعاً، و الاستطاعة تتحقق بعدة أمور:

الأول: أن يكون عنده زاد و راحلة أو يكون عنده مال يمكنه أن يهيئ به الزاد و الراحلة (أي وسيلة السفر).

الثاني: أن يكون قادراً بدنياً على الحج و الاتيان بمناسكه.

الثالث: أن لا يكون هناك مانع في الطريق.

الرابع: أن يتسع الوقت بمقدار الاتيان بمناسك الحج.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

منتخب المسائل الإسلامية؛ ص: 91

و يستحب لغير المستطيع- مالياً- أن يحج أيضاً.

الحج البذلي هو أن يبذل شخص لمن لا يملك الزاد و الراحلة مصاريف الحج، كأن يقول: «أنا أبذل لك نفقتك و نفقة عيالك ما دمت في الحج» فحينئذ يجب عليه الحج و لو أتى بالحج و الحال هذه كفاه عن حجة الإسلام و لا تجب مرة أخرى بعد توفر شروط الحج. أما لو لم يحج استقر عليه وجوب الحج و يجب عليه أن يحج حتى متسكعاً و بالمشقة.

من كان مستطيعاً في الأعوام السابقة و لم يحج يجب عليه أن يحج كيفما أمكن و إن زالت استطاعته.

من لم يكن مستطيعاً جاز أن يؤجر نفسه للقيام بحج الغير، و لكنه إذا استطاع فيما بعد وجب عليه أن يقوم بالحجة مرة أخرى.

لا يجب على الشخص أن يبيع للحج

منزله و مركوبه و أثاثه و ما شابه ليذهب إلى الحج.

إذا كان عنده مال بمقدار الحج و لكنه لا يمكنه الحج لشيخوخة أو مرض، يجب أن يستنيب في حياته من يحج عنه.

المستطيع الذي استقر عليه الحج إذا مات قبل أن يحج وجب إخراج أجرة الحج من أصل تركته.

لا يشترط في حجة الإسلام إذن الوالدين للولد، و لا إذن الزوج لزوجته.

يكفي الاستنابة للحج عن الميت من الميقات و لا يلزم الاستنابة له من بلده، و هكذا بالنسبة للحي العاجز عن الحج إذا أراد الاستنابة.

يجوز- في الحج المندوب- أن ينوي النيابة عن النبي أو الإمام أو غيرهم من الأحياء أو الأموات، و يكتب له ثواب الحج كما يكتب لمن نوى الحج عنه.

يستحب أن يحج كل عام، و ثواب الحج أكثر من ثواب التصدق بنفقات الحج في سبيل الله.

إذا حدث الاختلاف بين الشيعة و السنة في أمر الهلال فإن لم يمكن الاتيان بأعمال الحج حسب نظر الشيعة، جاز له الاتيان بها حسب نظر السنة، و صح حجه.

أقسام الحج

الحج على ثلاثة أقسام:

1- حج التمتع.

2- حج القران.

3- حج الأفراد.

و حج التمتع واجب على من يبعد بلده عن مكة (16) فرسخاً شرعياً أو أكثر (و كل فرسخ يقرب من خمسة كيلوات و نصف كيلومتراً).

و حج القران و الافراد واجب على ساكني مكة المكرمة أو من يبعد بلدهم عن مكة أقل من 16 فرسخاً شرعياً.

من وظيفته التمتع، عليه أن يأتي بعمرته قبل الحج، و من وظيفته القران أو الافراد عليه أن يأتي بعمرته بعد الحج- احتياطاً-.

الفرق بين القران و الافراد هو أن يحرم الحاج القارن و يسوق هديه معه بخلاف الافراد فإنه لا هدي له.

عمرة التمتع

يتألف حج التمتع من عبادتين.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 92

1- عمرة التمتع.

2- حج التمتع.

و أعمال عمرة التمتع هي:

1- الاحرام.

2- الطواف بالكعبة المشرفة سبعة أشواط.

3- ركعتا الطواف خلف مقام ابراهيم.

4- السعي بين الصفا و المروة سبعة أشواط.

5- التقصير (أي قص شي ء من شعر الرأس أو اللحية و ما شابه).

حج التمتع

حج التمتع عبارة عن ثلاثة عشر عملًا:

1- الاحرام.

2- الوقوف بعرفات.

3- الوقوف في المشعر.

4- رمي جمرة العقبة في منى بالحصى.

5- ذبح الهدي في منى.

6- حلق الرأس أو التقصير في منى.

7- طواف الزيارة.

8- صلاة الطواف.

9- السعي بين الصفا و المروة.

10- طواف النساء.

11- صلاة طواف النساء.

12- المبيت في منى ليلة الحادي عشر و الثاني عشر، و ربما يجب المبيت في ليلة الثالث عشر أيضاً.

13- رمى الجمار الثلاث في منى في اليوم الحادي عشر و الثاني عشر، و كذا في اليوم الثالث عشر إن بات في منى ليلة الثالث عشر.

أعمال العمرة

[الإحرام]
الميقات

وقت الاحرام لعمرة التمتع هو أشهر الحج (و هي: شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة).

محل الاحرام و هو الذي يسمى ب-: (الميقات) أحد المواضع التالية:

1- مسجد الشجرة، و هو ميقات أهل المدينة و من يحج من طريق المدينة.

2- وادي العقيق، و هو ميقات من يحج من طريق العراق.

3- قرن المنازل، و هو ميقات من يعبر من الطائف.

4- يلملم، و هو ميقات من يعبر من اليمن.

5- الجحفة، و هو ميقات من يحج من مصر أو الشام.

واجبات الاحرام
اشارة

واجبات الاحرام ثلاثة:

1- النية

بأن ينوي هكذا: (أحرم لعمرة التمتع قربة إلى الله تعالى) و معنى الاحرام هو الالتزام بترك أمور مخصوصة سيأتي ذكرها.

2- التلبية

و هي أن يقرأ التلبيات الأربع و صورتها:

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 93

«لبيك، اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك».

3- لبس ثوبي الاحرام.

و يجب لبس هذين الثوبين على الرجل و المرأة، و يجب أن يكونا طاهرين و أن لا يكونا من الحرير، و لا من جلد الحيوان الحرام اللحم، و أن لا يكونا رقيقين بحيث يرى البدن من تحتهما.

ما يجب تركه حال الاحرام

يجب على المحرم ترك أربعة و عشرين أمراً:

1- الصيد البري، مباشرته، و الإعانة عليه، و أكله و ذبحه، إلّا أن يكون من الحيوانات المفترسة التي يجوز دفع ضررها.

2- مقاربة النساء، بالجماع أو التقبيل أو النظر إليهن بشهوة أو لمسهن بشهوة.

3- إيقاع عقد الزواج لنفسه أو لغيره، و هكذا تحمل الشهادة عليه، و أداء الشهادة.

4- الاستمناء باليد أو بغيره.

5- استعمال الطيب كالمسك و الزعفران و العود، أكلًا و شماً و تدهيناً و ما شابه، و كذا يحرم على المحرم أن يسد أنفه عند الرائحة الكريهة.

6- لبس الثياب المخيطة، للرجال، و يجوز لبس الهميان أو غير ذلك مما تحفظ فيه النقود حتى لو كان مخيطاً، و هكذا يجوز لبس حزام الفتق و إن كان مخيطاً.

7- الاكتحال.

8- النظر في المرآة.

9- لبس الخف و الجورب و ما شابههما مما يغطي ظهر القدم و لو أراد لبس شي ء من ذلك وجب أن يشق ما يوازي ظهر القدم.

10- الفسوق و هو الكذب و السب و التفاخر.

11- الجدال و هو قول «لا و الله» و «بلى و الله» و الأحوط الاجتناب عن مطلق القسم.

12- قتل أو إلقاء هوام البدن كالقمل و البرغوث و ما شابههما.

13- التختم بقصد الزينة، و الأحوط- وجوباً- الاجتناب عن مطلق التزين و الزينة حتى ما شابه الحناء.

14- لبس الحلي بالنسبة للنساء إلا أن تكون مما تلبسه دائماً، بشرط أن لا تظهره حتى لمحارمها.

15- ستر الرأس، كله، أو بعضه، أو الاذن- بالنسبة

للرجال- بل و يحرم حتى لو ستر بواسطة الحناء أو الارتماس في الماء شيئاً من رأسه.

16- ستر المرأة وجهها بالبرقع أو بغيره، و لكن يجوز لها أن تعلق شيئاً أمام وجهها و الأحوط أن لا يلتصق بوجهها.

17- نتف الشعر من الرأس أو من غير الرأس سواء كانت شعرة واحدة أو أكثر، و لا إشكال إذا سقط في حال الوضوء.

19- إدماء البدن، حتى بواسطة السواك إذا علم قبل ذلك بأن الاستياك يدمي لثته.

20- قلع السن و إن لم يؤد إلى الادماء.

21- تقليم الظفر.

22- التظليل حال السير، اختياراً بالنسبة للرجال، و لا مانع من التظليل في المنزل.

23- قطع شجر أو نبات الحرم.

24- لبس السلاح كالمسدس و السيف و ما شابه.

الطواف
اشارة

يدخل الحاج في مكة المكرمة- بعد أن يحرم للعمرة- و يأتي بالعمل الثاني من أعمال العمرة و هو: الطواف بالكعبة المشرفة.

كيفية الطواف هي: أن يجعل الكعبة على يساره و يبدأ من الحجر الأسود و ينتهي إليه، سبع مرات.

يشترط في الطواف أمور:

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 94

1- النية، بأن يقول: (أطوف لعمرة التمتع قربة إلى الله تعالى).

2- الطهارة من الحدث الأكبر (كالجنابة و الحيض و النفاس) و الحدث الأصغر (أي أن يكون على وضوء).

3- طهارة الثوب و البدن.

4- أن يكون الرجل مختوناً.

5- ستر العورة، و يشترط في الساتر كل ما يشترط في الساتر حال الصلاة.

6- أن يكون الطواف بين الكعبة الشريفة و مقام ابراهيم على الأحوط استحباباً.

7- أن يكون حجر اسماعيل داخل الطواف.

8- أن يكون تمام بدنه خارجاً عن الكعبة الشريفة، حتى أن يده أيضاً يجب أن تكون خارجة عن شاذروان الكعبة- على الأحوط استحباباً-.

صلاة الطواف

العمل الثالث من أعمال العمرة هو: الاتيان بركعتي صلاة الطواف خلف مقام ابراهيم.

هذه الصلاة تكون مثل صلاة الصبح و نيتها هكذا: (أصلي ركعتي صلاة طواف العمرة قربه إلى الله تعالى).

السعي

العمل الرابع من أعمال العمرة هو السعي بين الصفا و المروة. و في هذا العمل يجب على الحاج أن يقطع المسافة بين الصفا و المروة سبعة أشواط ابتداءً من الصفا و انتهاءً بالمروة.

الذهاب من الصفا إلى المروة يعد شوطاً و يعد الرجوع من المروة إلى الصفا شوطاً آخر.

النية في السعي تكون هكذا: (أسعى بين الصفا و المروة لعمرة التمتع قربة إلى الله تعالى).

التقصير

بعد إتمام السعي يجب الاتيان بالعمل الخامس من أعمال العمرة و هو: التقصير.

التقصير يعني قص مقدار من شعر الرأس أو الشارب أو الظفر أو الحاجب و ينوي هكذا: (أقصر لعمرة التمتع قربة إلى الله تعالى) و بعد هذا التقصير يحل للمحرم كل ما حرم عليه بواسطة الاحرام إلا أمران (حرمتهما من جهة حرمة الحرم و ليس من جهة الاحرام) و هما:

1- الصيد.

2- قلع شجر أو نبات الحرم.

أعمال حج التمتع

احرام الحج

أعمال الحج ثلاثة عشر- كما مرّ- و على الإنسان بعد إتمام أعمال العمرة أن يحرم ثانية للحج على نحو ما مر في العمرة غير أن الاحرام للعمرة، يكون من إحدى المواقيت المذكورة- آنفاً- بينما الاحرام للحج يكون من مكة المكرمة، و يستحب أن يكون من المسجد الحرام، و يقول في نيته (أحرم لحج التمتع قربة إلى الله تعالى).

وقت احرام الحج يكون من بعد العمرة إلى وقت الوقوف بعرفات.

الوقوف بعرفات

العمل الثاني من أعمال الحج هو: الوقوف بعرفات يعني البقاء في صحراء عرفات من ظهر يوم عرفة إلى الغروب منه.

النية في هذا العمل هكذا: (أقف في عرفات لحج التمتع قربة إلى الله تعالى).

الوقوف في المشعر الحرام (المزدلفة)

يجب الذهاب إلى المشعر الحرام بعد غروب ليلة العيد، و الوقوف في صحراء المشعر إلى طلوع الشمس- احتياطاً- من يوم العيد و هو اليوم العاشر من ذي الحجة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 95

عند اقتراب طلوع الفجر من ذلك اليوم يجب أن ينوي الواقف بالمشعر هكذا: (أقف في صحراء المشعر الحرم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس قربة إلى الله تعالى).

أعمال منى

1- الرمي، 2- الذبح، 3- الحلق

يجب الذهاب إلى منى- عند طلوع الشمس من يوم العيد- و يأتي هناك بثلاثة أعمال:

1- رمي جمرة العقبة (و هي الجمرة الكبرى) بسبع حصيات صغار على التوالي، و ينوي هكذا: (أرمي جمرة العقبة امتثالًا لأمر الله تعالى).

2- ذبح بعير أو بقرة أو شاة، و نيته هكذا: (أضحي امتثالًا لأمر الله تعالى) و يجب أن تكون الأضحية تامة الأجزاء سليمة و ذات سن و عمر مخصوص مذكور في الكتب المفصلة و في مناسك الحج.

و الأحوط- استحباباً- أن يأكل المضحي شيئاً من أضحيته، و يهدي ثلثها، و يتصدق بثلثها الآخر.

3- حلق تمام الرأس (إن كان حجه الأول، احتياطاً استحبابياً) أو قص شي ء من ظفره أو شعر رأسه أو شاربه.

كيفية النية في الحلق أو التقصير هكذا: (أحلق- أو أقصر- من حج التمتع امتثالًا لأمر الله تعالى).

أعمال مكة

بعد الفراغ من أعمال منى يذهب الحاج إلى مكة المكرمة في نفس يوم العيد ليأتي هناك بخمسة أعمال هي:

1- طواف الزيارة سبعة أشواط و نيته: (أطوف طواف الزيارة امتثالًا لأمر الله تعالى).

2- ركعتي طواف الزيارة خلف مقام ابراهيم و نيتها: (أصلي ركعتي طواف الزيارة قربة إلى الله تعالى).

3- السعي بين الصفا و المروة- على النحو المذكور سابقاً- و نيته هكذا: (أسعى بين الصفا و المروة لحج التمتع قربة إلى الله تعالى).

4- طواف النساء و هو مثل طواف الحج في الكيفية، و ينوى فيه هكذا: (أطوف طواف النساء قربة إلى الله تعالى).

5- ركعتي طواف النساء، و نيتهما هكذا: (أصلي ركعتي طواف النساء قربة إلى الله تعالى).

مسألتان

لا مانع من البقاء في منى، في اليوم العاشر، للاتيان بأعمالها: (من المبيت و رمي الجمار) ثمّ الذهاب إلى مكة في اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر، أو بعد تمام أعمال منى، للاتيان بأعمال مكة.

بعد أن يأتي الحاج بأعمال مكة يحل له كل ما حرم عليه بسبب الاحرام حتى مباشرة النساء و استعمال العطر و الطيب إلا أمرين:

1- الصيد.

2- قلع شجر أو نبات الحرم (و حرمتهما لأجل الحرم لا الاحرام).

المبيت في منى

يجب على الحاج المبيت في منى في ليلة الحادي عشر و الثاني عشر، و لو جامع زوجته في الاحرام أو صاد وجب عليه المبيت في منى في ليلة الثالث عشر أيضاً، ونية المبيت هكذا: (أبيت في منى لحجة الإسلام قربة إلى الله تعالى).

إذا لم يجامع الحاج النساء و لم يصطد يجوز له أن يخرج من منى بعد ظهر اليوم الثاني عشر، و لو بقي في منى إلى غروب ذلك اليوم وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضاً.

إذا لم يبت الحاج في منى يجب عليه أن يكفر عن كل يوم بشاة، و يعد عاصياً لو ترك المبيت عمداً.

رمي الجمار

يجب على الحاج أن يرمي الجمار الثلاث في نهار الليالي التي يبيتها في منى:

فيرمي الجمرة الأولى و الجمرة الوسطى و جمرة العقبة كل واحدة بسبع حصيات.

و بهذا تنتهي أعمال الحج، و قد ذكرنا تفصيل أحكام الحج في كتاب (مناسك الحج).

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 96

أحكام الجهاد

أقسام الجهاد و شروطه الجهاد على قسمين:

1- جهاد النفس، بمعنى أن يحمل الإنسان نفسه على أداء الواجبات و الاتيان بالخيرات، و ترك المحرمات و الشرور.

2- جهاد الكفار، و هو إما ابتدائي بأن يرسل المسلمون الجيوش لمحاربة الكفار، أو دفاعي بأن يحاربوا المعتدين دفاعاً عن أوطانهم و أنفسهم.

جهاد النفس واجب عيني، أي يجب على كل مسلم و مسلمة و لا يسقط عنه بقيام سواه، و لكن جهاد الكفار واجب كفائي بمعنى أنه يسقط عنه بقيام الآخرين به- إذا كان فيه الكفاية- و إذا لم يقم به أحد عصى الجميع.

يجب الجهاد على الإنسان بشروط ثمانية:

1- البلوغ.

2- العقل.

3- الحرية.

4- الرجولة.

5- أن لا يكون شيخاً.

6- أن لا يكون أعمى و لا مقعداً، و أن لا يكون مصاباً بمرض يعيقه عن الجهاد و القتال.

7- أن تكون عنده أسلحة للقتال، فلا يجب الجهاد على الفقير الذي لا يمكنه شراء السلاح و اقتناؤه.

8- أن يأذن الإمام المعصوم أو نائبه الخاص أو العام بالجهاد.

يحرم الجهاد الابتدائي في الأشهر الحرم الأربعة (و هي رجب، و ذو العقدة، و ذو الحجة، و محرم) و لكن يجب الدفاع- حتى في هذه الأشهر- لو هجم الكفار.

إذا وقع الحرب يخير الكفار الكتابيون بين أحد هذه الأمور:

1- الإسلام.

2- أو الجزية، أي أن يدفعوا للمسلمين شيئاً من المال لقاء حمايتهم و غيرها.

3- أو القتال.

4- أو ما يراه شورى الفقهاء المراجع.

الإسلام عبارة عن النطق بالشهادتين أي الشهادة بوحدانية الله و الشهادة برسالة

نبي الإسلام محمد و الالتزام بأحكام الإسلام.

الظاهران الكفار غير أهل الكتاب أيضاً يخيرون بين الأمور المذكورة في المسألة السابقة.

يكره في الحرب قطع الأشجار و تسليط الماء، و الاحراق و تسميم الماء و الهواء و إلقاء القنابل الميكروبية و نحوها، كما تكره الإغارة على العدو ليلًا، و قد يحرم بعض ذلك لعنوان ثانوي.

لا يجوز قتل الأطفال و النساء كما لا يجوز التمثيل بقتلى الكفار.

الغنيمة

الأشياء التي يحصل عليها المسلمون في حربهم مع الكفار، تسمى غنيمة، و عند ما يحصل المسلمون على الغنائم يجب عليهم أولًا: أن يخرجوا شيئاً لصرفه فيما يرى الإمام صرفه فيه، ثمّ يخرجوا الصوافي و هي ما تكون خاصة بالإمام من الغنيمة، ثمّ يقسموا ما بقي إلى خمسة أقسام:

1- الخمس و يصرف حسب ما مر في كتاب الخمس.

2- أربعة أخماس و تصرف بين المسلمين على النحو الذي سيأتي.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 97

الغنيمة التي يحصل عليها المسلمون في الحرب، إن كانت من المنقولات (أي غير الأرض و ما شابهها) فيجب تقسيمها بين أفراد المسلمين المقاتلين بإعطاء الراجل سهما واحداً و إعطاء الفارس سهمين، و إعطاء من له أفراس متعددة ثلاثة أسهم. و السيارة و نحوها في حكم الفرس.

المقصود بأهل الكتاب النصارى، و اليهود، و المجوس.

أحكام الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

(المعروف) هو ما أوجبه الإسلام كالصلاة و الصيام، أو ما ندب إليه كالصدقة و الاطعام.

(المنكر) هو ما حرمه الإسلام كالخمر و الزنا و الربا. أو كرهه كالذهاب إلى مجالس البطالين، و البطنة، و الأكل على الشبع.

الأمر بالمعروف في الواجبات واجب و في المستحبات مستحب.

النهي عن المنكر في المحرمات واجب و في المكروهات مستحب.

شروط الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر

للأمر بالمعروف و

النهي عن المنكر عدة شروط هي:

الأول: أن يكون الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر نفسه عارفاً بالمعروف و بالمنكر.

الثاني: أن يحتمل التأثير- على الأقل- فإذا علم بأن فلاناً الذي يأمره بالمعروف لا يعمل بقوله و أمره لم يجب عليه الأمر.

الثالث: أن يكون مرتكب المنكر أو تارك المعروف مصراً على عمله فإذا ارتكب أحد منكراً و لكنه ندم من فعله و عزم على تركه إلى الأبد لم يجب نهيه عن المنكر.

الرابع: أن لا يتوجه إلى الآمر بالمعروف أو الناهي عن المنكر ضرر بسبب أمره أو نهيه.

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من الواجبات الكفائية، فلو أقدم بعض على القيام به سقط عن الآخرين، و أما لو لم يقم به أحد عصى الجميع.

إذا كان الإسلام في خطر وجب الأمر بالمعروف على الجميع دون استثناء، بمعنى أن على الجميع أن ينقذوا الإسلام من الخطر و إن توجه بذلك ضرر نفسي عليهم أو أوجب هلاكهم.

من أقسام الأمر بالمعروف: الأمر بالعمل بأحكام الإسلام و تطبيقها في كافة مجالات الحياة كالتجارة، و السياسة، و الزراعة، و الرهن، و الوقف، و العلاقات الزوجية و العائلية، و الطلاق، و القضاء، و الشهادة، و أحكام الإرث، و الحقوق، و القصاص، و الاقتصاد، و الديات و غير ذلك كما يلزم الأمر بتطبيق الحريات الإسلامية، و الأخوة الإسلامية، و الأمة الإسلامية الواحدة.

من أقسام النهي عن المنكر: النهي عن العمل بالأنظمة الغربية و الشرقية كالأنظمة المستوردة السائدة اليوم في البلاد الإسلامية، و كذلك من أقسامه: النهي عن كبت الحريات الإسلامية، و مصادره الأموال بغير حق، و الضرائب غير المشروعة و التجسس على الناس و الحدود الجغرافية المصطنعة بين البلاد الإسلامية.

مراتب الأمر و النهي

للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مراتب

ثلاث:

1- إظهار مجرد الكراهة من المنكر كتقطيب الوجه في وجه فاعله، أو اجتناب تارك الواجبات.

2- الإنكار باللسان و إظهار الكراهة بالوعظ و الإرشاد.

3- الإنكار باليد مثل أن يضرب مرتكب الحرام.

لكل واحدة من هذه المراتب مراتب، و على الإنسان أن يتدرج فيها فيأخذ بالأخف من الجميع فإذا لم يجد نفعاً انتقل إلى الأشد فالأشد.

يجب على كل مكلف أن ينكر المنكرات بقلبه سواء قدر على إظهار كراهته أم لا.

يجوز الإنكار باليد إذا لم يبلغ حد الجرح و القتل، و إلا احتاج إلى إذن الحاكم الشرعي.

الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا يوجبان على أهل العلم و رجال الدين فقط بل جميع المسلمين عامة مكلفون بأن يأمروا بالمعروف و ينهوا عن المنكر.

أحكام التولي و التبري

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 98

تجب موالاة الله و الأنبياء و الأئمة و فاطمة الزهراء و أولياء الله.

تجب معاداة أعداء الله و أعداء الأنبياء، و أعداء الأئمة و اعداء فاطمة الزهراء و أعداء الأولياء.

لا مانع في الإحسان إلى الكفار إن لم يكن لأجل كفرهم بل كان لأجل المشاركة في الإنسانية لقول الله تعالى: لٰا يَنْهٰاكُمُ اللّٰهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقٰاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ (الممتحنة/ 8).

لا مانع من الإتيان بالأعمال الخيرية لأجل الرحم الكافر كما صرح بذلك في بعض الأخبار.

من أنكر أحد أصول الدين عد من الأعداء وجب السعي لهدايته.

أحكام البيع و الشراء

«الأمور المستحبة في البيع و الشراء»

يستحب خمسة أمور في البيع و الشراء:

الأول: تعلم أحكام ذلك أكثر من موارد الابتلاء أما مقدار الحاجة من هذه المسائل فواجب تعلمه، فقد قال الإمام الصادق: «من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه و من لم يتفقه في دينه ثمّ اتجر تورط في الشبهات» (وسائل الشيعة ج 6

ص 283).

الثاني: أن لا يفرق و لا يميز في القيمة بين أفراد المسلمين.

الثالث: أن لا يستصعب في قيمة الشي ء.

الرابع: أن يأخذ ناقصاً (أي أقل من الراجح) عند الشراء، و يعطي زائداً عند البيع.

الخامس: أن يقيل النادم في البيع و الشراء فيقبل إذا أراد الفسخ.

إذا لم يعلم أن المعاملة التي أجراها صحيحة أم باطلة فإن كان في موضع جريان قاعدة الفراغ، جاز له التصرف في المال الذي أخذه.

من لم يكن له مال، و وجبت عليه نفقة العيال (كنفقة الزوجة و الأولاد) يجب عليه الكسب، و يستحب الكسب للأمور المستحبة كالتوسعة على العيال و مساعدة الفقراء و عمل الخير.

المعاملات المكروهة

عمدة المعاملات المكروهة هي:

الأول: بيع العقار، و لعل وجه الكراهة هو وجود الغش في هذا النوع من الكسب غالباً.

الثاني: القصابة.

الثالث: بيع الأكفان.

الرابع: المعاملة مع الأرذال.

الخامس: المعاملة ما بين الطلوعين (طلوع الفجر و طلوع الشمس).

السادس: أن يجعل شغله و حرفته بيع القمح و الشعير و ما شابه، و لعل الكراهة لأجل وجود الاحتكار غالباً.

السابع: الدخول في سوم الآخرين، أي التدخل في معاملة متبايعين لشراء ما يشتريه الآخر.

المعاملات و المكاسب المحرمة

المكاسب المحرمة ستة:

الأول: بيع و شراء الأعيان النجسة إلا كلب الصيد و العبد الكافر، و لا إشكال في بيع و شراء ما فيه منفعة عقلائية محللة من الأعيان النجسة.

الثاني: بيع و شراء المغصوب.

الثالث: بيع و شراء ما لا مالية له كبعض الحيوانات المفترسة، و لا بأس إذا كانت فيها منفعة عقلائية محللة.

الرابع: التكسب بالأشياء التي لا يستفاد منها إلا في الحرام عادة كآلات القمار.

الخامس: المعاملة التي فيها ربا.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 99

السادس: بيع المتاع المختلط بغيره إذا لم يكن الشي ء معلوماً، و لم يخبر المشتري به، أيضاً، مثل بيع الدهن الممتزج بالشحم المذاب، و هذا العمل يسمى «غشاً» و قد قال الرسول الأعظم في الغش: (من غش مسلماً في بيع أو شراء فليس منا، من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه و أفسد عليه معيشته و وكله إلى نفسه).

لا إشكال في بيع و شراء الأدهان السائلة، و العطور المستوردة من بلاد غير إسلامية، إذا لم تكن معلومة النجاسة.

بيع و شراء اللحوم و الشحوم و الجلود المستوردة من البلاد غير الإسلامية، أو التي تؤخذ من يد الكفار باطل، و لكن لا إشكال في ذلك إذا علم أنها من الحيوان المذبوح على الطريقة الشرعية.

بيع المسكرات و شراؤها حرام و

التعامل بها باطل.

بيع المال الغصبي باطل. و على البائع أن يرد المبلغ الذي أخذه من المشتري، إليه.

بيع و شراء آلات اللهو مثل الغيتار و ما شابه حتى الصغيرة منها حرام.

التعامل بالشي ء الذي يمكن أن يستفاد منه في الحلال، بقصد صرفه و استخدامه في الحرام (كبيع العنب بقصد أن يصنع منه خمراً) محرم و باطل.

بيع الشي ء الذي حصل عليه بالسرقة أو القمار أو عن طريق المعاملة الفاسدة حرام، و لو اشتراه أحد وجب عليه إرجاعه إلى صاحبه الأصلي.

إذا باع مقداراً من المكيل بزيادة من نفس الجنس كما لو باع مناً من الحنطة بمن و نصف من الحنطة كان ربا، و حراماً «و درهم من ربا أشد من سبعين زنية بذات محرم» بل حتى لو كان أحد الجنسين معيباً و الآخر سليماً، أو كان أحدهما جيداً و الآخر رديئاً، أو كان بين الجنسين تفاوت في القيمة إذا باع بزيادة كان رباً و حراماً أيضاً، فإذا أعطى الذهب المصاغ بزيادة من الذهب غير المصاغ كان رباً و حراماً.

لا إشكال إذا كان الذي يعطى الأقل أعطى معه شيئاً زيادة، مثلًا: أعطى مناً من الحنطة و منديلًا لقاء من و نصف من الحنطة، بشرط أن تكون المعاملة عقلائية، و لا يعد عند العقلاء حيلة، و هكذا إذا زاد الطرفان شيئاً، مثلًا باع مناً من الحنطة و منديلًا لقاء من و نصف من الحنطة و منديل.

لا إشكال إذا باع ما يذرع بالمتر أو الذراع كالقماش أو ما يعد كالبيض بزيادة من نفس الجنس، مثل أن يبيع عشر بيضات لقاء إحدى عشر بيضة.

إذا لم يكن الشي ء الذي يبيعه و العوض الذي يأخذه من جنس واحد فلا إشكال في الزيادة، فتصح المعاملة فيما

لو باع مناً من الرز مقابل منين من الحنطة، بشرط أن تكون المعاملة عقلائية.

إذا كان الشي ء الذي يبيعه و العوض الذي يأخذه في مقابله، مأخوذين من شي ء واحد يجب أن لا يأخذ فيه زيادة، فإذا باع مناً من الدهن لقاء من و نصف من الجبن كان رباً و حراماً- على الأحوط-، و هكذا إذا باع الثمرة الناضجة بالثمرة الفجة يجب أن لا يأخذ زيادة.

لا إشكال في أخذ المسلم الربا من الكافر غير الذمي، كما لا إشكال في أخذ الأب الربا من ولده و الولد من أبيه و الزوج من زوجته و الزوجة من زوجها.

شروط البائع و المشتري

يشترط في المتبايعين ستة شروط إجمالًا:

أولًا: أن يكونا بالغين.

ثانياً: أن يكونا عاقلين.

ثالثاً: أن لا يكونا سفيهين، و السفيه من يصرف ماله عبثاً و في الأمور العابثة.

رابعاً: أن يقصد البيع و الشراء حقيقة، فلو قال البائع مازحاً: بعتك هذا، كانت المعاملة باطلة.

خامساً: أن يكونا مختارين لم يجبرهما أحد على المعاملة.

سادساً: أن يكونا مالكين للعوض و المعوض.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 100

إذا أجبر البائع أو المشتري على المعاملة فإن رضي بعد إجراء المعاملة و قال: «أنا راض» صحت المعاملة.

إذا باع مال أحد بدون إذنه فإن لم يرض صاحب المال و لم يجز المعاملة بطلت.

يجوز لأب الصغير و لجده من الأب و كذا لوصي الأب أو لوصي جده من الأب أن يبيع مال الصغير، كما يجوز للمجتهد العادل أن يبيع مال المجنون أو الطفل اليتيم أو الغائب بشروط خاصة.

شروط العوض و المعوض

للعوض و المعوض شروط خمسة هي:

الأول: أن يكونا معلومي القدر كيلًا أو وزناً أو عداً و ما شابه.

الثاني: أن يكون المتبايعان قادرين على تسليم العوضين، فلا يصح بيع الفرس الشارد، و لكن إذا ضم في المعاملة ما يمكن تسليمه كما لو بيع منضماً إلى «سجادة» صحت المعاملة و إن لم يعثر على الفرس. (إذا كانت المعاملة عقلائية).

الثالث: أن يعينا الأوصاف في العوضين و التي تختلف فيها أذواق الناس.

الرابع: أن لا يكون العوضان مستحقين، فإذا تعلق بهما حق أحد، كما لو كان المعوض- مثلًا- رهينة عند أحد فلا يجوز لصاحبه (أي الراهن) أن يبيعه إلا باذن (المرتهن).

الخامس: أن يبيع نفس الشي ء لا منفعته على الأحوط، فإذا باع منفعة شي ء لمدة عام واحد لم تصح المعاملة على الأحوط، و لكن لو جعل المشتري الانتفاع بداره عوضاً، بدل أن يدفع مالًا لم

يكن فيه إشكال.

إذا فقدت المعاملة أحد الشروط المذكورة بطلت المعاملة و لكن إذا رضي المتبايعان بتصرف أحدهما في مال الآخر لم يكن في التصرف إشكال.

المعاملة بالوقف باطلة، و لكن إذا خرب الموقوف بحيث لا يمكن الاستفادة المقصودة منه، كما لو تمزق الحصير الموقوف للمسجد بحيث لا يمكن الصلاة عليه جاز بيعه، و يجب- لو أمكن- صرف ثمنه في نفس المسجد فيما هو أقرب إلى مقصود الواقف.

لا إشكال في بيع و شراء الملك المؤجر للغير و لكن الانتفاع في مدة الإجارة هو للمستأجر و إذا لم يعلم مشتري ذلك الملك بأنه مؤجر أو علم بذلك و لكن ظن قصر مدة الاجارة و اشتراه على هذا الأساس ثمّ اطلع على خلاف ذلك، جاز له فسخ تلك المعاملة.

صيغة البيع و الشراء

لا يلزم أن يجري المتبايعان صيغة البيع و الشراء بالعربية، بل يكفي إجراءها بأي لغة أخرى، و الصيغة هي أن يقول البائع:

«بعتك هذا الشي ء بكذا».

و يقول المشتري: «قبلت».

و يجب أن يقصد المتبايعان ايقاع البيع و إنشاءه، لا الاخبار.

إذا لم يجريا الصيغة حين المعاملة و لكن البائع ملّك ماله للمشتري في مقابل ما يأخذه من المشتري صحت المعاملة، و ملك الاثنان ما حصل عندهما.

النقد و النسيئة

إذا باعا شيئاً نقداً جاز للبائع و المشتري- بعد المعاملة- أن يطالبا بتسليم الثمن و المبيع و أن يتسلماه، و تسليم البيت و الأرض و ما شابههما يكون بوضعها تحت تصرف المشتري بحيث يمكن له أن يتصرف فيها.

يجب في النسيئة أن تكون المدة معلومة تماماً فإذا باع شيئاً على أن يأخذ ثمنه وقت الحصاد فإذا كانت المدة المضروبة مجهولة عرفاً و غير معلومة بالتحديد تكون المعاملة باطلة.

إذا باع شيئاً بالنسيئة بمدة معلومة جاز للبائع مطالبة المشتري بعد انتهاء المدة المقررة و لكن إذا تعذر على المشتري دفع المبلغ يلزم إمهاله.

يجوز لمن باع شيئاً و قرر أجلًا لأخذ الثمن، إذا مضى- مثلًا- أكثر من نصف المدة، أن ينقص شيئاً من الثمن و يأخذ الباقي نقداً.

السلف

اشارة

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 101

المعاملة السلفية هي أن يدفع المشتري الثمن نقداً و يتسلم المبيع بعد مدة (على العكس من النسيئة)، فإذا قال المشتري: اعطيك هذا المال لتسلّمني المبيع بعد ستة أشهر- مثلًا-، أو أخذ البائع المال و قال: بعتك الشي ء الفلاني على أن أسلمة لك بعد ستة أشهر، صحت المعاملة.

للمعاملة السلفية ستة شروط:

الأول: أن يعينا أوصاف البضاعة و الخصوصيات التي تختلف قيمة البضاعة بسببها مثل الجودة و الطعم و اللون و لا يلزم الدقة في ذلك بل يكفي أن يقال عرفاً بأنها معلومة الأوصاف و الخصوصيات.

الثاني: أن يدفع المشتري كل القيمة إلى البائع قبل تفرقهما، أو إذا كان للمشتري مبلغ في ذمة البائع أن يحتسب الدين على البائع من باب القيمة (و يجعله ثمن البضاعة) و يقبل البائع. و أما إذا دفع المشتري مقداراً من القيمة فإنه و إن صحت المعاملة بذلك المقدار و لكن يجوز للبائع أن يفسخ المعاملة.

الثالث: أن تكون المدة معلومة كاملًا، فإذا قال: أسلمك المبيع عند وقت الحصاد، و كانت المدة مجهولة عرفاً بطلت المعاملة لكون المدة غير محددة.

الرابع: أن لا يكون الوقت الذي يعيناه لتسليم المبيع وقتاً يندر فيه المبيع بحيث يتعذر على البائع تسليمه.

الخامس: أن يكون محل تسليم المبيع معلوماً و لكن لو فهم ذلك من خلال كلامهم لم يلزم ذكر اسم المحل في ضمن المعاملة.

السادس: أن يكون المبيع معلوم الوزن أو الكيل، و لا إشكال في البضاعة التي يعرف مقدارها بالمشاهدة عادة أن تباع سلفاً.

إذا باع شيئاً و قرر تسليمه بعد مدة معينة و كذا أخذ ثمنه بعد مدة (أي يكون الثمن و المثمن كلاهما مؤجلين) بطلت المعاملة.

بيع الذهب و الفضة بالذهب و الفضة

«بيع الصرف»

إذا باع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة- مسكوكاً كان أو غيره- و كان أحدهما أكثر من الآخر بطلت المعاملة و كان حراماً.

إذا باع الذهب و الفضة بالذهب أو بالفضة يجب على المتبايعين أن يقبضا (أي يتسلما العوضين) قبل الافتراق من ذلك المجلس، و إذا لم يسلما أي مقدار من العوضين المقررين بطل البيع.

يبطل بيع تراب الفضة المعدني بالفضة الخالصة، و كذا بيع

تراب الذهب المعدني بالذهب الخالص. و لكن لا إشكال في بيع تراب الفضة بالذهب، و تراب الذهب بالفضة.

الموارد التي يجوز فيها فسخ المعاملة

حق الفسخ يسمى «الخيار» و للبائع و المشتري فسخ المعاملة في إحدى عشرة صورة هي:

الأول: ما لم يتفرقا من ذلك المجلس، و يسمى «خيار المجلس».

الثاني: إذا كان مغبوناً، و يسمى «خيار الغبن».

الثالث: إذا اشترطا في المعاملة أن يكون لهما أو لأحدهما الحق في فسخ المعاملة إلى مدة معينة، و يسمى «خيار الشرط».

الرابع: إذا أظهر البائع أو المشتري ماله بأحسن مما هو عليه حقيقة، و هذا يسمى «خيار التدليس».

الخامس: إذا اشترط البائع أو المشتري بأن يعمل له الآخر عملًا أو أن يكون الشي ء الذي يعطيه ذا خصوصية معينة و لم يتحقق الشرط يجوز للمشترط فسخ المعاملة، و يسمى «خيار تخلف الشرط».

السادس: إذا تبين في أحد العوضين عيب، و يسمى «خيار العيب».

السابع: إذا تبين أن بعض المبيع راجع للغير، جاز للمشتري أن يفسخ المعاملة إذا لم يرض ذلك الغير بالمعاملة، أو أن يأخذ ثمن ذلك المقدار المستحق من البائع و تصح بقية المعاملة.

و هكذا إذا تبين أن مقداراً من القيمة التي دفعها المشتري، راجع للغير، و لم يرض صاحبه، فإنه يجوز للبائع فسخ المعاملة أو استرجاع ما يقابل ذلك المقدار من المبيع من المشتري، و هذا يسمى «خيار تبعض الصفقة».

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 102

الثامن: إذا ذكر البائع خصوصيات معينة لمبيع لم يرها المشتري، ثمّ تبين خلاف ذلك ففي هذه الصورة يجوز للمشتري فسخ المعاملة أو إمضاؤها، و هكذا إذا ذكر المشتري خصوصيات معينة في العوض الذي يدفعه ثمّ تبين خلاف ذلك جاز للبائع فسخ المعاملة أو امضاؤها، و يسمى هذا «خيار الرؤية».

التاسع: إذا تأخر المشتري عن تسديد ثمن

المبيع الذي اشتراه نقداً، إلى ثلاثة أيام و تأخر البائع في تسليم البضاعة أيضاً، و لم يشترط المشتري تأخير دفع الثمن جاز للبائع فسخ المعاملة، و لكن إذا كانت البضاعة المشتراة مما يتلف لو مضى عليه يوم كبعض الفواكه فإذا لم يدفع المشتري الثمن إلى انتهاء المدة التي يظن أن تفسد فيها الفاكهة و الثمرة و لم يكن المشتري قد اشترط التأخير جاز للبائع فسخ المعاملة و يسمى هذا «خيار التأخير».

العاشر: الحيوان الذي اشتراه يمكن فسخ معاملته إلى مدة ثلاثة أيام، و كذا إذا أعطى بدل الحيوان الذي اشتراه، حيواناً آخر جاز للبائع- إلى مدة ثلاثة أيام- فسخ المعاملة و يسمى هذا «خيار الحيوان».

الحادي عشر: إذا لم يستطع البائع تسليم البضاعة التي باعها كما إذا شرد الفرس الذي باعه، ففي هذه الصورة يجوز للمشتري أن يفسخ المعاملة و يسمى هذا «خيار تعذر التسليم».

إذا جهل المشتري قيمة البضاعة أو كان عند المعاملة غافلًا فاشترى البضاعة بأغلى من القيمة المتعارفة، فإن كانت الزيادة كبيرة بحيث يهتم بها العرف جاز له فسخ المعاملة، و هكذا إذا جهل البائع قيمة البضاعة، أو كان غافلًا عند المعاملة فباع البضاعة بأقل من قيمتها، فإن كان الفارق معتداً به عرفاً جاز له فسخ المعاملة.

إذا خلط الجيد بالردي ء و باعه بعنوان الجيد جاز للمشتري فسخ المعاملة.

إذا علم البائع بوجود عيب في الثمن الذي أخذه، فإن كان العيب موجوداً في الشي ء قبل المعاملة و كان جاهلًا به، جاز له أن يفسخ المعاملة، أو يأخذ الفرق بين الصحيح و المعيب.

إذا علم بالعيب بعد المعاملة و لم يفسخ المعاملة فوراً عرفياً سقط حقه في الفسخ- على الأحوط-.

لا يجوز للمشتري فسخ المعاملة- إذا علم بوجود عيب في المبيع- في أربع صور:

الأول: إذا علم بالعيب عند الشراء.

الثاني: إذا رضي بالعيب.

الثالث:

إذا قال حين المعاملة لا أرد البضاعة إذا كان فيها عيب، و كذا لا آخذ التفاوت.

الرابع: إذا قال البائع حين المعاملة: أبيع هذه البضاعة مع ما فيها من عيب، و لكن إذا عين العيب و قال: أبيع هذه البضاعة مع هذا العيب ثمّ تبين أن فيه عيباً آخر أيضاً جاز للمشتري أن يسترد ما يقابل العيب غير المعين، أو يأخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب.

في ثلاثة موارد، لا يجوز للمشتري فسخ المعاملة، إذا علم بالعيب في المبيع، و لكنه يجوز له أخذ التفاوت بين الصحيح و المعيب:

الأول: إذا تصرف في الشي ء بعد المعاملة.

الثاني: إذا علم بالغيب بعد المعاملة و أُسقط حقه في الفسخ فقط.

الثالث: إذا حصل في الشي ء عيب آخر بعد القبض.

مسائل متفرقة

إذا أعطى شخص بضاعة لأحد و قال له: بعه بكذا و لو بعته بأزيد من ذلك فالزيادة لك، فإذا باعه بزيادة كانت الزيادة للبائع، و كذا إذا قال له: بعتك هذه البضاعة بهذه القيمة و قال الآخر قبلت، أو أعطاه البضاعة بقصد البيع و أخذه الآخر بقصد الشراء، ثمّ باعه الآخذ بزيادة على القيمة، كانت الزيادة له.

إذا قال المشتري للبزاز أريد قماشاً ثابت اللون، فباعه البائع ما يزول لونه جاز للمشتري الفسخ.

يكره الحلف في المعاملة لو كان صادقاً، و يحرم إذا كان كاذباً.

أحكام الشفعة

اشارة

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 103

إذا كان اثنان شركاء في متاع ثمّ أراد أحد الشريكين أن يبيع حصته لثالث جاز لشريكه أخذها منه و إعطائه قيمتها و هذا يسمى: «الأخذ بالشفعة».

للشفعة ثمانية شروط:

1- أن ينقل الشريك حصته إلى ثالث بالبيع، فلو انتقلت إليه بواسطة الإرث أو الصلح أو المهر لم يكن للشريك الآخر حق الشفعة.

2- أن يكون الاثنان شركاء في المتاع فليس في مجرد «الجوار» و المجاورة حق الشفعة (أي ليس للجار شفعة).

3- أن يكون المتاع مشتركاً بين شخصين فقط فلو كان ثلاثة أو أكثر شركاء في متاع و أراد أحدهم أن يبيع حصته لم يكن للآخرين حق الشفعة.

4- الشريك الذي يأخذ بحق الشفعة و يأخذ الحصة يجب أن يكون قادراً على أداء ثمنها.

5- إذا كان المشتري مسلماً جاز للشريك أن يأخذ بحق الشفعة إذا كان هو مسلماً أيضاً و لو كان الشريك كافراً لم يكن له حق الشفعة.

6- أن يشتري الشريك (الآخذ بالشفعة) كل الحصة من شريكه، و أما إذا أراد أن يشتري بعض الحصة لم يكن له حق الشفعة.

7- أن يكون الشريك (الآخذ بحق الشفعة) عارفاً بقيمة تلك الحصة حينما يريد الأخذ بالشفعة فإن لم يكن كذلك في تلك الحال لم يكن له الأخذ بالشفعة حتى لو قال: «أنا آخذ بالشفعة بلغ ما بلغ ثمن الحصة».

8- أن يكون المتاع قابلًا للقسمة كالبستان، و الأرض و ما شابه، و في ما لا يقبل القسمة خلاف.

الذي يريد أن يأخذ حصة شريكه من المشتري يجب أن يدفع إليه مقدار ما دفع إلى البائع سواء أ كان ما دفع هو القيمة الحقيقية لتلك الحصة، أم لا.

إذا اقتسم الشريكان المتاع المشترك و فرزا حصتيهما ثمّ باع أحدهما حصته لم

يكن للآخر الأخذ بالشفعة، لأن الأخذ بالشفعة خاص بما لم يقسم بعد.

حق الشفعة فوري، فإذا تأخر الشريك عن الأخذ به دون ما عذر سقط الحق.

أحكام المضاربة

اشارة

المضاربة هي أن يتعامل (مالك) مع (عامل) بأن يعطي المالك شيئاً من ماله للعامل كرأس مال ليتاجر به العامل فيأخذ العامل من الأرباح بقدر ما يتفقان عليه، و هذه المعاملة تحتاج إلى الإيجاب من جانب المالك، و القبول من جانب العامل، و لكن لو أعطى المالك شيئاً من ماله بنية المضاربة و أخذه العامل بهذا القصد صحت المضاربة.

يجب أن يكون المالك و العامل بالغين عاقلين غير مجبورين، و يكون عندهما قصد المضاربة، فلو قال المالك- مزاحاً- خذ هذا المال و تاجر به، لم تتحقق المضاربة لعدم وجود القصد.

تعتبر في المضاربة عدة أمور و إن كان بعضها من باب الاحتياط:

1- أن يكون المال الذي يدفعه المالك عيناً موجودة، فإذا كان مال المضاربة ديناً في ذمة العامل لا يجوز جعله رأس المال- على الأحوط و إن كان الأقوى الجواز-.

2- المشهور أن يكون رأس المال ذهباً أو فضة مسكوكين بسكة المعاملة (أي ديناراً أو درهماً) فإذا كان رأس المال متاعاً أو ذهباً أو فضة غير مسكوكين لم تصح المضاربة، لكن الأقوى صحتها.

3- أن يعين المالك رأس المال، أما إذا قال: «أضاربك بأحد هذين المالين» و كانا متساويين فالأقوى صحتها.

4- أن يعين مقدار رأس المال و مواصفاته، فيقول مثلًا «ألف ليرة ذهباً».

5- أن يعين سهم العامل من الأرباح، فلو قال مثلًا: «تاجر بهذا المال و لك من الأرباح ما يدفعه فلان إلى عامله» فإذا لم يعرف العامل ما يأخذ العامل المشار إليه لم تصح المضاربة.

6- أن تكون حصة العامل من الأرباح مشاعاً، يعني أن يعين له النصف أو الثلث و ما شابه، فإذا قال له المالك: «تاجر بهذا المالك و خذ مائة ليرة- مثلًا- من أرباحه» لم تصح.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 104

7- أن يكون المالك و العامل (المتعاقدان)

شركاء في الأرباح فقط، فلو قررا شيئاً من الأرباح لشخص آخر كان باطلًا إلّا إذا كان بنحو الشرط.

8- أن يصرف العامل ذلك المال في التجارة، فلو أعطاه مالًا ليصرفه العامل في الزراعة، و يكونا شريكين في الأرباح لم تصح المضاربة و إن صحت هذه المعاملة.

صاحب المال و العامل يمكنهما فسخ المضاربة متى أرادا ذلك، سواء كان قبل الشروع في العمل أو بعده، و سواء حصلت منه أرباح أم لا.

أحكام الشركة

إذا أراد شخصان أن يتشاركا فإن خلط كل واحد منهما شيئاً من ماله مع مال الآخر بحيث لا يتميزان بعد الخلط، و قرءا صيغة الشركة بالعربية أو بلغة أخرى، أو فعلا ما يفهم منه أنهما يريدان الشركة صحت شركتهما.

يجب أن يكون الشركاء- بواسطة عقد الشركة- بالغين عاقلين، و أن يوقعوا العقد عن قصد و اختيار، و كذا يجب أن يكونوا جائزي التصرف في أموالهم فلا تصح الشركة مع السفيه (و هو من يتصرف في أمواله بسفه و عبث) لكونه محجوراً عليه.

إذا لم يشترط أن يكون لأحدهم النصيب الأكثر من الأرباح، قسمت الأرباح و الإضرار بينهم بالسوية إذا تساوت رءوس أموالهم، و أما إذا اختلفت رءوس الأموال وجب تقسيم الأرباح و الإضرار عليهم بنسبة أموالهم .. فمثلًا لو تشارك اثنان، و كان رأس مال أحدهما ضعفي رأس مال الآخر فإن نصيبه من الاضرار و الأرباح يكون ضعفي الآخر سواء عملا بمقدار واحد أو عمل أحدهما أقل من الآخر أو لم يعمل بتاتاً.

الشريك الذي أنيط إليه العمل برأس المال المشترك إذا باع و اشترى على خلاف ما قرروا معه و خسرت معاملته ضمن الخسارة، و هكذا يضمن الخسارة لو عمل خلاف المتعارف و إن لم يشترط و يقرر

معه شي ء.

لو طلب أحد الشركاء قسمة رأس المال المشترك وجب على الآخرين القبول و إن بقيت للشركة بعض المدة.

أحكام الصلح

الصلح هو تراضي شخصين على تمليك أحدهما بعض ماله أو منفعته للآخر أو إسقاط دينه أو حقه، في مقابل إعطاء الطرف الآخر شيئاً من ماله أو منفعته أو إسقاط حقه أو دينه، بل يصح الصلح حتى لو بذل شيئاً من ماله أو منفعته لأحد أو أسقط حقه أو دينه دون عوض.

يجب أن يكون المتصالحان بالغين عاقلين مختارين و قاصدين لعقد الصلح.

لا يلزم إجراء صيغة الصلح باللغة العربية بل يصح بأي لفظ مفهم للصلح و التراضي.

إذا أراد أحد أن يبذل لأحد حقاً أو ديناً له في ذمته صلحاً فإن هذا الصلح إنما يصح إذا قبل من عليه الدين أو الحق، و لكن إذا أراد صاحب الحق أو الدين إسقاط حقه أو دينه من أحد فلا يلزم قبول من عليه الحق أو الدين- على المشهور-.

إذا كان له دين مؤجل في ذمة أحد فإن صالحه على مقدار أقل و كان مقصوده أن يتنازل عن شي ء من دينه و يأخذ الباقي نقداً لم يكن فيه إشكال.

إذا تصالح اثنان على شي ء جاز فسخ ذلك الصلح برضاهما و كذا إذا اشترطا أو اشترط أحدهما في العقد أن يكون لهما حق الفسخ متى شاءا، جاز لمن شرط له هذا لحق أن يفسخ الصلح.

إذا كان الشي ء الذي يأخذه صلحاً، معيباً يجوز له فسخ الصلح، و لكن إذا أراد أخذ الأرش (و هو التفاوت بين قيمة الصحيح و المعيب) ففيه إشكال إلّا مع رضاية الطرفين.

أحكام الاجارة

اشارة

يشترط في المؤجر و المستأجر أن يكونا بالغين عاقلين مختارين، و أن لا يكونا ممنوعي التصرف في أموالهم، فلا يحق للسفيه (و هو من يصرف أمواله في الأغراض غير العقلائية) أن يؤجر أو يستأجر شيئاً.

يجوز أن يتوكل شخص عن

آخر لتأجير مال الموكل.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 105

لا يجب على المتعاقدين إجراء صيغة الاجارة باللغة العربية، بل لو قال المالك- بأي لغة- «أجرتك مالي هذا» و قال الطرف الآخر «قبلت» صحت الاجارة، و كذا لو لم ينطق بكلام، بل سلم المالك ماله إلى المستأجر بقصد الاجارة و أخذه المستأجر بقصد الاستئجار صحت الاجارة أيضاً.

إذا استأجر منزلًا أو دكاناً لمدة عام بمائة دينار و استفاد من نصف ذلك المكان، يجوز له تأجير النصف الآخر بمائة دينار، و لكن إذا أراد تأجير ذلك النصف بأكثر مما دفع (أي بمائة و عشرين ديناراً مثلًا) يجب أن يحدث فيه شيئاً كالتعمير مثلًا لتصح الاجارة، و كل هذه المعاملات يجب أن تكون عقلائية.

شرائط الشي ء المؤجر

يشترط في الشي ء الذي يؤجر عدة شروط:

الأول: أن يكون معيناً، فلو قال أجرتك أحد منازلي لم تصح الاجارة.

الثاني: أن يراه المستأجر، أو يصفه المؤجر بذكر خصوصيته بحيث يصير معلوماً كاملًا عند المستأجر.

الثالث: أن يكون تسليمه ممكناً، فلا تصح اجارة الفرس الشارد.

الرابع: أن لا يفنى ذلك الشي ء المؤجر بواسطة الانتفاع، فلا تصح اجارة الخبز و الطعام و الفواكه.

الخامس: أن يكون الانتفاع بذلك الشي ء الذي دفع المال بازائه، ممكناً، فلا تصح إجارة الأرض المستأجرة للزراعة إذا لم يكفه ماء المطر، و لم يمكن سقيها بماء النهر.

السادس: أن يكون الشي ء الذي يؤجره ملكاً له، فلا يصح تأجيره ملك الغير إلا إذا أذن صاحبه في ذلك.

لا إشكال في تأجير الشجرة للانتفاع من ثمارها.

شرائط المنفعة التي يؤجر الشي ء لأجلها أربعة هي:

أولًا: أن تكون منفعة محللة، فلا يصح تأجير المحل لبيع الخمر فيه، أو حفظها، كما لا يصح تأجير الدابة (أو السيارة) لحمل و نقل الخمر بواسطتها.

ثانياً: أن لا يكون دفع المال

بازائها لغواً عرفاً.

ثالثاً: إذا كان للشي ء المؤجر منافع متعددة يلزم تعيين نوع الانتفاع الذي يريده المستأجر، فالدابة أو السيارة التي تستخدم للتنقل، أو لنقل الحاجيات، يجب- عند إجارتها- تعيين أنه يحق للمستأجر الانتفاع بها في الانتقال الشخصي فقط أو لحمل الحاجيات أو للجميع.

رابعاً: يجب تعيين مدة الانتفاع، و يكفي إذا عين نوع العمل و إن لم تعين المدة مثل أن يتفق مع الخياط على خياطة الثوب المعين بنحو مخصوص.

إذا لم يعين مدة الاجارة و قال اجارة المنزل متى سكنت فيه عشرة دنانير شهرياً لم تصح الاجارة على المشهور.

المنزل الذي ينزل فيه الغرباء و الزوار، و لا تعرف مدة إقامتهم فيه إن تقرر أن يدفعوا عن كل ليلة ديناراً واحداً- مثلًا- و قبل صاحب المنزل فلا إشكال في الانتفاع به.

يشترط في الاجرة أن تكون معلومة، فإذا كانت من الموزون كالحنطة- مثلًا- وجب أن يكون وزنها معلوماً، و إن كانت من المعدود- كالبيض- وجب أن يكون عددها معلوماً، و إن كانت من قبيل الغنم و الفرس وجب إما أن يراها المؤجر، أو يصفها له المستأجر و يذكر خصوصياتها.

إذا أعطى الطبيب الدواء- بيده- إلى المريض فإن أخطأ، فتضرر المريض أو مات، ضمن الطبيب، و أما لو اكتفى بوصف الداء و الدواء للمريض و أقدم المريض نفسه على استعمال الدواء لا يمكن الحكم بضمان الطبيب، إلا أن يكون السبب أقوى من المباشر.

إذا قال الطبيب للمريض، أو لوليه: أنا غير ضامن إذا تضرر المريض بهذا الدواء و المعالجة، فإنه إنما لا يكون ضامناً إذا راعى الدقة و الاحتياط و مع ذلك تضرر المريض أو مات.

يجوز للمستأجر و المؤجر فسخ الاجارة بالتراضي، و هكذا إذا اشترطا في العقد أن يكون لهما

أو لأحدهما حق الفسخ متى شاء.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 106

إذا علم المؤجر، أو المستأجر أنه غبن في المعاملة، فإن لم يكن ملتفتاً إلى هذا الغبن حين إجراء الصيغة جاز له فسخ الاجارة، و لكن لو اشترطا ضمن العقد أن لا يكون لأحد حق الفسخ حتى لو ظهر كونه مغبوناً، لم يجز له الفسخ.

إذا وكل صاحب العمل، البناء في استخدام العُمّال، فإن أعطى البناء للعامل أقل مما يأخذه من صاحب العمل حرمت الزيادة عليه، و يجب إرجاعها إلى صاحب العمل، و لكن لو آجر نفسه لبناء عمارة و ترك له الحق في أن يبني بنفسه أو يوكله إلى بناء آخر فلو أعطى للبناء الآخر أقل مما آجر به نفسه حلت له الزيادة- على تفصيل-.

إذا تقرر أن يصبغ الصباغ الثوب باللون الأزرق- مثلًا- و لكنه صبغه بلون آخر لم يحق له أخذ الأجرة.

أحكام الجعالة

الجعالة هي أن يجعل أحد مبلغاً لمن يقوم له بعمل معين، مثل أن يقول: «من رد علي ضالتي أدفع له ديناراً»، و يسمى من يلتزم بإعطاء المبلغ «الجاعل» و يسمى من يقوم بالعمل «العامل»، و الفرق بين الجعالة و بين الاستئجار هو أن في الاجارة يجب أن يقوم الأجير بالعمل بعد إجراء صيغة الاجارة كما أن الأجير يستحق الأجرة على المستأجر منذ ذلك الوقت، بينما في الجعالة لا يجب على العامل الاشتغال بالعمل بل يجوز له أن يعمل أولا كما أنه لا يستحق الأجرة على المستأجر قبل أداء العمل كاملًا.

يشترط في الجاعل البلوغ و العقل و القصد و الاختيار، و أن يكون غير محجور عليه شرعاً.

يشترط في صحة الجعالة أن لا تكون على عمل محرم و غير مفيد، فإذا قال: «من شرب الخمر

أو مشى في ظلام الليل- بدون قصد صحيح- أعطيته كذا» لم تصح الجعالة.

أحكام المزارعة

اشارة

المزارعة هي أن يتعاقد صاحب الأرض مع المزارع بأن يسلم له الأرض ليزرع فيها لقاء أن يكون لصاحب الأرض نصيب في الحاصل.

يشترط في المزارعة أمور:

الأول: الإيجاب و القبول بأن يقول صاحب الأرض: «سلمت إليك الأرض لتزرعها» و يقول الزارع: «قبلت» أو يسلم المالك الأرض للزارع و يقبل الزارع و لكن في هذه الصورة يجوز للمالك فسخ المعاملة ما لم يشرع الزارع في الزراعة.

الثاني: أن يكون المتعاقدان بالغين عاقلين قاصدين مختارين، فلا تصح مزارعة السفيه.

الثالث: أن يكون الحاصل مشاعاً بينهما، فإذا شرط بأن يكون ما يحصل أولًا أو آخراً لأحدهما بطلت المزارعة و يلزم في ذلك الصلح.

الرابع: تعيين حصة كل واحد منهما بالنصف أو الثلث و ما شابه، فإذا قال المالك: «ازرع هذه الأرض و اعطني ما تريد من الحاصل»، لم تصح المزارعة.

الخامس: تعيين مدة المزارعة، و يجب أن تكون المدة بحيث يمكن أن يدرك فيها الزرع حسب العادة.

السادس: أن تكون الأرض قابلة للزراعة، و أما إذا كانت غير قابلة للزراعة و لكن أمكن الزرع فيها لو عولجت و أصلحت صحت المزارعة.

السابع: إذا كان مقصود كل واحد منهما أن يزرع نوعاً خاصاً في الأرض وجب تعيين ما يجب على الزارع زرعه، و لكن إذا لم يكونا يهدفان زراعة شي ء معين، أو كان النوعان اللذان يقصدان زرعهما معلومين لم يلزم تعيين ذلك في العقد.

الثامن: أن يعين المالك الأرض التي يجري عليها المزارعة، فإذا كانت عنده عدة قطعات متفاوتة فقال للزارع: «ازرع واحدة من هذه القطع»، و لم يعين بطلت المزارعة.

التاسع: يجب أن يعينا ما يقع على كل واحد منهما من المصارف، أما إذا كانت النفقات التي على كل واحد منهما معلومة لم يجب التعيين.

أحكام المساقاة

المساقاة أن يتعاقد شخص مع آخر بأن يسلم له أشجاراً مثمرة- تكون ثمارها ملكاً له، أو يكون أمرها بيده- من أجل أن يسقيها و يصلح شئونها لمدة

معينة و لقاء حصة من ثمرها.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 107

قالوا: لا تصح المساقاة في الأشجار غير المثمرة كشجر الخلاف و الصفصاف. و لا إشكال في الأشجار التي ينتفع من ورقها كالحناء مثلًا، و يجوز التعامل بالمصالحة في الموارد التي لا تصلح فيه المزارعة و المساقاة.

يشترط في المتعاقدين البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه.

يجب أن تكون مدة المساقاة معلومة و تصح لو عين مبدأها و جعل آخرها موسم حصول ثمارها.

يجب أن تعين حصة كل واحد مشاعاً بأن يكون لكل واحد النصف أو الثلث و ما شابه، و لو قررا أن يكون مائة كيلو- مثلًا- من الثمار للمالك و الباقي يكون للعامل- أو- بالعكس- بطلت المعاملة.

قالوا: لا تصح المساقاة على أصول غير ثابتة كأصول البطيخ و الخيار و إن كان الأقوى الصحة.

لا تنفسخ المساقاة إلا بتراضي المتعاقدين و هكذا إذا شرطا ضمن العقد أن يكون لهما أو لأحدهما حق الفسخ فلا إشكال في الفسخ حسب المقرر، بل لو شرط في العقد بعض الشروط و لم يعمل بها، جاز لمن شرط له الشرط فسخ المساقاة.

قالوا: إذا سلم أرضاً إلى أحد ليغرس فيها الأشجار على أن يكون الحاصل لهما، كانت المعاملة باطلة و هذه تسمى المغارسة و لكن الأقوى صحة المعاملة.

أحكام الوكالة

التوكيل هو أن يولي من يجوز له التصرف، غيره التصرف في ذلك الشي ء و القيام بذلك العمل، مثل أن يوكل شخصاً في أن يبيع داره، أو يعقد له على امرأة.

لا يلزم في الوكالة إجراء صيغة بل لو استطاع الشخص أن يفهم الآخر- بفعل ما- بأنه وكله و فعل الوكيل ما يفهم منه قبوله بهذا التوكيل مثل أن يعطي أحد ماله إلى آخر ليبيعه له و

أخذ الوكيل المال، صحت الوكالة.

يشترط في الموكِّل، و الوكيل: البلوغ، و العقل، و القصد، و الاختيار.

إذا عزل الموكِّل وكيله، لا يجوز للوكيل القيام بما توكل فيه، بعد وصول خبر العزل إليه، و يصح ما فعله قبل وصول ذلك الخبر إليه.

يجوز للوكيل عزل نفسه عن الوكالة و يجوز ذلك حتى لو كان الموكِّل غائباً.

إذا مات الموكِّل أو الوكيل أو جُنّ بطلت الوكالة، و هكذا إذا تلف ما وكل للتصرف فيه، مثل أن تموت الأغنام التي وكل لبيعها.

إذا قصر الوكيل في حفظ ما في يده، أو أتى فيه بتصرف غير مأذون فيه و تلف ذلك الشي ء ضمن، فإذا لبس الثوب الذي وكل في بيعه و تلف ذلك الثوب يجب عليه دفع عوضه.

أحكام الاقرار

الاقرار هو اعتراف أحد بحق عليه، مثل أن يقول «لجعفر عليّ ألف درهم»، أو اعترافه بنفي حق له على أحد، مثل أن يقول: «ليس لي على أحمد شي ء».

إنما يكون الاقرار نافذاً و صحيحاً إذا كان جازماً و صريحاً أو ظاهراً، فلو قال مثلًا: «يمكن أن يكون لجعفر عليّ ألف درهم»، لم يصح الإقرار، كما يشترط في صحة الاقرار و نفوذه، أن يكون في الاقرار ضرر على المقر، فلو قال: «لي على زيد ألف درهم»- مثلًا- لم يصح الاقرار و لا يؤخذ به إلّا بإقامة الدليل. كما لا يصح إقرار الصغير و السفيه بالنسبة إلى ماله، و لا إقرار المجبور، و غير القاصد.

إذا قال: «هذه الدار ملك لكاظم»، ثمّ قال بعد ذلك: «ملك لرضا» يجب إعطاء الدار لكاظم، و دفع قيمتها لرضا- على المشهور- و إن كان لا يخلو من إشكال.

حكم المريض في مسألة الاقرار- حكم السليم، إلا أن يكون الاقرار في المرض الذي يموت بسببه،

مثل أن يقول في مرض الموت: «أنا مديون لفلان كذا» و يكون في هذا الاقرار متهما بكونه يريد الاضرار بالورثة، ففي هذه الصورة يجب إخراج هذا المبلغ المقر به من الثلث لا من أصل التركة.

أحكام الهبة

الهبة هي إعطاء شي ء لأحد مجاناً و بلا عوض، و يلزم في هذا العقد الإيجاب و القبول، و لكن لو أعطى الشي ء لآخر بقصد الهبة و أخذه الآخر بهذا القصد وقعت الهبة، و لو لم تجر صيغة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 108

يشترط في الواهب: البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم الحجر فلا تصح الهبة من السفيه أو المفلس، و لا بد أن يكون قبض الموهوب بإذن الواهب حتى و لو كان في غير مجلس العقد.

إذا وهب الدائن دينه للمدين لا يجوز- فيما بعد- مطالبة المدين به.

إذا وهب شيئاً لأحد، و قبض الموهوب له ذلك الشي ء يجوز للواهب فسخ الهبة و استرجاع ما وهب إلا في عدة صور هي:

1- إذا كان الموهوب له من أنسبائه القريبين: كالأم و الأب، أو البعيدين كابن العم و الخالة.

2- إذا كان الواهب هو الزوج أو الزوجة،.

3- إذا تلف الموهوب كله أو بعضه.

4- إذا كانت الهبة معوضة، أي وهب لقاء عوض مثل أن يكون قد وهب داراً قيمتها ألف دينار لقاء دينار.

5- إذا كان الواهب قد قصد القربة في هبته.

6- إذا مات الواهب أو الموهب له.

7- إذا تصرف الموهوب له في الشي ء الموهوب، مثل أن يكون قد باع الحنطة الموهوبة له، أو طحنها- مثلًا-.

أحكام الصدقة

الصدقة من الأمور المستحبة التي ورد الحث عليها في الروايات الإسلامية كثيراً، فقد جاء في الحديث الشريف: «ان الصدقة توجب زيادة المال و تدفع البلاء و تجلب الشفاء».

لا يجوز للمتصدق الرجوع عن الصدقة و استرداد ما تصدق به بعد ما أخذه الفقير.

لا يجوز للهاشمي أخذ الزكاة من غير الهاشمي و كذلك زكاة الفطرة، أما في بقية الصدقات المستحبة و الواجبة فيجوز للهاشمي أخذها من

غير الهاشمي.

يجوز إعطاء الصدقة المستحبة للغني، و الكافر، و يحرم إعطاؤها للكافر المحارب و الناصبي.

يكره السؤال (أي الاستجداء) في صورة الاحتياج أما في صورة عدم الاحتياج فلا تستبعد حرمته.

يستحب أن يقدم أقرباءه و جيرانه و أهل الفضيلة على الآخرين في الصدقة.

أحكام القرض

الاقراض من الأعمال المستحبة التي ورد الحث الكثير عليها في الآيات القرآنية و الروايات، فقد صح عن الرسول الأعظم «من أقرض مؤمناً- ينظر به ميسوره- كان ماله في زكاة، و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه، و إن رفق به في طلبه جاز على الصراط كالبرق اللامع بغير حساب، و من شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عزّ و جلّ عليه الجنة».

إذا أقرّا- ضمن العقد- أجلًا لتسديد الدين وجب على المقرض عدم مطالبة المقترض بدينه قبل حلول الأجل المقرر، و لكن إذا لم يذكر أجل جاز للمقرض مطالبة المقترض بدينه متى شاء.

إذا طالب المقرض بدينه فإن تمكن المقترض من الاداء وجب عليه الأداء فوراً، و لو تأخر عصى.

إذا لم يملك المقترض غير مسكنه و أثاث منزله، و غير ذلك مما يحتاج إليه، لم يجز للمقرض مطالبته بالدين، بل يجب أن يصبر و ينتظر حتى ييسر المقترض.

إذا لم تزد تركة الميت عن مصارف تجهيزه (أي كفنه و دفنه) وجب صرف التركة على هذه الأمور، و لا يعطى لورثته شي ء.

إذا اشترط المقرض أن يؤدي المقترض أزيد مما اقترض مثل أن يقرض عشرة كيلوات من الحنطة و يشترط أداء عشرة كيلوات و نصف- مثلًا- أو يقرض عشر بيضات لقاء إحدى عشرة بيضة، فهو ربا و محرم.

إذا شرط بأن يقوم له المقترض بعمل ما، أو يؤدي ما اقترضه مع مقدار من جنس آخر، مثل

أن يؤدي الدينار الذي اقترضه مع «علبة كبريت» فهو ربا و حرام أيضاً، و هكذا إذا اشترط أن يؤدي ما اقترضه بنحو مخصوص مثلًا أن يؤدي الذهب غير المصاغ مصاغاً فهو رباً و حرام أيضاً و لكن لو أقدم المقترض نفسه- و بدون اشتراط- على أداء دينه مع زيادة لم يكن في ذلك إشكال؛ بل هو مستحب.

إذا أعطى مقداراً من المال لتاجر- لا بعنوان القرض- ليأخذ عن جانبه في بلد آخر بأقل مما أعطى لم يكن فيه إشكال.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 109

إذا أعطى مقداراً من المال لأحد على أن يأخذ بعد مدة في بلد آخر مع زيادة، كأن يعطيه (900) دينار- مثلًا- ليأخذه في بلد آخر بعد مدة بزيادة (100) دينار أي (1000) دينار فهو ربا و حرام، و لكن لو أعطى من يأخذ الزيادة في مقابل الزيادة شيئاً أو قام بعمل، لم يكن فيه إشكال، إذا كانت المعاملة عقلائية.

إذا أخذ في مقابل دينه «كمبيالة» أو حوالة ثمّ أراد تحصيل ماله قبل الأجل فباعها بنقصان لم يكن في ذلك إشكال و هو ما يسمى الآن ب- «تنزيل الكمبيالة».

أحكام الحوالة

إذا حول المديون دائنه إلى آخر أي بأن يأخذ ما بذمته من آخر، و قبل الدائن بذلك يصير المحال عليه- بعد انعقاد الحوالة- هو المديون: و لا يجوز للدائن- بعد هذا- مطالبة دينه من المديون الأول.

يشترط في المديون و الدائن و المحال عليه: البلوغ، و العقل، و الاختيار، و عدم السفه.

إذا اشترط المديون و الدائن و المحال عليه أو أحدهم لنفسه حق الفسخ يجوز له فسخ الحوالة طبقاً لما قرر و اشترط.

أحكام الرهن

الرهن هو أن يجعل المديون مقداراً من ماله عند الدائن ليحصل على دينه من ذلك المال إذا امتنع عن تسديد الدين.

لا يلزم في الرهن قراءة صيغة بل يصح الرهن بدفع الرهينة إلى الدائن بقصد الرهن و أخذه الدائن بنفس القصد.

يشترط في الراهن و المرتهن: البلوغ و العقل و الاختيار و عدم السفه.

لا يجوز للراهن، أو الدائن تمليك الرهينة لأحد كهبة أو بيع- مثلًا- دون إذن الآخر. و لكن إذا فعل أحدهما ذلك ثمّ رضي الآخر بعد ذلك صح.

إذا طالبه الدائن عند حلول أجل الدين، فامتنع عن تسديد دينه، جاز للدائن بيع الرهينة و أخذ دينه من ثمنها، و إعادة الزائد إلى الراهن.

إذا لم يكن للمديون سوى داره التي يسكنها، و أشياء يحتاج إليها مثل أثاث المنزل، لم يجز للدائن مطالبته بدينه، و لكن إذا كانت الرهينة من هذه المستثنيات أي كانت منزلًا أو أثاثاً جاز بيعها و استيفاء الدين.

أحكام الحجر

اشارة

الحجر هو أن لا يتمكن الإنسان من التصرف في جميع أمواله أو بعضها لأحد الأسباب السبعة التالية:

1- الصغر.

2- الجنون.

3- السفه.

4- الفلس.

5- المرض.

6- الرقية.

7- الموت.

لا يجوز للصغير الذي لم يبلغ، أو البالغ غير الرشيد، التصرف في أمواله، و إن كان تصرفه صالحاً.

علامات البلوغ

(علامات البلوغ) ثلاث:

1- نبت الشعر الخشن تحت البطن على العانة، و لا عبرة بالشعر الضعيف.

2- الاحتلام، بمعنى خروج المني، و هذه العلامة في الإناث قليلة جداً.

3- انقضاء خمس عشرة سنة قمرية في الذكور و تسع سنين في الاناث.

ولي الصغير (و هو من يجوز له التصرف في أموال الصغير) في الدرجة الأولى هو الأب، أو الجد الأبوي للصغير، فإذا لم يكونا فالقيّم المنصوب من قبلهما، و إن لم يكن فالحاكم الشرعي.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 110

يمنع المجنون من التصرف في أمواله و هو في بقية الأحكام كالصغير، و لكن الأحوط- وجوباً- أنه لو كان جن بعد البلوغ أن تكون ولاية أموره لأبيه أو جده الأبوي و الحاكم الشرعي معاً.

السفيه (و هو من يصرف أمواله في الأغراض غير العقلائية و ينفقها في غير محلها) لا يجوز له التصرف في أمواله، و ولايته لأبيه وجده الأبوي إن طرأ عليه السفه قبل البلوغ، و أما إذا طرأ عليه السفه بعد البلوغ فولايته لحاكم الشرع مع أبيه وجده الأبوي- احتياطاً-.

المفلس هو من حجر عليه الحاكم الشرعي عن ماله، لقصوره عن ديونه، و لكن يجوز للمفلس، قبل أن يحجر عليه الحاكم الشرعي التصرف في أمواله و إن كانت قروضه أضعاف ثروته.

لا يجوز للمفلس التصرف في أمواله إذا توفرت فيه أربعة شروط:

1- إذا كانت ديونه ثابتة شرعاً.

2- إذا كانت ممتلكاته و ديونه على الناس أقل من الديون التي عليه- باستثناء المستثنيات التي ذكرناها في كتاب القرض كالمنزل و أثاث المنزل-.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

منتخب المسائل الإسلامية؛ ص: 110

3- إذا كانت الديون التي عليه قد حل أجلها، أو كان المقدار الذي حل أجلها- منها- أزيد من ممتلكاته.

4- أن يطلب الغرماء من الحاكم الشرعي الحجر

عليه.

يتعلق حق الغرماء بأموال المفلس منذ أن يحجر عليه الحاكم الشرعي، و يجب أن يبيعوها و يسددوا ديون الغرماء منها.

تقسيم أموال المفلس بين الغرماء يجب أن يكون على نسبة ديونهم، فمثلًا إذا كان كل ثروته 30 ديناراً و كان لأحد عليه 100 دينار، و لآخر 50 ديناراً، يجب إعطاء 20 ديناراً لصاحب المائة، و 10 دنانير للآخر.

إذا صرف الشخص- في مرضه الذي يموت به- مبلغاً مجاناً و تبرعاً كأن يهب شيئاً من ماله لأحد، أو باع ما قيمته ألف دينار بمائة مثلًا فهو محل خلاف و الأقرب أن هذه التصرفات تخرج من أصل المال و هذا هو ما يسمى في الفقه بمنجزات المريض.

التصرفات الذي يقوم بها العبد بدون اذن مولاه باطلة أما هل أنه يملك أم لا، خلاف و الأقوى أنه يملك.

إذا أوصى بأن يعطي شي ء من أمواله إلى أحد بعد موته، فإن لم يكن أكثر من الثلث أو كان أكثر من الثلث و أجاز الورثة، وجب تنفيذ تلك الوصية، و أما لو كان أكثر من الثلث و لم يجز الورثة صحت الوصية بمقدار الثلث، و بطلت فيما زاد عن ذلك، و هكذا في الوصايا المالية غير الواجبة شرعاً كالخيرات و المبرات.

أحكام الضمان

إذا أراد شخص أن يضمن أحداً بأن يسدد دينه يكفي في صحة ضمانه أن يقول له- بأي لغة و لو بغير العربية- بأني «ضمنت بأن أسدد عنك دينك» و يرضى الدائن بذلك، و لا يشترط رضاء المديون.

يشترط في الضامن و الدائن أن يكونا عاقلين، بالغين، غير مجبورين، و غير سفيهين (بالمعنى الذي ذكر سابقاً) و لكن لا تشترط هذه الأمور في المديون، فإذا ضمن صغيراً أو مجنوناً صح ضمانه.

إذا اشترط الضامن لضمانه شرطاً،

كأن قال: «أنا ضامن إن لم يدفع المديون دينه» فلا يبعد صحة ذلك.

إذا ضمن أن يسدد دين أحد، لم يجز الرجوع عن ضمانه.

أحكام الكفالة

الكفالة هي التعهد بإحضار مديون متى أراد الدائن، و يسمى المتعهد بهذا: كفيلًا.

يشترط في الكفيل البلوغ، و العقل، و الاختيار، و القدرة على إحضار المكفول.

تنفسخ الكفالة لأحد أمور خمسة:

الأول: تسليم الكفيل للمكفول بيد الدائن.

الثاني: تسديد دين المكفول.

الثالث: اسقاط الدائن لحقه.

الرابع: موت المديون.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 111

الخامس: إبراء الدائن للكفيل من الكفالة.

أحكام الوديعة

إذا أودع الإنسان ماله عند أحد و ائتمنه عليه و طلب منه حفظه لفظاً و قبل المستودع، أو أفهمه و لو بغير اللفظ أنه أودعه ماله، و أخذ الآخر بقصد الحفظ، صحت الوديعة و يجب العمل بأحكام الوديعة.

يعتبر في المودع و المستودع: العقل، و البلوغ، فإذا أودع ماله عند صغير أو مجنون، أو أودع الصغير أو المجنون ماله عند أحد، لم تصح الوديعة. و في الصورة الأخيرة يجب ردّه إلى وليّهما.

يلزم على العاجز عن حفظ الوديعة أن لا يقبلها.

يجوز للمودع استرجاع وديعته متى أراد، و يجوز للمستودع أن يعيد الوديعة إلى المودع متى شاء.

لو لم يقصر المستودع في حفظ الوديعة و لم تعد فيها، ثمّ تلفت لم يضمنها.

إذا مات صاحب الوديعة وجب على المستودع إيصالها إلى ورثته، أو إخبارهم بها، و لو لم يوصلهما إلى الورثة، أو قصر في الاخبار ثمّ تلفت ضمن.

إذا مات المستودع، أو جن وجب على وارثه أو وليه الإسراع- مهما أمكن- في إخبار صاحب الوديعة، أو إيصال الوديعة إليه.

أحكام العارية

العارية هي أن يسلط أحد غيره على ماله لينتفع بها مجاناً.

إذا تلفت العين المستعارة دون تفريط في حفظها أو تعد في الانتفاع بها لم يضمن المستعير، و لكن لو اشترط ضمان العين المستعارة لو تلفت، ضمن عوضها، و كذا إذا كانت العارية ذهباً أو فضة.

إذا مات المعير وجب على المستعير إعادة العين المستعارة إلى ورثته فوراً.

يجوز للمعير استرداد ما أعاره متى شاء، كما يجوز للمستعير إعادة ما استعاره متى أراد.

عارية الشي ء الذي يحرم الانتفاع به كآلات اللهو باطلة و لا تجري فيه أحكام العارية.

لا يجوز للمستعير إعارة العين المستعارة، أو إجارتها للغير، بدون إذن صاحبها.

أحكام النكاح و الزواج

اشارة

تحل المرأة للرجل بواسطة عقد النكاح و هو على نوعين: عقد دائم، و عقد منقطع.

و العقد الدائم يعني ما لم تذكر فيه مدة للنكاح، و الزوجة المعقود عليها بهذا الشكل تسمى: (دائمة).

و العقد غير الدائم هو ما عين فيه الأجل و المدة، مثل أن يعقد على امرأة لمدة ساعة أو يوم أو شهر أو عام أو أكثر، و مثل هذه الزوجة تسمى: (متمتع بها).

أحكام عقد النكاح

اشارة

يجب- في الزواج الدائم و المنقطع- إجراء صيغة النكاح، و لا يكفي مجرد التراضي من الطرفين، و الصيغة إما أن يجريها نفس المرأة و الرجل، أو يوكلا أحداً لإجرائها بالوكالة عنهما.

لا يشترط في الوكيل أن يكون رجلًا بل يجوز للمرأة أن تجري صيغة النكاح نيابة عن الغير- حتى لو كان رجلًا-.

يجوز للشخص الواحد أن يتولى إجراء عقد النكاح- الدائم أو المنقطع- عن الجانبين، و هكذا يجوز للشخص أن يتوكل لإجراء الصيغة عن جانب المرأة ثمّ يزوجها لنفسه بنحو دائم أو غير دائم، و لكن الأحوط- استحباباً- أن يتولى شخصان إجراء العقد.

كيفية العقد الدائم

إذا كان المجري لعقد النكاح الدائم هو الزوجان أنفسهما و قالت المرأة أولًا:

«زَوَّجْتُكَ نَفْسِي عَلى الصّدَاقِ المَعْلوُم» ثمّ قال الرجل فوراً: «قَبِلْتُ التَّزْوِيج» صح العقد.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 112

و لو وكلا غيرهما ليجري العقد عنهما، فإن كان اسم المرأة فاطمة، و اسم الرجل أحمد- مثلًا- فقال وكيل المرأة: «زَوّجْتُ مُوَكِّلَتي فَاطِمَة مُوَكُلَكَ أحْمَد عَلى الصّدَاقِ الْمَعْلُوم» ثمّ قال وكيل الرجل- فوراً-: «قَبِلْتُ لِمُوَكّلي أحْمَد عَلى الصّدَاق» صح العقد.

لا يجب مطابقة لفظ الرجل للفظ المرأة في العقد فلو قالت المرأة: «زَوّجْتُ» و قال الرجل: «قَبِلْتُ النِّكَاح» و لم يقل «قبلت التزويج»، صح العقد.

كيفية العقد المنقطع

إذا كان المجري لعقد النكاح المنقطع هو نفس الزوجين فإن قالت المرأة- بعد تعيين المدة و المهر-: «زَوّجْتُكَ نَفْسِي فِي الْمُدّةِ المَعْلُومَةِ عَلى المَهْر المَعْلوم» ثمّ قال الرجل- فوراً-: «قَبِلْتُ» صح العقد، و لو وكلا غيرهما لإجراء العقد بالوكالة عنهما، ثمّ قال وكيل المرأة- أولًا- «مَتَّعْتُ مُوَكِّلَتِي مُوَكِّلَكَ فِي الْمُدّةِ المَعْلُومَةِ عَلى الْمَهْرِ المَعْلُوم» ثمّ قال وكيل الرجل- فوراً-: «قَبِلْتُ لِمُوَكّلي هَكَذا» صح العقد.

شرائط العقد

لعقد النكاح شروط:

1- إجراء العقد بالعربي الصحيح. و لو لم يتمكن الزوجان من إجراء العقد بالعربي الصحيح، فالأحوط وجوباً- إن أمكن- توكيل من يجري الصيغة عنهما بالعربي الصحيح، و أما إذا لم يمكن ذلك جاز لهما إجراء العقد بغير العربي، و لكن يجب أن يقولا ما يفيد معنى «زَوّجْتُ، و قَبِلْتُ».

2- يجب إجراء العقد بقصد الإنشاء فإن كان مجري العقد هو الزوجان أنفسهما وجب أن تقصد الزوجة من قولها: «زَوّجْتُكَ نَفْسِي» أي جعلت نفسي زوجة لك، و أن يقصد الرجل من قوله: «قَبِلْتُ التّزْويج» الرضا بهذا الجعل. و إذا كان مجري العقد و هو الوكيل فيجب أن يكون قصد الوكيل من الإيجاب و القبول هو جعلهما زوجين.

3- أن يكون مجريا الصيغة بالغين عاقلين، سواء كان العقد لهما أو لمن و كلاهما.

4- إذا أجرى وكيل الطرفين، أو وليهما، عقد النكاح وجب أن يعينا الزوجين، بذكر اسمهما أو الإشارة إليهما، فإذا كان لأحد عدة بنات و قال لرجل: «زوجتك إحدى بناتي» و قبل الرجل، فإن لم تعين الفتاة عند العقد بطل العقد.

5- أن يكون الزوجان راضيين بالنكاح، و لكن لو أكرهت المرأة على الإذن ظاهراً و علم رضاها قلبياً صح العقد.

لو زوجت امرأة لرجل بدون اذنهما ثمّ رضيا بذلك فيما بعد لفظاً صح

العقد.

يجوز للأب و الجد الأبوي اتخاذ زوجة لولده الصغير أو المجنون الذي بلغ مجنوناً، و إذا بلغ الصغير و أفاق المجنون لم يجز لهما فسخ العقد إذا لم يكن فيه مفسدة .. و أما إذا كان فيه مفسدة جاز لهما فسخه.

البنت البالغ الرشيدة (و هي التي تميز مصلحة نفسها) إذا أرادت الزواج فإن كانت بكراً فالأحوط أن تستأذن من أبيها أو جدها الأبوي و لا يلزم اذن أمها أو أخيها.

إذا كان الأب أو الجد الأبوي غائبين بحيث لا يمكن للبنت الاستئذان منهما، أو لم تكن البنت بكراً، لم يلزم إذن الأب و الجد الأبوي.

العيوب التي يجوز فسخ العقد لأجلها

إذا علم الزوج- بعد العقد- بوجود أحد هذه العيوب السبعة في الزوجة يجوز له فسخ العقد:

الأول: الجنون.

الثاني: الجذام.

الثالث: البرص.

الرابع: العمى.

الخامس: الاقعاد و الزمن.

السادس: الافضاء أي كون مسلك البول و الحيض واحداً.

السابع: القرن و هو لحم أو عظم ينبت في الفرج يمنع من الوطء و المجامعة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 113

إذا علمت الزوجة- بعد العقد- بأن زوجها مجنون، أو مجبوب (أي مقطوع الذكر) أو عنين (و العنن هو مرض يسبب عدم انتشار الآلة الموجب لعدم التمكن من الإيلاج) أو مخصي (أي مسلول البيضتين) أو (مرضوضهما)، جاز لها فسخ العقد.

بعض النساء التي يحرم الزواج معهن

يحرم التزوج ببعض النساء كالأم، و الأخت، و أم الزوجة.

إذا تزوج الإنسان بامرأة صارت أم تلك المرأة و جدّتها و أم أبيها و إن علون، محرماً لذلك الرجل.

إذا عقد على امرأة و قاربها صارت بنت زوجته و بنت بنتها و كذا بنت ابنها و إن سفلن محارم له، سواء كن حين العقد، أو ولدن فيما بعد.

أبو الزوج وجده، و إن علوا، و ابن الزوج و ابن ابنه و

ابن بنته و إن نزلوا محارم للمرأة سواء كانوا حين العقد أو ولدوا فيما بعد.

إذا كانت الزوجة دائمة أو متمتع بها، فلا يجوز له التزوج باختها ما دامت في حبالته.

لا يجوز التزوج ببنت أخت الزوجة و بنت أخيها، دون اذن الزوجة، و لكن لو عقد عليهما دون إذنها، ثمّ أجازت فيما بعد صح العقد و لم يكن فيه إشكال.

لو عقد على امرأة ثمّ قاربها، ثمّ زنا بأمها لم تحرم عليه تلك المرأة (أي زوجته)، و هكذا لو زنا بأم المعقودة قبل أن يقاربها.

لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج الكافر، كتابياً كان أم غير كتابي، و كذا لا يجوز للرجل المسلم أن يتزوج بكافرة غير كتابية، أما التزوج بالكتابية كاليهودية، و المسيحية، فلا مانع من العقد عليهن دائماً و منقطعاً. و إن كان الأحوط- استحباباً- ترك الدوام.

إذا زنا بامرأة في عدة الطلاق الرجعي، حرمت تلك المرأة عليه، و إذا زنا بامرأة في عدة المتعة، أو الطلاق البائن، أو عدة الوفاة جاز له- بعد ذلك- العقد عليها.

إذا زنا بامرأة لا زوج لها و ليست في عدة جاز له العقد عليها لنفسه فيما بعد، و لكن الأحوط- استحباباً- التربث و الانتظار حتى ترى تلك المرأة الحيض ثمّ يعقد عليها، و هكذا لو أراد الغير أن يعقد عليها.

إذا علم أن المرأة ذات زوج و مع ذلك تزوجها وجب أن يفترقا و الأقوى أن لا يعقد عليها لنفسه فيما بعد أيضاً.

لو زنت ذات زوج لم تحرم على زوجها، و لو لم تتب و بقيت على فجورها فالأفضل أن يطلقها زوجها و لكن يجب عليه إعطاء مهرها.

تحرم أم الملوط و اخته و بنته على اللائط و إن لم يكن اللائط و

الملوط بالغين، على الأحوط.

إذا لم يأت الرجل بطواف النساء حرمت عليه زوجته، و هكذا إذا لم تأت المرأة بطواف النساء حرم عليها زوجها، و لكن لو أتيا بالطواف المذكور فيما بعد، أو استنابا أحداً للاتيان به إن لم يمكن لهما القيام به مباشرة، ارتفعت الحرمة.

أحكام العقد الدائم

على المعقودة دواماً أن لا تخرج من المنزل بدون إذن زوجها، و يجب عليها تمكين نفسها لما يريده من الاستمتاعات، و إن لا تمتنع من مقاربته له بدون عذر شرعي، و لو أطاعت زوجها في هذه الأمور وجب على زوجها الإنفاق عليها و تهيئة الغذاء و اللباس و السكنى لها، و لو لم ينفق عليها- و هو قادر على الإنفاق- كانت ديناً عليه للمرأة.

إذا لم تطع الزوجة زوجها في الأمور المذكورة في المسألة السابقة، كانت عاصية و لم تستحق على زوجها الغذاء و اللباس و المسكن و المضاجعة، و لكن المهر لا يسقط بذلك.

لا يحق للزوج إجبار زوجته على القيام بالخدمة المنزلية.

لا يجوز للزوج ترك مقاربة زوجته أكثر من أربعة أشهر- على المشهور- و الأقوى لزوم المعاشرة بالمعروف.

الزواج المؤقت «المتعة»

تصح المتعة حتى لو لم تكن للذة و الاستمتاع.

لو اشترطت المتمتع بها في العقد أن لا يقاربها الزوج صح العقد و الشرط، و جاز للزوج سائر الاستمتاعات ما عدا المقاربة، و لكن لو رضيت بعد ذلك بالمقاربة جاز للزوج ذلك.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 114

ليس للمتمتع بها حق النفقة حتى لو حملت ممن تمتع بها.

ليس للمتمتع بها حق المضاجعة كما لا ترث من الزوج و لا يرث منها الزوج.

يجوز للمتمتع بها أن تخرج من منزل زوجها بدون إذنه و لكن إذا استلزم خروجها تفويت حق زوجها حرم عليها الخروج.

إذا عقد الأب أو الجد الأبوي للصغير على امرأة لمدة ساعة أو ساعتين- لأجل المحرمية- كفى ذلك.

و كذا يجوز أن يزوجا الصغيرة لأحد كذلك- لأجل المحرمية- و لكن يجب أن يكون في ذلك العقد مصلحة للبنت.

إذا وهب المتمتع بامرأة بقية المدة لها فإن كان قد قاربها وجب إعطاءها ما

قرر في العقد، و إذا لم يقاربها أعطاها نصف المقرر.

أحكام النظر

يحرم نظر الرجل إلى بدن المرأة الأجنبية، حتى البنت التي لم تتم سنتها التاسعة و لكنها تميز بين الجيد و الردى ء، و كذا النظر إلى شعرها حرام سواء كان بقصد اللذة أو بدونها، و النظر إلى الوجه و الكفين حرام إذا كان بقصد اللذة، و هكذا يحرم نظر المرأة إلى بدن الرجل الأجنبي عنها.

لا إشكال في نظر الرجل إلى وجه و كفي الكتابيات كاليهوديات و النصرانيات، إذا كان بدون قصد اللذة، و لم يخف أن يقع في الحرام، و الأحوط وجوباً أن لا ينظر إلى غير وجههن و كفيهن.

يجب على المرأة ستر بدنها و شعرها عن الرجل الأجنبي، بل الأحوط- وجوباً- أن تستر بدنها و شعرها حتى عن الصبي غير البالغ إن كان مميزاً بين الجيد و الردي ء.

يحرم النظر إلى عورة الآخر، حتى إلى عورة الصبي المميز، و لو كان ذلك النظر من وراء الزجاج، أو في المرآة، أو في الماء الصافي و ما شابه، و لكن يجوز للزوجين أن ينظرا إلى تمام بدن بعضهما.

يجوز للرجل و المرأة المحرمين أن ينظرا إلى بدن الآخر- ما عدا العورة- إذا لم يكن بقصد اللذة و لم يكن خوف الفتنة.

يجب على الرجل أن لا ينظر إلى بدن الرجل الآخر بقصد اللذة، و نظر المرأة إلى بدن المرأة الأخرى بقصد اللذة حرام.

لا يجوز للرجل أن يصور المرأة الأجنبية بنحو يستلزم التصوير النظر إلى تلك المرأة أو صورتها، كما لا يجوز النظر إلى صورة المرأة الأجنبية التي يعرفها، و كذا المرأة التي لا يعرفها- على الأحوط-.

إذا اضطر الرجل في معالجة امرأة أجنبية إلى أن ينظر بدنها أو يمسه، فلا إشكال

في ذلك، و لكن إذا استطاع من معالجتها بالنظر دون اللمس وجب أن لا يمس بدنها، و لو تمكن من معالجتها باللمس دون النظر وجب معالجتها دون أن ينظر إليها.

إذا اضطر أحد في معالجة آخر إلى النظر إلى عورته و لم يكن له طريق إلا النظر إلى العورة ذاتها، لم يكن في ذلك إشكال.

مسائل النكاح المتفرقة

من خاف الوقوع في الحرام لتركه الزواج يجب عليه أن يتزوج.

إذا اشترط الزوج في العقد أن تكون الزوجة بكراً ثمّ تبين بعد العقد أنها لم تكن بكراً جاز له فسخ العقد.

يحرم بقاء الرجل و المرأة الأجنبيين في مكان لا يوجد فيه غيرهما، و لا يمكن لغيرهما الدخول فيه أيضاً، سواء كانا مشغولين بذكر الله، أو بكلام آخر، و سواء كانا نائمين أو يقظين، و لكن إذا كان ذلك المكان بحيث يمكن دخول غيرهما فيه، أو كان معهما صبي مميز. فلا إشكال في ذلك- على تفصيل في المسألة-.

إذا اشترطت المرأة- حين العقد- أن لا يخرجها الزوج من بلدها، و قبل الزوج ذلك، لا يجوز له إخراج المرأة من ذلك البلد.

إذا قالت المرأة: «أنا يائسة» أو قالت: «ليس لي زوج» قبل قولها إلّا إذا علمنا خلاف ذلك.

لا يجوز للأب فصل بنته عن أمها قبل إتمامها سبع سنين و لا يجوز فصل الولد قبل إتمامه سنتين.

يستحب التعجيل في تزويج الفتاة البالغة، فقد قال الإمام الصادق: «من سعادة المرء أن لا تطمث [أي لا تحيض] بنته في بيته».

إذا وهبت المرأة مهرها لزوجها بشرط أن لا يتزوج معها أخرى، وجب على الزوجة عدم مطالبته بالمهر، كما يجب على الزوج عدم التزوج بامرأة أخرى معها عملًا بالشرط.

أحكام الرضاع

اشارة

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 115

إذا أرضعت امرأة طفلًا- حسب الشروط التي ستذكر فيما بعد- صار ذلك الطفل محرماً على هؤلاء:

أولًا: نفس المرأة المرضعة، و تسمى أماً رضاعية.

ثانياً: زوج المرأة الذي يكون صاحب اللبن، و يسمى أباً رضاعيا.

ثالثاً: أبوا المرضعة و إن علوا، و إن كانا أبوين رضاعيين للمرضعة.

رابعاً: أولاد تلك المرضعة، سواء ولدوا قبل الرضاع أو بعده.

خامساً: أولاد أولاد تلك المرضعة و إن

نزلوا، سواء كانوا أولاداً حقيقيين لأولادها، أو بالرضاع.

سادساً: أخوة و أخوات المرضعة و إن كانوا رضاعيين.

سابعاً: أعمام و عمات المرضعة و لو من الرضاع.

ثامناً: أخوال و خالات المرضعة و لو من الرضاع.

تاسعاً: أولاد زوج المرضعة الذي له اللبن و إن نزلوا، سواء كانوا أولاداً بالرضاع أو لا.

عاشراً: أبوا زوج المرضعة، الذي له اللبن، و إن علوا.

حادي عشر: أخوة و أخوات زوج تلك المرضعة و إن كانوا من الرضاع.

ثاني عشر: أعمام زوج المرضعة الذي له اللبن و عماته و أخواله و خالاته و إن علوا، و إن كانوا من الرضاع، و غير هؤلاء ممن سيأتي ذكرهم في المسائل التالية فإنهم يصيرون محارم للمرتضع، بواسطة الرضاع.

إذا أرضعت امرأة طفلًا لم تصر محرماً مع أخوة ذلك المرتضع و هكذا لا يصير أقارب تلك المرضعة محرماً مع أخوة أو أخوات الطفل المرتضع.

شروط الرضاع المحرم

للرضاع الموجب للتحريم شروط ثمانية هي:

أولًا: أن يرتضع الطفل من مرضعة حية، فلا فائدة في الرضاع من ثدي امرأة ميتة.

ثانياً: أن لا يكون لبن المرضعة من الحرام، فإذا ارتضع من لبن ناشئ من زنا، لم يصير المرتضع محرماً على أحد.

ثالثاً: أن يمتص الطفل اللبن من الثدي، فإذا صب اللبن في حلقه، لا يكون له أثر.

رابعاً: أن يكون اللبن خالصاً فلا يخلط بشي ء آخر.

خامساً: أن يكون اللبن من زوج واحد، فلو طلقت امرأة ذات لبن من زوجها، ثمّ تزوجت بعد ذلك بزوج آخر و حملت منه، و عند الوضع كان اللبن الذي من الزوج الأول بحاله لم ينقطع، و كانت قد أرضعت منه طفلًا ثمان رضعات مثلًا قبل الوضع، و سبع رضعات بعده من لبن الزوج الثاني لم يصر ذلك الطفل محرماً مع أحد.

سادساً: أن لا يتقيأ اللبن

لمرض.

سابعاً: أن يرتضع الطفل خمس عشرة رضعة كاملة، أو يوماً و ليلة بالنحو المذكور في المسألة التالية، أو يبلغ رضاعه حداً يقال بأنه نبت لحمه و اشتد عظمه من ذلك الرضاع.

ثامناً: أن يكون الرضاع في خلال العامين الأولين و قبل استكمالهما، فلو ارتضع بعد استكمال العامين لم يصير محرماً على أحد.

يجب أن لا يأكل الطفل غذاءً، أو لبناً من امرأة أخرى خلال يوم و ليلة الرضاع، و لا إشكال إذا تغذى بشي ء قليل بحيث لا يقال عرفاً أنه تغذى في أثناء الرضاع، و هكذا يجب أن يكون كل الرضعات الخمس عشرة من مرضعة واحدة دون أن يفصل بينها، و لا إشكال في الفصل للتنفس، أو يصبر قليلًا بحيث تحسب الأولى و الثانية التي يشبع فيها، رضعة واحدة.

من كان له عدة زوجات و أرضعت كل واحدة طفلًا حسب الشروط المذكورة صار أولئك الأطفال محارم مع بعض، و محارم مع ذلك الرجل و تلك المراضع.

لا يجوز للرجل أن يتزوج باختين و لو كانتا أختين رضاعيتين، و لو عقد على امرأتين ثمّ تبين له أنهما رضيعتين فلو كان عقدهما قد وقعا في وقت واحد بطلا معاً، و إذا وقعا في وقتين مختلفين صح الأول، و بطل الثاني.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 116

أفضل المراضع هي أم الطفل.

الذين يصيرون أقرباء بسبب الرضاع، يستحب أن يحترم بعضهم بعضاً، و لكن لا يتوارثون، و ليس عليهم ما على الأقارب الحقيقيين من الحقوق.

يستحب إرضاع الطفل عامين كاملين إذا أمكن.

إذا شكوا في أنه هل ارتضع الطفل بالمقدار الموجب للتحريم أو لا؟ أو ظنوا بأنه ارتضع بذلك المقدار، أو ظنوا بأنه لم يرتضع، لم يحرم ذلك الطفل على أحد (أي لم يصر محرماً على أحد) و لكن الأفضل رعاية الاحتياط.

أحكام الطلاق

اشارة

يشترط في الرجل الذي يطلق زوجته (البلوغ) و (العقل) و (الاختيار)، فلو أجبر على تطليق زوجته كان الطلاق باطلًا، و هكذا يشترط قصد الطلاق فلو ذكر صيغة الطلاق مزاحاً لم يصح.

يشترط أن تكون الزوجة في حين تطليقها طاهرة من الحيض و النفاس، و لم يقربها الزوج في ذلك الطهر.

يصح طلاق الزوجة في حال الحيض و النفاس في ثلاثة موارد:

أولًا: إذا لم يقربها الزوج بعد زواجه منها.

ثانياً: إذا علم أنها حامل، و إذا لم يعلم ذلك و طلقها الزوج في حال الحيض ثمّ تبين أنها كانت حاملًا فالأحوط أن يطلقها مرة أخرى.

ثالثاً: إذا لم يعلم الزوج- بسبب غيابه- هل هي غير حائض أو نفساء أم لا.

إذا أراد أن يطلق الزوج زوجته الطاهرة من الحيض أو النفاس بعد أن قاربها في ذلك الطهر يجب عليه أن ينتظر حتى تحيض ثمّ تطهر من الحيض ثمّ يطلقها، و لا إشكال في طلاق الصغيرة التي لم تكمل تسعاً، أو الحامل، و كذا لا إشكال في اليائسة و هي ما تكون فوق الستين إذا كانت قرشية، و فوق الخمسين إذا كانت غير قرشية.

يجب أن يكون الطلاق بالصيغة العربية الصحيحة، و يسمعها رجلان عادلان، و لو أراد الزوج نفسه إجراء الصيغة، و كان اسم الزوجة فاطمة- مثلًا- يجب أن يقول: «زَوْجَتِي فَاطِمَة طالِق» و لو و كلّ أحداً لإجراء الطلاق يجب أن يقول الوكيل: «زَوْجَةُ مُوَكِّلي فَاطِمَة طالِق».

المرأة المتمتع بها لمدة معينة

كالتي عقد عليها لمدة شهر أو عام، لا طلاق لها بل خروجها من حبالة الزوجية يكون إما بانقضاء المدة المعينة أو أن يهب لها الزوج بقية المدة بأن يقول: «وهبتك المدة» و لا يلزم استشهاد شاهدين و خلوها من الحيض.

عدة الطلاق

اشارة

لا عدة للصغيرة التي لم تكمل التاسعة و لا اليائسة، يعني إذا قاربها الزوج ثمّ طلقها جاز لها أن تتزوج فوراً دون عدة، لكن لا يجوز جماع الصغيرة.

يجب على المرأة غير الصغيرة، و غير اليائسة، إذا طلقها بعد مقاربتها، أن تعتد بعدة الطلاق، يعني بعد أن تطلق في الطهر، تنتظر حتى تحيض ثمّ تطهر، إلى أن تحيض ثانية و ثالثة و بذلك تتم عدتها و يجوز لها أن تتزوج بعد ذلك، و لكن لو طلقها الزوج قبل مقاربتها لم يكن لها عدة، يعني يجوز أن تتزوج فوراً.

المرأة التي لا تحيض إن كانت في سن من تحيض، لو طلقها زوجها يجب عليها أن تعتد بعد الطلاق لمدة ثلاثة أشهر.

إذا طلق الحامل فانتهاء عدتها إما بوضع الحمل، أو بسقوطه، فعلى هذا لو تولد طفلهما بعد ساعة من الطلاق- مثلًا- انتهت عدتها.

المرأة البالغة غير اليائسة إذا تمتع بها لمدة شهر أو سنة مثلًا إن قاربها زوجها و انتهت مدة متعتها، أو وهبها زوجها المدة يجب أن تعتد، فإن كانت ممن تحيض، اعتدت بحيضتين، و إن كانت ممن لا تحيض فالأحوط وجوباً أن تجتنب الزواج لمدة خمسة و أربعين يوماً.

ابتداء عدة الطلاق من حين انتهاء قراءة صيغة الطلاق سواء علمت المرأة بأنه طلقها أم لا، فإذا علمت بعد انقضاء مدة العدة أنه طلقها كفى، و لا يلزم إعادة الاعتداد.

عدة المتوفى عنها زوجها

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 117

المرأة غير الحامل التي مات زوجها يجب أن تعتد أربعة أشهر و عشرة أيام، بأن لا تتزوج إلا بعد انقضاء هذه المدة، حتى إذا كانت يائسة، أو متمتعاً بها، أو لم يقاربها زوجها.

و أما إذا كانت حاملًا يجب أن تعتد إلى أن تضع حملها، و

لكن إذا وضعت حملها قبل انقضاء أربعة أشهر و عشرة أيام يجب أن لا تتزوج حتى يمضي أربعة أشهر و عشرة أيام على وفاة زوجها، و تسمى هذه العدة «عدة الوفاة».

يحرم على المرأة المعتدة بعدة الوفاة أن تلبس الثياب الملونة التي تكون للزينة، و الاكتحال، و كذا يحرم أن تفعل ما يعتبر زينة أيضاً.

ابتداء عدة الوفاة يكون من حين معرفة المرأة وفاة زوجها.

الطلاق البائن و الرجعي

الطلاق البائن هو الذي لا يجوز بعد وقوعه للرجل أن يرجع إلى زوجته بدون عقد جديد، و هو على خمسة أقسام:

الأول: طلاق الصغيرة، أي التي لم تتم التاسعة من عمرها.

الثاني: طلاق اليائسة.

الثالث: طلاق الزوجة التي لم يدخل بها الزوج بعد العقد عليها.

الرابع: طلاق الزوجة المطلقة ثلاثاً.

الخامس: طلاق الخلع و المباراة و سيأتي أحكامهما فيما بعد.

و غير هذه الأقسام الخمسة، يكون الطلاق رجعياً، أي الطلاق الذي يجوز للرجل بعد وقوعه أن يعود إلى زوجته و هي في العدة، دون عقد جديد.

أحكام الرجوع

في الطلاق الرجعي يجوز رجوع الرجل إلى زوجته بنحوين:

الأول: أن ينطق بما يعني أنه رجع إليها.

الثاني: أن يفعل ما يدل على الرجوع.

لا يلزم على الزوج أن يستشهد أحداً على رجوعه، أو يخبر الزوجة بذلك، بل يكفي و يصح إذا قال مع نفسه: «راجَعْتُ زَوْجَتِي» دون أن يسمعه أحد.

إذا طلق الرجل زوجته مرتين و رجع إليها في كل مرة، أو طلقها مرتين ثمّ عاد إليها بعقد جديد بعد كل طلاق، تحرم عليه بعد الطلاق الثالث، و لكن لو تزوجت بعد الطلاق الثالث برجل آخر يحل لزوجها الأول أن يتزوجها مرة أخرى بأربعة شروط:

الأول: أن يكون زواجها من الرجل الثاني زواجاً دائمياً لا منقطعاً، فلو تزوجها الثاني متعة، أي لمدة شهر أو سنة- مثلًا- ثمّ انفصلت منه لم يجز لزوجها الأول أن يتزوج بها مرة أخرى.

الثاني: أن يقاربها الزوج الثاني و الأحوط الإنزال أيضاً.

الثالث: أن يطلقها الزوج الثاني أو يموت.

الرابع: أن ينقضي عدة طلاقها من الزوج الثاني أو عدة وفاته.

طلاق الخلع

طلاق المرأة التي كرهت زوجها فتبذل له مهرها، أو مالا آخر ليطلقها، يسمى (طلاق الخلع).

طلاق المباراة

إذا كره كل من الزوجين صاحبه (أي كره الزوج زوجته و الزوجة زوجها) و أعطت الزوجة مبلغاً من المال لزوجها ليطلقها، سمي هذا الطلاق «طلاق المباراة».

إذا رجعت الزوجة عن بذلها في أثناء عدة طلاق الخلع أو المباراة، جاز لزوجها الرجوع إليها دون عقد جديد.

يجب أن لا يكون المال الذي يأخذ الزوج في طلاق المباراة أزيد من المهر، و لا إشكال في ذلك في طلاق الخلع.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 118

أحكام الطلاق المتفرقة

لو جامع امرأة أجنبية بظن أنها زوجته وجب على المرأة أن تعتد سواء علمت بأن الرجل ليس زوجها أو كانت تظن بأنه زوجها.

إذا زنا بامرأة يعلم أنها ليست زوجته لا يجب عليها العدة.

المرأة التي فقد زوجها لو أرادت أن تتزوج بزوج آخر، يجب أن تراجع المجتهد العادل أو وكيل المجتهد، و تعمل حسب رأيه.

أحكام المسابقة (السبق)

تجوز المسابقة على البغال، و الحمير، و الإبل، و الفيلة، و الآلات البخارية و نحوها، كما لا إشكال في تعيين عوض لمن سبق.

لا إشكال في اشتراط العوض المالي في المسابقات التي تجري بالسيف و السهم و سائر أنواع السلاح.

لا يجوز اشتراط العوض في بقية أنواع المسابقة و لكن نفس المسابقة إذا لم ينطبق عليها عنوان محرم لا تكون حراماً، مثل كرة القدم، و حمل الأثقال، و رفع الأحجار و ما شابه.

إذا جعل عوض في إحدى المسابقات المذكورة في المسألة السابقة، إن لم يكن بعنوان الشرط لم يكن فيه إشكال.

يجب إجراء الصيغة في المسابقة، و لكن لا يجب أن تكون باللغة العربية، بل تصح بأي لغة كانت.

أحكام الغصب

الغصب هو الاستيلاء العدواني على مال أو حق الغير، و هو من الذنوب الكبيرة التي يستحق مرتكبه عذاباً أخروياً شديداً، فقد روي عن الرسول الأعظم: «من خان جاره شبراً من الأرض جعله الله طوقاً في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقاً» الوسائل ج 17 ص 309.

إذا منع شخص الآخرين من الانتفاع بالمسجد أو المدرسة، أو الجسر، أو غيرها من الأماكن العامة، فقد غصب حقوقهم، و هكذا لو بادر إلى مكان في المسجد فمنعه الآخر منه.

إذا غصب أحد شيئاً من أحد وجب إرجاعه إلى صاحبه و لو تلف ذلك الشي ء وجب إعطاء عوضه إلى صاحبه.

كل ما يحصل من المغصوب من نماء كما لو ولدت الشاة- مثلًا- فهو لصاحب المال، و هكذا لو غصب داراً فيجب عليه دفع إجارتها لصاحبها حتى و لو لم يسكن فيها الغاصب.

إذ غيّر المغصوب بنحو يصير أفضل من حالته الأولى كما لو صاغ الذهب المغصوب قرطاً، فإن قال صاحب المال اعطني

مالي على هيئته هذه، وجب رده كذلك، و ليس له أن يطالب بأجرة ما صنع.

إذا زرع في الأرض المغصوبة، أو غرس فيها شجراً، فالزرع و الثمرة للزارع و الغارس على المشهور، و إذا لم يرض صاحب الأرض ببقاء الزرع و الغرس في الأرض وجب على الغاصب إزالة الزرع و الغرس فوراً و إن لحقه من ذلك ضرر، كما يجب عليه أن يدفع لصاحب الأرض أجرة المدة التي كان فيها الزرع و الغرس، و يصلح ما حدث في الأرض من خرائب، فيطم الحفر التي نشأت من قلع الشجر- مثلًا- و لا يجوز له إجبار صاحب الأرض بأن يبيعها أو يؤجرها له، و هكذا لا يجوز لصاحب الأرض إجبار الغاصب على بيع الزرع و الغرس له.

إذا تلف الشي ء المغصوب فإن كان ذلك الشي ء قيميّاً، أي مما تختلف قيمة أجزائه، كالبقر و الغنم، حيث تختلف قيمة لحمه عن قيمة جلده وجب إعطاء قيمته، و إذا اختلفت قيمته السوقية، وجب إعطاء قيمته حسب يوم التسليم، و الاحتياط الاستحبابي يقضي بأن يعطي أعلى القيم من يوم غصبه إلى يوم تسليمه.

إذا كان الشي ء المغصوب الذي تلف (مثلياً) أي من قبيل الحنطة و الشعير الذي لا تختلف أجزاؤه في القيمة بل سواء في ذلك، وجب رد مثل المغصوب إلى صاحبه و لكن يجب أن تكون خصوصيات ما يعطيه مثل الشي ء المغصوب التالف، تماماً.

إذا غصب أحد، الشي ء المغصوب و تلف عند الغاصب الثاني جاز لصاحب المال أن يطالب بعوضه من أي واحد منهما شاء، أو يأخذ من كل واحد مقداراً من العوض، و لو أخذ العوض من الغاصب الأول جاز للغاصب الأول مطالبة ما دفع، من الغاصب الثاني، و لكن لو أخذ المالك

العوض من الغاصب الثاني رأساً، لم يجز للغاصب الثاني مطالبة ما دفعه من الأول.

إذا لم يتوفر في المبيع أحد الشروط المعتبرة في المعاملة، مثلًا لو بيع الشي ء الذي يجب بيعه بالوزن أو بالكيل، دون كيل أو وزن، كانت المعاملة باطلة و لو رضي المتبايعان- بقطع النظر عن المعاملة- بالتصرف في العوضين جاز ذلك و لم يكن فيه إشكال، و إلا كان الشي ء

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 119

الذي أخذه كل واحد منهما كالمغصوب، و يجب رده إلى صاحبه، و لو تلف مال كل واحد منهما عند الآخر وجب على كل منهما دفع عوض ما تلف إلى الآخر سواء علما ببطلان المعاملة أم لم يعلما.

أحكام الأراضي العامرة و الموات

الأراضي العاطلة التي لا مالك لها فعلًا، سواء لم يكن لها مالك أصلًا، كأغلب الصحارى، أو كان لها مالك سابقاً لكنها تعطلت فيما بعد، كالمدن المندثرة، تسمى بالموات، و هي لمن يعمرها و يحييها، بقدر أن لا يضر الآخرين.

الطرق العامة، للجميع، فلا يجوز لأحد بناء دار فيها، أو حفر بئر، و ما شابه، و لكن الطرق غير النافذة مختص بمن له دار فيها، و لا يجوز لغيرهم التصرف فيها بدون إذنهم، بل لو كان لأحد جدار فيها لا يجوز له أن يفتح باباً إليها دون إذنهم و رضاهم.

يجوز النوم و الصلاة في الطرق العامة، بل لا إشكال في جعل محل فيها للتعامل بشرط أن لا يكون مضراً بالمارة، و لو سبق إلى ذلك أحد ففرش بساطه لم يجز لأحد مزاحمته.

المسجد من المشتركات بين المسلمين فيجوز لهم أن يفعلوا فيه كل ما لا ينافي المسجدية.

إذا شغل أحد محلًا في المسجد لم يجز لغيره غصبه منه، لحق السبق، فإذا قام من ذلك المحل

دون أن يترك فيه شيئاً يدل على استمرار الاشغال سقط حقه، و لو ترك شيئاً هناك و لكن طالت غيبته عنه بحيث أوجب تعطيل المكان جاز لغير إشغاله في صورة الاحتياج إليه.

المشاهد المشرفة و العتبات المقدسة كالمساجد في هذه الأحكام.

المدارس العلمية مشتركة بين الطلاب فمن تصرف غرفة فيها قبل غيره فهو أولى و أحق بها من غيره إلا إذا غاب عنها و طال سفره- مثلًا- أو كان الغياب عنها مخالفاً لشرط الواقف.

المياه و المعادن مشتركة بين الناس فإذا استخرج أحد في أرض مباحة معدناً أو حفر أرضاً فهو له بالقدر الذي استخرج بشرط أن لا يضر الآخرين.

المياه و المعادن و الأراضي العاطلة ليست ملكاً للدولة بل الدولة هي كعامة الناس إذا أحيت أرضاً أو استخرجت معدناً كانت لها، و إلا فهي على حالتها السابقة.

أحكام اللقطة

إذ عثر الإنسان على مال لا علامة فيه يعرف بها صاحبه، يجوز له أن يأخذها بقصد التملك، و لكن الأحوط- استحباباً- أن يتصدق به عن صاحبه.

إذا كان في اللقطة (و هي ما يعثر عليها الإنسان) علامة، و كان قيمتها أقل من الدرهم الشرعي (أي نصف مثقال و ربع مثقال فضة) فإن كان صاحبها معلوماً و لا يعلم رضاه، لا يجوز أخذه بدون إذنه، و إذا لم يكن صاحبها معلوماً جاز أخذها بقصد التملك، و الأحوط أن يدفع عوضه إلى صاحبه عند التعرف عليه.

إذا كان في اللقطة علامة يمكن بها معرفة صاحبها يجب على من أخذها أن يعرفها و يعلن عنها، حتى و لو كان صاحبها كافراً غير محارب إذا بلغ قيمتها درهماً شرعياً و كيفية التعريف هي بأن يحضر في محل اجتماع الناس و يعلن عنها حسب المتعارف و لا يبعد

كفاية الإعلان إلى حد اليأس.

إذا لم يرد الإنسان أن يقوم بالتعريف بنفسه يجوز أن يعهد بذلك إلى من يطمئن إليه ليعرف بها عنه.

إذا أعلن عنها إلى حد اليأس دون الحصول على صاحبها يجوز له تملكها بقصد أن يدفع عوضها إلى صاحبها عند ما يجده أو بقصد أن يحافظ عليها حتى يدفعها إلى صاحبها إذا وجد و لكن الأحوط- استحباباً- أن يتصدق بها عن صاحبها.

من عثر على مال و لم يعمل بالطريقة المذكورة من الاعلان عنه و التعريف بها، فهو مضافاً إلى أنه عصى يجب عليه الإعلان عنها أيضاً، مع احتمال عثوره على صاحبه.

إذا عثر الصبي على مال وجب على وليه الإعلان عنه.

إذا يئس الإنسان من العثور على صاحب اللقطة في أثناء زمان الإعلان جاز له أن يتصدق بها.

لا يلزم- في الإعلان عن اللقطة- أن يذكر خصوصياتها و جنسها بل يكفي أن يقول: عثرت على شي ء.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 120

إذا عثر على شي ء، فادعى آخر بأنه له، لا يجوز إعطاؤه إليه إلا إذا ذكر خصوصياته و مواصفاته و علائمه و لكن لا يجب ذكر العلامات التي لا يلتفت إليها صاحب الشي ء عادة.

إذا كانت اللقطة مما يتلف بإبقائها لا يلزم أن يعين قيمتها و يبيعها و يبقي ثمنها أمانة عنده ليدفعها إلى صاحبها بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله، بل يجوز له أن يفعل كل ذلك من دون إذن الحاكم الشرعي أو وكيله.

إذا أخذ حذاء الشخص و ترك مكانه حذاء آخر، فإن كان يعلم أن صاحبه هو الذي أخذ حذاءه، و علم أنه فعل ذلك عمداً جاز أخذ الحذاء المتروك مكان حذاءه، و لكن إذا كانت قيمة الحذاء المتروك أغلى من قيمة حذائه وجب دفع زيادة القيمة

إلى صاحبه عند ما يجده، و إذا يئس من تحصيله وجب التصدق بالزيادة عن صاحبه بإذن الحاكم الشرعي، و إذا احتمل أن لا يكون الحذاء المتروك لمن أخذ حذاءه فإن كانت قيمته دون الدرهم الشرعي جاز له أخذه، و إن كانت أكثر وجب الإعلان عنه و بعد ذلك يتصدق به عن صاحبه- احتياطاً-.

أحكام ذبح الحيوان و صيده

[أما الذبح]

اشارة

إذا ذبح الحيوان المحلل اللحم- حسب الطريقة الشرعية التي ستذكر فيما بعد-، كان لحمه- بعد خروج الروح- حلالًا و بدنه طاهراً، سواء أ كان وحشياً أم أهلياً، و لكن الحيوان الذي وطأه الإنسان، و الحيوان الجلال الذي اعتاد على أكل العذرة إذا لم يستبرء حسب الطريقة المعتبرة شرعاً، لا يكون لحمه بعد الذبح حلالًا.

الحيوان المحلل اللحم الذي ليس له دم دافق كالسمك إذا مات بنفسه، فهو طاهر، و لكن لا يجوز أكل لحمه.

لا يطهر الكلب و الخنزير بالذبح و الصيد و لا يحل أكل لحمهما، و أما الحيوان المحرم اللحم المفترس كالذئب و النمر، لو ذبح حسب الطريقة التي ستذكر أو صيد بالسهم و شبهه يكون طاهراً، و لكن لا يحل أكل لحمه، و لو صيد بكلب الصيد لم يكن في طهارة بدنه إشكال أيضاً.

الطريقة الشرعية لذبح الحيوان

طريق تذكية الحيوان و ذبحه شرعياً هي أن يقطع الأوداج الأربعة من تحت الجوزة بنحو كامل و لا يكفي مجرد قطعها قليلًا، بل يجب قطعها بتمامها.

شرائط الذبح

للذبح الشرعي خمسة شروط:

الأول: أن يكون الذابح- رجلًا أو امرأة- مسلماً، غير معلن بعداوة أهل بيت النبي، و لو كان ولد المسلم مميزاً جاز له ذبح الحيوان.

الثاني: أن يذبح الحيوان بآلة حديدية، و لو لم يوجد ذلك و كان الحيوان بحيث لو لم يذبح فوراً لمات جاز قطع أوداجه بأية آلة حادة أخرى كالزجاج و الصخرة الحادة.

الثالث: أن تكون مقاديم بدن الحيوان على جهة القبلة، عند الذبح (و يعني بالمقاديم وجهه و أيديه و أرجله و بطنه) فلو لم يستقبل بالحيوان القبلة عمداً، حرم لحمه، و لكن لو نسي ذلك، أو جهل المسألة، أو أخطأ في تشخيص القبلة، أو لم يعلم باتجاه القبلة و لم يمكنه توجيه الحيوان صوب القبلة لم يكن فيه إشكال.

الرابع: عند ما يريد ذبح الحيوان أو يضع السكين على عنقه يذكر اسم الله بنية الذبح و يكفي أن يقول: «بسم الله» فقط، و لو ذكر اسم الله لا بنية الذبح، لم يطهر ذاك الحيوان، و حرم لحمه، و لكن لا إشكال لو نسي ذكر اسم الله عند الذبح.

الخامس: أن يتحرك الحيوان بعد ذبحه و لو حركة يسيرة،، مثل أن تطرف عينه أو يحرك ذنبه أو قوائمه.

الطريقة الشرعية لنحر الإبل

إذا أراد تذكية الإبل بحيث يكون- بعد الذبح- طاهراً و حلالًا، يجب- بالإضافة إلى مرعاة الشرائط المعتبرة في الذبح المذكورة سلفاً- أن يدخل سكيناً أو ما اشبهه من الآلات الحادة في (لبته) و هو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلًا بالعنق و يسمى هذا بالنحر.

لو ذبح الإبل بدل النحر، أو نحر الغنم و البقر و ما شابه بدل الذبح حرم لحمها، و كان بدنها نجساً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 121

إذا استعصى الحيوان و لم

يمكن ذبحه على الطريقة الشرعية المقررة له، أو سقط في البئر بحيث احتمل أن يموت هناك و لم يمكن ذبحه على طريقة الشرع جاز أن يجرحه في أي موضع من بدنه ليموت على أثر الجرح، و لا يلزم توجيهه نحو القبلة-، و لكن يشترط مراعاة بقية الشرائط المعتبرة في ذبح الحيوان.

يستحب- عند الذبح- أمور:

منها: أن يعرض الماء على الحيوان قبل ذبحه أو نحره.

و منها: أن يفعل في ذبح الحيوان ما هو أبعد عن التعذيب و الأذى مثل أن يحد سكينه جيداً و يسرع الذبح.

يكره في الذبح أمور:

الأول: أن يقطع أوداج الحيوان من قفاه بأن يدخل السكين من خلف عنق الحيوان و يقطع الأوداج من القفا.

الثاني: أن يفصل رأس الحيوان من بدنه قبل خروج روحه من البدن، و لكن لو فعل ذلك غفلة، أو بسبب حدة السكين و سبقه دون اختيار منه لم يكن في ذلك كراهة.

الثالث: أن يسلخ جلده قبل خروج الروح منه.

الرابع: أن يقطع نخاعه قبل خروج الروح منه.

الخامس: أن يذبحه و حيوان آخر ينظر إليه.

السادس: أن يذبح الحيوان ليلًا أو قبل الزوال من يوم الجمعة، و لا بأس في ذلك في صورة الضرورة و الحاجة.

السابع: أن يذبح بيده ما رباه من الأنعام.

[أما الصيد]

أحكام الصيد بالأسلحة

إذا صاد الحيوان المحلل اللحم الوحشي بالأسلحة حل لحمه و طهر بدنه بخمسة شروط:

الأول: أن يكون سلاح الصيد قاطعاً كالسكين و السيف، أو حاداً مثل الرمح و السهم الذي لحدته يمزق بدن الحيوان، و لو صاد الحيوان بواسطة الشباك أو العصي أو الحجر أو ما شابه ذلك و مات بسبب ذلك لم يطهر ذلك الحيوان و حرم أكل لحمه، و إذا صاد حيواناً بالسلاح الناري (كالبندقية) فإن كان رصاصه محدداً مسنناً بحيث ينغرز في بدن الحيوان و يمزقه طهر وحل، و إذا لم يكن محدداً مسنناً بل يدخل في بدن الحيوان بالضغط و يقتله كذلك فالظاهر حليته، و لو أحرق بدن الحيوان بحرارته و مات بسبب تلك الحرارة ففي طهارته و حليته إشكال.

الثاني: يجب أن يكون الصائد مسلماً أو ابن مسلم يميز بين الخير و الشر، و لو صاد الكافر أو الناصب العداء لأهل البيت (سلام الله عليهم) لم يكن صيده حلالًا.

الثالث: أن يستعمل السلاح للصيد، فلو أطلق رصاصة من سلاحه هادفاً مكاناً- مثلًا- ثمّ أصاب الحيوان

صدفة لم يطهر ذلك الحيوان و لم يحل أكل لحمه.

الرابع: أن يسمي الله عند استعمال السلاح للصيد، و لو لم يذكر اسم الله عمداً لم يحل صيده، و لكن لا إشكال لو ترك ذلك نسياناً.

الخامس: أن يدرك الحيوان ميتاً، أو إذا أدركه حيّاً لم يتسع الوقت للذبح، فلو اتسع الوقت بمقدار ذبحه و لم يذبحه حتى مات حرم لحمه.

إذا صاد حيواناً، أو ذبحه، و خرج من بطنه ولده حيّاً فإن ذبح الوليد على الطريقة المعتبرة شرعاً حل لحمه و إلا حرم.

إذا صاد حيواناً، أو ذبحه، و أخرج من بطنه ولداً ميتاً، فإن كانت خلقته تامة و قد نبت على جسمه الشعر أو الصوف، و قد شق بطن الذبيحة بعد ذبحها فوراً و أخرج ذلك الولد ميتاً طهر وحل لحمه.

الصيد بكلب الصيد

إذا صاد كلب الصيد حيواناً وحشياً محلل اللحم فطهارته و حليته مشروطتان بستة شروط:

الأول: أن يكون الكلب مربّى بحيث ينطلق إذا أرسل، و يقف إذا طلب منه الوقوف، و تكون عادته بحيث لا يأكل من الصيد قبل وصول صاحبه إليه، و لا إشكال إذا أكل من الصيد صدفة و اتفاقاً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 122

الثاني: أن يرسله صاحبه إلى الصيد، فلو انطلق الكلب نحو الصيد من تلقاء نفسه من دون أن يرسله صاحبه حرم أكل ذلك الصيد، بل حتى لو انطلق وراء الصيد من تلقاء نفسه، ثمّ حثه صاحبه فيما بعد ليسرع و يصل إلى الصيد، فالأحوط الاجتناب من أكل ذلك الصيد حتى إذا كان سرعة عدوه و ركضه بحثّ صاحبه و إغراءه.

الثالث: أن يكون مرسل الكلب مسلماً أو ابن مسلم مميز بين الخير و الشر، فلو كان المرسل الكافر أو الناصب العداوة لأهل بيت النبي

حرم صيد ذلك الكلب.

الرابع: أن يذكر اسم الله عند إرسال الكلب، و لو ترك التسمية عمداً حرم ذلك الصيد، و لكن لو نسي ذلك لم يكن فيه إشكال.

الخامس: أن يموت الصيد بسبب الجرح الذي أصابه من أسنان الكلب، فإذا خنق الكلب صيده، أو مات الصيد من شدة الركض أو من الخوف لم يحل لحمه.

السادس: أن يدرك مرسل الكلب، الصيد ميتاً، أو إذا أدركه حيّاً لم يتسع الوقت لذبحه، و لو اتسع الوقت لذبحه، مثلًا كانت تطرف عينه، أو يحرك ذنبه، أو يرفس برجله الأرض، فإن لم يذبحه حتى مات لم يحل لحمه.

صيد السمك

إذا أخذ السمك الذي له فلس من الماء حيّاً و مات في اليابسة طهر وحل لحمه، و لو مات في الماء طهر و لكن يحرم أكله، و أما السمك الذي لا فلس له فحرام حتى إذا أخذه من الماء حيّاً و مات في اليابسة.

إذا وقع السمك خارج الماء أو ألقاه الموج على الساحل أو غاض الماء فبقي السمك على اليابسة فإن أخذه بيده أو بآلة أخرى قبل موته حل بعد الموت.

لا يشترط أن يكون صائد السمك مسلماً، كما لا يجب ذكر اسم الله عند الصيد كما لا تشترط القبلة و ذبحه بالسكين.

السمك الميت الذي لا يعلم هل أخذ من الماء حيّاً أو ميتاً إن كان بيد المسلم كان حلالًا و إن كان بيد الكافر كان حراماً.

أحكام الأطعمة و الأشربة

اشارة

يحرم أكل الطيور التي ليست لها (صيصة) و هي شوكة خلف رجل الطائر، مثل الشاهين، و يحل أكل لحم الأبابيل و يكره أكل لحم الهدهد.

لو انفصل جزء مما تحله الحياة، من بدن الحيوان، كالألية أو مقدار من اللحم يقطع من الغنم الحي- مثلًا- فهو نجس و حرام.

يحرم أكل الأجزاء التالية، من الحيوان المحلل اللحم المذكى:

1- الروث.

2- الدم.

3- الذكر.

4- الفرج.

5- المشيمة.

6- الغدد، و هي كل عقدة في الجسم تشبه البندقة غالباً.

7- الانثيان: «البيضتان».

8- خرزة الدماغ، و هي خرزة وسط الدماغ بقدر الحمصة.

9- النخاع.

10- العلباوان، و هما عصبتان صفراوان ممتدان على الظهر من الرقبة إلى الذنب.

11- الطحال.

12- المرارة.

13- المثانة.

14- الحدقة و هي السواد في العين.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 123

15- ذات الأشاجع، و هو الشي ء الموجود بين الظلف.

يحرم أكل التراب، و لكن يجوز أكل مقدار يسير جداً من تربة سيد الشهداء الحسين بن علي للشفاء، كما يجوز تناول طين الأرمني للتداوي

و المعالجة و يلحق به طين داغستان.

يحرم أكل ما يضر بالإنسان ضرراً كبيراً.

يكره أكل لحم الفرس و البغل و الحمار و أما لو وطأها أحد أصبحت لحومها محرمة، و يجب إخراجها من البلد، و بيعها في بلد آخر.

يحرم شرب الخمر، و هو من الذنوب الكبيرة، و من استحله و كان ذلك سبباً لتكذيبه الرسول كان كافراً، فعن الإمام جعفر الصادق أنه قال:

«إن الخمر أم الخبائث و رأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه، و لا يترك معصية إلا ركبها و لا يترك حرمة إلا انتهكها و لا رحماً ماسة إلا قطعها، و لا فاحشة إلا أتاها».

يجب على كل مسلم أن يطعم و يسقي المسلم الآخر و كذا الإنسان المحترم المشرف على الموت جوعاً أو عطشاً، و ينقذه من الموت و الهلاك.

يستحب عند أكل الطعام أمور:

الأول: غسل اليدين قبل الأكل.

الثاني: غسل اليدين بعد الأكل و تجفيفهما بالمنديل.

الثالث: أن يبدأ صاحب المنزل بالأكل قبل الجميع و ينتهي بعدهم.

الرابع: أن يسمي الله عند الشروع في الأكل، و إذا كان على المائدة عدة أنواع من الطعام استحب أن يسمي الله عند أكل كل لون.

الخامس: أن يأكل باليمين.

السادس: أن يحمد الله تعالى بعد الانتهاء من الأكل.

السابع: أن يستلقي بعد الأكل على قفاه و يجعل رجله اليمنى على اليسرى.

الثامن: أن يفتتح الأكل و يختتمه بالملح.

التاسع: أن يغسل الفواكه قبل تناولها بالماء.

يكره عند الأكل أمور:

الأول: الأكل عند السير و المشي.

الثاني: الإكثار من الأكل، ففي الخبر «ما من شي ء أبغض إلى الله من بطن مملوء».

الثالث: النظر في وجوه الناس عند الأكل.

الرابع: أكل الطعام الحار.

الخامس: النفخ في الشي ء الذي يأكله أو يشربه.

السادس: أن يبالغ في أكل اللحم الذي على العظم حتى لا يبقى عليه شي ء.

السابع: تقشير الفاكهة.

الثامن: رمي الثمرة قبل أكلها كلها.

يستحب في الشرب أمور:

الأول: أن يشرب الماء مصاً.

الثاني: أن يشرب الماء في النهار واقفاً، و في الليل قاعداً.

الثالث: أن يسمي الله قبل شرب الماء و يحمد الله بعد ذلك.

الرابع: أن يذكر الحسين و أهل بيته و يلعن قاتليه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 124

يكره شرب الماء بكثرة، و بعد أكل الطعام الدسم، و الشرب قياماً في الليل، و كذا الشرب باليسار، و الشرب من الموضع المكسور من الكوز و من عند عروته.

أحكام النذر و العهد

النذر هو أن يلتزم بإتيان عمل صالح لله تعالى، أو يلتزم بترك ما يكون تركه أفضل، لله تعالى.

يجب في النذر الاتيان بصيغته، و لا يجب أن يكون باللغة العربية، فلو قال بغير العربية- مثلًا-: «لو شفيت من مرضي أعطيت ديناراً للفقير لله تعالى» صح نذره.

يشترط في الناذر: (البلوغ) و (العقل) و (الاختيار) و (القصد) فلو أجبره أحد على النذر، أو نذر في حالة غضب بحيث فقد اختياره لم يصح نذره.

إذا منع الزوج زوجته من النذر فنذرت كان باطلًا.

إذا نذر الولد باذن أبيه وجب عليه العمل بنذره، بل حتى إذا نذر بدون إذن أبيه وجب- احتياطاً- العمل بذلك النذر، إلا أن يقوم الوالد بفك ذلك النذر، و هكذا لو قام الزوج بفك نذر زوجة.

إذا نذر أن يأتي بعمل حرام أو مكروه أو يترك عملًا واجباً لم يصح نذره.

و إذا نذر أن يأتي بعمل مباح أو يتركه فإن كان الفعل و الترك متساويين من تمام الجهات لم يصح نذره.

إذا نذر أن يصوم يوماً معيناً وجب عليه أن يصوم نفس ذلك اليوم، و لو لم يصم ذلك اليوم وجبت عليه الكفارة مضافاً إلى قضاء ذلك اليوم، يعني يجب عليه- احتياطاً- أن يعتق رقبة، أو يطعم ستين مسكيناً، أو يصوم شهرين

متتابعين، و لكن إذا عاقه عن صوم ذلك اليوم عذر آخر كالمرض أو الحيض، كفى القضاء فقط.

إذا لم يعمل الإنسان بنذره اختياراً وجب عليه الكفارة حسب ما مر في المسألة السابقة.

إذا نذر أن لا يأتي بعمل و لم يعين وقتاً لذلك ثمّ أتى بذلك العمل نسياناً أو اضطراراً أو جهلًا لم تجب عليه الكفارة.

إذا نذر شيئاً لمرقد أحد الأئمة و أبناء الأئمة وجب عليه صرف ذلك في تعمير ذلك المرقد و إنارته و فرشه أو يعطيه إلى زواره و خدامه.

إذا نذر لنفس الإمام المعصوم شيئاً فإن كان قصد مصرفاً معيناً وجب صرفه في ذلك المصرف، و إذا لم يقصد مصرفاً معيناً وجب إعطاؤه إلى الفقراء و الزوار، أو في المسجد و ما شابه، لأحد و يهدي ثوابه إلى ذلك الإمام و هكذا إذا نذر شيئاً لأحد أبناء الأئمة نفسه.

إذا نذر الأب أو الأم أن يزوج بنته لسيد ثمّ بلغت الفتاة فالأمر إليها و لا عبرة بالنذر، بل انعقاد أصل النذر محل إشكال.

إذا عاهد الله أن يأتي بعمل صالح إذا وصل إلى حاجته الشرعية، وجب عليه الإتيان بذلك العمل بعد أن يصل إلى حاجته الشرعية، و هكذا إذا عاهد الله أن يقوم بعمل صالح دون أن تكون له حاجة وجب عليه الإتيان بذلك.

يشترط في العهد أيضاً إجراء الصيغة مثل النذر، و هكذا يجب أن يكون العمل الذي عاهد الله على الإتيان به، إما عبادة كالصلاة الواجبة أو المستحبة، أو عملًا يكون فعله راجحاً على تركه.

إذا لم يعمل بعهده وجبت عليه الكفارة يعني إطعام ستين فقيراً، أو صوم شهرين متتابعين، أو تحرير رقبة.

أحكام اليمين

اشارة

إذا أقسم على فعل شي ء أو تركه، مثلًا إذا أقسم على أن يصوم، أو

أقسم على أن يترك التدخين، فإن خالف ما أقسم عليه عمداً وجب عليه الكفارة و هي تحرير رقبة، أو إطعام عشرة فقراء، أو إكسائهم، و إذا عجز عن ذلك يجب أن يصوم ثلاثة أيام.

لانعقاد القسم و صحته شروط:

الأول: أن يكون الحالف (بالغاً) (عاقلًا) (قاصداً) (مختاراً) فلا يصح قسم الصبي و المجنون و السكران و المجبور و هكذا لا يصح القسم في حالة الغضب الذي يسلبه الاختيار.

الثاني: أن لا يكون العمل الذي يقسم على الاتيان به حراماً أو مكروهاً، و أن لا يكون العمل الذي يقسم على تركه واجباً أو مستحباً.

الثالث: أن يكون القسم بأحد أسماء الله تعالى التي لا تطلق على سواه مثل «الله»، و ينعقد الحلف أيضاً لو أقسم بأحد الأسماء التي تطلق على غير الله، و لكنها أطلقت على الله تعالى بكثرة بحيث لا يتبادر منها عند إطلاقها إلا ذاته المقدسة دون سواه، مثل الخالق، و الرازق.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 125

الرابع: أن يجري القسم على لسانه فلا يصح لو كتبه أو قصده في قبله، و لكن يصح قسم الأخرس بالإشارة.

الخامس: أن يكون العمل بمفاد القسم ممكناً، و لو كان حين القسم ممكناً و لكنه تعذر عليه بعد ذلك، انفسخ القسم من حين عجزه، و هكذا إذا تعسر العمل بما أقسم عليه إلى حد لا يتحمل، انفسخ القسم أيضاً.

إذا منع الأب ابنه من القسم أو منع الزوج زوجته من القسم لم يصح قسمهما.

إذا أقسم الابن على شي ء بدون اذن أبيه، أو أقسمت الزوجة بدون إذن زوجها جاز للأب و الزوج فسخ قسمهما.

إذا لم يعمل بقسمه نسياناً أو اضطراراً لم تجب عليه الكفارة، و هكذا إذا أجبر على عدم العمل بالقسم.

أحكام الوقف

إذا وقف أحد شيئاً خرج ذلك الشي ء من ملكه، فلا يجوز له و لا لغيره، بيعه أو هبته، و لا يرث أحد من ذلك.

لا يجب أن تكون صيغة الوقف باللغة العربية بل يكفي لو قالها بأية لغة أخرى، فلو قال-

بغير العربية-: «وقفت بيتي»، و ثم قال هو أو من وقف له المنزل أو وكيله أو ولي الموقوف عليه: «قبلت» صح الوقف، و لكن لو لم يوقف الشي ء لأفراد مخصوصين بل وقف للعموم مثل وقف المسجد و المدرسة، أو وقف لطائفة معينة مثل السادة أو الفقراء لم يجب قبول أحد.

من وقف مالًا، بحيث لم يشترط قصد القربة في صحة الوقف، لم يجب عليه قصد القربة و إن كان الأحوط، نعم يجب من حين قراءة صيغة الوقف أن يوقف المال إلى الأبد احتياطاً، و لو قال مثلًا: «هذا المال يكون وقفاً بعد الموت» فحيث لم يكن المال وقفاً من حين قراءة صيغة الوقف إلى حين موته لم يصح ذلك الوقف على المشهور، و هكذا لو قال: هذا المال وقف لمدة عشر سنوات و لا يكون وقفاً بعد ذلك، أو قال: «هذا المال وقف مدة عشر سنوات، ثمّ لا يكون وقفاً خمس سنوات بعدها، ثمّ يعود وقفاً»، لا يصح هذا الوقف- على المشهور-.

يشترط أن يكون الواقف: (عاقلًا) (بالغاً) (قاصداً) (مختاراً)، و أن لا يكون محجوراً عليه شرعاً فلا يصح وقف السفيه.

إذ وقف ملكاً على الفقراء أو السادة مثلًا، أو وقف لتصرف منافعه في الأمور الخيرية فإن لم يعين متولياً لذلك الوقف كان أمره إلى الحاكم الشرعي.

إذا خرب الملك الوقفي لم يخرج عن الوقفية.

أحكام الوصية

الوصية هي أن يعهد الإنسان إلى غيره ليعمل- بعد موته- شيئاً، أو يأمر بدفع شي ء من ماله إلى أحد- بعد موته- أو يعين قيماً على أولاده و من يلي أمرهم، و يسمى من يعهد إليه (وصياً).

إذا رأى كتابة موقعة بتوقيع الميت أو خاتمه فإن فهم مقصوده، و علم أنها مكتوبة للوصية وجب العمل طبق

المكتوب.

يجب على الإنسان- إذا شاهد في نفسه علائم الموت- أن يسارع إلى أداء الأمانات، و تسديد الديون التي حان أجلها، و إذا لم يمكنه أن يقوم بذلك بنفسه أو لم يحن أجل الديون يجب أن يوصي و يستشهد على وصيته، و لكن إذا كانت ديونه معلومة معروفة لم يلزم الوصية.

الذي يشاهد في نفسه علائم الموت و عليه حقوق شرعية مثل الخمس و الزكاة و المظالم يجب دفع ما عليه، و إن لم يمكنه دفع ما عليه فوراً فإن كان يملك شيئاً، أو احتمل أن يتبرع أحد بأدائها وجب أن يوصي بها، و هكذا إذا كان في ذمته حج واجب أو نحوه.

الذي يشاهد في نفسه علائم الموت و في ذمته صلوات فائتة وصوم فائت، يجب أن يوصي بأن يستأجروا لقضائها من أمواله.

الذي يشاهد في نفسه علائم الموت إذا كان له مال عند أحد، أو مخبوء في مكان لم يعلم به ورثته، فإن ضاع حقهم بسبب جهلهم بذلك وجب أن يطلعهم، و لا يلزم تعيين قيّم على أولاده الصغار و لكن إذا كان الصغار أو كان حقهم يضيع لعدم وجود قيّم وجب تعيين قيّم أمين عليهم.

إذا عمل ما يفهم منه أنه رجع عن وصيته، مثل أن يبيع البيت الذي أوصى بأن يعطى إلى أحد بعد موته، أو وكل شخصاً آخر ليبيعه، بطلت وصيته.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 126

إذا وهب أحد- في مرضه الذي يموت فيه- شيئاً من أمواله لأحد وجب إعطاء ذلك الشي ء للموهوب له، و أما إذا أوصى- في هذه الحالة- بأن يعطى لأحد شيئاً بعد موته فإن كان ذلك الشي ء أكثر من ثلث ماله وجب إذن الورثة فيما زاد عن الثلث، فإذا لم يأذنوا بطلت

الوصية بالنسبة للزائد.

إذا أوصى بأن لا يبيعوا ثلث ماله بل يصرفوا عائداته و منافعه في مصرف معين وجب العمل طبق وصيته.

إذ مات الموصي، لم يجز للوصي أن يعين شخصاً آخر للقيام بالوصية و تنفيذها و يعزل نفسه، و لكن إذا علم أن مقصود الميت لم يكن قيام الوصي نفسه بما أوصى به، بل كان مقصوده هو القيام بتلك الأمور التي أوصى بها جاز أن يوكل شخصاً للقيام بذلك.

يجب إخراج أجرة الحج الفائت الواجب على الميت، و الديون و الحقوق الشرعية مثل الخمس و الزكاة و المظالم الواجبة عليه، من أصل المال حتى إذا لم يوص الميت بها.

إذا زاد مال الميت عن ديونه و أجرة الحج الواجب و الحقوق الشرعية كالخمس و الزكاة و المظالم، فإن أوصى بأن يعطي ثلث ماله أو مقدار منه في مصرف معين وجب العمل حسب وصيته.

أحكام الإرث

الذين يرثون بواسطة النسب ثلاث طبقات:

الأولى: أبوا الميت و أولاده، فإن لم يكونوا فأولاد أولاده و إن نزلوا، يرث منهم كل من كان أقرب إلى الميت، و ما دام يوجد واحد من هذه الطبقة لا يرث أحد من الطبقة التالية.

الثانية: جد الميت وجدته و أخوته و أخواته، و مع عدم وجود الأخوة و الأخوات يرثه أولادهم كل من كان أقرب منهم إلى الميت، و ما دام يوجد أحد من هذه الطبقة لا يرث أحد من الطبقة التالية.

الثالثة: عم الميت و عمته و خاله و خالته و أولادهم، و ما دام يوجد أحد من أعمامه و عماته و أخواله و خالاته لا يرث أحد من أولادهم، و لكن إذا خلف الميت عماً أبوياً و ابن عم أبويني يرث ابن العم الأبويني دون العم الأبوي.

إذا لم يكن للميت عم و عمة و

لا خال و خالة و لا أولادهم و لا أولاد أولادهم، يرثه أعمام أبيه و أمه و عماتهما و أخوالهما و خالاتهما، و إذا لم يكونوا ورثه أبناؤهم، و إذا لم يكونوا ورثه أعمام جده وجدته و عماتهما و أخوالهما و خالاتهما، و إذا لم يكونوا فأولادهم.

يرث كل من الزوج و الزوجة من الآخر على النحو الذي سيأتي- مع كل المراتب الثلاثة المذكورة-.

إذا خلف الميت من الطبقة الأولى شخصاً واحداً، فقط كالأب، أو الأم، أو ابن واحد، أو بنت واحدة، ورث المال كله، و إذا خلف عدة أولاد فقط أو عدة بنات فقط قسم المال بينهم بالسوية، و إذا خلف ولداً واحداً و بنتاً واحدة قسم المال ثلاثة أقسام، و أعطي الولد قسمين و البنت قسماً واحداً، و إذا خلف عدة أولاد وعدة بنات قسم المال بحيث يرث الولد ضعف ما ترثه البنت.

إذا خلف الميت أخاً فقط، أو أختاً فقط فالمال له كله، و إذا خلف عدة أخوة للأبوين، أو عدة أخوات للأبوين قسم المال بينهم بالسوية، و إذا اجتمع الأخوة و الأخوات للأبوين ورث كل أخ ضعف ما ترث الأخت، فمثلًا إذا خلف أخوين و أختاً واحدة للأبوين قسم المال خمسة أقسام، أعطي لكل أخ قسمين و للأخت قسماً واحداً.

إذا خلف الميت عماً أو عمة سواء كان للأبوين (أي يشترك مع والد الميت في الأبوين) أو للأب فقط أو للأم فقط يرث المال كله. و إذا خلف عدة أعمام فقط أو عدة عمات فقط و كانوا جميعاً للأبوين، أو جميعاً للأب، قسم المال بينهم بالسوية. و إذا كان العم و العمة كلاهما للأبوين، أو كلاهما للأب ورث العم ضعف العمة، فمثلًا إذا خلف الميت

عمين و عمة واحدة قسم المال خمسة أقسام، قسم للعمة و الباقي للعمين يقتسمانه بالسوية.

إذا خلف الميت: عدة أعمام للأم، أو عدة عمات للأم، أو عماً و عمة للأم قسم المال بينهم بالسوية.

إذا ماتت امرأة و لم تخلف أولاداً، ورث الزوج (نصف) مالها، و أعطي الباقي إلى ورثتها الآخرين، و إذا كان لها أولاد من ذلك الزوج أو من زوج آخر ورث الزوج (ربع) مالها و ورث بقية الورثة باقي المال.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 127

إذا مات الرجل و لم يخلف أولاداً، ورثت زوجته (ربع) ماله، و ورث ورثته الآخرون بقية المال، و لو كان له أولاد من تلك الزوجة أو من زوجة أخرى ورثت زوجته (ثمن) المال، و البقية لورثته الآخرين و لا ترث الزوجة من الأرض لا من عينها و لا من قيمتها و لا ترث من عين الآلات و الأبنية و الأشجار و لن ترث من قيمتها.

مجرى القناة و ما شابه ذلك حكمه كحكم الأرض، و الطابوق و غيره من الأمور المستخدمة فيه في حكم الأبنية.

إذا كان للميت أكثر من زوجة فإن لم يكن له أولاد وزع (ربع) ماله على زوجاته، و إن كان له أولاد وزع (ثمن) ماله على زوجاته بالسوية (على النحو الذي مر) و لو عقد على امرأة في المرض الذي يموت به و لم يجامعها لم ترث تلك الزوجة منه، كما لا حق لها في المهر أيضاً.

خاتم الميت و قرآنه و سيفه و لباسه الذي لبسه و هي ما تسمى بالحَبْوَة تكون للولد الأكبر خاصة، و لو كان للميت أكثر من واحد من هذه الأشياء كما لو كان له قرآنان أو خاتمان فالأحوط أن يتصالح فيها الولد الأكبر

مع بقية الورثة.

يرث المسلم من الميت الكافر و لا يرث الكافر من المسلم الميت حتى و إن كان ابن الميت أو أباه.

إذا قتل شخص أحد أقربائه ظلماً و عمداً لم يرثه، و لكن إذا قتله خطأً، مثل أن رمى حجراً فأصاب أحد أقربائه صدفة و قتله، ورثه، و لكن الأقوى عدم إرثه من دية القتل.

أحكام القضاء و الشهادات

يجب أن يكون القاضي بالغاً، عاقلًا، مؤمناً، طيب المولد، عالماً، كما يجب أن لا يكون مصاباً بالنسيان المفرط، فلا يجوز لمن كثر نسيانه أن يتصدى للقضاء، و لو قضى المقلد حسب فتوى مقلّده قال البعض بصحة قضائه، و قال آخرون ببطلانه.

القضاء و الحكم بغير الأحكام الإسلامية حرام و باطل مطلقاً، لقول الله تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ المائدة/ 44.

أخذ الرشوة لإصدار الحكم حرام و إن كان حقاً، كما أن الرسوم المالية المتعارفة في المحاكم الموجودة في هذا العصر حرام أيضاً.

يجب على القاضي أن يحكم بالعدل، و ينبغي التسوية بين الخصمين في الكلام و السلام و النظر و الاستمتاع و عدم التميز.

يشترط في المدعي أن يكون (بالغاً)، (عاقلًا)، (قاصداً)، (مختاراً في إقامة دعواه)، و أن يكون الادعاء لنفسه، أو لمن له الولاية عليه، كالصغير، أو لموكله و ما شابه ذلك.

يجب أن يكون الشاهد (بالغاً)، (عاقلًا)، (مؤمناً)، (عادلًا)، (طيب المولد)، و أن لا يكون متهماً، و لكن تقبل شهادة الأطفال في بعض الموارد.

لا يجوز للشاهد كتمان الشهادة إذا علم الأمر، بشرط أن يكون متيقناً مما يعلم، و أن لا يلحقه من الإدلاء بالشهادة ضرر كبير.

يجب على القاضي تعزير شاهد الزور حسب ما يراه، و الاشهار به و فضحه.

لو كان لأحد شي ء عند أحد جاز أخذه بأي

نحو كان إلا أن يستلزم ذلك ضرراً، و لو كان لأحد دين في ذمة آخر و أنكر المدين جاز لصاحب الدين أن يأخذ من ماله بدون إذنه، و الأحوط إذن الحاكم الشرعي بذلك.

لا يجوز للقاضي أن يتعتع الشاهد بأن يقلقه و يتدخل وسط كلامه، بل يجب أن يتركه حتى ينتهي من الشهادة و يفرغ منها.

لو تاب من كان فاسقاً، قبلت شهادته.

يستحب للقاضي أن يجعل مجلسه في مكان بوسط المدينة، و إن يستقبل القبلة حين القضاء، و يكره القضاء حين الغضب أو الجوع أو العطش، و هكذا يكره الحكم عند الحزن أو الفرح المفرطين، كما يكره للقاضي اتخاذ البواب و الحاجب.

يستحب للقاضي قبل أن يحلف الحالف، أن يعظه و يخوفه من مغبة الحلف حتى لا يحلف كذباً.

أحكام القصاص

اشارة

القصاص إما في النفس كأن يقتل إنساناً، و إما في الأعضاء كأن يصلم أذنه و يفقأ عينه.

القتل على ثلاثة أنواع:

الأول: قتل العمد و هو أن يقتل أحداً عمداً بآلة قاتلة غالباً، أو أن يقصد ضربه بآلة قاتلة غالباً، و إن لم يقصد قتله.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 128

الثاني: قتل شبه العمد: و يكون إذا قصد الضرب و لكنه لم يقصد قتله و لم تكن الآلة قاتلة غالباً، مثل أن يضرب طفلًا للتأديب فيموت صدفة.

الثالث: قتل الخطأ المحض: بأن لم يقصد قتله و لا ضربه، بل أخطأ في قتله بأن رمى سهماً لصيد غزال فأصاب إنساناً اشتباهاً و قتله، و من هذا النوع ما إذا لم يكن له قصد أصلًا مثل أن يحرك رجله في النوم فيزحزح إنساناً و يلقيه من فوق فيموت.

إذا قتل أحداً عمداً و بدون حق جاز لولي المقتول قتل القاتل، و لكن في النوع الثاني و الثالث من القتل أي في شبه العمد و الخطأ المحض لا يحق لولي المقتول أن يقتل القاتل بل يجوز له أخذ ديته من القاتل.

الدية التي يجب على القاتل إعطاؤها، إذا كان القتل عن عمد، إحدى الأشياء الستة التالية:

الأول: مائة من الإبل.

الثاني: مائة بقرة.

الثالث: مائة حلة و كل حلة ثوبان من برود اليمن أو ما يسمى ثوباً.

الرابع: ألف شاة.

الخامس: عشرة آلاف درهم شرعي.

السادس: ألف دينار شرعي.

دية شبه العمد نفس تلك الأشياء الستة مع فارق و هو أن الإبل يجب أن تكون ثلاث و ثلاثون (بنت لبون) و هي ما يكون سنها سنتين فصاعداً و ثلاث و ثلاثون (حقة) و هي ما يكون سنها ثلاث سنوات فصاعداً، و أربع و ثلاثون (ثنية) و هي ما يكون سنها خمس سنوات فصاعداً

و تعطى الدية في سنتين (و هذا على قول جمع من الفقهاء) لا يبعد كفاية ما يسمى (بالإبل) في هذه المسألة و المسألة الآتية.

دية قتل الخطأ المحض نفس تلك الأشياء الستة مع فارق أن الإبل يجب أن تكون عشرين (بنت مخاض) و سنها ما دخلت في السنة الثانية، و عشرين (ابن لبون) يعني الإبل الذكر الذي يكون سنّه سنتين فما فوق، و ثلاثين (بنت لبون) يعني الإبل الأنثى التي يكون سنّها سنتين فصاعداً، و ثلاثين (حقة) يعني التي يكون لها ثلاث سنوات فصاعداً و تعطى هذه الدية في ثلاث سنوات (و هذا على قول جمع من الفقهاء).

دية العمد ودية شبه العمد يجب أن تعطى من مال القاتل نفسه، و لكن دية الخطأ المحض يجب أن يدفعها العاقلة و هم من ينتسبون إلى القاتل من جانب الأبوين، أو من جانب الأب فقط كالآباء و الأولاد و من شابههم.

في قتل العمد و شبه العمد يكون الأمر للقاتل، فله أن يختار أي نوع من أنواع الديات الست و يجب قبول ذلك، و في القتل الخطأ المحض يكون التخيير للعاقلة.

دية المرأة نصف دية الرجل.

إذا جنى على أحد فأحدث نقصاً في عضو من أعضائه جاز للمجني عليه أن يقتص من الجاني بشرط اجتماع جميع شروط قصاص النفس، فيه أيضاً.

يجوز للمجني عليه أن يتصالح مع الجاني على أن يأخذ منه- بدل القصاص- مبلغاً بمقدار الدية أو أقل منه أو أكثر.

كل عضو فيه القصاص إن فقده الجاني انتقل إلى ديته.

إذا جرح أحداً جاز للمجروح أن يقتص من الجاني بشرط أن يراعي الجرح عمقاً و طولًا و عرضاً، فيقتص بنفس المقدار، و تحرم الزيادة.

أحكام الدية

دية عدة أمور كدية القتل المذكورة في (أحكام القصاص)،

و هي:

الأول: أن يعمي عيني أحد، أو يقطع الأجفان الأربعة، و لو أعمى عيناً واحدة وجب نصف دية القتل.

الثاني: أن يقطع أذنيه، أو يفعل بهما ما يصمهما، و لو قطع أذناً واحدة أو أصمها فعليه نصف دية القتل، و إذا قطع شحمتي الأذن فعليه ثلث دية القتل.

الثالث: قطع الأنف كاملًا، أو قطع أرنبتها.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 129

الرابع: قلع اللسان من الأصل، و لو قطع بعض اللسان فعليه الدية بنسبة ما قطع، فلو قطع نصف اللسان- مثلًا- وجب عليه نصف دية القتل.

الخامس: إتلاف الأسنان كلها، ودية اثنتي عشرة مقاديم- و هي ستة فوق و ستة تحت- في كل واحدة خمسون مثقالًا شرعياً من الذهب، و كل مثقال شرعي 18 حمصة، ودية ستة عشرة مآخير و هي ثمانية فوق و ثمانية تحت، في كل واحدة خمسة و عشرون مثقالًا شرعياً من الذهب.

السادس: أن يقطع يدي إنسان، و لو قطع يداً واحدة وجب عليه نصف دية القتل.

السابع: إذا قطع الأصابع العشرة كلها، ودية كل إصبع عُشر دية القتل.

الثامن: إذا كسر ظهر أحد بحيث لا يستقيم أبداً.

التاسع: إذا قطع ثديي امرأة، و لو قطع أحدهما وجب عليه نصف الدية.

العاشر: إذا قطع رجلي أحد، أو قطع أصابعها العشرة، ودية كل إصبع عُشر دية القتل.

الحادي عشر: قطع الخصيتين.

الثاني عش: إذا سبب ذهاب عقله.

الثالث عشر: إذا أصابه بحيث فقد القدرة على الشم، أو بحيث لم يخرج منه المني، أو بحيث لا يبصر.

و هناك موارد أخرى غير هذه الموارد قد ذكرناها في (الفقه) كتاب الديات.

إذا فعل ما تسقط المرأة الحامل حملها بسببه، فإن كان الساقط نطفة فديتها عشرون مثقالًا شرعياً ذهباً و كل مثقال منه 18 حمصة.

و إن كان علقة فأربعون مثقالًا.

و

إن كان مضغة فستون مثقالًا.

و إن كان عظماً فثمانون مثقالًا.

و إن كان لحماً و لم تلج الروح فيه فمائة مثقال.

و إن ولجت فيه الروح ففي الولد دية كاملة، و في البنت نصف الدية.

إذا فعلت المرأة الحامل شيئاً أسقطت فيه حملها وجب عليها الدية على النحو الذي مر في المسألة المتقدمة تعطيها لوارث الطفل، و لا ترث هي من تلك الدية شيئاً.

إذا احمر الوجه باللطم أو بغيره، فديته مثقال و نصف مثقال شرعي ذهباً (و كل مثقال 18 حمصة) و إذا اخضر فديته ثلاثة مثاقيل، و إذا اسود فستة مثاقيل، و لكن إذا احمر مكان آخر من بدن الإنسان أو اخضر أو اسود بسبب اللطم فديته نصف ما ذكر.

إذا جرح حيواناً محلل اللحم أو قطع شيئاً من لحمه، وجب دفع الارش (و هو التفاوت بين صحيحه و معيبه) إلى صاحبه.

إذا أفسد حيوان زرع أحد أو شيئاً آخر فإن كان صاحب الحيوان قد قصر في حفظه يجب أن يدفع قيمة ما ألحق به من الضرر، إلى صاحب المال أو الزرع.

إذا أتى صبي بأحد الذنوب الكبار جاز لوليه أو معلمه ضربه بقدر التأديب و لا تجب عليه دية، و لو ضربه أكثر كان عليه الدية.

مسائل متفرقة

إذا دخلت جذور شجرة في ملك إنسان آخر جاز أن يمنع منها، و لو تضرر من دخول هذه الجذور في ملكه جاز أن يأخذ الضرر من صاحبها.

إذا مات أحد جاز لورثته أن ينفقوا في عزائه من أسهمهم و لكن لا يجوز أن ينفقوا للعزاء و ما شابه من سهم الوارث الصغير، إلا إذا كان الإنفاق بالقدر المتعارف و رأى وليه أو قيّمه مصلحة في ذلك.

إذا اغتاب إنسان مسلماً فالأحوط إن لم يستلزم فساداً

أن يستحل ذلك المسلم و يطلب منه عفوه، و إن لم يمكن ذلك يجب أن يستغفر الله له، و لو جرت غيبته لمسلم هتكاً و إهانة لذلك المسلم وجب إزالة تلك الإهانة إن أمكن.

الغناء حرام، و لو قرأ القرآن أو التعزية بغناء فعل حراماً، و لكن لا إشكال في قراءته بصوت حسن لا يكون غناءً.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 130

الموسيقى إذا كان بآلة لهو أو رافقه الغناء كان حراماً.

الجائزة التي يعطيها البنك لمن له حساب في صندوق التوفير حلال لأنه يعطيها من ماله لتشجيع الناس، و لا ضرر فيه على أحد.

لا إشكال في تسيير المواكب الحسينية العزائية و اللطم في الشوارع و الأزقة حتى مع عبور النساء فيها و كذا لا إشكال في حمل البيارق و ما شابه أمام هذه المواكب و لكن يلزم أن لا يستعمل فيها آلات اللهو.

يستحب إقامة جميع أنواع العزاء للإمام الحسين، كالبكاء، و اللطم، و التطبير، و إقامة المأتم، و ما شابه.

يحرم الاستمناء و هو ما يسمى الآن بالعادة السرية، و يجوز الاستمناء مع الزوجة.

يحرم حلق اللحية، و لو بالماكنة إن كان مثل الحلق، و حكم جميع الرجال في هذا سواء، و لا تتغير أحكام الله بالاستهزاء.

الأحوط- وجوباً- لولي الطفل أن يختن الطفل قبل بلوغه، و لو لم يختنه حتى بلغ وجب على الطفل نفسه.

إذا كان الوالدان فقيرين و لا يمكنهما الكسب يجب على ولدهما الإنفاق عليهما إن تمكن.

الحائط الذي تعود ملكيته لشخصين لا يجوز لأحدهما أن يصلحه بدون إذن صاحبه، كما لا يجوز وضع رأس جذوعه أو بناء أساس بنايته عليه أو دق مسمار فيه، و لكن لا إشكال في التصرفات التي يعلم رضا الشريك بها عادة مثل الاتكاء

على الحائط، أو إلقاء الثوب عليه، أما لو قال الشريك: لا أرضى بهذه التصرفات أيضاً لم يجز له ذلك و كان له مراجعة الحاكم الشرعي لتقسيم المال المشترك.

مسائل حديثة

حكم السفر بالآلات الحديثة نفس حكم السفر بالوسائل البدائية، فلو سافر الصائم بالطائرة أو بالباخرة أو بالقطار أو بالسيارة، و قطع مسافة ثمانية فراسخ وجب عليه الإفطار، و وجب عليه قصر الصلاة.

يتحقق السفر الشرعي بقطع مسافة ثمانية فراسخ سواء كانت المسافة في خط عمودي أم مؤرب، و من دون أن يكون فرق في تلك المسافة بين أن تكون في الأرض أو في الماء أو في الفضاء.

لو تحقق دلوك الشمس لخط نصف النهار فصلى المصلي صلاة الظهر مثلًا، ثمّ سافر بآلية متحركة فوصل إلى مكان لم تدلك فيه الشمس خط نصف النهار وجبت عليه إعادة الصلاة، و نفس الحكم يجري بالنسبة إلى سائر الأوقات و سائر الصلوات.

لو كان الصائم في مدينة غابت عنها الشمس حتى أفطر ثمّ سافر إلى مدينة لم تغب عنها الشمس بعد، وجب عليه الإمساك احتياطاً، و كذلك لو كان الصائم في مدينة طلع فيها الفجر فأمسك، ثمّ سافر إلى مدينة لم يطلع فيها الفجر بعد جاز له الإفطار حتى يطلع الفجر.

لا يجوز على الأحوط بيع و شراء القرآن الكريم، فيمكن تداوله بعنوان الهدية أو ما أشبه.

لا يجوز أخذ أي نوع من أنواع الضرائب المالية، سوى الحقوق الشرعية من الخمس و الزكاة و الجزية و الخراج.

في الآفاق الرحوية التي يستمر فيها الليل مدة مديدة كالقطبين و ما جاورهما- و في الآفاق شبه الرحوية حيث يطول الليل أو النهار أربع و عشرين ساعة أو أكثر، يجب الاتيان بالصلاة و بالصيام حسب المتعارف و يجب الاتيان بسائر

العبادات الموقوتة حسب المتعارف.

جميع المسلمين أحرار في جميع البلدان الإسلامية في السفر و الإقامة و التجارة و ما شابه، و لا يجوز لأحد المنع من ذلك.

يجوز ركوب السيارة و الطيارة لمن يعلم أنها تمضي تمام وقت الصلاة في الحركة، و لا يستطيع الخروج منها لأداء الصلاة خارجها، فيؤدي الصلاة فيها حسب قدرته.

من سافر إلى الفضاء الخارجي، فالظاهر أن قبلته كرة الأرض، فمن كان في السفن الفضائية أو في أحد الكواكب كالقمر، وجب عليه التوجه إلى الأرض في حالة الصلاة.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

منتخب المسائل الإسلامية؛ ص: 130

الظاهر كفاية التيمم على تراب سائر الكواكب إذا- صدق عليه اسم التراب- و إلا ففي كفاية التيمم على ترابها أو لزوم التيمم على تراب الأرض إذا لم يكن حرجاً احتمالان.

الحكومة في الإسلام- بالنسبة لغير المعصوم- بالشورى و الأكثرية، فلا يجوز الاستبداد بالحكم.

لو كانت الأيام و الأشهر و السنين في بعض الكواكب أطول أو أقصر منها في الأرض، فالاعتبار بها، إلا إذا كانت أطول أو أقصر بكثير، كما لو كان شهر فيه معادلًا لشهرين في الأرض أو كان يومه نصف يوم في الأرض أما لو كان يومه سنة أو ساعة في الأرض، فلا شك في الأخذ بميزان الأرض وفق توقيت مكة المكرمة إن أمكن التعرف عليه.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 131

لو تقدمت علامات البلوغ، أو تأخرت عن موعدها المعتاد بعلاج، كما لو استعمل دواء أدى إلى تقدم الاحتلام أو تأخره، أو تقدم ظهور الشعر الخشن أو تأخره، أو تقدم الحيض أو تأخره في سن اليأس، فالظاهر الاعتبار بها لا بموعدها المعتاد، خاصة في الحيض المتأخر في سن اليأس و بالأخص إذا أدى

إلى بقاء قابلية الحمل في المرأة، اللهم إلا إذا كان التقدم أو التأخر خارقاً للعادة جداً.

حكم الولد الذي يخلق في غير الرحم، كحكم الولد الذي يخلق في الرحم، فإذا كان من مني الزوجين فهو ولد حلال يلحق بهما، و إذا كان من مني أجنبيين فلا يكون ولد حلال، و إذا كان من مني أجنبيين لشبهة فهو ولد شبهة.

يجب مراعاة حقوق الإنسان كما أقرها الإسلام.

لا يجوز منع الحمل بشكل دائم بإحداث شلل في بعض أجهزة التناسل من جانب الرجل أو من جانب المرأة أو بإيجاد المناعة ضد الحيوانات المنوية في الرجل أو في المرأة نعم يجوز منع الحمل المؤقت.

لا يجوز إسقاط الجنين و لو كان نطفة إلا لأمر أهم، كحياة الأم- مثلًا- و في هذه الحالة يجب دفع الدية المذكورة في كتاب الديات إلا إذا كان داخلًا في مسألة الدفاع فلا دية.

لا يجوز للرجل استعمال الفرج المطاطي و لا استعمال الدمى المصنوعة على هيئة المرأة، و لا يجوز له ملامستها إن كانت مثيرة لشهوته، كما لا يجوز للمرأة استعمال الذكر المطاطي و لا استعمال الدمى المصنوعة على هيئة الرجل، و لا يجوز لها ملامستها إن كانت مثيرة لشهوتها.

لا يجوز للرجل الاستمناء إلا بزوجته، و لا للمرأة إلا بزوجها، و عدم الجواز سواء أ كان باليد أم بالنظر إلى صورة أم بملاعبة تمثال أم بالتخيل أم بتناول شي ء يؤدي إلى ذلك.

لا يجوز مصادرة أموال الناس و تهجيرهم و اعتقالهم، إلا فيما قرره الشرع.

لا يجوز تناول المواد التي تتحول في جوف الإنسان إلى خمر.

كل شي ء انقلب إلى غيره بحيث عد غير الأول حمل حكم العنوان الثاني. فالحرام إذا انقلب إلى الحلال، و الحلال إذا انقلب إلى الحرام كالخل

إذا انقلب خمراً صار حراماً. و الطاهر إذا انقلب نجساً و النجس إذا انقلب طاهراً كان له حكم المنقلب إليه.

لا يجوز فعل ما يوجب تشويه سمعة الإسلام أو المسلمين من أعمال العنف.

لا يجوز تشريح جسد الميت المحترم و يمكن الطب و تعلمه بتشريح أجساد الحيوانات و التماثيل المصنوعة على هيئة الإنسان من المطاط و نحوه. و في حال الاضطرار يقدم التشريح لجسم الكافر على جسم المسلم- بقدر الضرورة-.

إذا زرع جزء من نجس العين كالكلب و الكافر في جسد مسلم يطهر به. و إذا زرع جزء من طاهر العين في جسد نجس العين ينجس به إذا عد جزءاً من المنتقل إليه.

يجوز زرع أجزاء الحيوان في جسد الإنسان بتبديل بيضته أو قلبه أو سائر أعضائه بأمثالها من الحيوان.

يجوز تكثير الأولاد بعلاج، كتلقيح المرأة بدواء يؤدي إلى حملها طفلين أو أكثر، كما يجوز علاج المرأة بما يؤدي إلى حملها كل عام أكثر من مرة- إذا أمكن ذلك-.

يجوز نقل الجنين من رحم المرأة إلى وعاء، و نقله من وعاء إلى رحم المرأة، إذا لم يؤد إلى موته و لا إلى ضرره أو ضررها.

كل عضو نقل من حيوان أو إنسان إلى غيره كالقلب و العين و الكبد و البيضة، يحكم عليه بعد نقله باعتباره عضواً من المنقول إليه لا المنقول منه.

في جواز قطع عضو من الميت المحترم لنفع الحي إشكال، و قال بعض العلماء: «إذا توقفت حياة الحي أو كماله على ذلك مع إجازة الميت قبل موته جاز، كما لو أجاز زيد أن تنتزع عينه بعد موته لتزرع في مقلة عمرو الأعمى» مثلًا.

يجوز سحب الدم من الحي و لا يجوز سحبه من الميت.

لا يجوز تحويل الرجل إلى امرأة و لا

تحويل المرأة إلى رجل، و يجوز ذلك في الحيوانات.

لو زرع الزوج عضواً أو جزءاً من أجنبي في جسمه، و صار جزءاً من جسمه كان كأجزائه، و كذلك الزوجة لو زرعت عضواً أو جزءاً من أجنبية في جسمها و صار جزءاً من جسمها كأجزائها.

يجوز إجراء مختلف التجارب العلمية و غيرها على الحيوانات.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 132

يجوز إجراء مختلف التجارب على الإنسان إذا لم تكن ضارة به، مع إجازته، و أما إذا كانت ضارة به ضرراً بالغاً فلا يجوز إجراؤها عليه حتى مع إجازته إلا إذا كانت لأمر أهم شرعاً.

يجوز استعمال أجهزة الإعلام الحديثة- كالراديو و التلفزيون- إذا خلصت برامجهما من المحرمات.

تجوز مشاهدة الأفلام و المسارح التي ليس فيها شي ء من الحرام.

الظاهر جواز التأمين على الحياة و سائر الممتلكات.

حقوق الطبع و الترجمة و النقل و التأليف و حتى حق الاختصاص بالنسبة إلى المخترعين و غيرهم إذا عدت حقوقاً عرفية فالظاهر احترامها شرعاً.

جميع المعاملات مع المصارف حلال، إلا الربا فإنه حرام أخذاً و عطاءً.

الجوائز التي يجعلها أصحاب الأموال لتشجيع بضائعهم أو تجعلها المؤسسات أو الأفراد لتشجيع أي عمل محلل، جائزة.

اليانصيب من القمار المحرم، إلا إذا قرره واضعوه وفق الشريعة الإسلامية بإجراء معاملات تفيد فائدته.

لا تجوز الصلاة في الأراضي الزراعية المغصوبة، كما لا يجوز التصرف في المعامل المغصوبة.

المال الذي يؤخذ باسم «السرقفلى» إن كان يأخذه المالك يجوز، و إن كان يأخذه المستأجر مقابل الأثاث أو ما أشبه يجوز أيضاً، و إلا فلا يجوز، لأنه حق للمالك لا للمستأجر إلا إذا عنون بعنوان محلل.

يجب رد السلام الذي يوجه عبر جهاز التلفون، و لا يجب رد السلام الموجه عبر أجهزة الراديو و التلفزيون.

لا يجوز حضور تشريح الميت و إن كان

للتعلم أو التعليم.

لا يجوز النظر إلى تصوير المرأة المعروفة، و في النظر إلى تصوير المرأة المجهولة يراعى الاحتياط.

تجوز حوالة نقد بلد بأقل منه أو بأكثر منه في بلد آخر كحوالة الدينار بأقل منه إلى غير البلد الذي يروج فيه لأنه من فرق العملة و ليس من الربا لكن يلزم أن لا يكون النقل موجباً للسرقة في باب التضخم.

يجوز الاستماع إلى الأحاديث التي تلقى عن طريق أجهزة الراديو و التلفزيون كما يجوز التحدث عن طريقهما و يجوز النظر إلى الصور الجائزة التي تعرض على شاشات التلفزيون كل ذلك إذا لم يوجب محرماً آخر و لم يؤد إلى محذور شرعي.

التعذيب محرم في نظر الإسلام و لا يجوز انتزاع الاقرار ممن يحتمل فيه الاجرام بالضرب و التعذيب، بل يجب التوصل إليه بالطرق الشرعية.

الظاهر كراهة تصوير ذي الروح بالريش و القلم و أما بالآلة فالظاهر جوازه.

إذا أصابت المسلمين فتنة ارتدت على أثرها جماعة كبيرة منهم ثمّ رجعوا إلى الإسلام فالظاهر أنهم ليسوا بحكم المرتد في تبيين الأزواج و قسمة الأموال و القتل، و لذا لم يجرها أمير المؤمنين على من خرجوا عليه في البصرة و صفين و النهروان بعد تمكنه منهم.

الظاهر أن توبة المرتد الفطري تقبل أيضاً.

الظاهر أنه في مثل هذا الزمان لا تجب مقاطعة أهل العصيان بل يلزم مداراتهم كيما يرجعوا عن غيهم، و لو كانوا تاركي الصلاة أو عاملين بسائر المنكرات إلا إذا كان في معاشرتهم محذور آخر.

لا يجوز للمسلم أن يصف أخاه المسلم بأنه أجنبي، و إن اختلف عنه في العنصر و الشكل و البلد، فالأجنبي في نظر الإسلام هو كل خارج من الدين الإسلامي.

لا يجوز للمسلم أن يخرج المسلم الآخر من البلد الإسلامي و إن

كان من بلد آخر أصلًا أو كان من لغة أخرى.

لا يجوز الانتحار في نظر الإسلام.

لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه و إن كان يعلم بأنه سيموت قريباً و إن لم ينتحر، كالمبتلى بالسرطان، أو من يعاني من مرضه بشدة.

الاسبيرتو و القولونيا و غيرهما التي نجاستهما غير ثابتة محكومة بالطهارة.

يجوز للصائم استعمال الإبرة الطبية المقوية.

الظاهر جواز الطواف حول الكعبة المشرفة أبعد من ستة و عشرين ذراعاً خصوصاً في حالة الاضطرار.

إذا تناولت المرأة دواءً يؤخر حيضها فحكمها في أعمال الحج حكم المرأة الطاهرة.

منتخب المسائل الإسلامية، ص: 133

لا يجوز الاعتماد على أخبار العقول الإليكترونية بالنسبة إلى هلال أول الشهر أو اتهام الأشخاص أو براءتهم و ما شابه.

لا يجوز على المصاب بالأمراض المسرية (المعدية) الحضور في الاجتماعات و الأماكن العامة و لو فعل ذلك و أصيب أحد بمرضه أو تلف بسببه ضمن.

إذا علم الشخص المريض بأن عدم مراجعته للطبيب يشدد من مرضه كثيراً، أو يلحق به ضرراً بالغاً لا يجوز له ترك مراجعة الطبيب، و في هذه الصورة يجب عليه استعمال الأدوية التي يصفها له الطبيب.

يجوز إبادة الحيوانات المضرة كالجرذان و البق و الذباب و غيرها بالمواد السامة.

يجوز السفر إلى بلاد الكفار لتحصيل العلوم و ما أشبه بشرط أن لا يرتكب المحرمات كأكل لحم ذبيحة غير المسلم و بشرط أن لا ينظر إلى ما يحرم النظر إليه كالنظر إلى الفتيات و النساء، و يجب أن لا يصادق الفتيات كما يجب أن لا يترك واجباته الدينية كالصلاة و الصيام و ما شابه.

يجوز للشاب المسافر إلى البلاد الغريبة أن يتزوج بفتيات أهل الكتاب زواجاً دائمياً أو منقطعاً بشرط إجراء صيغة الزواج بصورة صحيحة و لو بالإبراق إلى البلاد الإسلامية و

اتخاذ وكلاء يجرون عنه و عن الفتاة صيغة النكاح، أما الزواج بغير أهل الكتاب من الكفار فلا يجوز.

الطلبة الذين يسافرون إلى البلاد الغربية إذا هوجم الإسلام أمامهم يجب عليهم الدفاع عن الإسلام مع مراعاة شروط الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و إذا لم يمكنهم الإجابة على الاعتراضات و الاتهامات الموجهة إلى الإسلام وجب الاستمداد بالبلاد الإسلامية للحصول على الإجابات و الردود المناسبة و الله العالم.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، و سلام على المرسلين و الحمد لله ربّ العالمين، و صلّى الله على محمد و آله الطاهرين.

قم المقدسة

محمد الشيرازي

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، منتخب المسائل الإسلامية، در يك جلد، ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.